طارق فهمى تكشف التطورات الراهنة فى المواجهة الإيرانية الإسرائيلية والمرشحة للتصاعد فى الفترة المقبلة برغم حالة الهدوء المؤقت لعدم وجود مقاربة حقيقية لما يمكن أن يتم بتوافق إيرانى أمريكى من جانب، وتوافق إسرائيلى إيرانى من جانب آخر، وهو ما يؤكد على أن الحل العسكرى والاستمرار فى تبنيه إسرائيليا سيظل مطروحا فى المدى القصير ما يجب الاستعداد من الآن لتبعاته وتأثيراته المحتملة على أمن المنطقة العربية عامة وعلى مصر بوجه خاص. يمكن التأكيد على أن استمرار المواجهة الإيرانية الإسرائيلية لمدى غير معلوم أو محدد بسبب الإمعان فى استخدام القوة العسكرية بهذه الصورة غير المسبوقة الأمر الذى سيؤدى إلى تبنى إسرائيل نهجا عسكريا فى أى تعامل مع كل الأطراف المجاورة خاصة أن الالتزام الإسرائيلى بأية اتفاقيات تاريخية (كامب ديفيد/ وادى عربة) قد لا يكون واردا فى الفترة المقبلة كما أن استمرار المواجهات العسكرية لإسرائيل فى الإقليم (حرب غزة - لبنان - سوريا ثم إيران وطوال أكثر من 20 شهرا) ما يؤكد على أن الجيش الإسرائيلى بات مستعدًا وقادرًا على الاستمرار فى المواجهة العسكرية برغم ما يواجه هذا الجيش من إشكاليات وأزمات حقيقية ولكن حتى الآن فما زال يعمل وينتقل من مسرح عمليات لآخر بصورة تدريجية وفى ظل توافقات محددة ومنضبطة برغم بعض التحفظات من داخل شريحة الاحتياط أو المتدينين أو المعارضة التى لا تمثل ثقلا حقيقيا يمكن أن يكون البديل لحكومة نتنياهو الراهنة. فى السياق السابق فتحت إسرائيل مسارات متتالية فى التعامل العسكرى ما قد يكون مكلفا لأمن المنطقة العربية التى تواجه تحديات غير مسبوقة فى التعامل مع الخطر الإسرائيلى فى المقام الأول، ثم وبدرجات الخطر الإيرانى والتمدد التركى ما يجب وضعه فى الاعتبار كما أن ما جرى طوال الفترة الماضية من مواجهات إسرائيلية مع حركة حماس / الفصائل الفلسطينية ثم مع حزب الله / لبنان ثم فى جبهة الجنوب السورى وأخيرا مع إيران يفرض استراتيجية ردع إسرائيلية مسبقة على كل دول الجوار خاصة أن الموقف الراهن فى غزة والجنوب اللبنانى ما زال مؤقتا ولم تتم أية ترتيبات أمنية جديدة وسيظل الاعتماد على استراتيجية فرض القوة والانتقال تدريجيا إلى اتباع استراتيجية أحادية الجانب على كل الأطراف مع إطالة أمد التحرك فى اتجاهات مختلفة خاصة أن إسرائيل باتت تعتمد استراتيجية ممتدة والانتقال التدريجى للحرب على 7 جبهات حددها من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو يمكن لإسرائيل التحرك فى إطارها. إن التعويل على التزام إسرائيل بالسلام والوثوق فى استمرار المشهد الراهن غير وارد فى ظل وجود مجموعة عسكرية متطرفة وصاعدة بقوة فى وزارة الدفاع وهيئة الأركان من القيادات الوسطى التى تتبنى خيار العنف والمواجهة واستعادة قدرة الردع العسكرى فى مواجهة الجميع، كما أن وجود يقين إسرائيلى سياسى وعسكرى من واقع تقييمات قد تكون غير صحيحة شكلا ومضمونا- أن الفرصة سانحة أمام إسرائيل لتحقيق كل مكاسبها السياسية والاستراتيجية فى ظل دعم الإدارة الأمريكية وإعادة بناء الشراكة الأمريكية الإسرائيلية على أسس جديدة إضافة لانشغال الدول العربية بحسابات وأهداف خاصة ما بين دول عربية ساعية لفرض الاستقرار الداخلى ومرورا بالحسابات الضيقة التى تحكم نمط هذه العلاقات مع الولاياتالمتحدة وفق معادلة اقتصادية نفعية مقابل قبول أمريكي، والإقرار الدولى بقيادة إسرائيل للشرق الأوسط والعمل على تنفيذ استراتيجية إسرائيل للسيطرة على قيادة المنطقة فى ظل الواقع العربى الراهن وترك مساحة للجانب الإسرائيلى لفرض الترتيبات الأمنية والعسكرية التى تخطط لها إسرائيل على طول مناطق التماس مع الدول العربية. ومن الواضح أن هناك مخاوف من تركيز مصر وفقا -للرؤية الإسرائيلية- على بناء قدراتها العسكرية ووضع الخطط العسكرية المقابلة والتى تعزز الموقف المصرى ما قد يؤكد على أن مصر قد تتوقع مواجهات محتملة جديدة يمكن أن تقدم عليها إسرائيل. إن تبنى مصر استراتيجية سياسية وعسكرية استباقية فى مواجهة كل المخاطر والتحديات المحتملة يقلق إسرائيل بصورة كبيرة ويضع قوتها فى دائرة محددة باعتبارها قوة عقيمة فى مواجهة حسابات القوة الشاملة للدولة المصرية، وفى كل الخيارات المحتملة وأيا كانت النتائج التى ستمضى فى مسارها إسرائيل بقوتها العقيمة فى مواجهة مصر ستمثل خطرا على الأمن القومى العربى فى كل نطاقاته الاستراتيجية خاصة أنه ما زالت للجيش الكلمة الحاسمة فى مثل هذه القضايا التى لم تصل فيها إسرائيل لحل حاسم، مع إدراك طبيعة التحولات فى تركيبة قيادة الجيش وأجهزة المخابرات، خاصة فى السنوات الأخيرة. ختاما ستظهر تباينات وتجاذبات جديدة ستظهر على الملأ بين المستويين السياسى والعسكرى فى إسرائيل حول مرحلة ما بعد توقف المواجهات مع إيران وانتظار ما ستقدمه الولاياتالمتحدةوإيران من توافقات وإقرار اتفاق جديد، الأمر الذى قد يكشف واقع ما تم من تفاصيل عديدة تتعلق ببقاء الخطر الإيراني، وفى ظل ما تخطط له إيران من سيناريوهات ممتدة وسيظل رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو فى الواجهة السياسية والحزبية مناورًا ومؤكدًا على الخيارات الكبرى التى يملكها داخليا فى مواجهة من يدعو إلى انتخابات مبكرة فى ظل ما تواجهه إسرائيل من تحديات حقيقية ومشاكل تتعلق باستمرار تهديد إسرائيل فى وجودها، الأمر الذى قد يلقى قبولا من مؤيديه فى مواجهة المعارضة السياسية التى ما تزال غير قادرة على طرح البديل الجاهز والعملى.