التطور التكنولوجى وثورة الاتصالات أو ما يسمى زمن "مواقع التواصل الاجتماعى أو السوشيال ميديا" ليس شرا كله، فهو يشبه السكين الحاد تماما الذى يمكن للشخص أن يرتكب به جريمة قتل أو يصنع به الحلوى والطهى.. كل حسب انبهاره واستسلامه أمام سطوة وسلطة العالم الافتراضى الذى فرض قوانينه فى كافة مناحى الحياة الاجتماعية والرياضية والثقافية والسياسية أيضا. فى دول العالم الثالث وفى عالمنا العربى تحديدا – وبالطبع فى مصر- تحول هذا الجهاز الصغير العجيب إلى ساحر يهيمن بعالمه الافتراضى على شرائح اجتماعية عديدة، لا يستثنى أحدا. ومع تطور تكنولوجيا أجهزة المحمول وظهور وسائل التواصل الاجتماعى التى هزمت بالقاضية البريد الإلكترونى بتنوعات وبأشكاله المختلفة وأصبحت فى أحيانا كثيرة هى الصحافة الشعبية أو ما يسمى ب"صحافة المواطن" ومصدر المعلومات والأخبار دون النظر إلى معايير وأخلاقيات المهنة، فالسوشيال ميديا لا تحكمه قوانين ولا تحده معايير ولا تمنعه أخلاق مهنية. وسائل التواصل الاجتماعى اكتسبت فى الفترة الأخيرة سطوة وقوة تأثير فى الرأى العام مع اهتمام الحكومة بالرد على ما ينشر فيها وتخصيص مواقع ومنصات لمواجهة الشائعات والأكاذيب والفتن التى تنشرها وتبثها " الجماعات واللجان الالكترونية" ذات الغرض والمرض. للأسف مواقع السوشيال ميديا فى بلدنا تحولت إلى نصل اجتماعى قاتل داخل الأسرة الواحدة وخارجها. وبات يهدد الحياة الأسرية واستقراراها وهناك إحصاءات تشير إلى أن نسب الطلاق بسبب السوشيال ميديا تتراوح ما بين 35- 40% فى مصر بما يعنى أنه أصبح أحد العوامل المسببة للطلاق فى مصر فى العقدين الأخيرين. فى الآونة الأخيرة تحولت منصات السوشيال ميديا إلى مصدر رزق ووظيفة غير رسمية للحصول على المال وهو ما دفع كل من يملك جهاز محمول إلى استغلاله بصورة عشوائية ودون اية اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو احترام لخصوصية بدافع هوس الحصول على المال فى ظل غياب ضوابط وقوانين تحكم استخدام تلك المواقع والمنصات. وحسب آخر الأرقام وصل عدد مشتركى خدمات المحمول فى مصر إلى حوالى 116.79 مليون خط بنهاية مايو الماضى، مما يشير إلى أن عدد الخطوط يتجاوز عدد السكان مع وجود خطوط متعددة للفرد الواحد، وتُظهر البيانات نموًا كبيرًا فى قاعدة المستخدمين ووصول السوق المصرى إلى استهلاك يتجاوز 25 مليون هاتف سنويًا، مع نمو فى التصنيع المحلى. ما حدث فى عزاء الفنانة سمية الألفى وانتهاك خصوصية أهل المتوفية والحضور من الفنانين والفنانات الذين توافدوا لتقديم واجب العزاء لم يكن الحادث الأخير وربما لن يكون – اذا استمر التهاون فى مواجهة تلك الفوضى وذلك العبث- فهؤلاء ليسوا بإعلاميين وليسوا بصحفيين ولا بد من وقفة جادة من كافة الجهات المعنية لوقف هذا العبث بالقانون. هنا يقع جانب من المسئولية على نقابة الصحفيين ووسائل الاعلام الرسمية بإبلاغ الجهات المعنية بالتأكد من هوية من يقوم بالتصوير العشوائى وينتهك خصوصية الأفراد سواء فى سرادقات العزاءات أو قاعات الحفلات أو فى المناسبات العامة والخاصة. وهناك جانب آخر من المسئولية على النقابات المهنية للفنانين بمنع هذه الظاهرة بالتنسيق والتعاون مع أجهزة الأمن. الصمت والتجاهل لخطايا السوشيال ميديا التى يمكن أن تصل إلى حد الجرائم وتجاوز الخطوط الحمراء ليس فقط للأمن الاجتماعى وانما للأمن القومى يمكن أن يدفع بنا إلى كوارث. ويكفى ما يحدث من لجان الكترونية وصفحات مجهولة تبث الفتنة والوقيعة بين الشعوب والدل والحكومات العربية. والنماذج والأمثلة كثيرة. فانتبهوا أيها السادة.