ارتفعت معدلات الطلاق في مصر خلال السنوات الأخيرة، للعديد من المتغيرات التي طرأت على المجتمع، ومن بينها الدخول إلى عصر العولمة بكل مستجداته، هذا ما أشارت إليه دراسة حديثة صادرة عن “المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية”، للدكتورة ليلى عبد الجواد والدكتورة مها الكردى، بعنوان ” الطلاق المبكر بين الشباب أبعاده وتداعياته”. وأكدت الدراسة التي ركزت على وسائل التكنولوجيا الحديثة، وعلاقتها بالطلاق المبكر أن 20% من تلك الحالات، كانت بسبب الوسائل التكنولوجية الحديثة. تحقيق : مروة علاء الدين وأوردت الدراسة، أن الإنترنت كان سببًا للانفصال العاطفي المؤدي للطلاق، إذ تسبب بانعدام الحوار بين الزوجين، وأزاح الاستقرار الأسري، بعد أن انكب كلا الزوجين أو أحدهما على اللجوء إلى الإنترنت لكسر رتابة الحياة الزوجية ومللها، كما أدى لفتح باب للخيانة الزوجية، وأصبح من السهولة التحدث إلى الغرباء لتتحول من علاقة افتراضية إلى علاقة حقيقية، مما يثير المشاكل بين الأزواج بسبب الخيانة الزوجية وقد يصل الأمر إلى الطلاق، مشيرة إلى أنه تبين من خلال نتائج الحالات الميدانية أن الإنترنت لعب دوره في التأثير على الحوار الأسري، حيث أشار إلى ذلك 27% من حالات الدراسة الميدانية، بينما أكدت 15% من الحالات وقوع خيانة زوجية من خلال الإنترنت، 12% منهم خيانة متعلقة بالأزواج و3% بالزوجات. الجروبات المغلقة ولأن الأمور تتطور كثيرا، فبعد خروج تلك الدراسة إلى النور، ظهرت مستحدثات مدمرة للأسرة السبب فيها السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعى وتلك الجروبات المغلقة، والتى صارت (فاضحة البيوت وكاشفة الأسرار)، وأصبح الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعيمهددًا لاستقرار الأسرة، حيث انتشرت على هذه الصفحات ظاهرة إفشاء أسرار البيوت بكل تفاصيلها، وتلجأ إليها بعض النساء وبعض الرجال فيتطرقون على صفحاتهم للحديث عن أسرار حياتهم الزوجية، والبوح بأسرار بيوتهم للأقارب أو الأصدقاء وحتى للغرباء؛ بحجة الشكوى تارة والفضفضة تارة أخرى والتباهي والمدح تارة وطلب النصيحة تارة أخرى، حتى تحولت الأسرار إلى نشرة أخبار، وتم انتهاك خصوصية الحياة الشخصية الأمر الذي بدوره قد يهدد كيان الأسرة، وينذر بهدمها. وقد تحولت السوشيال ميديا إلى وسيلة للفتنة الاجتماعية وليس السلام الاجتماعى، مثل جروب كارهي البنات، وجروب نادي الرجال السري، وكلها مجموعات مغلقة وسرية، يجتذب فيها المسئول أو المسئولة عن الجروب الأعضاء للحديث عن حياتهم الخاصة بطرح سؤال يبدو كما لو كان استفتاءً عن أحد الموضوعات، كأن يطلب من كل عضو أو عضوة كتابة تجربته في خيانة الطرف الآخر على سبيل المثال، وهنا تقع الكارثة، ليكشف كل عضو عن ستر بيته وأسراره، بل يصل الأمر أحيانالنشر المشاكل الجنسية من أجلاجتذاب مزيد من الأعضاء للانضمام، وأحيانا يقوم المسئول عن المجموعة «الأدمن» بتقمص دور المصلح الاجتماعي ليقدم نصائحه دون تخصص لأصحاب المشكلات ما يتسبب في وقوع كوارث أحيانا تصل لهدم استقرارالأسر وتشريد الأطفال. وقد سبق واستنكر الدكتور على جمعة،عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، تلك النوعية من الجروبات التى أحدثت الكثير من الضجة ووصفها بالتفكير الرجعي، مؤكدا أن العلاقة بين الزوجين لابد أن تبنى على الثقة، وعند الشك يجازى الله الشكاك من جنس عمله. وأكد أن ما تقوم به بعض السيدات والرجال، على الجروبات لكشف الطرف الآخر، يمثل تلاعبًا بمقدرات أمة ليس لديها وقت لهذا العبث. اختلاف أجيال وتؤكد سارة ممدوح، مدرب تنمية بشرية واستشارى علاقات أسرية وتربوية واستشاري الصحة النفسية، أن جيل السوشيال ميديا أصبح لا أمان له، وتحول استخدامه للتكنولوجيا إلى كارثة يستخدمها للضرر وكشف الأسرار وفضح العلاقات حتى أدق تفاصيل الحياة، مفسرة الأمر بأنه حينما تشتد الأزمة الفعلية وتصل إلى أن الآخر لا يسمع أو لا يرى أنه مخطئ – من وجه نظره- ويشتد الخلاف فيلجأ إلى المجتمع الخفى ليتأكد أنه على صواب. وأضافت: وهناك تفسير آخر أن هناك آخرين فقدوا الإحساس بالطرف الآخر ولكن لا يستطيعون التغيير فتقبلوا الأمر الواقع ولكن بحثوا عمن يخفف عنهم فيلجأون إلى الفضفضة من منظور أنها راحة للنفس وتفريغ للكم الهائل من المشاعر السلبية التى يشعرون بها، ويوجد أيضا نساء تمر بمشاكل زوجية كبيرة، وتنشر مشكلتها لتحصل على الحل، والآن تطور الأمر إلى نشر صور أشخاص على مواقع السوشيال ميديا بحجة أن الشخص يخون زوجته أو خطيبته وتريد كشفه.. غياب الاهتمام وترى الاستشاري النفسي، أن السر وراء انتشار الجروبات النسائية والذكورية ونشر الخلافات وأدق تفاصيل الحياة، أن الرجل لا يسمع مشاكل زوجته أو مشغول عنها طوال اليوم وأصبحت المرأة لا تجد من تتحدث إليه وتفرغ طاقتها السلبية أو لتحصل على حل لمشكلتها، فأصبحت الوسيلة المناسبة لها هى السوشيال ميديا لتكوين صداقات ممن يمرون بنفس مشكلتها أيضا أو للحصول على المواساة والدعم، ونتج عن ذلك ارتفاع نسب الخيانات، نتيجة لغياب شريك الحياة، وعدم الشعور بالطرف الآخر والتحدث والاهتمام به وجعل حياتهم حياة واحدة، بل أصبح كل منهما يعيش منفصلاً عن الآخر داخل المنزل وأصبح الموبايل هو العائلة التى يجلس معها الشخص. دور الإعلام ورأت سارة أن للإعلام دورًاكبيرًا في التصدي لمثل تلك الظواهر، من خلال نشر برامج توعية مكثفة للشباب والبنات والتحدث عن كم الاختلافات بينهما لفهم طبيعة عقل الرجل والمرأة، مع إقامة ندوات بقصور الثقافة، ودورات تدريبية فى الجامعات للشباب، ومن الضروري وجود شخص متخصص للعلاقات الأسرية فى مكاتب المأذون الشرعي للتحدث مع المرتبطين الذين قرروا الزواج وعمل دورات تثقيفية لهم، مع ضرورة التصدي لظاهرة الزواج فى سن صغيرة لأن عواقبه وخيمة على المرأة أكثر من الرجل، ومن الممكن إنشاء جروبات مخصصة مسئول عنها متخصصون. سوء استخدام من جانبها قالت الدكتورة زينب مهدى، معالج نفسى واستشاري أسري، إن للإنترنت العديد من الاستخدامات المفيدة، باستثناءعرض تفاصيل الحياة الشخصية، مؤكدة أن سوء الاستخدام هو السبب، لأن كثيرًا من السيدات والرجال لا يعلمون أهمية الخصوصية في الحياة الزوجية وبالتالي يبوحون بأسرارهم ويتداولونها على السوشيال ميديا ومشاركتها وهذا خطأ تربوي وديني وإنساني، مستطردة: فالحياة الزوجية قائمة على حفظ الأسرار وأن مشكلة الزوجين لا تخرج خارج نطاق حجرتهم الخاصة، أما ما يحدث حالياً هو عبث برباط مقدس ذكره الله في قرآنه وأعطاه قدسية كبيرة ألا وهو الزواج. معلومات مكذوبة أما عن دور مواقع التواصل فى ارتفاع نسب الخيانة الزوجية، فتوضح دكتورة زينب، أن الإنترنت من ضمن الأسباب التي يسرت عملية الخيانة، نظراً لأنه يتم استخدامه في أي لحظة بدون رقابة، فبالتالي أصبح كل من أراد أن يخون زوجته عليه أن يتصفح الإنترنت ويختار امرأة يتحدث معها أو يقيم معها علاقة، كما أن الإنترنت وبالتحديد السوشيال ميديا وارد جداً أن يتم الكذب فيهم ووضع معلومات غير حقيقية عن الشخصية صاحبة الحساب سواء على فيس بوك أو أي موقع تواصل اجتماعي آخر، وبالتالي فهذا يتيح الخيانة أكثر، لأن كل منهم يضع أشياء عن نفسه ليست صحيحة ولا يستطيع أحد أن يكشف كذب الآخر لأنه لا يعيش معه. التعاليم الدينية وأضافت زينب أن التعاليم الدينية والقرآن والسنة هم أساس الزواج وكلما ابتعد الزوجان عنهماسقطا في مشكلات كبيرة وعواقبها جسيمة، وأكبر خطأ أن تنشر زوجة مشكلتها على السوشيال ميديا وتلك الجروبات الفاضحة لأنها تأخذ برأي امرأة مثلها خبرتها قليلة في الحياة وليست متخصصة في حل المشاكل الزوجية، وإذا أرادت المرأة أن تحل مشاكلها ذاتياً فعليها بالتدبر في الدين وقراءة الكتب العلمية والبعد عن الشك في سلوك الزوج بسبب وبدون لأن الشك مفتاح فشل أي علاقة مهما كانت جميلة. إدارة متخصصة وأشار وليد زهران، المحامى والناشط الحقوقي،إلى أهمية أن تدار الجروبات المتخصصة فى الشأن الأسرى من خلال متخصصين، لأن البيوت أسرار وإلا ستفتح المجال لمشاكل أكبر، وهناك حالات كثيرة لجرائم تشهير، نذكر منها مشكلة «مصطفى تورتة» والذى فضحته فى الجروبات النسائية خطيبته السابقة، كل هذا من جرائم التشهير ويعاقب عليها فى القانون، ولهذا أطالب بتفعيل القانون ضد مثل تلك الجروبات التى تدار عن طريق غير متخصصين، فالقانون موجود ولكنه غير مفعل، وأبسط اتهام لهم هو مزاولة نشاط بدون ترخيص، فمن هؤلاء حتى يقدموا آراء ونصائح أسرية؟ وللأسف انتشرت الجروبات المتناحرة على الفيس مثل خليها تعنس، وخليك جنب أمكوغيرها الكثير، لتنتقل الأمراض الاجتماعية إلى السوشيال ميديا. مصايد إلكترونية ومن جانبها قالت نيفين عبيد، عضو مؤسسة المرأة الجديدة، إن مثل تلك الجروبات تبث الفتنة وتعد انتهاكا لخصوصية الآخرين، وبسبب جروب «حد شاف جوزى» لكشف الخيانة الزوجية توصل بعض الزوجات إلى خيانة أزواجهن، ووصل الأمر إلى التهديد باللجوء إلى المحاكم وتحرير محاضر ضد مؤسسى المجموعة بتهمة إثارة البلبلة والفتن والتشهير بالأشخاص بعدما وصل الأمر إلى طلاق بعض الزوجات .. وأضافت أن هذه المجموعات ما هى إلا مصيدة إلكترونية للإيقاع بالفتيات والشباب والسطو الإلكتروني على المعلومات الخاصة بهم من صور ومعلومات وبيانات شخصية، خاصة الفتيات واستغلالهن فى أعمال منافية للآداب..