د. محمود عىسى أثناء حواره مع »الأخبار« كيف تعمل أي حكومة إنقاذ وطني وتحقق إنجازات بينما هي تري سيف سحب الثقة مسلطا عليها من مجلس الشعب، يهدد كل وزير بالعزل من منصبه في أي لحظة؟.. وهل ننتظر قرارات مصيرية أو حلولا حاسمة لمشاكلنا وكل من السلطتين التشريعية والتنفيذية تتربص بالأخري؟.. وما مشاعر الوزراء وهم يضعون البرامج والخطط، بينما لا يثق أحدهم أنه سيبقي ليتابع التنفيذ أو يجني الثمار؟!.. وإذا كانت حكومة الإنقاذ نفسها تحتاج لإنقاذ أو قل معجزة من السماء لتبقي لحين انتخاب رئيس للجمهورية، فهل يؤثر ذلك علي تماسكها وعلي ثقة الشعب بقدرتها في العبور بالوطن الي بر الأمان؟ الدكتور محمود عيسي وزير الصناعة والتجارة الخارجية أكد أن حكومة الجنزوري تعمل كل يوم وكل ساعة وكأنها ستعيش أبدا.. فإذا قامت القيامة وبيد أحد من الوزراء فسيلة لخير الناس فسوف يغرسها لينتفع المجتمع منها.. وقال الوزير إن العالم بدأ يري الوجه الحقيقي للاقتصاد المصري بعد أن تخلص من المفسدين الذين لم يسرقوا أمواله فقط وإنما الأخطر أنهم ضيعوا عليه فرصا هائلة للاستفادة من إمكانياته ومن مصادر قوته المتنوعة.. وفي كلمة واحدة أكد الوزير أن مصر رغم صعوبة موقفها المالي لن تنهار، بل ستكون إحدي القوي الاقتصادية البازغة بحلول العام 5102 وأن انتخاب رئيس الجمهورية في يونيو القادم سيكون حجر الزاوية لبدء صفحة جديدة ومشرقة في مسيرة الوطن، وإلي الحوار. كيف تباشر وزارة الجنزوري نشاطها في ظل أجواء الإعداد لسحب الثقة منها؟ وهل تشعر أنت شخصيا بالثقة في تنفيذ برامج قمت بوضعها وتحتاج لعدة أشهر لتأتي بثمارها؟ نحن بالفعل حكومة إنقاذ محكومة بمدة محددة مطلوب منها وضع برامج إنقاذ عاجلة والقيام علي تنفيذها ولكن ما يجب أن يكون مفهوما للجميع أننا لا نعمل لأنفسنا أو من أجل استمرار وجودنا كأشخاص وإنما نعمل لمصر ولمستقبل هذا البلد.. وطالما أن مصر هي الهدف فلا مبرر علي الإطلاق للقلق أو التردد في اتخاذ كل الإجراءات التي تحقق مصلحة الوطن حتي ولو كانت الثمرة من هذه الاجراءات ستأتي بعد شهور أو سنوات. فأنت تزرع كل يوم وسيأتي بعدك من يستكمل ما بدأت.. وإذا ذهب وزير الصناعة فسيأتي بعده وزير آخر يستكمل نفس السياسة التي استقر في يقيننا أنها في مصلحة مصر، فالأشخاص يتغيرون ولكن المصلحة لا تتغير. غدا وبعد غد وماذا لديك من البرامج التي تعد لها الآن لتبقي غدا أو بعد غد؟ أعمل وأنفذ حاليا برامج لتنمية الصادرات وأخري لتحديث الصناعة وثالثة للتدريب المتخصص ورابعة للرقابة والجودة ولمساندة المصانع المتعثرة وكل هذه الأشياء وغيرها يجب أن تتحرك علي التوازي. وكل برنامج كلما عملت وأنجزت فيه تنفتح أمامك مجالات عمل أكبر فهي مثل الحفرة كلما نقلت منها جزءا تتسع أمامك أكثر لمزيد من الاعمال والأنشطة. ولكن الي أي مدي تأثرت الحكومة وأنشطتها بالرغبة الشعبية في تغييرها عقب أزمة مغادرة المتهمين في قضية الجمعيات الأهلية؟ بشكل عملي سأضرب لك مثالا واحدا فقط يحسب للدكتور الجنزوري وطريقة أدائه وهذه شهادة للحق وللتاريخ لكي تدرك أن الحكومة تعمل وكأنها ستعيش أبدا.. واننا لا نفكر الا في ايجاد حلول حاسمة لقضايا مزمنة. ففي اليوم الذي كان مقررا فيه مناقشة سحب الثقة من الحكومة أمام مجلس الشعب عقد الدكتور كمال الجنزوري اجتماعا هاما انهي فيه بقرارات قاطعة مشكلة مدينة الروبيكي الصناعية المعقدة والمستمرة منذ سنوات.. فأهم مشكلة تمويلية كانت تواجه هذه المدينة هي تحديد سعر بيع الأرض لصناع الجلود الذين سينتقلون من منطقة مجري العيون للعمل بها.. وعندما قلت لرئيس الوزراء إن تكلفة سعر الارض الصناعية الفعلية هي 0702 جنيها للمتر الواحد رفض هذا التقدير وقام بتشكيل لجنة علي أعلي مستوي بها تمثيل من كل الوزارات ذات الاختصاص لتضع اسعارا نهائية للعرض علي مجلس الوزراء خلال 84 ساعة لاتخاذ القرار الحاسم. وبالفعل تم حسم الموضوع وتم تخفيض سعر المتر الي 286 جنيها!! ألا يعطي هذا الأداء الانطباع بأن الحكومة جادة وحريصة علي الانجاز رغم وجود اجتماعات في نفس اللحظة لسحب الثقة منها.! لذلك أنا أعتقد ومعي كل الوزراء أن هذه الحكومة لا تعمل علي أنها سترحل اليوم أو غدا وانما علي انها باقية علي أقصي تقدير حتي يونيو القادم. والوزراء كلهم يتسابقون بقوة مثل لاعبي سباق التتابع. فكل وزير يريد أن يسلم الشارة التي في يده وهو يعدو بأقصي سرعة للوزير التالي له وهو يعدو وجاهز ايضا للاستلام. ولو أن كل وزير أنهي المرحلة الخاصة به دون أن يراعي المرحلة التالية له ستتعطل الدولة كلها. قامت بالواجب يحسب للصناعة المصرية أنها رغم الأحداث المتلاحقة لم تنهر وبقيت تلبي احتياجات المواطنين من السلع والمنتجات والخدمات بل إن أحجام الصادرات زادت بنسبة 02٪ عام 1102 ألا يدلل ذلك علي أن الاقتصاد المصري متين وأن الصناعة المصرية قادرة علي المواجهة؟ الصناعة المصرية تتميز عن باقي مقومات الاقتصاد بأن لها بنية أساسية محترمة وقوية وموجودة منذ بداية الخمسينات فالمصانع والمعدات والعمالة والطاقة والاسواق كلها موجودة وبالتالي تستطيع أن تبني عليها وتطورها باستمرار. ولذلك فنحن نتحدث بثقة عن قدرة المصانع المتعثرة علي العودة والنهوض فور إزالة أسباب التعثر فهي ميزة جيدة وفي نفس الوقت عبء لماذا؟ لأنك لا يمكن أن تنهض بتحديث وتنشيط الصناعة والصانعين دون أن يكون لديك برامج لنقل التكنولوجيا وتدريب عصري للعاملين وبرامج تدريبية متطورة. ولن يكون هذا ممكنا بدون مؤسسات تدريبية ومدربين علي مستوي عالي. وكذلك لا يمكن تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة بدون وجود هيكل يضم هذه الصناعات ويكشف مدخلاتها ومخرجاتها.. اذن الصناعة مجال خصب للعمل والنشاط.. ومهما اجتهدت وعملت فهي تستوعب وتتطلب المزيد.. والمقياس عندنا واضح.. أين أنت من اليابان أو من امريكا أو اوروبا.. فالسباق ممتد ومفتوح. ورغم ذلك فالصناعيون لديهم شكاوي مستمرة ويطالبون الدولة أن تتدخل لإزالتها مثل الإفراط في الاستيراد أو عدم تعميق الصناعة في مصر. مقاطعا: لا يمكن القول ان هناك عدم تعميق للصناعة. فهناك صناعات في مصر متطورة وحديثة للغاية.. ولدينا امكانيات هائلة حرام ألا تستغل. وأنا شخصيا رأيت في معرض الصناعات الهندسية الأخير معدات لم أكن أتخيل أن مصانع القطاع الخاص قد وصلت اليها. ورغم ذلك فالمجال مازال واسعا ومفتوحا لمزيد من التعميق والتكامل بين الصناعات المختلفة. حيث لا يمكن تصور وجود صناعات هندسية متطورة بدون أن تساندها صناعة برمجيات متطورة ايضا.. المشروعات القومية هل هناك أولوية للمشروعات القومية الكبري التي يهتم بها الدكتور الجنزوري ويري فيها حلولا ناجزة لأزمات مصر؟ طريقة عمل الدكتور الجنزوري طريقة فريدة ومنجزة بشكل كبير ويوميا ينعقد في المجلس لجان وزارية متخصصة في كل المجالات ومن هذه اللجان واحدة لتنمية سيناء تتابع إنشاء جهاز تعمير سيناء والصناعات الممكن توطينها والأراضي الزراعية المتاحة والمشروعات السياحية الممكنة وفي تقديري أن ما تم خلال الشهرين الأخيرين يعد كثيرا وواعدا جدا لكي تصبح سيناء أحد أهم أبواب الأمل لاستعادة الوضع الاقتصادي وتحقيق دفعة للأمام. وامتدادا لسيناء تم سحب جميع الأراضي غير المستغلة من المستثمرين في منطقة شمال غرب خليج السويس وأعطي رئيس الوزراء أولوية لطرح هذه الأراضي علي المستثمرين الجادين، هذا بخلاف لجنة تعمل علي بحث الطاقات الانتاجية العاطلة وتدرس فرص تنميتها والاستفادة منها وهكذا. وتوشكي؟ توشكي ايضا من المشروعات ذات الأولوية.. فمن الجور للبلد ألا نفكر في الاستفادة من الفرص المتاحة في توشكي وترعة السلام بسيناء وهما من المشروعات العاجلة وهكذا هو وقتها والجنزوري يعطي لهذه المشروعات رعاية واهتماما فائقا. وهي علي قمة أعمال لجنة الاستفادة من الطاقات العاطلة، بحيث لو جاءت أي حكومة تالية تجد مجالا للبناء علي ما أنجزنا. ملف الطاقة النووية من الملفات المهمة التي كانت في مقدمة الأولويات.. فأين هو الآن. وهل تم تجميد المشروع؟ مطلقا.. وهذا الملف تحت رعاية واهتمام وزارة الكهرباء وعلي مستوي كل الوزارات فإن جميع الملفات الكبري مفتوحة ويجري دراستها واتخاذ مواقف منها رغم محدودية وقت الوزارة. كلام عاطفي أوضح الخبراء أن مصر بدأت تدخل دائرة الخطر بسبب كثرة السحب من الاحتياطي النقدي.. فهل دخلت مصر هذه الدائرة بالفعل؟ هناك مبالغات كبيرة وشائعات قد يكون المقصود بها بث حالة من الخوف والقلق. صحيح أن الاحتياطي غير مطمئن ولكن هناك مؤشرات جيدة الآن حيث إن رقم الاحتياطي ثابت منذ شهرين تقريبا.. وهذا معناه توقف السحب من الاحتياطي أي أن هناك موارد جيدة تدخل إلي شرايين الاقتصاد وهذا الامر مطمئن جدا. تجارب عديدة في الاعتماد علي الآخرين خيبت ظنوننا ودعت كثيرين للتأكيد بأنه لن يبني مصر الا المصريون وأن الأولي بنا أن نمارس تجربة بعض الدول الاسيوية التي أغلقت الباب علي نفسها حتي استكملت مصادر قوتها. ما رأيك؟ من لا يستفيد من تجارب الآخرين يفقد جزءا كبيرا من اسباب نجاحه.. ولو قلت الآن كلاما عاطفيا بأن مصر لن يبنيها الا المصريون وأغلقت حدودي مع العالم فالخسائر ستكون محققة. لماذا؟ لأن مصر الحديثة والمتطورة لابد أن تكون واعية تماما بكل ما يحدث في العالم. وأن تكون متداخلة ومستفيدة وقادرة علي معرفة التكنولوجيا الحديثة ثم ابتكارها. وسأعطيك في ذلك مثالا بسيطا. فعندما كنت طالب دكتوراه في بريطانيا كنت ألاحظ أن الطلاب الصينيين ما كانوا يرون شيئا جديدا مهما كان بسيطا إلا وأرسلوه الي بلادهم. لدرجة أنني رأيت أحدهم يرسم »صنبورا« في الحمام وسألته لماذا؟ قال: لأن هذا النوع لا ينتج في الصين رغم جودته! فهو يستفيد من ابتكار بريطانيا بحيث تبدأ الصين من حيث انتهي الانجليز وهذا يحدث في كل المجالات. وتقديري الشخصي أن مصر فعلا سيبنيها المصريون ولكن السؤال هو كيف وبأي طريقة وما الآليات والسياسات. كيف يمكن في تقديرك تحقيق ايرادات سريعة لخزينة الدولة؟ ترشيد الإنفاق الحكومي. والحكومة اتخذت العديد من القرارات مؤخرا علي مستوي جميع الوزارات. ومنها وزارة الصناعة واتخذنا قرارات مهمة في هذا المجال. الصناع اشتكوا من رفع أسعار الطاقة. هل أنت معهم؟ رفع الدعم عن الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة حقق 3 مليارات جنيه. لخزينة الدولة وفي تقديري أن هامش أرباحهم يغطي ذلك ويحقق لهم عائدات مقبولة وإذا دخلنا معهم في جدل حول أرباحهم أو حسبنا حقيقية تكلفتهم فسوف نجد المزيد فهم يحققون أرباحا جيدة جدا والدليل أن عدد المتقدمين للحصول علي تراخيص إقامة 41 مصنعا للأسمنت وبالاسعار الجديدة للطاقة بلغ 0001 مستثمر حتي الآن محليين وعربا وأجانب وهذا يعني أن هناك طلبا شديدا جدا علي الاستثمار. ولكن هذه الصناعة مطرودة في أماكن كثيرة في العالم بسبب مخاطرها البيئية؟ يخطيء كثيرا من لا يستفيد من تجاربه والمعايير البيئية التي وضعناها لهذه المصانع تكفل حماية البيئة المصرية. ومقولة انه لا توجد مصانع للأسمنت في أوربا وامريكا غير صحيحة لأن كل هذه الدول بها مصانع وتطبق المعايير البيئية التي نطبقها. وقد وضعنا معايير مهمة لتملك هذه المصانع الجديدة تعطي الفرصة الأكبر لتملك المصريين لهذه المشروعات سواء بمفردهم أو بمشاركة أطراف أخري عربية وأجنبية. قروض ومعونات كثيرون رأوا أن قبول عرض القرض المقدم من صندوق النقد الدولي يعد رفضه من قبل يعد مؤشرا أو تذيرا للخطر المحدق. ما رأيك؟ من الحكمة إذا أخذت قرارا أن تعيد النظر فيه علي ضوء ظهور مستجدات جديدة. وأعتقد أن هذا ما دعا الدولة للنظر في عرض الصندوق ومناقشته. رفع الدعم.. هل تراه ضروريا في هذه المرحلة؟ الدولة حريصة علي البعد الاجتماعي. بدليل انك لو رفعت الدعم عن الطاقة فقط يمكن أن توفر للدولة 59 مليار جنيه ولكن هذا الدعم مهم جدا للبعد الاجتماعي. الدولة العربية وعدت الحكومة بتقديم دعم كبير. ماذا تم حتي الآن؟ نحن لم نستمع إلا »لكلام«.. لم تتم ترجمته حتي الآن. ونعتقد أن هذه الدول قد يكون لديها علامات استفهام وهي تنتظر لتري ما ستئول إليه الأوضاع. ولكن مصر قدمت دعما ومساعدات لكل الدول العربية دون شروط ومن منطلق الاخوة وكان يجب في رأيي أن تقدم هذه الدول دعمها دون انتظار ودون شروط ايضا ومع ذلك أعتقد أن انتخاب رئيس للجمهورية سيكون الفصل الأخير لتقديم هذا الدعم للدول الجادة. الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أكد التزام بلاده بتقديم ما تعهدت به لمصر في أقرب فرصة؟ أعتقد أن السعودية صادقة في هذا الأمر.. ونأمل أن تلتزم كل الدول بما تعهدت به ايضا. وتنتقل من حالة الكلام الي الفعل فقوة مصر من قوة هذه الدول جميعا.