ما يفعله بشار الأسد من تصعيد في مذابحه ومجازره ضد السوريين يؤكد أنه فقد الأمل في البقاء رئيساً للبلاد، وأنه يواجه أحد احتمالين لا ثالث لهما. أن يغادر سوريا إلي المنفي، أو يقتل فيها كما قتل القذافي بأيدي ثوار ليبيا. وفي الحالتين .. يرفض بشار أن يُخيّر علي واحدة منهما دون الانتقام من هذا الشعب الذي أطاح به ووضع نهاية لعقود طويلة لحكم آل الأسد وحزب البعث من ورائهم. قبل أسابيع.. استنكر بشار من يتهمونه بأنه المسئول الأول عن قتل آلاف المتظاهرين المسالمين والمطالبين بالإصلاحات المجمدة واسترداد الحقوق الضائعة. وسمعناه يؤكد آنذاك أن المجنون وحده الذي يقتل شعبه! ونظرة عن بعد إلي عشرات القتلي، ومئات الجرحي، وآلاف المعتقلين، بانتظام يومي وعلي امتداد الشهور العشرة الماضية تؤكد بالتالي مصداقية حالة الجنون التي أصيب بها الرئيس السوري المتفرغ لقتل شعبه. أحد السوريين المعارضين وحيد صقر صرح أمس بأن »هناك أحياء تم إبادتها بالكامل في العديد من المدن، خاصة حمص التي تتعرض الآن لقصف مدفعي عنيف في مجازر حقيقية بمعني الكلمة«. وكنا قد سمعنا من قبل وزير الزراعة السابق: أسعد مصطفي علي شاشة العربية معلناً تلقيه وثائق تثبت أن »بشار الأسد أصدر تعليمات لضباط الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري بسحق التظاهرات في معظم المحافظات«. مازلنا مع استعراض خيارات الحل الأول الذي يوفر الخروج الآمن لبشار الأسد بحثاً عن منفي يقبله ويُحسن إقامته. في تصريحات أدلي بها نائب رئيس الجمهورية السورية السابق: عبدالحليم خدام لمجلة »سليت« في ديسمبر الماضي قال فيها: إن إيران هي المأوي المناسب لبشار، بشرط استرداده البقية الباقية من قواه العقلية، لأن المجنون وحده الذي كما سبق وحدد بشار يقتل شعبه! ويتوقع عبدالحليم خدام أن الحكومة الإيرانية ستخصص قصراً فخماً لإقامة بشار في بلادها. فالجمهورية الإسلامية الإيرانية مدينة لنظام الأسد الأب ثم الابن بالكثير. فلولا هذا النظام لما استطاعت إيران الظهور علي المسرح السياسي في المنطقة، والتدخل المستمر في الشأن الداخلي العربي مثلما حدث وتحقق في لبنان وغزة بصفة خاصة، وغيرهما بصفة عامة. وبتوضيح أكثر قال عبدالحليم خدام إن لدي إيران ما أسماه ب »العديد من الخلايا النائمة« في الدول العربية الخليجية، وباقي الدول العربية. ومن الأهمية القصوي بالنسبة لإيران الحفاظ علي هذه الخلايا، ودعمها، لتظل تحت هيمنتها وأوامرها. وعندما توافق طهران علي استقبال بشار الأسد في بلادها استقبال الأبطال، فهي رسالة موجهة لكل أصحابها وعملائها أعضاء وعناصر خلاياها النائمة والمستيقظة معاً، تطمئنهم فيها بأن النظام الإسلامي الإيراني يحرص علي حاضر ومستقبل كل أنصاره، وكل المدافعين عنه، وكل العاملين لحسابه، في كل الدول العربية. .. هنيئاً لإيران بعملائها العرب، وهنيئاً أيضاً لهؤلاء العملاء بحقهم في اللجوء إلي إيران قبل القصاص منهم.