قد يري البعض أن المعارض ما هي إلا صالات عرض كبيرة تشارك فيها كبريات الشركات العالمية بأجنحة للترويج للمنتجات في احتفالية كبري أو كرنفال يحضره كبار المسئولين في الافتتاحات فقط... ولكن الحقيقة كما رأيتها علي مدار سنوات طويلة أن صناعة المعارض أصبحت أحد أهم الصناعات للتسويق والترويج والتصدير... الشركات المصرية تعلمت منذ سنوات قليلة ثقافة المشاركة في المعارض الدولية وهو ما انعكس بالإيجاب علي حجم الصادرات وأيضاً التطور الملحوظ في مستوي الإنتاج.. أكثر من 50 شركة مصرية متخصصة في صناعة المفروشات والسجاد شاركت في معرضين بفرانكفورت وهانوفر للبحث عن مشترين.. الشركات المصرية اعتادت أن تشكو حالها في كل مرة من معوقات التصدير والبيروقراطية.. ولكن الجديد هذه المرة أن الشكاوي كانت من عدم وفرة الأراضي وفوائد البنوك علي القروض الصناعية لرغبة الجميع في زيادة خطوط الإنتاج وضخ استثمارات جديدة.. في هانوفر. نجح محمد فريد خميس رئيس مجموعة ∩النساجون الشرقيون∪ في نقل تاريخ مصر الفرعوني من خلال السجاد.. قال خميس الذي استعان بالدكتور زاهي حواس في تصميم بعض أشكال السجاد إن مصر من أقدم دول العالم في صناعة السجاد وبالتحديد من أيام الفراعنة ولذلك من حقنا أن نكون من الدول المتقدمة في هذه الصناعة.. فريد خميس أقام أكبر جناح مصري في معرض هانوفر الدولي علي مساحة 2300 متر ليجذب المشترين ويقدم صورة واقعية عن مستوي المنتجات المصرية.. يري شيخ الصناع أن المشاركة رقم 31 في المعرض تحمل العديد من الرسائل من مصر للعالم وفي مقدمتها أن المنتجات في مصر في تطور مستمر وهو ما يؤكد أنها بلد آمن لأنه لا يوجد إنتاج متميز إلا في الدول المتطورة والمستقرة.. أما الرسالة الأهم فكانت للترويج للسياحة المصرية من خلال المحاضرات والأفلام التسجيلية التي ألقاها وعلق عليها الدكتور زاهي حواس والذي حرص خلالها وأمام مشاركين من 60 دولة علي إبراز أهم المعالم السياحية في مصر بجانب رسائل الأمان.. فريد خميس أكد أنه حقق تعاقدات خلال المعرض بزيادة 20٪? عن العام الماضي وهو ما يتطلب ضخ استثمارات جديدة بمليارات الجنيهات ليستطيع سد احتياجات المشترين مؤكدا أن الاستثمارات تتمثل في شراء خطوط إنتاج جديدة وبطبيعة الحال سيتم توفير فرص عمل للشباب مؤكدا أن سر نجاح القطاع الخاص يكمن في حسن الإدارة والاستغلال الأمثل للموارد بجانب الاعتماد علي أصحاب الخبرات والمهارات دون اللجوء للمجاملات.. ويري خميس أن الصناعة المصرية في أشد الحاجة إلي تبادل الخبرات والاعتماد علي التكنولوجيا الحديثة في مختلف القطاعات لتستطيع المنافسة وحجز المكان المناسب بين الكبار في ظل عالم متغير لا يعترف إلا بالإنتاج الجيد والسعر المناسب.. وطالب خميس بالحفاظ علي صناعة السجاد المصري وتشجيع الصناع علي زيادة الإنتاج مع ضرورة مراجعة بعض الاتفاقيات التجارية الثنائية وخاصة مع تركيا حيث تسمح الاتفاقية بين مصر وتركيا بدخول السجاد التركي للسوق المحلي بدون جمارك في مقابل أن السجاد المصري محمل بضريبة القيمة المُضافة والضريبة العقارية وبعض الرسوم الأخري وهو ما لا يمثل منافسة عادلة داخل السوق المصري ويؤدي إلي تهديد الصناعات المصرية بطريقة مباشرة.. وحرص فريد خميس خلال المعرض علي خلال لقاء عمدة هانوفر علي إذاعة أفلام تسجيلية مصرية عن السياحة ودورة الإنتاج في مجموعة ∩النساجون∪ ووعد بدخول السجاد المصري لأسواق جديدة خلال العام القادم مؤكدا أن قصة نجاح المجموعة بسبب انتماء وولاء العاملين بها بجانب الحرص الدائم علي التطور ومواكبة المتغيرات العالمية. هنا فرانكفورت ما ينطبق علي هانوفر ينطبق تقريبا علي معرض هوم تسكتيل للمفروشات في فرانكفورت حيث حرصت 40 شركة مصرية كبري علي البحث عن مشترين جدد والإبقاء علي الوكلاء السابقين في ظل منافسة شرسة جدا يشهدها قطاع المفروشات في العالم ويتسيده بعض دول شرق آسيا. قال سعيد أحمد رئيس المجلس التصديري للمفروشات إن صادرات مصر من الغزل والنسيج تصل إلي 2/5 مليار دولار ونحتاج إلي أن نصل بها إلي 5 مليارات دولار خلال عامين.. وأكد أن الجناح المصري شهد هذا العام تقدما كبيرا من حيث عدد الزائرين له والصفقات التصديرية التي وقعتها الشركات مع الشركات المستوردة، موضحا أن هذا التقدم يأتي في ظل التغيرات الكبيرة التي تطرأ علي مناخ الاستثمار في مصر والتي أعطت ميزة تنافسية للصادرات المصرية داخل الأسواق العالمية وأوضح رئيس المجلس أن الصناع ناقشوا الأسباب الرئيسية التي أدت إلي تراجع القطن المصري وعلي رأسها عدم زراعة القطن قصير التيلة في مصر مما يدفع الصناع إلي استيراد احتياجاتهم من الخارج مشيرا إلي أن القطن قصير التيلة يمثل نسبة 98٪ من حجم المنتجات القطنية علي مستوي العالم وقال إن مصر تمتلك مساحات شاسعة من الصحراء في مناطق الصعيد ويجب أن يتم استغلالها في الزراعة؛ مضيفا أن مصر تستورد قطناً قصير التيلة بما يوازي إنتاجية 400 ألف فدان، ومن الطبيعي أن هذا تقليص حجم استيراد يجب أن يتم بالتوجه نحو تغير السياسة الزراعية اتبعه حاليا والبدء في زراعة القطن قصير التيلة وسوف يتحقق ذلك من خلال التعاون بين الصناع ووزارة للزراعة ومركز البحوث والإرشادات وقال إن أحد أهم التحديات التي تواجه الصناعة الوطنية هو ارتفاع سعر القطن طويل التيلة والذي يصل سعر القنطار إلي 3000 جنيه بينما يصل سعر القنطار من القطن قصير التيلة إلي 1500جنيه كما طالب رئيس المجلس الحكومة بتوفير 40 مصنعاً جديداً للغزل والنسيج متعهدين بتشغيلها خلال عام وتوفير أكثر من 10 آلاف فرصة عمل.. وعقد رؤساء وممثلو 40 شركة مصرية تمثل قطاعات الغزل والنسيج والمفروشات علي هامش مشاركتها في معرض هايميتكتيسل الدولي اجتماعا وأطلقوا مبادرة الزراعة من أجل التصنيع والتصدير مطالبين الدولة بسرعة حل المشاكل والمعوقات التي تعوق الانطلاقة الكبري لصناعه المنسوجات واستعادة ريادتها. ومن جانبه أكد.. د.أحمد مصطفي رئيس الشركه القابضة للغزل والنسيج أن الطفرة التي شهدتها صناعة الغزل والمنسوجات خلال العام الماضي ترجع إلي التعاون ما بين القطاع الخاص والعام. وأضاف أن الفرصة قائمة للشركات المصرية للوصول إلي العالمية. وقال اطلقنا خطة لتطوير الشركات حيث تم التعاقد علي 100 ماكينة حديثة يتم تزويد المصانع بها العام الحالي حتي يستطيع قطاع الأعمال استعادة دوره مشيرا إلي أن أهم المشاكل التي تواجه القطاع نقص إنتاجية القطن والمساحات المزروعة وسعر البيع الذي يمثل أهم العقبات مؤكدا أن الصانع المصري لا يستطيع أن ينافس في ظل سعر للقنطار يتراوح ما بين 3000 إلي 4000 جنيه للقنطار. وقال إن هناك خططاً بديلة تم طرحها علي الدولة ممثلة في وزارة الزراعة وتتمثل في تغيير أسلوب جني القطن من اليدوي إلي الآلي بما يخفض من تكلفة سعر بيع القنطار بنسبة 25٪ ، الأمر الذي يزيد من تنافسية القطن المصري وفي نفس السياق طالب بانتقاء بذور مستنبطة حديثاً لمضاعفة الإنتاجية. ودعا إلي صدور قرار سيادي بتخصيص قطعتي أرض علي مساحة 300 ألف متر لإقامة مصانع للغزل تكون مجهزة بأحدث الأساليب الإنتاجية الحديثة بما يمكن مصر من المنافسة في السوق العالمي. وقال إن الاستثمارات الجديدة ستوفر نحو 100 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وقال إن الزيادات التي طرأت علي أسعار الطاقة رفعت من التكلفة الأمر الذي يتطلب توفير أراضٍ صناعية بأسعار غير مبالغ فيها فضلا عن رفع رقم قيمة المساندة التصديرية والذي لم يزد عن 2,6 مليار جنيه بما يعادل 150 مليون دولار مشيرا إلي أن المردود علي هذا المبلغ الضئيل بلغ 22 مليار دولار، وهو ما يعني جدواه ضاربا مثالاً علي الصين التي رفعت نسبة المساندة التصديرية إلي 16٪ وكذلك بنجلاديش التي قفزت صادراتها بعد زيادة الدعم إلي 35 مليار دولار في حين أن صادرات مصر من المفروشات المنزلية لم تتعد نحو ال 2,5 مليار دولار. وقال إن العام الحالي تشارك 40 شركة فقط في المعرض وأنه من المستهدف زيادة عدد الشركات إلي 100 شركة حال تحققت الأهداف السابقة وسرعة صرف متأخرات المساندة التصديرية واستمرار دعم المعارض لكل الصناعات وليس فقط الصغيرة والمتوسطة. وأضاف أن الهند أطلقت خطة منذ عشر سنوات لزراعة القطن قصير التيلة بغرض التصنيع ونجحت في أن تصل بعدد المغازل حاليا إلي 60 مليون مغزل في الوقت الذي لم يزد فيه عدد المغازل في مصر عن 2 مليون مغزل. من جانبه قال المهندس حمدي الطباخ نائب رئيس المجلس التصديري أن المرحلة الحالية تتطلب تنسيقاً كاملاً بين وزارات المالية والزراعة والصناعة لتنفيذ خطة إعادة هيكلة صناعة الغزل والنسيج من خلال توفير القروض. بأسعار فائدة مميزة تتراوح ما بين 10−12٪ بدلا من الفوائد الحالية التي تزيد فيها سعر الفائدة عن 22% وأشار الطباخ إلي أن صناعة الغزل والنسيج من ضمن الصناعات كثيفة العمالة وهي من الصناعات التي تعد قاطرة في الصناعة ويمكنها المساهمة بقوة في مضاعفة الرقم التصديري المصري بشرط حل مشاكل القطاع ووضعها علي الخريطة العالمية للتصدير بصورة أكبر. من جانبه قال وليد الكيلاني وكيل المجلس التصديري للمفروشات إن تأخير صرف رد الأعباء لأكثر من عام ونصف العام أدي إلي حدوث مشاكل في المصانع الأمر الذي يتطلب تدخل الحكومة وسرعة إعادة جدولة المستحقات المتأخرة لتستطيع المصانع زيادة خطوط الإنتاج والدخول في منافسة قوية وطالب الكفراوي بالاهتمام بالتعليم الفني والتدريب لتوفير عمالة فنية تستطيع التعامل مع الميكنة الحديثة في مصانع الغزل بصفة عامة ومصانع الغزل والنسيج بصفة خاصة والتي تعاني من تقص العمالة المدربة. وقال إن ثلث حصيلة صادرات قطاع المفروشات تضيع علي استيراد غزول مستوردة وقال د. ماجد مرزوق أحد كبار مصنعي المنسوجات إن ارتفاع تكلفة القطن أدت إلي استيراد الأقطان وهو ما أدي إلي أن 90٪ من المفروشات في مصر بغزول مستوردة وقال إن المشكلة رغم التعويم تتمثل في ارتفاع أسعار الخامات وأشار إلي أن وزارة الزراعة مطالبة الآن بالسماح باستخدام بذور وأصناف جديدة للزراعة في مصر لزيادة إنتاجية الفدان.