تشرب حب الوطن منذ نعومة أظفاره.. ظل يحلم بالدفاع عن ترابه ورفع رايته في مواجهة أعدائه.. كره طيور الظلام دون أن يدرك أنه سيقف في مواجهتهم يوما ما وأنه سيقود معركة شرسة معهم يحمي بها أفراد كتيبته ويقتل 12 منهم وهو مصاب قبل استشهاده ليلقي ربه راضيا مرضيا وترتسم علامات البهجة علي وجهه ويطلق عليه الشهيد البطل الضاحك. البسمة التي انطبعت علي وجهه كانت اشارة واضحة بأن خير أجناد الأرض قادرون علي حماية تراب الوطن علي مر العصور ويلقون ربهم فرحين بما أعده لهم من نعيم مقيم. انه البطل الشهيد عبد الرحمن محمد متولي 22 سنة والشهير بعبده متولي.. ورغم استشهاده منذ عامين في شهر رمضان الا أن شجاعته وبسالته جعلت قصة استشهاده محفورة في ذاكرة الجميع. الشهيد ينتمي لأسرة مصرية مكافحة تقطن بمسكن متواضع بمدينة المنصورة.. والده كهربائي معمار ووالدته ربة منزل وهو أصغر اشقائه الثلاثة. يقول والده: عبد الرحمن كان شعلة من النشاط وكان مليئا بالأمل والطموح كما كان يعتمد علي نفسه دائما حيث كان يعمل في اجازات الصيف منذ صغره ولم يكن عبئا علينا علي الاطلاق ففور تخرجه من الكلية التكنولوجية بالمحلة لم ينتظر الوظيفة الميري ومجرد الانتهاء من امتحانات السنة النهائية خرج للبحث عن عمل والتحق بالفعل بعمل خاص حتي جاء ميعاد تجنيده فتوجه علي الفور لمنطقة التجنيد والتحق بالجيش كمجند بالاسماعيلية ثم انتقل بعد ذلك لشمال سيناء بمنطقة الشيخ زويد ولم نكن نعلم ذلك. ويسترجع الأب تلك اللحظات وهو يغالب دموعه عندما أخبره ابنه البطل الشهيد عبد الرحمن بأنه انتقل لسيناء وطلب منه عدم اخبار أمه حتي لا يسبب لها ذلك حالة من القلق الدائم عليه ويستطرد: عبد الرحمن كان فرحا بالخدمة في ارض الفيروز وقال لي : نحن هنا ندافع عن الوطن.. لا تقلق فاما أن نكون رجالاً علي مستوي مسئولية حماية هذا الوطن واما لا نكون وأنت علمتني وعودتني أن اكون رجلا منذ صغري لذا لن أتخلي عن واجبي. ويضيف الوالد: حكي لي زملاء عبدالرحمن وقائده قصة استشهاده: ان مجموعة ارهابية حاولت مهاجمة كمين أبو رفاعي من خلال عربة يشتبه في حملها مواد متفجرة ولكن افراد وضباط الكمين تصدوا لهم علي الفور والحقوا خسائر كبيرة في صفوفهم وعندما فشل الارهابيون في اقتحام الكمين قام قائد السيارة المفخخة بتفجيرها مما اسفر عن استشهاد الابطال الذين اعترضوا طريقها. ويقول والد الشهيد: لازالت كلمات زملاء ابني وقائده ترن في أذني وأحفظها عن ظهر قلب حيث قالوا لي : أن عدد التكفيريين الذين اقتربوا من الكمين كان كبيرا وأن أفراد الكمين لم يتجاوز 17 فردا إلا انهم استطاعوا مواجهتهم وصد الهجوم بمنتهي البسالة والشجاعة وكان في مقدمتهم ابني الشهيد البطل المجند عبد الرحمن الذي كان يقف بجوار قائده في المعركة وأصيب بطلق ناري في الجانب الأيمن ورفض الشهيد الاستسلام وقال لقائده بكل ثقة : يا فندم أنا هكمل وبدأ بالفعل التعامل مع الإرهابيين حتي تمكن البطل من قتل 12 تكفيريا بمفرده وبمنتهي الاحترافية قبل ان يتلقي رصاصة غدر في رأسه ويستشهد في الحال وهو صائم. أما أمه ست الدار رجب أحمد السيد فتضيف : لا زلت أذكر وأحفظ أيضا قصة استشهاد ابني التي حكاها والده لكم الآن وأفتخر بها وأردد دائما : أنا أم البطل» لم أجد ابنا في رجولة وشهامة عبد الرحمن وحنيته كان الأقرب لقلبي وكنت دائما قلقة عليه لكنه نال الشهادة واستشهد وهو يبتسم فأطلقوا عليه الشهيد الضاحك. صلي عليه الآلاف وأطلق اسمه علي مدرسته وعلي وكالة المنصورة التي كان يعمل بها والشارع الذي نقيم فيه لكن الأهم أن اسمه سيظل محفورا في قلوبنا وعلي أرض هذا الوطن. وتضيف: الشهيد عبد الرحمن كان يشعر بما هو قادم فكتب علي صفحته في اجازته الأخيرة : »يالا بقي الاجازة خلصت.. ويعالم هنيجي تاني ولا لأ» وأفصح لي برؤياه : بأن هناك ناس كتير بتصلي عليه في جامع المنصورة الكبير والعديد من أهله وأقاربه وأصدقائه وكان مستغربا من مجئ هذا العدد الكبير. أما شقيقاه محمود وعادل فيعربان عن فخرهما بشقيقهما الذي دافع عن تراب الوطن ويؤكدأن أنه أصبح نموذجا ومثلا لكل أصدقائه وأن قصة استشهاده تكون حاضرة دائما عندما يلتقون.. ويشيران الي أن الشهيد كان يهوي الفن التشكيلي وكانت أمنيته الالتحاق بكلية الفنون الجميلة لكنه أشفق علي أبي من مصاريف الدراسة والاقامة بالقاهرة حيث لم تكن هناك كلية للفنون الجميلة وقتها بجامعة المنصورة.