المؤسسة العسكرية بوتقة لصهر وتنقية معادن الرجال ومصنع للأبطال ومدرسة اخلاقية لتجسيد قيم الرجولة والبطولة بلا حدود وهي قيم عظيمة وخصال حميدة انتقلت الي ارض القتال وليس غريبا ان يقدم أفرادها حياتهم دفاعا عن الوطن والمواطنين في تصديهم للإرهابيين ودفع شرورهم ومخاطرهم في ملاحم اسطورية سطروها بدمائهم الذكية التي سالت علي تراب الوطن. من بين الابطال الذين سالت دماؤهم علي ارض سيناء الشهيد الجندي عبدالرحمن محمود عبدالشافي ابن قرية ترسا بمركز سنورس بمحافظة الفيوم اشتهر الشهيد بين أهالي قريته بالشجاعة والإقدام، ومنذ طفولته وهو يحمل المسئولية مع والده ويعرف أنه أكبر أشقائه وكان دائم النصح والإرشاد لهم، عقب تخرجه في المعهد الفني الصناعي التحق بالقوات المسلحة وبعد انتهاء فترة التدريبات الاولية انضم لسلاح المشاة ومنه لإحدي الكتائب العاملة في سيناء. صفحة الفيس بوك الخاصة به كانت تحمل عبارة كتبها بنفسه »استشهد من قبلي وأنا انتظر الشهادة»، وما أن لبث شهرًا حتي استشهد بعدما طلب قائد الكتيبة أحد الأفراد للخروج معه للتتميم علي الخدمات وأصر الشهيد علي الخروج مع الضابط حتي استشهدا برصاصات الغدر والإرهاب في السادس من شهر مارس العام الماضي. يقول محمود عبد الشافي محمد »محام» والد الشهيد عبد الرحمن، مر علي استشهاد نجلي عام و 5 أشهر وكأنه استشهد الآن فهو معي في كل الأوقات ولم يفارقني لحظة واحدة، حتي غرفته تركتها كما هي لم يدخلها أحد الا للتنظيف، وصوره موضوعة في مكانها كما كان يتركها الشهيد البطل، مشيرًا إلي أن نجله الشهيد كان يؤدي خدمته العسكرية في العريش لمدة عام ونصف العام وكان ينتظر الانتهاء منها بعد 6 أشهر ولكن القدر حال دون ذلك، مشيرًا إلي أنه تلقي نبأ استشهاده كالصاعقة يوم 3-يونيو - من العام الماض عقب مكالمة هاتفية تلقاها من أحد الضباط بالكتيبة وكان وقتها يتناول طعامه الذي سقط من يديه وانخرط في البكاء. وتابع »عبد الرحمن» كان يتسم بالشجاعة والإقدام فلم يطلب منه الخروج في المهمة التي استشهد فيها فقائد الكتيبة عرض الأمر علي أفرادها بأن يخرج معه أحد الجنود في مهمة التتميم علي الكمائن وأول من لبي النداء الشهيد عبد الرحمن وأصر أن يخرج مع قائده حمل سلاحه و جهاز اللاسلكي في يده وخرجا معاً في منتصف الليل وأثناء سيرهما خرج عليهما مجموعة من الإرهابيين وألقوا بعبوة ناسفة استشهد علي أثرها قائده برتبة ملازم اول ويدعي حامد وأصيب »عبد الرحمن» بخدش في الرأس وقاوم حتي حضرت سيارة الإسعاف وعلي متنها 4 أشخاص ثلاثة منهم رجال اسعاف والسائق وأثناء قيامهم بنقل نجلي والضابط الشهيد الي السيارة خرج عليهم الإرهابيون مرة ثانية وأطلقوا علي الجميع وابلا من الأعيرة النارية واستشهد ابني ورجال الاسعاف وليموت مرفوع الرأس ويحقق ما تمناه عقب جملته الشهيرة علي صفحته بموقع التواصل الاجتماعي »فيس بوك» »استشهد من قبلي وأنا انتظر الشهادة». وقال »ابني مات بطلا بعدما أصر علي الخروج مع الضابط فهذا هو طبع عبد الرحمن الشجاعة والإقدام وعدم مهابة الموت». ويشير إلي أن الشهيد تواصل معه تليفونيا قبل استشهاده بيوم واحد وطلب منه الدعاء له، ولكنه استشهد بطلا جسورا مغوارًا، واستطرد الوالد . عبدالرحمن اكبر اخوته وكان كبيرا في كل شيء وذراعي اليمني، وكان يقف معي في ورشة التطريز الخاصة بنا كل إجازة لايمل ولايتعب يعمل بدون راحة وكان من المقرر عقد قرانه علي فتاة من العائلة عقب انتهاء خدمته ولكنها مشيئة الله، فنجلي كان حريصا علي الشهادة وطلبها واستجاب له الله سبحانه وتعالي. ويضيف أن الإسلام بريء القتلة والإرهابيين كل البراءة فكافة الأديان حرمت قتل النفس، مؤكدًا أن الدولة وقفت بجوار الشهداء وأطلق المستشار وائل مكرم محافظ الفيوم السابق اسم الشهيد علي مدرسة ابتدائية بقريته ترسا بمركز سنورس. اما والدة الشهيد صباح عبد الفتاح هاشم فقالت إن نجلها رزقه الله سبحانه وتعالي بالشهادة التي كان يتمناها، مشيرة إلي أن عبد الرحمن كان بارا ومطيعا لأهله ولا يثير المشاكل، ولم يغضبنا أبدًا، وكان محبوبا من الجميع ويتمتع بسيرة طيبة ويوم استشهاده مر علينا وكأنه يوم القيامة لفقداني فلذة كبدي ابني الأكبر الذي كان علي وشك إنهاء خدمته العسكرية تمهيدًا لبدء حياته، ولكن القدر وإرادة الله نفذت، ونحتسبه عند الله من الشهداء. ويشير شقيقه محمد أن الشهيد عبدالرحمن كان اكبرهم وله من الشقيقات هبة وأسماء وفاطمة والشهيد من مواليد شهر يناير عام 1993 وحصل علي مؤهله عام 2012 والتحق بسلاح المشاة وقالت إن محافظ الفيوم السابق المستشار وائل مكرم منح والدي ووالدتي تأشيرتي حج العام الماضي، تقديرًا للشهيد البطل الذي اشتهر بالشجاعة والإقدام وكان يريد أن ينال الشهادة وكتبها الله له كما تمناها، بالإضافة إلي سيرته الحسنة وسمعته الطيبة بين أبناء مركز سنورس بالكامل، يشهد علي ذلك الجموع التي خرجت في جنازته حزنًا عليه.