يأتي اهتمامي بضرورة وقف التجاوزات والخروج عن المباديء والقيم والاداب العامة في البرامج الحوارية بالقنوات التليفزيونية تأكيدا لحرصي علي حرية التعبير من اجل اثراء الحياة السياسية والمجتمعية بما يدعم مسيرة الديمقراطية التي مازالت تحبو في بلدنا. يدفعني إلي هذا الاهتمام خشيتي من ان يؤدي استمرار عدم الانضباط إلي تشكيل رأي عام يقود إلي اتخاذ قرارات سلبية تؤثر علي مناخ الحرية الذي نتمتع به حاليا في مجالات الاعلام المرئي والمقروء. لقد عبرت عن هذا الهاجس في مقالي يوم الجمعة الماضي تحت عنوان »سقطة في حق مصر « والذي تناولت فيه ما جري في حلقة شوبير ومرتضي في برنامج »مصر النهاردة« الذي يقدمه التليفزيون الرسمي للدولة.استنكرت ما تم تبادله من اسفاف وابتذال واستخدام لألفاظ واتهامات خارجة ومؤسفة. طالبت بحتمية تفعيل ميثاق الشرف الاعلامي لمنع تكرار مثل هذه السقطات في القنوات التليفزيونية . ان الملايين وللاسف يشاهدون مثل هذه البرامج مع افراد أسرهم حيث يجدون أنفسهم وهم جالسون في بيوتهم ضحايا لهذا الكمين الاعلامي غير الاخلاقي والمشين. كان من الطبيعي وفي اطار غيرتي علي سلامة الاداء الاعلامي أن تجذبني هذه الحلقة النقاشية التي استضافها برنامج »العاشرة مساء« في قناة دريم الخاصة والذي تقدمه الاعلامية اللامعة مني الشاذلي. اعجبني واثارني اصرارها علي ضرورة ان يكون هناك حساب ومساءلة لاي تجاوزات تمس القيم والاخلاق والمصلحة الوطنية في البرامج الحوارية بالقنوات التليفزيونية ال »Talk Show« قالت انه ليس هناك اي تناقض بين ممارسة حرية التعبير علي اوسع نطاق وضرورة ان يكون هناك التزام بهذه المباديء. في نفس الوقت طالب الزميل وائل الابراشي رئيس تحرير صحيفة »صوت الامة« ومقدم أحد البرامج الحوارية في قناة دريم بأن يتولي الاعلاميون اعداد ميثاق للشرف بانفسهم بعيدا عن اي تدخلات حتي يكون معبرا عن مصالحهم . انه لا يمانع من ان يتضمن هذا الميثاق تشكيل لجان تأديب للنظر في التجاوزات وفرض العقوبات الواجبة في هذه الحالة. ورغم تأييدي لهذا المطلب إلا ان ما جاء في كلامه عن وجود حالة تربص بالاعلاميين ورغبة في وقف انفتاحهم علي الحرية والديمقراطية يجعلني اقول له انه يبالغ في تقديره وتوقعاته للموقف بصورة تناقض ما يجب ان يتمتع به من ثقة بعيدا عن الاثارة. ان شعوره بالخوف لا مكان له مادام يؤدي واجبه الاعلامي بدون أي تدخل مع مراعاة الامانة والمصداقية والتجرد وواضعا نصب عينيه المصلحة الوطنية وهو امر يخضع لضميره ولحكم الناس . لابد من التخلي عن التعصب للاعتقاد الذي يجري الترويج له بأن اي رأي يقال مهما كانت طبيعته وتجاوزاته انما يدخل في اطار حرية التعبير والتعامل مع هذه القضية علي اساس نظرية المؤامرة .. نعم قد يضيق بعض المسئولين في الدولة بما يدور في بعض البرامج الحوارية من صراحة ولكن لا اعتقد باي حال ان تكون هناك اجراءات تتسم بالتعسف إذا ما أعتمدت علي الحقائق الدامغة والمقنعة وعلي عفة اللسان والنقد البناء البعيد عن الاثارة والعصبية والتطاول. لا جدال ان مسئولية الحفاظ علي هذا القدر من حرية التعبير الذي يتمتع به الاعلام المرئي تقع علي عاتق الالتزام بكل هذه المباديء التي تعد ركيزة اساسية في ميثاق الشرف الاعلامي. جلال دويدار [email protected]