دفع حماس الرئيس الامريكي باراك اوباما منذ الايام الاولي له للسلطة لتنشيط التفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين و التوصل الي تسوية للصراع , دفع هذا الحماس الخبراء والمتخصصين في الشرق الأوسط، وكان من ابرزهم زبجنيوربرجنسكي مستشار الامن القومي في عهد كارتر الي اقتراح ان يقدم الادارة الجديدة مشروعا مجددا للسلام الي الفلسطينيين والاسرائيليين تصنع فيه تصورها لقضايا التسوية . غير ان ادارة اوباما فضلت ان تلجأ في البداية الي ان تعمل كوسيط وك (Facilitator ) يجمع الجانبين الي التفاوض، وكأداة لذلك عين اوباما شخصية امريكية هي جورج ميتشل لكي يقوم بالتدخل بين الفلسطينيين والاسرائيليين لاحياء عملية التفاوض - غير ان جهود السنة الاولي لادارة اوباما في هذا الشأن وصلت الي طريق مسدود وكان التحدي الاسرائيلي من اهم اسباب هذا التوقف وبناء وتوسيع المستوطنات من اهم اسباب هذا التوقف، الوضع الذي هدد بان يبدو اوباما قد فشل في احدي السياسات التي التزم بها عند مجيئه. ربما كانت هذه النتيجة هي التي حركت الادارة الي البحث عن ادوات جديدة، وكان من بينها الرجوع الي ماسبق ان اقترحه عدد من الخبراء من ان تقدم الادارة خطة مجددة تضعها امام الجانبين وتطالب بتنفيذها.. ووفقا لتقارير امريكية، فقد التقي مستشاري الامن القومي الامريكي السابقون مثل الجنرال برنت سكوكرفت، وزبجنيوربرجنسكي وصامويل برجر، وكان من بين القضايا المطروحة للنقاش في هذا اللقاء - الذي فاجأه اوباما بالحضور - هو بحث امكانية تقديم خطة للسلام في الشرق الأوسط - ووفقا لهذه التقارير فقد ناقش سكوكروفت هذا المشروع من وجهة نظر المصالح الامنية الامريكية وعلاقاتها بالعالم العربي , واعتبر ان امريكا وحدها هي التي تستطيع ان تكسر دورة عدم الثقة والعنف بين الفلسطنيين والاسرائيليين و التي حالت بينهم و بين التوصل الي تسوية . و لم يختلف احد من الموجودين حول المائدة مع هذا التصور، حيث وافق معظمهم علي ان الاسرائيليين و الفلسطينيين اذا ما تركوا لانفسهم لن يتوصلوا الي اي اتفاق، و ان كان احد الحاضرين و هو الجنرال كولن باول، قد نصح بالحذر وان الادارة يجب ان تكون مستعدة بخطة اولي و ثانية اذا ما تراجع احد الجانبين في النزاع عن الخطة الامريكية .. ومع هذا فقد ظهرت من النقاش بعض الخطوط العامة لهذا المشروع الامريكي اولها ان الفلسطينيين يجب ان يتقبلوا انه لن يكون هناك حق عودة للاجئين عام 1948 الي ما اصبح دولة اسرائيل , و لذلك عليهم ان يتقبلوا نوعا من الحل الوسط , اما العنصر الثاني للخطة فهو ان الجانبين يجب ان يتقبلوا ان يقتسموا القدس و ان يقيم الفلسطينون عاصمتهم في الشرق، واسرائيل في الغرب , و ان يتوقع كلاهما نوعا من الاتفاقية الدولية حول كيفية اقتسام المواقع المقدسة في المدينة القديمة، وثالثا فإن علي اسرائيل العودة الي خطوط عام 1967 قبل ان تستولي علي القدسالشرقية والضفة الغربية في حرب الايام الستة و ان تعطي وتأخد بعض المستوطنات والاراضي المتبادلة، ورابعا فان الاممالمتحدة و الناتو يجب ان تضمن لاسرائيل بعض الضمانات الامنية التي قد تتضمن و ضع قوات علي نهر الاردن للتخفيف من المخاوف الاسرائيلية من اي بلدان معادية قد تستخدم الدولة الفلسطينية كرأس حربة لمهاجمة اسرائيل، وخامسا فان الدول العربية مثل السعودية يجب ان تعترف باسرائيل . هذه العناصر التي طرحها النقاش الدائر حول مشروع الخطة الامريكية يذكرنا بعناصر خطة سبق لزيجنيور برجنسكي ان اقترحها في مقال له في مجلة »Foreign Affairs« عدد يناير 2010 تحت عنوان " هل يتحول اوباما من الامل الي الجرأه " في هذا المقال ، ومما يخص الصراع الفلسطيني الاسرائيلي , اقترح برجيسكي العناصر التالية لخطة امريكية للسلام في الشرق الأوسط : لا ينبغي منح اللاجئين الفلسطينيين حق العودة الي مايسمي الان اسرائيل , لانه من غير المتوقع ان تقبل اسرائيل الانتحار من اجل السلام, وانما يجب اعادة توطين اللاجئين داخل الدولة الفلسطينية مع التعويض ببعض تعبيرات الاسف والندم عن معاناتهم وهو ما سيصعب استيعابه من جانب الحركة الوطنية الفلسطينية ولكن لا يوجد بديل اخر.. ان تكون القدس عاصمة مشتركة بين الدولة الفلسطينية و الاسرائيلية، حيث ستكون القدسالغربية عاصمة لاسرائيل والقدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وتكون المدينة القديمة تحت بعض الترتيب الدولي.. التوصل الي تسوية علي اساس حدود 1967 مع بعض المقايضات تسمح للمستوطنات الكبيرة ان تكون مجمعة داخل اسرائيل دون اي خفض اخر من اراضي الدولة الفلسطينية .. التزام الولاياتالمتحدة و الناتو بوضع قوات علي طول نهر الاردن , فمثل هذا التحرك من شأنه تقوية امن اسرائيل مع عمق استيراتيجي وسوف تقلل مخاوف اسرائيل ان دولة فلسطينية مستقلة قد تصبح في يوم ما منطقة لهجوم عربي علي اسرائيل. وقد اعاد بيرجيسكي مؤخرا تأكيد هذه العناصر ( راجع جريدة الشرق الأوسط 13/ 4 / 2010) مقترحا، ان يقوم اوباما بزيارة يخاطب خلالها الشعب الاسرائيلي من الكينيست، والفلسطيينين من خلال المجلس التشريعي . هذه هي العناصر التي اقترحت حتي الان لخطة سلام امريكية , وهي عناصر ليست جديدة واذا كان وزير الخارجية الامريكي الاسبق كولن باول قد اقترح ان يكون لدي الولاياتالمتحدة خطط بديلة في رفض الجانبين او احدهما للخطة المطروحة , فاننا نضيف انه علي ادارة اوباما عليها ان تسأل فيما ستفعله اذا ما رفض نتنياهو بوجه خاص عناصر اي خطة امريكية، وماهي الاجراءات التي يمكن ان تلجأ اليها الادارة في مواجهة هذا الرفض الاسرائيلي ؟ .