في هذا الباب نكشف القناع عن الوجه الآخر للشخصيات التي اعتدنا رؤيتها في ثوب واحد .. نتعرف علي الأفكار والهوايات وتفاصيل الحياة الطبيعية التي تختفي خلف أقنعة المنصب .. أو خلف الظروف التي تفرضها طبيعة العمل .متفائل لأنني أثق في شعب مصر العظيم وبما يستطيع تحقيقه مهما كان التحدي وانه قادر بإرادته القوية علي تنفيذ المستحيل ولعل افتتاح قناة السويس الجديدة في زمن قياسي خير دليل علي عبقرية وتفاني الانسان المصري الذي يؤكد ان اجداده هم الفراعنة وكم كنت سعيدا بهذا الانجاز الذي يصل إلي حد الاعجاز والذي يجسد الارادة السياسية الواعية المستنيرة المخلصة وقدرة المصريين في مواجهة الصعاب لتحقيق أكبر المكاسب ليس فقط لمصر وانما للعالم أجمع. هذه الكلمات جاءت علي لسان حمدي الكنيسي رئيس الاذاعة الاسبق ورئيس مجلس ادارة مجلة الاذاعة والتليفزيون والخبير الدولي في الاعلام باليونسكو ومستشار اعلامي لمصر في انجلترا او الهند وامين عام مهرجان الاذاعة والتليفزيون لعدة دورات وعضو مجلس الشعب لبرما بطنطا واستاذ بكلية الاعلام ومعهد الاذاعة والتليفزيون وعضو لجنة الخمسين للصياغات التشريعية له 14 كتاب ما بين سياسية وعسكرية ورياضية وروايات قصيرة للطفل، وحصل علي 15 جائزة أهمها وسام الدولة للعلوم والفنون من الدرجة الاولي وسام الجمهورية، 4 دروع للتفوق الاعلامي والابداع وجائزة أحسن كتاب «الحرب طريق السلام»، وتولي رئاسة قناة المحور الفضائية. هو أصغر اشقائه البالغ عددهم 6والدتي سيدة ريفية بسيطة تعلمت منها الاخلاص والتفاني في العمل وكانت تدعو لي دائما «ربنا مايحوجك لأحد.. ويحبب فيك خلقه» وكان لابي دور كبير في ان اكون «كاتباً» عندما كان عمري 11 عاما كتبت قصة قرأها وقال ممكن تكون قصة جيدة اذا كنت تريد ان تكون كاتبا عليك بالقراءة ونصحني اطلع علي الكتب في مكتبات المنزل وعددها 3 وبالفعل قرأت مجلة الرسالة للكاتب محمد حسن الزيات الذي كان والدي يجمع اعدادها ويضعها في مجلد ويوقع اسمه محمد علي الكنيسي باللون الذهبي وعلمني القراءة الادبية الحقيقية. ونصحني والدي بالقراءة «لنجيب محفوظ» ويوسف السباعي ويوسف ادريس وطه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم وغيرهم. وعندما بلغت إلي 15 عاما ظهرت موهبتي في الكتابة ونشرأول مقال لي في الجمهورية وكانت فرحتي هائلة باسمي في الجريدة وهاجمت فيه وزير خارجية امريكا بعنوان «لايامستر دالاس» واشتركت في مسابقة اختيار من يمثل جامعة القاهرة في القصة في اسبوع شباب الجامعات وقدمت 3 قصص وكان عمري 16 سنة وكنت في آداب القاهرة قسم اللغة الانجليزية وكانت المفاجأة فزت بالثلاثة مراكز الاولي في القصة واعتبر د.رشاد رشدي فوزي انتصاراً علي كلية دار العلوم ونشر احدي قصصي الفائزة في مجلة صباح الخير «الحب الضائع» ثم قدمني الكاتب محمد عبدالحليم عبدالله «مجمع اللغة العربية»، في ندوة كبيرة في نادي القصة واشاد الجميع بموهبتي القصصية ولغتي العربية الرصينة منهم نجيب محفوظ الذي دعاني لأحضر ندوته الشهيرة «في مقهي الريش» وتعلمت منه الحرفية في كتابة القصة وتأثرت ايضا بالشاعر احمد عبدالمعطي حجازي. من المواقف التي لا انساها في حياتي سوء العلاقة بيني وبين استاذي د.رشاد رشدي الاشتراكي في ندوة ادبية وتأييدي للدكتور محمد مندور في وجهة نظره المتناقضة مع وجهة نظر «رشاد رشدي» لانني في سبيل المبدأ لا افكر في اي مصلحة شخصية وحرصت علي هذا منذ صغري ودفعت ثمن ذلك كثيراً. وعندما كان عمري 20 سنة نجحت في اختبارات الاذاعة من خلال مسابقة وعملت قارئ نشرة اخبار في البرنامج العام ولانني كاتب قصة كنت أري في اعداد وتقديم البرامج نوعا من الابداع الفني وشاركت في تقديم البرامج الثقافية ثم انتقلت لصوت العرب لان رسالتها كانت تتفق مع فكري القومي العروبي ثم تطوعت للعمل كمراسل حربي للاذاعة في حرب اكتوبر 1973 وكانت هذه مرحلة مهمة في حياتي لانني عشت وسط المقاتلين الذين كانوا مستعدين للتضحية بأرواحهم دون أي مقابل ورأيت بنفسي عبقرية الانسان المصري في التخطيط وشجاعته المذهلة في التنفيذ ومواجهة التحدي والموت في سبيل الوطن. كان لي برنامج «صوت المعركة» جعلهم في اسرائيل يشكلون لجنة لدراسة اسباب انتصار البرنامج المصري المعادي لاسرائيل وعندما علم الرئيس «السادات» بذلك قال لوزير الاعلام د.جمال العطيفي هل يتم تكريم حمدي الكنيسي أم أنه كأي مذيع آخر! واستدعاني الوزير وأبلغني انه سيتم ترقيتي ب2 درجة استثنائية فرفضت ذلك وقلت له انني لم أذهب للحرب كمراسل حربي كصفقة انتظر بعدها الجائزة أو الترقية أو التكريم بدليل أنني تعرضت للموت عدة مرات وقلت له ان اردت تكريمي فنحن نحتاج لنقابة للاذاعة والتليفزيون وكان موقفي هذا مفاجأة للوزير الذي ظل يحكيها لكل القيادات الاعلامية رضائي عن نفسي ونجاح دوري الوطني والمهني وبرنامجي صوت المعركة وتأثيره القوي علي اسرائيل هو اكبر تكريم لي في عام 1974 نجحت كعضو مجلس ادارة النادي الاهلي ورئيس لجنة الثقافة والاعلام لعدة دورات. ونجحت في انتخابات مجلس الشعب عام 2000 حتي 2005 حققت لابناء دائرتي في برما بمركزطنطا الكثير من احتياجاتهم ومشاكلهم الحياتية وقمت بدوري التشريعي في جلسات مجلس الشعب وحاربني الحزب الوطني وابلغني امين عام الحزب في الغربية بأنه لن يسمح لي بالنجاح نهائيا في انتخابات 2005 . توفيت زوجتي منذ شهرين كانت نموذجاً جميلاً للام والزوجة في الاخلاق والجدية والاخلاص ساعدتني كثيرا في تربية بناتي خاصة انشغالاتي العديدة والمتعددة وتواجدي بالعمل منذ الصباح حتي ساعات متأخرة من الليل غرست فيهن التفوق ابنتي الكبيرة مها تعمل محررة في قناة المعلومات بالتليفزيون ولي حفيدان منها أميرة 18 سنة، احمد 15 سنة. لبني مدرسة بآداب القاهرة «لغة انجليزية» احفادي منها شادي 15 سنة، يوسف 10 سنوات احفادي جني 3 سنوات، عمر 6سنوات يعيشون معي ونجتمع اسبوعيا ألعب معهم كرة القدم التي اعشقها واتابعهم في الرسم واغرس فيهم حب القراءة لكن هوايتي المفضلة تظل دائما الكتابة والقراءة . ..وأشعر بالندم لانشغالي الكبير في العديد من المواقع القيادية في الاذاعة والعمل العام واتحاد الكتاب لان ذلك اثر كله علي انتاجي الادبي لانه يحتاج لتفكير وتفرغ ذهني لفترة كافية وارجو ان استأنف علاقتي بالكتابة القصصية والادبية. وأتذكر ان د.يوسف ادريس قابلني اثناء خروجي من مبني الاذاعة والتليفزيون بماسبيرو وكنت وقتها رئيس صوت العرب وعاتبني بشدة وقال لي انت فرحان بالكلام الذي يطير في الهواء ونسيت اننا توقعنا انك تكون «برناردو شو مصر» ولذلك أشعر بحنين قوي لأعود لكتابة القصص الدرامية وغيرها .