اصبت باحساس غريب وانا اتابع مناقشات لجنة التعليم بمجلس الشعب.. هذا الاحساب هو مزيج من الرعب و»القرف« الذي يصل الي درجة الغثيان.. لقد كنا نلمّح احيانا ان هناك فسادا وحتي عندما اعلن الدكتور زكريا عزمي منذ مدة في مجلس الشعب ان الفساد وصل للركب تصورنا ان ذلك علي سبيل المجاز وليس تصويرا للواقع وعندما اعلن مجلس الوزراء عن تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد تصورنا ايضا ان ذلك علي سبيل الاستعداد لمواجهة ظاهرة مستجدة ولكن مناقشات لجنة التعليم اكدت ان الفساد قد ترسخ ومد جذوره وثبت اركانه ووصل الي درجة »الفُجر« واللا مبالاة بل واللصوصية المكشوفة. 7.2 مليار جنيه قيمة المعونة الامريكية التي تلقاها قطاع التعليم في مصر لكي يستخدمها في تحسين الاوضاع المنهارة والواقع المتردي الذي جعل مدارسنا مراكز للجهل وجعل ابناءنا ضحايا التدني المفرط والانهيار الكامل للمنظومة التعليمية. هذا المبلغ اختفي.. وفشل المسئولون الذين حضروا الاجتماع في تقديم مستندات أو اوراق توضح للنواب اين انفقت هذه الاموال. انها مليارات وليست ملايين.. الشيء الذي لفت نظري وجعلني اصاب بما يشبه الحمي هو ما رد به مسئول التربية والتعليم في سياق كلامه من ان الوزارة انفقت 5.5 مليون جنيه لتدريب 841 مديرا.. تدريبهم علي اي شيء؟ لا احد يعلم تدريبهم اين؟ لا أحد يعلم وبحسبة سريعة نجد ان تدريب كل مدير من هؤلاء المديرين كلف الدولة 04 الف جنيه.. بالطبع الوزارة لم تمنح كل من حضر التدريب لا أربعين الفا ولا اربعة الاف ولا حتي 004 جنيه فأين ذهب الباقي .. لا جواب. كلام يقال وليس بمستبعد الذي اثق فيه ان الوزارة واقصد التربية والتعليم والوزارة الأخري وأقصد التعليم العالي سوف لن تستطيع ان تقدم لمجلس الشعب قائمة منطقية تحدد كيف صرفت هذه المعونة.. واقصد بالكلام المنطقي ان يكون كلاما مغايرا لما يقال من ان الوزارة انشأت اكثر من ثلاثة الاف مكتبة بالمدارس ونحن نعلم جميعا ان هذه المكتبات انما زودت بكتب القراءة للجميع وثمنها بالملاليم اين ذهبت المليارات ومن الذين سرقوها فالمؤكد ان معظمها قد سرق او تسرب عبر قنوات شبه شرعية لعدد من المسئولين في الوزارتين.. انا لا اتهم احدا فالمعونة ليست جديدة وانما قدمت منذ قرابة 5 سنوات وليس الوزيران الحاليان مسئولين عنها ولكنهما بالتأكيد مطالبان بمعرفة ما يجري في وزارتيهما.. اننا لم نحقق اللامركزية الكاملة بعد.. معني ذلك ان رأس كل افاعي الفساد موجودة في دواوين الوزارات. لقد رأينا منذ سنوات ما حدث في وزارة الثقافة.. واليوم نقف مبهورين من الغيظ امام ما يحدث في وزارتين المفروض فيهما ان يكونا اكثر امانة واكثر شرفا واكثر حرصا علي القيم والمثل والاخلاق والا فكيف نأتمن هاتين الوزارتين علي ابنائنا والمثل يقول ان فاقد الشيء لا يعطيه. ان اجتماعا للجنة الوطنية لمكافحة الفساد يجب ان يتحول الي عمل مخلص.. لا نريد من اللجنة اجتماعا للتصوير ولالقاء بيان من جوامع الكلم.. نريد عملا نريد ان تقدم لنا هذه اللجنة اللصوص الذين سرقوا اقوات الناس فهذه المعونة بمجرد وصولها لمصر اصبحت ملكا للمواطنين.. نريد اسماء ووقائع ونريد ان نعرف بالتحديد كم انفق من هذه المعونة علي الغرض الذي منحت من اجله وكم ذهب الي جيوب معدومي الضمير.. ان لصوص الادارة يجب الا يبقوا في اماكنهم يوما واحدا ويجب احالة كل من امتدت يده للمال الحرام الي النيابة مع مصادرة كل ما نهبه وكتبه باسم اقاربه حتي الدرجة الرابعة اننا اذا كنا جادين حقا في مقاومة الفساد فيجب ان نبدأ بالوزارات والتربية والتعليم وواقعة المعونة الامريكية يجب ان تكون البداية ولا استطيع ان اختم هذه السطور قبل الاشادة بموقف لجنة التعليم. فهذه البداية تبشر بالخير ولو سارت اللجنة وغيرها من اللجان علي هذا المنوال فلا شك ان كثيرا من الخبايا سوف تظهر للعيان.. ولله الامر.