رغم العديد من الملاحظات التي كنت أريد التوقف عندها بالتعليق، بدءا من مليونية صناع العنف ضد العنف أمام جامعة القاهرة، إلي الهجوم علي قصر القبة، إلي الاسم النحيف لمليونية القبة -كش ملك- وحتي سقوط النيازك فوق سيبريا، إلا أن ماهيمن علي مشاعري بدءا من مساء الجمعة وحتي الآن اتصال الفدائي السويسي محمد قناوي أحد ابطال حرب الاستنزاف واكتوبر ليخبرني بمرض الكابتن غزالي لأستفسر عنه واطمئن عليه، فلما سألته عن ظروفه، قال إنه يرقد في مستشفي خاص بالسويس، علي الفور برق في ذهني اسم الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للجيش وإليه أتوجه وأطلب منه، لكن قبل أن أعرب وأفسر أتوقف مستعيدا بعضا من ملامح غزالي، ذلك الانسان المصري الاسطوري في وطنيته وشجاعته ونقائه الانساني، نعرفه ويعرفه اهالي السويس بالكابتن غزالي، قائد بالسليقة، ولو أن للمقاومة رتبا لاستحق منزلة المشير فهو الأقدم، والحاوي لكل قيم الوطنية والبسالة، عرفته في القاهرة قبل السويس، كان علي مقهي ايزانيفتش، أحد مواقع المثقفين في الستينات، كنا عقب الهزيمة مباشرة، أرواحنا هائمة، حائرة، كان يتحدث عن المقاومة، عن السويس، عن القناة، عن فرقة أسسها من ابناء المدينة المقاتلة، أطلق عليها »اولاد الارض« كانوا من الفدائيين المقاومين، سند الجيش، حفظة للتراث السويسي ذي الخصوصية، يطوفون بالوحدات المقاتلة، بالقري بأحياء المدنية، ينشدون الأغاني ويعزفون علي هذه الآلة المصرية الاصيلة، الساحرة، السمسمية، كانت الاغاني التي نظمها ولحنها الكابتن غزالي قد بدأت تنتشر، اصبحت الفرقة من معالم المقاومة المصرية للهزيمة، بدءا من آخر عام ثمانية وستين اصبحت تقريبا مقيما في الجبهة كمراسل حربي للأخبار، واصبحت السويس أحد ركائزي المادية والروحية، وقد رأيت ما رأيت، وفي الذاكرة الحان السمسمية وتصفيق اولاد الارض يتوسطهم الكابتن غزالي، كان يبث الروح في البشر والحجر، عزف تحت القصف، كم من ليال ارتفعت الأنغام علي الحافة، في مواجهة العدو، وعند الضرورة يتحول اولاد الارض الي جنود استطلاع او فدائيين وراء الخطوط، الآن يرقد الكابتن غزالي في مستشفي خاص، كابتن غزالي له منزلة عند من يعرف تلك الايام وعند الوطن كله، وليس مثل الجيش من يقدر وينتبه اليه، لذلك اطلب من قائد الجيش الآن علاج البطل، المقاوم، الشاعر، كابتن غزالي في إحدي دور القوات المسلحة الطبية، هذا حقه علي الوطن، وليس مثل الجيش من يقدره.