عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 6-5-2024 بالصاغة    أسعار الفاكهة والخضروات فى الأقصر اليوم الإثنين 6 مايو 2024    عاجل| المخاطر الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط تقفز بأسعار النفط عالميا    غدا.. أول أيام تفعيل قانون التصالح الجديد بالشرقية    يلين: معدلات التضخم تحت السيطرة، وهذا أكبر تهديد للاقتصاد الأمريكي    الاحتلال الإسرائيلي يطالب الفلسطينيين بإخلاء الأجزاء الشرقية من مدينة رفح    الرئيس الصيني يلتقي ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية في باريس    أوكرانيا: تدمير 12 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا خلال 24 ساعة    إصابة 3 مدنيين في غارة إسرائيلية على بعلبك بشرق لبنان    نجم الأهلي ينتقد بيرسي تاو لهذا السبب    جدول مباريات اليوم.. مباراتان في الدوري المصري.. قمة السعودية.. وختام الجولة في إنجلترا    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 7 مايو 2024 | إنفوجراف    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    قبل الامتحانات.. ما مصادر التعلم والمراجعة لطلاب الثانوية العامة؟    لمواليد برج العذراء والجدي والثور.. ماذا يخبئ مايو لأصحاب الأبراج الترابية (التفاصيل)    في شم النسيم، الصحة تكشف مدة ظهور أعراض التسمم بعد تناول الأسماك المملحة    تحذير: احتمالية حدوث زلازل قوية في الأيام المقبلة    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر.. حقق 4 ملايين جنيه في 24 ساعة    في يوم شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد في مستشفيات شمال سيناء    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    مصرع طالب ثانوي وإصابة آخرين في حادث تصادم بدائري الإسماعيلية    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    نيرمين رشاد ل«بين السطور»: ابنة مجدي يعقوب كان لها دور كبير في خروج مذكرات والدها للنور    موعد وقفة عرفات 1445 ه وعيد الأضحى 2024 وعدد أيام الإجازة في مصر    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    سعر التذكرة 20 جنيها.. إقبال كبير على الحديقة الدولية في شم النسيم    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «بيتمشى في الملعب ومعندوش قلب خالص».. ميدو يفتح النار على نجم الزمالك    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السويس.. مدينة تصنع الثورات وتحترف المقاومة
نشر في الصباح يوم 24 - 10 - 2012

إنها مدينة الثورة، التى ظلت غريبة، وقلما يهتم بها الإعلام.
المدينة التى صفعت إرييل شارون، حين حاول اقتحامها بعد هزيمة جيشه، فى حرب السادس من أكتوبر، متسللا عبر ثغرة الدفرسوار، فتجرع مرارة هزيمة «مسحت» بغروره، وغرور الجيش الذى زعم بأنه لا يهزم، ترابها شبرًا شبرًا.
مدينة الغريب.. الذى قصدها كل شرفاء الوطن وفدائييه، فاحتضنتهم وقدمت لهم المأوى والحب، واتخذوها قاعدة ينطلقون منها، كى يمرغوا أنوف كل من أراد مصر بسوء، ويلقنوهم درسا بأن الشعب المصرى، لا ينكسر ولا يبتلع مرارة هزيمته، وأنه «مخلوق أسطورى» يخرج من قلب النار، أشد عزما، وأصلب عزيمة وإرادة.
«الصباح» وفى إطار الإيمان بأنها صحيفة لكل الوطن، قولا حقا لا شعارا ترويجيا، فعلا وعملا وإبداعا واجتهادا وأقلاما تعشق كل حبة تراب على أرض مصر، تبدأ ملفاتها المتخصصة، عن محافظات مصر، بملف السويس، فى عيدها الوطنى، الموافق الرابع والعشرين من أكتوبر، يوم أسقطت ورقة التوت عن شارون والجيش الإسرائيلى.. ووقف العالم مبهورا أمام مدينة تصدت بصدور أبنائها لدبابات الإسرائيليين، فتمكنت من دحرهم وردهم عنها خائبين يجرون أذيال الخيبة والهزيمة.
مدينة «السمسمية» و«الفداوية» والشيخ حافظ سلامة، وحي الأربعين .. التى انطلقت منها واحدة من أهم الصيحات ضد نظام مبارك، يوم هتفت قبل ثورة يناير بشهرين: يا مبارك.. يا مبارك.. فندق جدة فى انتظارك، فكانت هذه الصيحة نبوءة تحققت لمدينة تصنع الثورات وتحسن التنبؤ بها.
أهل السياسة يحذرون: نار «مدينة الثورة» تحت الرماد
«مات الجرادْ.. أبتاهُ، ماتت كل أسراب الجرادْ.. لم تبق سيدةٌ ولا طفلٌ ولا شيخٌ قعيدْ.. إلا وشارك، يا أبى.. فى حرقِ أسرابِ الجرادْ».
أبيات عمرها أكثر من نصف قرن، للشاعر الراحل نزار قبانى، تحت عنوان: رسالة جندى فى جبهة السويس، كتبها خلال العدوان الثلاثى، متأثرا بملحمة النضال التى جسدها شعب السويس الباسلة، فأبهرت العالم، وردت عن مصر كيد المعتدين.. أسراب الجراد.
السويس.. خط التصدى الأول للعدوان الإسرائيلى، المدينة التى تحترف صناعة المقاومة والثورة، تشتعل فورانا وغضبا، ونارها تحت رمادها، لأن حالها لم يتحرك، رغم ما قدمته لثورة يناير من دماء ودموع.
«عامان مرا على ثورة يناير، والسويس تسير للخلف، فالأوضاع الاقتصادية من سيئ إلى أسوأ، والشرطة تستوحش، والناس غاضبون وغضب السوايسة بركان لا يهدأ».. هكذا تحدث الدكتور على محمد على، أستاذ ورئيس قسم الفنون، بجامعة السويس، موضحا أن التاريخ يسجل أن السويس خلال مرتين غيرت خريطة المنطقة، ودافعت عن كرامة وحرية الشعب المصرى والعربى، منذ العدوان الثلاثى، مرورا بحرب يونيو فالاستنزاف ثم أكتوبر، حتى ثورة يناير التى قدمت السويس أول شهدائها.
ويقول الدكتور على الشهير بعلى السويسى: إن الثورة فى خلايا السويس و«خريطتها الجينية»، إن صح التعبير، فقد حاصرها الصهاينة مائة يوم بدبابات جيشهم الذى طالما قيل إنه لا يقهر، ولم تستسلم، والآن تشعر المدينة بأنها محاصرة بالتجاهل وتردى مستوى الخدمات وقلة فرص العمل هذا بالإضافة إلى حصارها بالمشكلات الأخرى التى تعانى منها مصر، كمشكلات رغيف العيش وأنابيب البوتجاز، موضحا أن كل هذه الضغوط قد تولد انفجارا فى أية لحظة.. و«إذا انفجر غضب السويس فلا أحد يستطيع احتواءه» على حد تعبيره.
ويختتم كلامه باستعراض ما يسميه دور السويس فى ترسيخ التجربة الاشتراكية ووقوفها إلى جانب الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، حيث ولد الاتحاد الاشتراكى من رحم المحافظة، وهكذا كانت ومازالت السويس تصنع الأحداث، تصهر كل الذين يقصدونها فى بوتقتها، فيصبحون ثوارا، سواءً كانوا من أصول جنوبية، قادمين من الصعيد، أو يونانيين وإيطاليين وفرنسيين ممن وفدوا إلى المدينة فتمصروا ولم يغادروا مصر.
أما الحاج سيد أبوطالب أمين الحزب الناصرى فيشير إلى أن السويس بصفتها البوابة الشرقية لمصر، كان لابد لها أن تكون مدينة ثائرة، معتبرا أنه فى أحيان كثيرة كانت السويس لا تنتظر المواجهة بل تذهب إليها مثلما حدث خلال العدوان الثلاثى، حين توجه أبناء السويس بالآلاف للوقوف إلى جوار إخوانهم فى بورسعيد.
ويضيف أن السويس أشعلت شرارة الثورة ضد النظام السابق منذ هتف ثوارها يوم 21 أكتوبر بميدان الشهداء «النهارده فى تونس بكره فى مصر – يا مبارك فندق جدة فى انتظارك» وذلك قبل الثورة بشهرين.
من جهته يقول على أمين، القيادى الوفدى: طابع السويس منذ نشأتها وعبر كل عصورها هو المقاومة، ففى عام 1951 وجه فدائيو السويس ضربة موجعة إلى الاحتلال الإنجليزى، حين دمروا معسكر كفر أحمد عبده بمعداته وأوقعوا بينهم عددا كبيرا من القتلى، ما دفع الاستعمار إلى دك منازل الكفر بالكامل، وبعد هزيمة 1967 سجلت المدينة ملحمة بطولية خلال حرب الاستنزاف، ولولا صمود المدينة وتصديها لهجمات جيش العدو بعد حرب أكتوبر لضاع النصر.
ويقول: كل بيت فى المدينة له قصة بطولة، وهذه ليست منة تعاير بها السويس الوطن، لكنه واجب تؤديه، ومن ثم يحق لأبنائها أن يتساءلوا: أين واجب الوطن تجاه السويس؟ موضحا أنه شخصيا يفخر بأن أباه قد كان من المقاومين، ووقع تحت الحصار داخل شركة «شل» حتى تمكن ورفاقه من الخروج.
ويرى المستشار أحمد الكيلانى، عضو الأمانة العامة للجمعية الوطنية للتغيير، أن السويس كانت فى صدارة المدن التى ترفض نظام مبارك، ووقفت ضد فساد نظام الحكم وما اقترفه فى حق الشعب، موضحا أن مصر الآن دخلت مرحلة جديدة من المقاومة، وهى مرحلة التنمية والإنتاج، وستكون السويس كالعادة فى الصدارة.
ويقول طلعت خليل أمين حزب غد الثورة بالسويس إن تجربة السويس فى المقاومة تجربة فريدة وتجسد معنى عظيما حيث تؤكد أن الإنسان المصرى حين يخوض تحديا يهزمه مهما بلغت درجة صعوبته، موضحا أن شعب السويس يريد من الحكومة أن تهتم بالتنمية فى المدينة، لأن الأوضاع الاقتصادية التى تضيق الخناق على المدينة قد تقود إلى انفجار لن يتمكن القائمون على الحكم البلد من كبح جماحه، لأن المارد الذى نام طويلا خرج من قمقم الصمت، وقرر ألا يعود إليه.
القبلية الانتخابية تتراجع بعد الثورة
استقطبت السويس على مدى تاريخها مهاجرين من كل محافظات مصر، وعاش بها رعايا أجانب، من الذين أسسوا مشروعات تجارية أو صناعية فيها، غير أن المدينة احتفظت بطابعها الخاص الذى تغلب عليه القبلية.
ويُعد حي الأربعين «الحاضنة» الأكثر استيعابا للمهاجرين، حيث يضم 60%، من الجمعيات الاجتماعية لأبناء الصعيد، وعددها 540 جمعية، وكانت هذه الجمعيات تتحكم فى نتائج الانتخابات البرلمانية والنيابية، قبل الثورة، ما كان يدفع المرشحين، بمن فيهم مرشحو الحزب الوطنى المنحل، إلى «دغدغة» المشاعر القبلية للناخبين، هذا مع العلم بأن الكتلة التصويتية للحى الأكثر شهرة هى الأكبر لأنه يضم نحو نصف سكان المدينة.
ويضم الحى جمعيات قبيلة أسيوط والموشى، كما يضم جمعيات أبناء بحرى أمثال جمعيات «المنوفية والشرقية والغربية» وهناك أيضا الجمعيات الخاصة بأبناء الواحات والفيوم وغيرها.
ولم تشكل القبلية فى المجتمع مشكلة، فالطابع الثورى للمدينة يصهر جميع سكانها، من أبنائها الأصليين أو الوافدين إليها، لكن فيما يبدو أن هذا الواقع قد تغير بعد ثورة 25 يناير وما تبعها من نظام اجتماعى وانتخابى وتغيير فى الثقافات أدى إلى تفكيك المنطق القبلى على أرض الواقع الانتخابى.
ويقول عبدالحميد كمال، القيادى فى حزب التجمع وعضو الهيئة العليا للحزب وأمين المحليات: إن السويس لها تركيبتها السكانية لكن الثورة غيرت ثقافات كثيرة فى المجتمع وأصبح من يختار لا ينظر إلى الطابع، وأصبح لدى أبناء السويس معايير يلتزمون بها عند اختيار المرشح، حيث اقتصرت تلك المعايير على السلوك والأداء والتاريخ، وتراجعت إلى حد كبير- وإن لم تكن اختفت- النظرة القبلية.
«بلد الغريب» تحتفل بالعيد القومى فى غياب مصابى الثورة.. وأسر الشهداء
غاب مصابو الثورة وأسر الشهداء عن احتفالات العيد القومى لمحافظة السويس، واستنكر على جنيدى، المتحدث باسم أسر شهداء ومصابى ثورة 25 يناير بالمحافظة، «التجاهل المتعمد من رئيس الجمهورية والدولة للسويس خلال الاحتفال بعيدها القومى».
قال «جنيدى» إن أسر الشهداء والمصابين قاطعوا الاحتفال بالعيد القومى، لشعورهم بالحزن لعدم تقدير الدولة والرئيس «مرسى» للمحافظة وأهلها، الذين قدموا الكثير من الشهداء والتضحيات خلال التصدى للعدوان الخارجى وأيضا فى أحداث ثورة 25 يناير. مؤكدا عدم رضاهم عن فعاليات الاحتفال الذى وصفه ب«غير اللائق». وقال: «ليس بالرقص والغناء والألعاب يتم الاحتفال بالسويس وعيدها القومى وشهدائها».
وأشار إلى أن العرف السائد فى الماضى هو أن ينيب رئيس الجمهورية أحدا عنه لإلقاء كلمة باسمه خلال الاحتفال، وبعد الثورة التى كانت السويس شرارتها الأولى وقدمت أول شهدائها؛ لم يكلف الرئيس المنتخب نفسه وينيب أحدا عنه، بل كان يجب عليه أن يشارك بنفسه فى مثل هذا اليوم.
أكد المتحدث باسم أسر شهداء ومصابى الثورة، أن «مرسى» وعدهم خلال أول لقاء به فى القصر الجمهورى؛ بأن تكون السويس أول محافظة يزورها؛ «لكنه خالف وعده وتعمد تجاهلها وتجاهل أهلها خلال الاحتفال بعيدهم القومى، لما له مردود سيئ فى نفوسنا، لأننا وقفنا بجانبه حتى أصبح رئيسا، ولولا شهداءنا بالثورة ما كان وصل لهذا المنصب». وتساءل عن سبب تغيير يوم الاحتفال ليوم 23 أكتوبر بدلا من يوم 24، الذى شهد مقاومة باسلة من أهالى «بلد الغريب» ضد العدو الصهيونى، وأنقذ مصر من سقوطها تحت الاحتلال بالكامل؟!
اللواء سمير عجلان : السويس على أبواب أزمتي مياه وصرف صحي
المدينة الباسلة التى نالت شرف «أول شهيد» بثورة 25 يناير لم يشعر أهلها بتغيير حتى الآن، فلا يمر يوم عليها إلا وتشهد احتجاجات تطالب بالتطوير وتنفيذ العدالة، تولى مسئولوتها منذ أكثر من شهر ونص اللواء سمير عجلان الذى رفض الإفصاح عن انتمائه السياسى؛ لأنه ليس شرطا للعمل، وفى ذكرى عيدها القومى، حاورته «الصباح» ليضع حلولا للأزمات التى تؤرق ليالى السويس.
هل السويس بحاجة إلى محافظ ذى توجه سياسى معين ليستطيع التعامل مع مناضليها ومشكلاتهم؟
بداية صاحب المنصب التنفيذى لابد أن ينفتح على جميع التيارات بالمجتمع، كى نتجاوز هذه المرحلة، وأنا على استعداد النهوض بالمدينة الباسلة، ويكفى أن الجميع يعلم أننى لواء مهندس تدرجت فى الرتب من ملازم حتى اللواء، وعلى استعداد للعمل ومد يدى لأى فرد من أبناء السويس.
واجهتك الاحتجاجات والمطالب الفئوية من أول لحظة، فما تصورك لحل الأزمات التى تواجه السوايسة؟
هناك إرث ثقيل يتمثل فى الخلل والدمار بالبنية التحتية بالسويس؛ وذلك بسبب الزيادة السكانية التى أدت بالتوازى إلى توسعات عمرانية، مما يعنى أن هناك ترقبًا لمشكلتى: عدم كفاية المياه والصرف الصحى، فمحطة المياه التابعة لهيئة قناة السويس لن تكفى المواطنين، والمحافظة بحاجة إلى 43 مليون جنيه لإحلال وتجديد شبكة الصرف، هذا بالإضافة إلى أن هناك مناطق ليس بها أساسا صرف صحى، وتحتاج نحو 10 ملايين جنيه لإدخال الصرف بها.
رغم كل هذه الزيادة فى أعداد المبانى إلا أن هناك مشكلة فى تسليم الوحدات السكنية، كيف ستواجهها؟
التقيت عددا من أصحاب الشكاوى، ووضعت خطة تنهى مشكلاتهم تتمثل فى بدء إجراء القرعة العلنية لتخصيص الوحدات السكنية للمتقدمين من عام 2001 حتى نهاية عام 2006، والمنطبق عليهم شروط الزواج الحديث والمشروع القومى للإسكان، وذلك بدءًا من شهر يناير 2013 المقبل بواقع 40 شقة لكل سنة شهريا.
ما رؤيتك لحل أزمة ميناء عين السخنة المتوقف عن العمل الأسبوع الثانى؟
الأزمة على وشك الحل؛ المفاوضات لاتزال جارية، وآخر موقف تم الحديث فيه يوم الاثنين الماضى بعد حضور العاملين فى التوكيلات الملاحية والسائقين المتضررين أمام مبنى المحافظة، وتم الحديث مع العاملين وإعطاؤهم ما يعضد موقفهم فى التفاوض بشأن العاملين الذين تم فصلهم، على أن يتم الإفراج عن الحاويات التى على الأرض.
منطقة شمال الخليج الصناعية من كبرى المشروعات المصرية، ورغم ذلك لم تستغل الاستغلال الأمثل.
أنا مؤمن بأن الاستثمار هو الطريق الأساسى للنهوض وتوفير فرص عمل للشباب، لذلك اجتمعت بعدد من المستثمرين؛ للوقوف على آلية تنشيط الاستثمار خلال الفترة المقبلة وإزالة المعوقات، فهناك مشروعات استثمارية عملاقة تقدموا بها، منها مشروع للبتروكيماويات والذى سيوفر 10 آلاف فرصة عمل باستثمارات نحو 10 مليارات، ومشروع إنشاء أكبر ترسانة لإصلاح السفن فى الشرق الأوسط بمنطقة الأدبية، والذى سيوفر 35 ألف فرصة عمل، وسيتم تخصيص 80% منها على الأقل لأبناء السويس، كما تستعد المحافظة لتوفير تمويل لبدء العمل فى مجمع الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتكميلية بقوام 2000 ورشة يمتلكها الشباب، وتوفر20 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للأهالى.
الصيد، حوادث الطرق، التعليم، الصحة.. مشاكل جعلت السوايسة يشعرون بأن الثورة لم تقم حتى الآن، فما الحل؟
مشكلة الصيد تتمثل فى التنظيم بمياه الخليج طبقا للقانون، ولو أن هناك شيئا يحتاج إلى تعديل يكون ذلك من قبل المتخصصين سواء بهيئة الثروة السمكية أم وزارة الزراعة لتدارك تلك المشاكل المتكررة. وبالنسبة للطرق السيئة التى تتسبب فى الحوادث، فهناك خطة لإعادة رفع كفاءة وتحسين بعضها، وإعادة تخطيط لغيرها كمداخل السويس وطريق السخنة. أما التعليم، فى نظرى أن أول خطوات التطوير هو إنشاء جامعة تضم 11 كلية. وعن الخدمات الصحية فنحن بحاجة إلى خطة شاملة لرفع كفاءتها من خلال التعاون بين المحافظة ووزارة الصحة.
غزالي شاعر المقاومة و«جبرتي الفداوية»: ثورة يناير كلمة حلوة "وبس"
«اتعلمنا منك كيف الموت ينحب.. واتعلمنا وقت الشدة نهب.. نمد الخطوة ندق الكعب».
كلمات ثائرة لجبرتى الفداوية شاعر الثورة والوطن، أحمد محمد غزالى، ابن السويس البالغ من العمر 84 عاما، قضاها محبا وعاشقا للكلمة الحرة الصادقة، قديسا فى محرابها، مثله مثل كل الأبطال فى العالم.
جعل منه السوايسة أسطورة شعبية، وآمنوا بكلمته التى تطابقت مع عمله، لأن شعره الثائر خرج من نفس جربت الثورة وكافحت ضد الاستعمار الإنجليزى حين كان فى الثلاثينيات من العمر.
نضاله بكلمات كالرصاص يطلقه على قلب الباطل حتى اندلعت ثورة 25 يناير.. وكانت كلماته وقودا يلهب عزيمة ثوار المدينة الباسلة، وأصبحت أشعاره أقوى من الرصاص الذى كان يطلقه رجال الأمن على صدور العزل الذين خرجوا يقدمون أرواحهم قرابين فى معابد «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية».
شاعر ومطرب وملحن.. وثائر، أسس فرقة «ولاد الأرض»، وهو أيضا صاحب رؤية سياسية وذهن متقد لم يفقد قدرته على التحليل الدقيق المنظم، ولم يفقد ذاكرته رغم أنه يقترب من العقد التاسع من العمر.
هذه الذاكرة المليئة بالتفاصيل هى ما يفتحه لنا غزالى إذ يقول: بعد هزيمة 67 سارعت إلى تنظيم المقاومة الشعبية، وأسست فرقة (ولاد الأرض) والتى كانت تسمى فى بادئ الأمر «فرقة البطانية» نظرا لجلوس أعضائها على البطانين فيما هم يغنون، وكنت أكتب الأغانى وألحنها فى كثير من الأحيان، هذا بالإضافة إلى العزف على السمسمية والغناء، وكانت كلماتى تشتعل غضبا ورفضا لواقع الهزيمة.
يقول الكابتن غزالى: أسرتى من أقدم الأسر فى السويس فوالدتى من مواليد السويس، فى زمنى كانت تقاليد الأسر، تحتم أن الولد البكر يولد فى بيت أسرة الأم، وهكذا ولدت فى أبنود ثم عدت طفلا. وحبى لمدينة السويس يجرى فى دمى.
ويحكى غزالى أنه بعد ثورة 52 أصبح ضمن تنظيمات الثورة أمينا للشباب، وهى المرحلة التى يصفها قائلا: «كنا نؤمن حقا بأن مصر أم الدنيا وأن أية تضحية ليست كثيرة عليها.. وكنا نشعر بأننا نستطيع أن نواجه الدنيا كلها بحبنا لوطننا وإرادتنا الحرة».
ويقول غزالى: هزيمة يونيو ذبحت قلوب شعب السويس، وكانت السويس ترتدى السواد حدادا ليس على الشهداء، وإنما على وطن كانت طموحاته تصل إلى السماء.
هذا الحزن لم يدفعنى إلى الاستسلام، فالشعر لا يستسلم، ولا يركع، وقررت ألا أمارس النواح واللطم وإنما أؤذن للنصر المقبل وأزرع روح التحدى فى النفوس.
ويتابع: كان الفدائيون يجتمعون حولى، فيغنون ويقترحون أفكارا أعبر عنها بالشعر، أما الألحان فهى مزيج من ثقافات هؤلاء مصر كلها التى جمعتها السويس.
يقول: «اخترت اسم ولاد الأرض لهذه الفرقة الوليدة لترسيخ الحميمة التى جمعتنا».
كانت تلك هى لحظات تأسيس أغانى المقاومة التى تحولت اليوم إلى جزء من تراث المدينة، أو حسب تعبيره «تحول ولاد الأرض» إلى قصة لا تختلف عن قصة بهية وياسين وسيرة أدهم الشرقاوى.
واليوم تصدح فرقة بالاسم نفسه فى السويس يرعاها بعض «ولاد الأرض» القدامى من رفاق الكابتن غزالى.
ويقول: أثناء الحرب اتجهت إلى التعبير عن واقعنا كمقاومين وسوايسة بالغناء، وفى عام 69 لم يكن هناك وسيلة للترفيه على الناس أو للشد من أزر الجنود أو حتى لنقل المعلومات والبيانات العسكرية سوى الغناء.
وعندما كان يأتى رمضان كان غزالى ورفاقه يذهبون إلى التجمعات الأمامية حيث الجنود البواسل الذين يقفون على الخطوط المواجهة لجحافل العدو الغاشم ويكون ذلك مصحوبا بوجود شيخ لبث روح الإيمان لدى الجنود.
ويقول غزالى «كنا نفتعل المواقف لكى نغنى ونبتهج ونقوى من عزيمة الناس وكان واضحا فى الشعر أن الناس لديها عزيمة وشفافية وكان الهدف واحدا».
ويتحدث عن ثورة يناير قائلا: الله عليها وأشكر الله أنه أعطانى العمر والصحة حتى أشارك فى الثورة».
وأبدى غضبه من الشعراء لعدم تواجدهم الفاعل خلال ثورة 25 يناير مؤكدا على دور الكلمة فى دفع وحث الشعوب على الانتفاض ضد الظلم والفساد مشيرا إلى أهمية الشعر السياسى والثورى فى بث روح النضال وكيف كانت تجربة فرقة «ولاد الأرض» ذات آثار إيجابية فى نفوس الجنود والجماهير خلال الحرب.
ويرى غزالى أنه خلال ال30 عاما الماضية كان هناك نوعية من الشعراء رضيت على نفسها دخول الحظيرة والصمت خاصة فى عهد فاروق حسنى فتغيب المحرك وبالطبع كانت هناك استفادة متبادلة بين نظام يريد تكميم الأفواه بأى ثمن وشعراء مستفيدين بشكل ما ومن ثم استكانوا فى كنف النظام.
ويرفض غزالى اختزال الثورة فى يوم 25 يناير فقط لأن ذلك يضر بالثورة لأسباب كثيرة فهناك تداعيات كثيرة لا يجب تجاهلها فالتبشير بالثورة كان فى كتابات الكثيرين وأفعال غيرهم من هؤلاء الذين حركوا المياه الراكدة.. فالثورة حسب تعبيره شجرة طيبة ثمارها مازالت تحتاج وقتا كى تنضج، وهى لم تنبت إلا من «الكلمات الصادقة الحلوة».
وأكد شاعر المقاومة أن الثورة لم تنته بعد وأن فلول النظام السابق خاصة من المثقفين والشعراء الذين أدخلهم النظام البائد الحظيرة أهم أسباب عدم تحقيق الثورة لأهدافها حتى الآن بالإضافة إلى أن فلول النظام فى كل مكان وعلى كل المستويات.
ويرى أننا الآن فى أمس الحاجة للمقاومة حتى يكتمل الحلم فالزلزال حدث ودمر النظام وتلك التوابع مصيرها إلى الاختفاء والزوال فالشرعية الثورية لا بد وأن تكون فى طريقها رغبة مضادة وعليها أن تقوى لتستمر وتنجح.
20 ألف صياد يستغيثون: التلوث البحري يدمر الثروة السمكية
يشكو نحو 20 ألف صياد من أبناء السويس من قوانين الصيد التى وصفوها بالجائرة، لأنها تمنعهم من «أكل عيشهم» لمدة أربعة أشهر سنوياً، بدعوى الحفاظ على الثروة السمكية، محذرين من أن مستويات التلوث فى خليج السويس، تشن «حرب استنزاف» على الزريعة وصغار الأسماك، مما يقلل المخزون السمكى، هذا بالإضافة إلى غياب الرعاية الصحية، وعدم اتخاذ أى خطوة تجاه مشروع التأمين الصحى بعد الثورة.
يقول الحاج بكرى أبوالحسن، شيخ ونقيب الصيادين: إن شهور المنع من ممارسة المهنة والتى تتراوح بين شهر وأربعة أشهر، حسب قوانين الثروة السمكية بهدف حماية المخزون السمكى تضغط على صغار الصيادين وتحرمهم من الحصول على قوت يومهم، خاصة أن الصياد ليس له مصدر رزق آخر، وظروف الحياة قاسية فى ظل الارتفاع الجنونى للأسعار وتزامن أشهر المنع مع بداية العام الدراسى، حيث ترتفع الأعباء المالية عليهم.
كما لا يشعر أكثر من 20 ألف صياد بالأمان بسبب غياب الرعاية الصحية وعدم اتخاذ أى جديد بشأن التأمين الصحى، وهم معرضون للإصابات المختلفة بسبب طبيعة عملهم الصعبة.
ويضيف: «توقف مشروع التأمين الصحى تماما بعد الثورة بعد إنجاز مرحلته الأولى التى ضمت 350 حالة من الفئات الأكثر فقرا، وتقرر وفقا للمشروع صرف الضمان الاجتماعى لغير القادرين على العمل، بعد تقسيم الصيادين إلى ثلاث فئات حسب ظروفهم الاقتصادية»، مشيراً إلى أن توقف المشروع أدى إلى تحول بعض الصيادين إلى متسولين.
وتطرق شيخ الصيادين إلى مشكلة التلوث، وتداعياتها ومسبباتها، حيث قال: إن التلوث أصبح آفة الصيد حيث تقوم بعض الشركات والمصانع المطلة على المسطح المائى لخليج السويس بإلقاء مخلفاتها المليئة بالمواد الضارة والسامة دون معالجتها فى المياه، مما يتسبب فى قتل أسماك الزريعة، وبالتالى إهدار كميات هائلة من الأسماك، بالإضافة إلى قيام بعض السفن العابرة للقناة وخليج السويس بإلقاء نفاياتها فى المياه دون رقيب، ما يضر أيضا بالإنتاج السمكى.
ويكشف نقيب الصيادين عن قيام محطة صرف الأدبية بإلقاء آلاف الأمتار من المياه الخاصة بالصرف الصحى والصناعى بغير معالجة قائلاً: هذه كارثة بمعنى الكلمة.
وتصرف المحطة والمصانع والشركات المربوطة بها فى مياه الخليج ويتضح ذلك جليا بالمنطقة الموجودة خلف ميناء الأتكة للصيد والتى تعتبر موطنا طبيعيا للأسماك، ويقدر الفاقد من إنتاج الثروة السمكية بما يعادل 40% من الإنتاج العام لخليج السويس.
من جانبه يقول الحاج على جنيدى، رئيس جمعية تجار الأسماك بالسويس: إن المهنة أصبحت طاردة ويعانى صغار الصيادين، فضلا عما سبق من رغبة أصحاب المراكب الكبيرة بميناء الأتكة بالسيطرة على الخليج ومنعهم من أن «يأكلوا عيش».
ويبلغ عدد اللنشات الصغيرة نحو 100 لنش وحين سمحت لهم وزارة الثروة السمكية بممارسة المهنة اعترض «الحيتان» فتراجعت الوزارة، وتم منحهم شهراً مهلة لممارسة الصيد تنتهى بعد العيد، الأمر الذى ينذر بمشكلة كبيرة لأنهم يهددون بغلق الميناء تماما وعدم السماح لأصحاب المراكب الكبرى بالصيد.
ويختتم جنيدى: مشكلة مصر الآن تكمن فى أنه ليس هناك مسئول باتخاذ القرارات السريعة الحاسمة، وليس هناك إلا الحلول المسكنة، التى لا تعالج المرض وإنما تسكن الوجع مؤقتا لكنه سرعان ما يعود بشكل أشرس، موضحاً أن عدد المتضررين من قرار منع الصيد يبلغ نحو 5000 صياد، وهؤلاء لن يقبلوا بالجلوس فى بيوتهم ولطم خدودهم وقد سبق أن تظاهروا أمام المحافظة عدة مرات والأمور مرشحة لتطورات أخطر.
خبراء: إهدر مليار و250 مليون جنيه بالعين السخنة
وصفت قوى سياسية من أبناء السويس إدارة ميناء العين السخنة بأنها حولته إلى «مرتع لارتكاب المخالفات» وتهريب المخدرات والمنشطات الجنسية، لصالح أشخاص بعينهم ينتمون إلى النظام السابق.
وقالت: إن الميناء يمثل شاهدا على «توحش نفوذ» جمال مبارك، والحزب الوطنى المنحل، حيث أهدرت الدولة على إنشائه مليارا و250 مليون جنيه مشيرين إلى أن الميناء تأسس كى يكون منحة وهبها نجل الرئيس السابق إلى صديقه عضو الحزب المنحل عمر طنطاوى، وشريكه الفلسطينى أسامة شريف، بدلا من أن يكون الميناء ميناء محوريا متعدد الأغراض على الساحل الغربى لمدينة السويس.
وقال المستشار «أحمد خالد الكيلانى» المحامى بالنقض والناشط السياسى: إن ميناء العين السخنة الذى دخل الخدمة عام 2002 وقوبل بمعارضة شديدة من القوى السياسية بالسويس نظرا للعديد من المخاوف على رأسها: تخوف الناشطين من دخول القطاع الخاص إلى مجال الموانئ الحيوى والسيطرة على العمل الملاحى بما يعد مؤشرا خطيرا وضربة «مزلزلة» لسيادة الدولة حسب تعبيره.
وأوضح أن الميناء تحول إلى بوابة ومرتع لدخول المخدرات وبخاصة الأقراص المخدرة والمنشطات الجنسية، مشيرا إلى أن إدارة الميناء تمت بالتعاقد بين شركة تنمية ميناء السخنة والتى ترأس مجلس إدارتها الربان أسامة الشريف الفلسطينى الجنسية وتولى عمر طنطاوى رجل جمال مبارك وصديقه الحميم منصب نائب رئيس مجلس الإدارة بالمخالفة للوائح والقوانين.
وأكد أن الحكومة المصرية تطوعت وقامت بتمويل جميع أعمال بناء الميناء والأرصفة من أموال الموازنة العامة للدولة وبتكلفة بلغت مليارا و250مليون جنيه وهذا أمر مخالف للنظام الذى تم الاتفاق عليه والذى كان ينص على أن يقتصر دور الدولة على تقديم الأصول مثل الأراضى والتراخيص فيما يقوم المستثمر بإنشاء المشروع الاستثمارى والإنفاق على تأسيس البنية التحتية له.
وتساءل الكيلانى عن المقابل الذى حصلت عليه الدولة بعد ما تكبدته الموازنة العامة من أموال كان أولى بها الفقراء من الشعب المصرى، موضحا فى الوقت ذاته أن شركة تنمية العين السخنة حصلت على احتكار كل الخدمات للسفن والبضائع بما يعنى حرمان عشرات الشركات من مزاولة نشاطها الطبيعى فى الميناء ذلك بالإضافة إلى إلحاق الضرر بميناء الأدبية الذى يعد بمثابة الميناء التجارى الرئيسى لمنطقة السويس والبحر الأحمر، بعد تحويل غالبية السفن والبواخر التجارية إلى الميناء الجديد بتعليمات حكومية.
وقال الكيلانى: إنه على الرغم من حصول شركة تنمية السخنة على امتياز الاحتكار لمدة 25 عاما، وبالرغم من أن القانون يحرم على المستثمر أن يبيع أو يؤجر إلا بموافقة الحكومة المصرية إلا أن رئيس مجلس الإدارة قام بالتعاقد مع شركة موانئ دبى العالمية بالتأجير لها لمدة 25 عاما اعتبارا من عام 2009 مقابل حصوله على مبلغ 760 مليون دولار منها أى حوالى أربعة مليارات جنيه، وهو أمر يمثل مخالفة للعقد الموقع مع الحكومة المصرية ويمثل جريمة تربح واستيلاء على المال العام.
كما أعادت شركة تنمية ميناء السخنة تأجير الميناء لشركة موانئ دبى العالمية لمدة 25 عاما بما يمثل إهدارا لفترة سبع سنوات حق انتفاع للشركة حصلت عليه فى الفترة من 2002 إلى 2009.
أما طلعت خليل أمين حزب غد الثورة بالسويس فأكد من جانبه أن الميناء أقيم كى يخدم أغراضا غير معلومة لأن مصر لم تكن فى حاجة إلى هذا الجيل من الموانئ، كونها تخدم الاستيراد أكثر من التصدير.
وقال إن صرخات القوى السياسية والمفكرين والخبراء الاقتصاديين الذين طالبوا الحكومة بعدم المضى قدما فى تشييد الميناء ذهبت سدى، كما لم تهتم الحكومة بمطالبات القوى السياسية «نزيف المال العام» بالميناء، لكن الحكومة أغمضت عينيها مما يؤكد وجود فساد ما، كان أولو القربى المرضى عنهم ينعمون به، دون سواهم.
وانتقد عدم استجابة الحكومة أيضا لمطالب القوى السياسية بضرورة تطوير ميناء الأدبية بدلا من تبديد المبالغ الطائلة على إنشاء ميناء جديد، موضحا أن عمق غاطس ميناء العين السخنة، يبلغ 20 مترا والأدبية 18 مترا، متسائلا: هل أنفقت الحكومة هذه الملايين من أجل مترين إضافيين أم من أجل عيون رجالات جمال مبارك والفتيان المدللين بالحزب الوطنى؟
وأشار سعود عمر، سكرتير الاتحاد الإقليمى للنقابات المستقلة ومنسق عام المنتدى الديمقراطى إلى أن الميناء لم يراعِ مصالح العاملين الذين يشعرون بأنهم فى «سُخرة» ويرفض القائمون على إدارة الميناء التعرف على مشكلات العاملين أو الإصغاء إلى مطالبهم، كما يتعمدون تجاهل الاعتراف بممثلى العاملين أو بالنقابة المستقلة التى تم تكوينها بالإضافة إلى مشكلات تعمد تجاهل تقرير لجنة السلامة والصحة المهنية التى وفدت من القوى العاملة بالسويس وأقرت للعاملين بدل مخاطر وانتهت إلى أن العاملين يتعرضون إلى مخاطر كبيرة أثناء العمل وتم إقرارها بعد احتجاجات للعاملين.
كما ترفض الإدارة مطالب للعاملين بإعادة هيكلة العمالة بما يسمح بحصول العاملين على ترقياتهم بشكل طبيعى بعيدا عن معايير العلاقات والوساطة وما إلى ذلك من معايير غير مهنية.
وانتقد شركة موانئ دبى التى تضم عددا ضخما من الفروع ومن المفروض أن يكون لديها مدونة حلول تلتزم بها أمام العاملين ولعدم التزامها بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق العاملين بالموانئ.
ووصف ما يحدث بالميناء على كل الأصعدة بأنه حالة من الانتهاك الصارخ لحقوق الدولة والعاملين، مستنكرا أن إدارة السرقة التى تضرب بالقانون عرض الحائط، حسب قوله، تقدمت الشركة ببلاغات ضد العاملين بأنهم هم الذين يمتنعون عن العمل.
كما تقدمت الشركة ببلاغات ضد عدد من القيادات العمالية وأعضاء النقابة المستقلة المنتخبة من العاملين تتهمهم بالتحريض رغم إقدامها على غلق الميناء مرتين.
ويتابع: هذا ما أكده العاملون الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام مقر محافظة السويس طالبوا خلالها بدخول مقر عملهم، وزيادة بدل المخاطر بما يتناسب مع خطورة العمل مثل شركات مماثلة كشرق التفريعة.
كما تعددت البلاغات أمام النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود ضد رئيس وزراء مصر الأسبق عاطف عبيد ورئيس هيئة موانئ البحر الأحمر الأسبق والربان أسامة الشريف رئيس مجلس إدارة شركة ميناء العين السخنة وعمر طنطاوى نائب رئيس مجلس الإدارة وذلك للتحقيق معهم بخصوص عقد ميناء العين السخنة مع الشركة، وقررت نيابة الأموال العامة بالسويس استدعاء عدد من المسئولين بهيئة موانئ البحر الأحمر لسماع شهادتهم بخصوص القضية المتهم فيها جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع.
«أبناء الغضب» غرباء في الوطن
رجال الأعمال يحرمون السوايسة من الوظائف
رغم وجود استثمارات بترولية فى مجالات صناعة الحديد وتصنيع مواد البناء والسيراميك ومصانع المواد الغذائية والأوراق، يستغيث شباب السويس من سجن البطالة الذى يشعرون بأنه أصبح مؤبداً ولا سبيل لهم للخروج منه، بعفو يرحمهم أو بحسن السير والسلوك.
وأصبحت منطقة شمال غرب خليج السويس، التى تضم عدداً كبيراً من المصانع بؤرة توتر فى المحافظة، حيث يشعر أبناء المدينة الباسلة بالغضب، لأن أصحاب الأعمال يحرمونهم من العمل ويجلبون العمالة التى تحتاجها مشروعاتهم من محافظات أخرى.
يقول محمد عزت «27 عاما»: تخرجت من معهد فنى صناعى قبل 4 سنوات، ومازالت أبواب الرزق مسدودة أمام وجهى.. فى حين يحظى أبناء المحافظات الأخرى بالعمل، مشيراً إلى أن السوايسة أغراب فى بلدهم وليست لهم الأولوية.
ويضيف: «حالنا يصعب على الكافر، وهناك آلاف الشباب المؤهلين الذين تركوا المدينة واشتغلوا بمهن خارج تخصصاتهم، موضحاً أن السوايسة لا يحقدون على الأغراب، فكلنا مصريون فى النهاية، لكن لا يمكن أن يحصل الغريب على الرزق ولا يجده ابن البلد».
ويوافقه إسماعيل عبدالفتاح الذى تخرج فى كلية الزراعة قبل 5 سنوات ويعمل فى أحد الفنادق نادلاً «جرسون» حيث يقول: السويسى غريب فى بلده، لأن أصحاب الاستثمارات ورجال الأعمال يفضلون جلب عمالة من خارج السويس، مشيراً إلى أنهم يقومون بذلك لأنهم يعتقدون أن أهل السويس مزعجون، وهذا ضد الحقيقة، فالسوايسة فقط لا يتركون حقوقهم.
ويتابع: إن السويسى يطرق أبواب المصانع والشركات، ولسان حاله يشبه الأغنية الشهيرة «عطشان يا صبايا دلونى على السبيل» ولا يهتم أحد بأن يقدم له شربة ماء، فيضطر للموافقة على العمل بمرتبات متدنية وفى مهن لا تناسب تخصصه حتى يأكل عيشاً ولا يتسول، حسب تعبيره.
وتأتى مصانع وشركات المنطقة الصناعية بشمال غرب خليج السويس بعمالها وموظفيها من أصحاب المناصب الكبرى حيث يجلب معظم رجال الأعمال ذويهم وأبناء محافظاتهم للعمل، فرجل الوطنى المنحل أحمد عز جاء بمعظم العمالة بمصنعه من محافظتى المنوفية والإسكندرية حيث المولد والنشأة وبداية ممارسة نشاطه بالحديد والصلب.
أما رجل الأعمال محمد أبوالعنين مالك شركة سيراميكا كيلوباترا فمعظم الموظفين الكبار من خارج محافظة السويس والوظائف الدنيا من نصيب أبناء المدينة الباسلة.
ونظم موظفو سيراميكا كيلوباترا وعمالها البالغ عددهم نحو 6000 موظف سلسلة من المظاهرات العمالية ضد أبوالعينين، احتجاجا على ما وصفوه بالظلم الذى يتعرضون له منذ 10 سنوات.
وطالب العمال الغاضبون بمجموعة مطالب تتعلق بتوزيع الأرباح وزيادة بدل الوجبة والحصول على البدلات المحرومين منها وبعد ماراثون من المفاوضات برعاية الجيش الثالث الميدانى تم الاتفاق على بنود لتحقيق المطالب لم يلتزم بها رجل الأعمال وتلت ذلك تطورات كبيرة، حيث بدأت مفاوضات بوزارة القوى العاملة وبحضور اللواء حمدى بدين، قائد الشرطة العسكرية السابق، وقيام العاملين بمحاصرة الوزارة بالآلاف وتم تحرير اتفاقية لم يلتزم أبوالعينين بها أيضا.
وبعد مناوشات وشد وجذب هدأت الأمور خلال الأيام الأخيرة بعد أن شهدت حجز رجل الأعمال بالشركة لساعات طويلة استطاع خلالها التوصل إلى اتفاق بينه وبين العاملين حتى أقر معظمهم بأن مشاكلهم قد انتهت.
وتعد مشكلات الشركة الوطنية للصلب ثانى أكبر المشكلات التى واجهت القيادات بمحافظة السويس، حيث أضرب عمالها لمدة تخطت الشهرين قبل أن يتم التفاوض مع ملاك المجموعة التى تخضع الشركة لها ويعود العاملون للعمل بعد الاتفاق على معظم طلبات العاملين بحقوقهم المالية.
ولم تنجُ شركة السويس للصلب التابعة لنفس المجموعة من اعتراضات العاملين على عدم توفير طرق السلامة المهنية والتثبيت.
وشهدت الشركة احتجاجات ضخمة للعاملين قبل أن يتم التوافق فيما بينهم وبين الإدارة، أما شركة سيتى جاز فهى الأخرى تخضع على الرغم من قلة العمالة بها إلى إحدى النقاط الملتهبة بشركات السويس خاصة بعد توقف المصنع لعدة شهور بسبب مطالب العاملين بصيانة معداتهم التى وصفوها بأنها متهالكة وتعرضهم للخطورة وحقوقهم المالية أو المطالبة بالانضمام لقطاع البترول، وقامت الشركة بفصل عدد من العاملين لكن تم تشغيل المصنع الذى يغذى منطقة القناة بأنابيب البوتجاز مؤخراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.