اي انسان شريف لديه اخلاق وضمير ويلتزم بالمواثيق والقوانين الانسانية والدولية لابد وان يشعر بالاسي لما وصل اليه حال الولاياتالمتحدة دولة القطب الواحد التي اختارت التخلي عن كل القيم من اجل ارضاء اللوبي الصهيوني لصالح التحيز السافر لعدوانية اسرائيل. ليس ادل علي هذا الواقع الاليم اوضح من هذا التناقض الذي تتبناه السياسة الامريكية الخارجية والذي يتمحور حول العداء لكل ما هو عربي.. في مقابل التأييد والمساندة والدعم غير المحدود للدولة اليهودية والتغاضي عن كل ممارساتها غير القانونية وغير الانسانية. ان الضغوط الشديدة التي يتعرض لها السودان لصالح انفصال جنوبه عن شماله تحت دعوي حق تقرير المصير والمتجسدة في اجراء الاستفتاء لتحقيق ذلك في يناير القادم وفقا لاتفاقية السلام التي خططت لها واشنطن ما هو إلا صورة فاضحة لهذا التناقض الامريكي. انها وفي نفس الوقت الذي تتخذ فيه هذا الموقف الذي يتسم بالعداء للسودان الموحد بالتفرقة بين شماله وجنوبه علي اسس عرقية ودينية نجدها تنكر علي الشعب الفلسطيني العربي حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة علي ارض ما قبل الاحتلال الاسرائيلي في حرب 7691.. صحيح ان مبدأ اقامة الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية كان طرحا أمريكيا ولكنه وعلي ضوء المواقف السلبية الامريكية وعدم اتخاذ خطوات حاسمة لتحويله الي حقيقة تحول إلي شعار بلا مضمون بل يمكن القول انه اصبح وهما كبيرا ووسيلة لتضييع الوقت تجاوبا مع رغبة العنصرية الاسرائيلية. انها- اي الولاياتالمتحدة- وتوافقا مع تناقضها والتزامها بازدواجية المعايير في سياساتها غير العادلة نجدها تضع نفسها في موقع العجز برغبتها وبمزاجها تحيزا وتأييدا لوجهة نظر البلطجي نتنياهو الذي يضرب عرض الحائط هو والعصابة التي يقودها بأمن واستقرار الشرق الاوسط بل والعالم كله في سبيل تفعيل استراتيجية الاستيطان والتوسع. ان في امكان واشنطن لو ارادت ممارسة الضغوط التي من المؤكد انها ستثمر رضوخا اسرائيلياً خاصة انها تملك كل المقومات لتحقيق الهدف المطلوب عالميا سواء كانت هذه الضغوط عسكرية او سياسية او مادية. إن اسرائيل لا تملك اذا كانت هناك جدية في التعامل معها القدرة علي رفض اي مطالب ولا اقول تعليمات امريكية. ان المعضلة هنا تبرز في ان دولة القطب الواحد لا تريد ممارسة هذا الدور الشريف العادل لأغراض كثيرة في نفس يعقوب!! ان العالم لابد ان يتساءل عما كان يمكن ان يكون عليه حال السلام والاستقرار في الشرق الاوسط لو ان واشنطن مارست علي اسرائيل الضغوط التي تمارسها علي الخرطوم لاجبارها علي القبول بحقوق الشعب الفلسطيني العادلة وإنهاء احتلالها للأراضي العربية. انها وفي نفس الوقت الذي تظهر فيه العين الحمراء للخرطوم ضغطا وتهديدا نراها تمارس كدولة وادارة.. سياسة التملق والنفاق وعدم ابداء معارضة صريحة وحاسمة ومظهرية لمخططات اسرائيل العنصرية العدوانية التوسعية. لاشك ان واشنطن تفقد احترامها ومصداقيتها عندما تقف متفرجة علي عنصرية اسرائيل وانتهاكاتها لحقوق الانسان والمواثيق الدولية بعد اعلان رئيس وزرائها زعيم عصابة التطرف عن شرط الاعتراف الفلسطيني والعربي بيهودية اسرائيل في مقابل التجميد الجزئي للاستيطان غير المشروع اصلا . ليس خافيا هدفه من وراء ذلك والذي يتمحور حول تصفية مبدأ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين ويسمح له في نفس الوقت بتشريد الموجودين منهم علي ما تبقي من اراضيهم في فلسطينالمحتلة. انني عندما قرأت ما تمخضت عنه قمة »سرت« العربية بإعطاء مهلة شهراً للولايات المتحدة لازالة المعوقات الاسرائيلية لمفاوضات السلام لم امنع نفسي ومن واقع خبرة سنوات طويلة.. من الضحك وانا اقول يبدو ان العرب لديهم امل في امكانية اتخاذ واشنطن لموقف عادل وجدي لصالح السلام. من المؤكد ان هذا لا يمكن ان يتحقق الا اذا شعرت دولة القطب الواحد أن مصالحها التي هي مصالح الشعب الامريكي- الغائب عن الوعي- في كل الوطن العربي مهددة خاصة ان قرارات الشرعية والقوانين والمواثيق الدولية تقف في صف وجهة النظر العربية. طبعا يمكن أن نفهم أن هذه المهلة مرتبطة بموعد الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي والذي تشهد حاليا ابتزازا صهيونيا ولكن نرجع ونقول أن أمريكا أكبر قوة في العالم وأنه من العار أن تخضع لمتطلبات النزعات العدوانية الصهيونية. حقيقة.. ليس هناك ما يقال امام هذه الاوضاع سوي ان العرب بانقيادهم للإعتقاد بإمكانية أن يتسم الموقف الامريكي بالعدالة يستحقون.. جائزة السذاجة الكبري؟!