علي ضوء المماطلات والتسويفات الإسرائيلية المدعمة بالتواطؤ الأمريكي الفاضح الذي يشهد عليه 91 عاما من المفاوضات واللقاءات العبثية.. أصبح واضحا أن الأمور تتجه إلي الأسوأ وان الأمل يتلاشي تدريجيا في امكانية الاستجابة لاستعادة الفلسطينيين لحقوقهم المشروعة. ليس من أمل في انهاء هذا الوضع علي ضوء سياسة العنصرية والتطرف التي تتبناها عصابة الحُكم في اسرائيل ولا وسيلة إلي تعديل هذا المسار سوي بعمل من أعمال المقاومة الجريئة والمنظمة والمذهلة التي تهز أركان هذا التحالف الشيطاني غير الأخلاقي وتجعله يقول إن الله حق. الاقدام علي مثل هذا التحرك اذا خلصت النيات الفلسطينية والعربية والإسلامية قادر علي أن يجعل كلا من تل أبيب وواشنطن يسعيان إلي العمل من أجل تجنب مثل هذا المأزق الذي يمكن أن يمس مستقبل الكيان الصهيوني العدواني ومصالح دولة القطب الواحد التي تخلت عن قيمها ومبادئها من أجل إرضاء اللوبي الصهيوني. ان العمل الفلسطيني المقبول والمنتظر لابد أن يكون مفاجأة للجميع وبداية.. مجللا بالتوحد ولم الشمل والمقاومة المنظمة التي تتسم بتوجيه الضربات الموجعة إلي الوجود الإسرائيلي بنفس الروح التي أطلقها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات منذ ما يزيد علي 54 عاما مضت. لا جدال ان هذا التراجع الذي اصبحت عليه تعاملات إدارة أوباما مع القضية الفلسطينية وما تعكسه من انحياز سافر لاسرائيل يعد مبررا ودافعا وطنيا لدي جميع قوي المقاومة الفلسطينية لتصفية الخلافات والصراعات والتخلص من عوامل الاستقطاب التي ضيّعت قضية الشعب الذي يدعون انهم يمثلونه. لم يعد خافيا ان أوباما وإدارته ومع اقتراب انتخابات الخريف للتجديد النصفي للكونجرس الأمريكي يتعرضان حاليا لكل أنواع الضغط والابتزاز من جانب يهود أمريكا. ليس أدل علي هذه الحقيقة من هذا الأسلوب الناعم والمماليء للسياسة الإسرائيلية العدوانية التي عبرت عنها مباحثات الرئيس الأمريكي مع البلطجي نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل. ان أحد مظاهر انحراف هذه الإدارة فيما يتعلق بالآمال التي كانت معقودة عليها بعد خطاب أوباما في جامعة القاهرة.. ممارسة الضغط علي الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل بدء المفاوضات المباشرة دون أن تكون هناك أجندة واضحة تحدد الأسس التي ستجري حولها. انهم ووفقا لوجهة نظر اسرائيل يريدونها مفاوضات مظهرية وبلا هدف وبلا سقف زمني سعيا إلي تضييع الوقت واحتواء الغضب العالمي من انتهاكها لكل قرارات الشرعية الدولية وحقوق الإنسان اعتمادا علي الحماية الأمريكية. العمل الكبير الذي يأمل كل شرفاء العرب والمسلمين ان يقدم عليه الفلسطينيون هو التوقف عن المتاجرة بالقضية وأن يجمعوا صفوفهم في مواجهة الغطرسة والصلف الإسرائيلي المدعم بتآمر وانتهازية أمريكا. انه عمل يجب أن يكون علي غرار حرب السادات رحمه الله عام 3791 مع الفارق طبعا والتي هزت أركان الدولة العبرية ودفعتها قسرا إلي القبول بالتسوية السلمية العادلة القائمة علي الانسحاب الكامل من كل شبر من أرض مصر. ليس جديدا القول بأن كل العالم يشهد بعظمة التخطيط لهذه الحرب التحريرية الرائعة التي أقدم عليها هذا الزعيم الراحل والتي دعمت وفتحت الطريق أمام هذه التسوية السلمية الوطنية. إن ما قام به السادات يجب أن يكون درسا لأي تحرك مستقبلي فلسطيني. خاصة في ظل ما تتعرض له القضية الفلسطينية حاليا من حالة ضياع تستوجب من كل الفلسطينيين أن يترحموا علي هذا الزعيم الفذ الذي سبق عصره علي حد قول الرئيس مبارك. واجب عليهم ابداء الندم مرات ومرات علي عدم القبول بحنكته السياسية ونظرته الثاقبة التي كانت ستؤدي لو تجاوبوا معها بإخلاص إلي قيام دولة فلسطين منذ 03 عاما وعلي 09٪ من أراضيها علي الأقل. من الضروري هنا أيضا أن نعترف بأن من أسباب نجاح قيادة ياسر عرفات للنضال الفلسطيني الذي قاد إلي الاعتراف لأول مرة بوجود كيانه الوطني هو انه حقق وحدة هذا الشعب ونأي بالقضية الفلسطينية عن كل ضغوط الاستقطاب طوال سنوات طويلة. لقد نجح في هذه الاستراتيجية إلي ان وقع في المحظور بالوقوف إلي جانب غير المأسوف عليه صدام حسين بعد ان أقدم علي فعلته الشنعاء بغزو الكويت التي جرّت الكوارث علي كل العرب ومنهم الفلسطينيون. ان أي متابعة للتطورات علي الساحة رغم كل الجهود التي يقوم بها المبعوث الأمريكي ميتشيل- بدون جدوي والتي لا تساوي نتائجها قيمة تكاليفها- يكتشف ان الأمور لا تسير أبدا في الاتجاه الصحيح. لابد ان يدرك الجميع ان هذا المناخ يقود إلي اليأس والغضب اللذين يولدان في النهاية ارهابا وعنفا وانفجارا لا يعلم إلا الله المدي الذي يمكن أن يصل إليه. جلال دويدار [email protected]