لماذا هذا الهلع وهذا التشاؤم من نتائج الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي والتي استطاع الجمهوريون حزب غير المأسوف عليه الرئيس السابق بوش الابن ان يسيطروا من خلالها علي مجلس النواب ونجحوا في إضعاف الأغلبية الديمقراطية حزب الرئيس الأمريكي الحالي أوباما في مجلس الشيوخ. إن ما حدث يجب ألا يعني شيئا بالنسبة للعرب والمسلمين فكلاهما في توجهات أمريكا السياسية بالنسبة لهم سواء في إنكارهما لحقوقهم المشروعة لصالح إسرائيل. وهنا تحضرني العبارة المشهورة في تاريخ كرة القدم المصرية والتي تقول: شالوا ألدو حطوا شاهين وهو ما يعني انه سواء حكم أمريكا الجمهوريون أو الديمقراطيون.. فالمصيبة واحدة بالنسبة للعرب فكلاهما يرفع شعار التنكر للقيم والمبادئ والشرعية الدولية ويمارسان كل أنواع النفاق لعدوانية إسرائيل ربيبة الصهيونية العالمية. صحيح ان الحزب الجمهوري ابان حكم بوش كان واضحا تماما في دعم إسرائيل والاتفاق علي اغتيال الحقوق العربية عيني عينك.بينما نجد الحزب الديمقراطي الذي فاز ممثله أوباما في سباق الرئاسة 9002 وسيطر علي مجلسي النواب والشيوخ في انتخابات الكونجرس يخدع العرب بالكلام المعسول تحت شعار التغيير ولكنه اتخذ نفس موقف الحزب الجمهوري بعد أن أصبح فريسة لحالة من العجز والشلل انتابته في مواجهة رفض إسرائيل لجهود السلام وكذلك عدم القدرة علي التصدي لمواقفها فيما يتعلق باستعادة العرب لحقوقهم المشروعة. إذن وأمام هذا الواقع فإنه لا يجب علي العرب البكاء علي اللبن المسكوب وان تتملكهم الحسرة لما حدث علي الساحة الانتخابية الأمريكية.ان عليهم ان يدركوا أن قضاياهم لم تكن ضمن اهتمامات الناخب الأمريكي الذي أعطي صوته للجمهوريين علي اساس مصلحته الخاصة والتي محورها القضايا الداخلية المتصلة بلقمة العيش في أغني دولة في العالم. مشكلة هذا الناخب تركزت في فشل إدارة أوباما الديمقراطية في تسويق اصلاحاتها الخاصة بتحسين الحياة المعيشية للمواطن الأمريكي والتي تعد البطالة أحد مظاهرها السلبية بعد أن زادت معدلاتها. كل المحللين يعترفون بأن هذه الإدارة قامت بالعديد من الانجازات التي لم يشعر المواطن بآثارها الإيجابية علي المدي القصير وإنما تحتاج لبعض الوقت حتي تؤتي ثمارها. هذه النقطة هي التي لعب عليها الجمهوريون ونجحوا في تعظيم شعور الأمريكيين بالإحباط والصدمة من حكم الديمقراطيين وارتباط ذلك بمعاناتهم الاقتصادية. وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية سعت إدارة أوباما إلي الاستجابة لمطالب إسرائيل من أجل تخفيف الضغوط الدولية التي بدأت تتعرض لها لأول مرة منذ إنشائها . علي ضوء هذه الضغوط جاء تجاوب واشنطن مع اسرائيل في الدعوة للمفاوضات المباشرة والتي كان معروفا مقدما بأن لا جدوي من ورائها. وقد فوجئ الفلسطينيون انه وبدلا من أن تمارس واشنطن الضغوط علي إسرائيل الطرف الجاني لإقناعها بالسلام العادل الذي يحقق للجميع في منطقة الشرق الأوسط الأمن والاستقرار استبدلته بممارسة هذه الضغوط علي الفلسطينيين الطرف المجني عليه. وعملت إدارة أوباما من خلال الجهود التي تولاها مبعوثها جورج ميتشيل علي المشاركة في حملة الخداع التي لجأت إليها إسرائيل عندما أعلنت انها قررت تجميد الاستيطان لعدة شهور حتي تتيح الفرصة لنجاح المفاوضات المضللة رغم ان كل الشواهد كانت تؤكد ان هذا الاستيطان لم يتم تجميده ليوم واحد وأن أعمال البناء علي الأرض الفلسطينية كانت مستمرة وبلا توقف. إذن وانطلاقا من هذا الواقع غير الأخلاقي من جانب الولاياتالمتحدة فإنه يجب علي العرب والمسلمين ألا يصابوا بخيبة أمل لخسارة حزب أوباما باعتبار ان السياسة الأمريكية هي نفس السياسة سواء في ظل حكم الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي. ان عليهم أن يوفروا دموع الحسرة ليذرفوها بغزارة علي الحال المايل الذي هم عليه والذي جعلهم بتشرذمهم وانقساماتهم عاجزين تماما عن استثمار امكاناتهم لخدمة قضاياهم القومية سواء في عهد الجمهوريين أو الديمقراطيين . بناء علي ذلك نجد أن قضية فلسطين التي من المفروض ان تجمع شمل العرب وتوحدهم أصبحت تمثل دائرة انقسامهم وبؤرة لإثارة الصراعات بين الفلسطينيين أنفسهم الذين تشتتوا ما بين رام الله وغزة.. ولا عزاء للتضامن العربي ووحدة الشعب الفلسطيني.