غريب أمر زعماء وقادة العرب. لقد تغاضوا عن كل المشاكل التي تجعل من فاعلية العمل العربي سرابا ووهما علي مدي ستين عاما هي عمر جامعتهم العربية.. وانشغلوا ببحث تغيير اسمها إلي اتحاد الدول العربية تيمنا بالاتحاد الأوروبي. إن الذين تقدموا بهذا الاقتراح سيطر عليهم اعتقاد خاطئ بأن تغيير الاسم ربما يؤدي إلي خروج الجامعة العربية من النفق المظلم الذي أصبحت فيه والذي جعل من كل اجتماعاتها سواء علي مستوي القمة أو أي مستوي آخر مجرد مظاهر بروتوكولية. إن فشل هذه المؤسسة القومية في القيام بالمهام المنوطة بها والتي تتوافق وآمال الشعوب العربية المغلوبة علي أمرها إنما يعود إلي النفوس وعدم الشفافية وسعي كل طرف إلي البحث عن مصالحه التي لا هي وطنية ولا قومية. ليس أدل علي هذه الحقيقة المؤلمة من هذا العجز البين الذي جعلها غير قادرة علي التأثير أو كسب التأييد لأي موقف ايجابي تجاه أي قضية قومية. إن ما وصلت إليه قضية فلسطين هي مثال حي علي الوضع الذي يدعو للأسي. وهنا لابد من الإشارة إلي ان دول الجامعة ال 32 ظلوا وعلي ضوء نجاح الصهيونية العالمية بمساعدة الدول الكبري في الاستيلاء علي الأرض الفلسطينية عن طريق التشكيلات العصابية. انهم لا يمتلكون سوي الحناجر باستثناء مصر المسكينة التي تحملت وحدها عبء المعارك علي حساب تنمية ورخاء شعبها. لقد تركت هذه الدول نفسها وأمورها نهبا لنفوذ القوي الكبري والإقليمية وإنقادوا طواعية إلي غياهب الاستقطاب الذي انعكست اثاره سلبا علي قضية الشعب الفلسطيني الواقع ولسنوات ضحية للاحتلال والتنكيل الإسرائيلي. ان من حق أي مواطن عربي ان يتساءل عن نجاح واحد يمكن ان يكون العرب قد حققوه في صراعاتهم من أجل البقاء باستثناء هذه الحرب المظفرة التي خطط لها وقادها الرئيس الراحل أنور السادات »رحمه الله« عام 3791 والتي أجبرت العدو الصهيوني علي التراجع والقبول بالتخلي الكامل عن كل حبة رمل من أراضي مصر التي تم احتلالها عام 7691. كل هذا الطيف الفكري والذكريات داهمتني وأنا أتابع اجتماعات قمة الجامعة العربية في مدينة سرت الليبية وسط إحساس جماهيري عام علي مستوي الوطن العربي بأن لاشيء مهم يمكن ان يخرج عن هذه الاجتماعات التي تراها عبثية مثلها مثل المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. لا أحد يريد أن يقتنع بأن الولاياتالمتحدة هي المشكلة الأساسية في كل ما يعاني منه العرب وأنها لو أرادت ايجاد حلول لجوهر الآلام العربية والمتمحور في قضية فلسطين لاستطاعت أن تفعل ذلك في ساعات قليلة. ولكن هذا الواقع يقودنا إلي ان نتساءل ولماذا يقدم الأمريكيون علي مثل هذه الخطوة ويثيرون غضب اللوبي اليهودي لصالح العرب رغم انه لا يملك ما لدي العرب من امكانات ومقومات. لاجدال أن ما يدفعهم أي الأمريكيين إلي هذا الموقف انما يعود إلي أنهم أصبحوا مدركين ان العرب لا قيمة ولا وزن لهم وأنهم يعانون الانقسام والتمزق وعلي استعداد لفعل كل شيء من أجل ارضاء واشنطن دون أي مقابل فلماذا يقفون إلي جانبهم. ليس جديدا القول بأن المفاوضات مع إسرائيل سوف تظل عقيمة ولن تصل إلي هدف السلام العادل أبدا.. وإنه ليس أمام العرب سوي اللجوء إلي الأممالمتحدة لاستصدار قرار بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم علي أرض ما قبل 7691. المشكلة وفي إطار المواقف المعروفة والمعلنة هو كيف يتحقق هذا الأمل دون ان يكون هناك ضمان للتأييد الأمريكي وجوقة المؤيدين والمطبلين. ليس هناك ما يقال في هذه المناسبة العصيبة سوي »خليك ورا الكداب لحد باب الدار« وطبعا فإن هذا الكداب ليس سوي دولة القطب الواحد التي اختارت ان تقف ضد الشرعية وضد القانون الدولي. جلال دويدار [email protected]