«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد محي الدين يبحث مع " مصر الجديدة " علي ما تبقي من ثورة يوليو "الخالدة " ..السادات أضاع "مبادئ الثورة" بزيارته للقدس و مصالحته لإسرائيل!!

- حسن أبو زيد: حزب مسيطر .. ديمقراطية علي الورق .. معارضة غير مؤثرة
- سامح الصريطي: الفن مدين لثورة يوليو بكل الحب و الاعتزاز
- تيسير فهمي: الثورة أعطتنا معني الحرية
عاني الشعب المصري من الظلم و الاستعباد و فقدان العدالة الاجتماعية و كانت الفجوة شاسعة للغاية بين طبقات المجتمع ما أثر بشكل سلبي علي العلاقات بينهما و كانت الغالبية العظمي من المصريين يشعرون بالمهانة حينما يلتحقون بالجيش ليس لانهم لا يرغبون في أداء واجبهم الوطني بل لان هذا الواجب كان يقتصر علي الفقراء وحدهم دون الأغنياء القادرين علي دفع البديلة كمقابل إعفائهم ثم سيطرة حفنة قليلة من كبار الإقطاعيين علي الأرض الزراعية في مصر و عاني الفلاحون من سطوتهم فكان الإقطاعيون يملكون الأرض و من عليها
و أقتصر التعليم علي الأغنياء في ظل نظام فاسد يتولاه الملك فاروق و حاشيته الفاسدة التي كانت تنفق ببذخ علي شديد علي حفلاته و هنا و في ظل جشع الملك و حاشيته و فساد الحكم و الأحزاب و فضيحة الأسلحة الفاسدة و حريق القاهرة و قمح المظاهرات الطلابية التي تطالب بالاستقلال انطلق الضباط الأحرار تملؤهم القوة و الشجاعة و حب الوطن ليأخذوا بين الشعب من عصر الظلم إلي ثورة وطنية
و كانت ليلة الثالث و العشرون من يوليو تموز سنة اثنان و خمسين و تسعمائة و ألف انطلق الضباط الأحرار ليعلنوا للشعب انتهاء فترة الاستبعاد و بداية عصر جديد مشرق في تاريخ مصر و العرب
و الشرق الأوسط بل و دول العالم الثالث و انتصرت إرادة الشعب الذي ألتف حول الضباط الأحرار لنبذ الظلم و ليؤكد للشعوب العربية من الخليج للمحيط ان قوتهم في توحدهم ليجمعوا الهم نحو استفادة الحرية و تحقيق العدالة الاجتماعية
خالد محيي الدين عضو مجلس قيادة الثورة و زعيم حزب التجمع تخلي قليلاً عن مبدأه ..
قال كلمته و يريد ان يستريح؛ و صدر آراءه حول الثورة و موقفها من القضايا العربية و الحدودية و المستجدات علي الساحة الغربية و الصهيونية؛ و في حوار " لمصر الجديدة " سألناه في بدايته
اختيار الثورة للتوجه العربي و القومي .. هل كان نابعاً عن قناعة أيدلوجية أم انه كان من منطلق المصلحة الشخصية حتى يتم الإستقواء بعم في رب الثورة ضد الاستعمار العالمي؟
لا رأي أي تعارض بين الفكر و المصلحة من الناحية الثقافية بالأمة العربية و أمنها القومي شديد الارتباط بمصالح مصر مع العرب .. هذا كان واضحاً في أذهاننا منذ الأيام للثورة؛ خاصة بعد 1948؛ و إدراكنا للخطر الذي تمثله إسرائيل علي بوابتنا الشرقية؛ و الواقع ان الخيار العروبي لم يكن بارزاً في بداية الثورة التي كانت في سنواتها الولي منهمكة في تحقيق أهدافها القريبة و المباشرة و أبرزها انهاء الاستعمار البريطاني؛ و هذا ما يفسر عدم التبلور الكامل للوعي العروبي لثورة يوليو إلا بعد توقيع اتفاقية الجلاء و العدوان الثلاثي عام 1956 حيث انطلقت الثورة إلي الشارع العربي.
الانتماء العروبي لم يظهر ضمن المبادئ الستة للثورة .. ما تعليقك؟
التيار العروبي في الشام لم يصل إلي مداه إلا بالتلاحم مع ثورة يوليو؛ و رغم ان التحرر الوطني الهدف الأول للثورة؛ لكنها لم تنفصل يوماً عن عروبتها .. و الحقيقة ان جميع القوي السياسية العربية بما فيها التيارات القومية تضع هدف التحرر و الاستقلال في صدارة برامجها.
هل كان عبد الناصر و قادة يوليو يحلمون بدولة عربية واحدة أم بنظام إقليمي عربي تعددي و فعال؟
في بداية الأمر لم يكن شكل الوحدة أو التنظيم العربي مطروحاً للبحث المكثف؛ كانت النظرة المصرية ان وحدة العرب تبدأ بالاستقلال و الأمن المصري إلي جانب التعاون المشترك مع الأشقاء من أجل الدفاع عن المصالح القومية العليا.
ألم تؤد الحرب الباردة لمزيد من الانقسام و إجهاض المشروع العربي بكل درجاته؟
في اعتقادي ان أطراف النظام الإقليمي العربي لم تحقق الحد الأدنى من التعاون الضروري في إطار الجامعة العربية؛ و هناك خطأ آخر في الفكر العربي يحاول القفز من السياق و تحقيق الحلم دفعة واحدة.
هل أجهزت اتفاقية " كامب ديفيد " الأولي علي النظام الإقليمي العربي؟
أخطر ما في اتفاقية كامب ديفيد ذهاب السادات إلي القدس للتفاوض علي مطالب كان يعرف مسبقاً انها مرفوضة تماماً من الجانب الإسرائيلي .. لا عودة لحدود 1967 ولا دولة فلسطينية بين الأردن و إسرائيل ولا عودة للاجئين .. زد علي ذل تفاوضه علي القضية الفلسطينية دون موافقة منظمة التحرير؛ و رغم اعتراضها؛ و رغم انه يدخل في تسوية منفردة و ليست جماعية؛ و الحقيقة ان زيارة القدس أضعفت النظام العربي حتى بعد عودة مصر إلي الجامعة و انهاء تعليق عضويتها.
زحف المشروع الإسرائيلي .. هل يهدد كيان الجماعة العربية؟
المشكلة كلها تكمن في الضعف السياسي و الاقتصادي و العسكري للدولة العربية المنفردة و مجتمعة؛ أي ان ضعف الجامعة ليس أساسه قيادتها أو بنيتها؛ و انما الأساس ضعف الدول العربية.
هل تستطيع الدول العربية منفردة التصدي للكيان الصهيوني و الأخطار الخارجية؟
بالطبع لا .. و إسرائيل حريصة أيضاً علي إفشال كل تجمع عربي فمثلاً اجتاحت الأراضي المحتلة و مناطق الحكم الذاتي بعد قمة بيروت مباشرة لإرهاب أي تحرك عربي موحد و إحراج الدولة أمام شعبوها.
هل بإمكان الكيان الصهيوني السيطرة علي المنطقة؟
هذا صعب جداً .. لان العرب ليسوا الهنود الحمر .. فالشعب العربي مثقف و يعتز بأصله و ثقافته و لديه أيضاً إمكانيات إستراتيجية كبيرة؛ و المعيار الذي أقدره هنا هو ما يسمون بعرب 48 الذين قاوموا كافة مشاريع الاحتواء و أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة.
و لاننا نتكلم عن ثورة يوليو فلابد ان نتكلم عن الفلسفة السياسية أو الأيديولوجية التي كانت قائما عليها ونحن لا نحتاج إلى البحث والتنقيب كثيرا عن عقيدة ثورة يوليو فلسفتها كانت القومية العربية وهو ما يؤكده عبد الحليم قنديل المفكر السياسي الناصري المعروف والمنسق العام لحركة كفاية حين يرى ان الفكر القومي العربي هو الملهم لثورة يوليو وقادتها التاريخيين الذي واجه وفور ولادته المشروع الصهيوني الاستعماري في قلب جغرافية العالم العربي بل في مركز جغرافية ولادة الفكر القومي العربي . والذي تحول فور ولادته إلى تحديات حولته إلى فكر مقاوم قبل ان يستكمل دورة حياته الإيديولوجية الطبيعية والضرورية .
وأضاف ان كل نقاش أو نقد للتجربة الناصرية لا يبدأ من هذه الأرضية , فهو مناقض للحقيقة لان التجربة الناصرية وفكر الرئيس القائد للدولة والفكر عالج التحديات التي واجهته من واقع الصراع العربي الإسرائيلي الملح وحروبه المستمرة وعلى خلفية ارتباط هذا الكيان الصهيوني الاستعماري بالحاضنة الاستعمارية المصطنعة وخصوصا في جزيرة العرب وشرق الضفة .
والأخطر على خلفية استناد هذه القوى الاستعمارية العربية , على الإسلام , كغطاء لشرعيتها كوجود وسلطة سياسية , وعلى إيديولوجيتها الإسلامية ( على حد وصفه ) قدمت للجمهور عدوا بديلا عن الكيان الصهيوني , هو الفكر القومي العربي , وربطا الفكر الماركسي , كفكر غريب وملحد وخارج التراثيين العربي والإسلامي ( للأمة ) كعنوان لا تزال هذه القوى غير قادرة على وضع تعريف ما له ..!!
وهذا الواقع المصطنع بكياناته العربية وإسرائيل , وإيديولوجيته الاستعمارية الإسلامية , ومصطلحاته اللفظية الإعلانية , لا يزال مستمرا بنفس القوة الدافعة والوحيدة وهي أموال النفط السوداء والقذرة .
والأكثر غرابة وشذوذا , انهم لا يزالون يستعملون مصطلحي الأمتين العربية والإسلامية , ويتهمون الفكر القومي العربي بالتغريب والإلحاد .
وهم أي "عرب النفط تحديدا وشرق ضفة نهر الأردن" , كيانات استعمارية وانظمة مصطنعة ضمن حدود مصطنعة بل وغير قابلة للاستمرار , وهي لذلك تقف على قدمين وهميين .
فلسفة الفكر القومي العربي , تستند إلى الفلسفة العربية الإسلامية , والى تراث الدولة العربية الإسلامية التي حكمت راشديا من مكة , وأمويا من دمشق , وعباسيا من بغداد , وفاطميا القاهرة
وترى الدكتورة هالة مصطفى رئيس تحرير مجلة الديمقراطية والخبيرة بمركز الأهرام للدراسات ان القومية العربية ا هي الانجاز الأهم والباقي بالنسبة لثورة يوليو مؤكدة أن القومية العربية وفكرة الوحدة بمفهومها القديم انتهت ولم يصبح لها وجود يذكر لأنها كانت تياراً أيديولوجياً معين وليست فكرة عاطفية وهذا التيار ارتبط بالفترة الاشتراكية في الحياة العربية كلها وليس في مصر فقط لان بداية ظهور هذه الفكرة كان في منطقة الشام من خلال حركة القومية العربية أو التيار القومي العربي المعروف ثم حزب البعث الاشتراكي ثم الفترة التي عرفت بالفترة الناصرية ولكن ما أريد قوله هنا هو أن القومية العربية انتهت وأصبحت شيئاً من الماضي لان مسألة التعاون العربي أخذت أشكالاً وصوراً مختلفة الآن بحكم العولمة والعصر الذي نعيشه حالياً فمثلاً في الماضي كان الاتحاد والقومية العربية قائم على فكرة النظام الاشتراكي والقفز فوق الحقائق الاقتصادية أو فوق الكيان القومي الوطني هذه الأفكار اليوم تمت مراجعتها على مستوى العالم العربي دولة وبالتالي حتى لو بقيت فكرة التعاون العربي المشترك لكن ليس بالمعنى القديم.
ثورة يوليو لا تختزل في مسألة المد القومي العربي أو القومية العربية لان التيار القومي العربي كان التيار السائد منذ منتصف الأربعينيات حتى عام 1967 ثم حصلت تحولات كثيرة بعد ذلك على أثر هزيمة 1967 أما ثورة يوليو في فلسفتها وأهدافها قامت لأسباب تتعلق بالتغيير الجوهري بالداخل وليس فقط مجرد القومية العربية وثورة الداخل بمعنى انه أصبح الحكم مصرياً لأول مرة في التاريخ المصري المعاصر ثم ثانياً: انها غيرت الطبقة الاجتماعية التي كان يعتمد عليها النظام من الطبقة الارستقراطية إلى الطبقة المتوسطة
الدكتور صلاح عبد الله رئيس الحزب القومي الحر (تحت التأسيس ) فيرى أن الرئيس جمال عبد الناصر هو أعظم زعماء القومية العربية ولكن للحقيقة و التاريخ القومية العربية وفكرة الوحدة كانت موجودة قبل عبد الناصر ومستمرة من بعده والشعب المصري شعب وحدوي بطبعه وان كانت المتغيرات العالمية قد أثرت في مصر وفي المنطقة العربية مما جعل الصورة تبدو وكأنما القومية العربية أصبحت محاصرة وشعار الوحدة العربية أصبح عديم الجدوى إلا أنها صورة ظاهرية خادعة ففي وجدان المواطن المصري إيمان عميق بالقومية العربية وميل تلقائي للوحدة العربية وهذا ما دفعني لتأسيس الحزب القومي الحر لتفعيل الدعوة للقومية والوحدة العربية وفقاً لنموذج الوحدة الأوروبية لأنه النموذج المناسب للمنطقة العربية حيث يقبل هذا النظام بالجميع دون تغيير وبتركيز على صالح الشعب العربي والمواطن العربي وسيكشف الجميع في مدى ليس بعيداً ان الوحدة العربية هي طوق النجاة للمنطقة العربية في الهيمنة والتجزئة والنزاعات الشعوبية والانفصالية التي تصدر إلينا الآن وواجبنا هو ان نخطو خطوات عملية في سبيل الوحدة كرد عملي على محاولة تطهير الأفكار الشعوبية وأفكار التجزئة للعالم العربي.
وقال د. عبد الله: عبد الناصر الإنسان الآن في رحاب الله أما عبد الناصر كفكر قومي ووحدي باقٍ في وجدان الشعب المصري وهذا هو المهم أما بالنسبة للاشتراكية فهي نظام اقتصادي يمكن ان يستبدل بنظام آخر ولا علاقة للاشتراكية بالقومية أو بالوحدة لان الوحدة يمكن ان تتم في ظل نظام اقتصادي رأسمالي ويمكن ان تتم في ظل نظام اقتصادي اشتراكي، الأساس هنا هو فكرة الوحدة وليس النظام الاقتصادي.
ويضيف: الاستعمار في كل العصور يحاول القضاء على الرموز الوطنية الإصلاحية في عالمنا العربي وحينما دخل اللورد ( اللينبي ) إلى فلسطين وقف أمام قبر صلاح الدين الأيوبي وقال:ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين ومحمد علي الكبير وإسماعيل باشا كانت هناك محاولات متعمدة لتشويه صورتهم وطمس معالم النهضة ومن ثم ليس غريباً أن يحارب عبد الناصر وهو في رحاب الله كما حورب حياً لان الهدف هنا هو محاربة فكرة الاستقلال الوطني الكامل والنهضة دون تبعية والوحدة العربية التي هي أن تحققت ستصبح مصدر عزة وقوة للدول العربية وهذا يجعلنا أكثر إصراراً على التمسك والدعوة لفكرة الوحدة ونحن لا ندعي أننا سنحقق الوحدة العربية في جيلنا الحالي ولكن يكفينا أن نسلم رايات القومية مرفوعة وحية إلى جيل قادم قد يكون أكثر ذكاء منا أو أكثر إخلاصاً للوحدة ليحققها.
و كان للفن و الفنانين رأياً في ثورة يوليو 1952
قبل أيام من ذكرى ثورة الرجل الكبير عبد الناصر 23 يوليو 1952 نظمت لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة على مدى أربعة أيام حلقة بحث بعنوان سينما الثورة ...
ويقول المخرج سعد هنداوي: بالنسبة لي الثورة تتمثل في الأغنية الوطنية للنجوم الكبار مثل عبد الحليم وشادية, وأكون في غاية الفخر والسعادة عندما استمع لهذه الأغاني بسبب أهمية هذه الثورة العظيمة..
وقال الفنان الكبير محمود ياسين: كلي سعادة وفخر لأني من الجيل الذي تربى على هذه الثورة لحدوث تطور مهم جدا في الحياة من خلال الحكم الجديد الذي أنجبته الثورة, وكان وقتها كل ما يطفو على السطح من إعلام ومن طوائف أخرى مثل المدرسين والموظفين وكل التجمعات الشعبية, الجميع كان يتحصن بالثورة, وأيضا الثورة كانت تتحصن بهم جميعا لأنهم آمنوا بها, وعشنا جميعا عبق وروح الثورة من خلال جميع الأمور الحياتية من الشارع والإذاعة وكل وسائل الإعلام وقتها, ولما استقرت الأمور للزعيم الكبير عبد الناصر بدأنا نعرف قيمة وطنيته, وبدأنا نشعر بالثورة في كل أمور حياتنا لأننا أولاد الثورة أنا وجيلي وتربينا في ظل الثورة وتأثيرها مازال حتى الآن, لان الثورة لم تكن مجرد حدث ولكنها نقلة عظيمة لطريق الحرية, وعند قرار التأميم شعرنا بتغيير جبار لان التأميم هو في الأصل تأثر بالثورة لأنها قضت على كل فساد في النظام السابق.. ويقول المخرج علي عبد الخالق: أنا فخور باني ابن من أبناء الثورة, وكان بداخلنا إحساس دائم بالتغيير التام للأفضل مع شعار أرفع رأسك يا أخي لان الثورة جعلتنا نشعر بقيمتنا كمصريين مرة أخرى, وأننا لسنا من مستوى أقل من بقية دول العالم, وغرست فينا الوحدة والعروبة, وأيضا شعرنا أننا لسنا تابعين ولكن أصبح لنا وطن له شخصيته, وكنا نتباهى وقتها بهذا الوطن القوي الجديد الذي أصبح ندا لأي دولة أخرى.
وقال الفنان سامح الصريطي: أدين لثورة يوليو بكل الحب والاعتزاز لكل انجازاتها من تعليم وثقافة, لأنها صنعت انفتاحا أدى إلى انجازات ضخمة في جميع المجالات, وتشييد قصور الثقافة والمسارح في جميع الأقاليم, إلى جانب المستجدات من حركة البناء والتنوير, والاهتمام ببناء الوحدات الصحية والمساكن الشعبية, جنباً إلى جنب مع جميع فنادق مصر, كل هذا تم البناء والبدء فيه مع حركة الثورة. وقالت الفنانة تيسير فهمي: انا شخصيا أعتبر حدوث هذه الثورة شيئا مهما في حياتي, ولكن في بعض الوقت أحزن من هؤلاء الأفراد الذين طالما حاولوا إطفاء هذه الثورة, رغم إنها صاحبة الفضل في أننا أصبحنا أحرارا بعد فترات عصيبة من القمع والقهر والذل, فقد أعطتنا معنى الحرية الحقيقي, الذي تأثرنا به ونعيشه حتى الآن,ولن يستطيع أحد مهما كان إنكار ما فعلته بنا هذه الثورة من تغيير للأفضل.. ويقول الكاتب والناقد رؤوف توفيق: نحن جيل مدين للثورة بكل الفضل والعرفان, لانتا عشنا فيها أزهى العصور, حيث الانتماء والحماس,وفيها ظهر النضال العربي,فلم يكن الموضوع مجرد ثورة سياسية بل ثورة في كل الأمور الحياتية, فكانت ثورة ثقافية وظهر وقتها ثروت عكاشة بكتابته وحدث تطور في كل ميادين الفن من سينما وباليه وكونسرفتوار.. ولو ألقيت خطب جمال عبد الناصر الآن على الشعب فسوف تزيده حماسا وشجاعة, رغم انها قديمة, ولكن الشعب يحتاج لهذا في هذه الفترة.
** أما علماء الاجتماع فكان الحديث معهم عن الثورة له مذاقه الخاص
د. نبيل السمالوطي: أستاذ علم اجتماع جامعة الأزهر يري ان الدولة قد تخلت عن كثير من وظائفها؛ و عاب بالنسبة لكافة طبقات الشعب الدستور و ضعفت سيادة القانون إضافة إلي عدم الالتزام بالضوابط التشريعية و هشاشة المؤسسات و استمرار الفساد المالي و الإداري و عدم الاستقرار الهيكلي و الوظيفي لأي منظومة في المجتمع في المجتمع الأمر الذي تسبب في سوء الأحوال المعيشية لأفراد المجتمع و جعل الاحتقان الداخلي يفرض نفسه و يؤدي إلي اضطراب أمن المجتمع؛ علاوة علي تفشي الظواهر الهروبية؛ المتجلية في لتطرف الديني و السياسي و انتشار المخدرات و الترويج إلي الخارج
و يستكمل انه إضافة إلي ذلك غابت الشفافية و الصدق في كافة الأمور و انهارت البنية التحتية و تدني مستويات الصحة و التعليم و ارتفعت معدلات الجريمة في المجتمع؛ فمن ناحية التعليم فلم تعد هناك مجانية التعليم لا نستطيع القول بان التعليم لدينا مجاني بسبب ان المدرسين تراجعوا عن دورهم المهني و أضطر أولياء الأمور إلي اللجوء إلي الدروس الخصوصية لأبنائهم و إرهاقهم مادياً و ترتب علي ذلك ظهور الجامعات الخاصة و الأهلية التي تقبل أصحاب الأموال أو من لديهم قدرة مالية للالتحاق بهذه الجامعات و بالتالي لم يعد هناك تكافؤ فرص بين الطلبة من لديه قدرة مالية هو من له الحق بالالتحاق بالتعليم هذه من الناحية التعليمية؛ أما من الناحية الصحية فالدولة من المفترض انها مسئولة عن علاج مواطنيها علي نفقتها الخاصة و لكن المستشفيات لا تعالج بالشكل الكافي و العلاج علي نفقة الدولة أصبح مقتصراً علي أعضاء مجلس الشعب و أصبحت هذه الكلمة تزعج منها الحكومة؛ نقلاً إلي قطار الخصخصة الذي قام بطرد كثير من قطاع العاملين من وظائفهم بدون وجه حق و من غير استرداد حقوقهم فضلاً عن البطالة و فقدان الأمل في تعين الخريجين؛ مضيفاً ان الأخطر من هذا هو إخطبوط الفساد الضارب بخدوره في كافة المجالات مع عدم فاعلية الجهات المسئولة لمكافحة الفساد بسبب عد استقرارها و عد وضوح إختصاصتها ذاكراً الأسباب التي أدت إلي انتشاره و هي ضعف أجهزة الرقابة في الدولة و تقلصها عن أداء دورها
فضلاً عن ضعف مؤسسات المجتمع المدني و المؤسسات الخاصة في الرقابة و ضعف أدائها تماماً كل هذا بلا شك يؤدي إلي تشعب الفساد
و أكد في النهاية انه تضافر كل هذه الأمور و مع كل ما يحدث نجد ان المناخ العام أصبح بيئة خصبة لزيادة الاحتقان الإجتماعي و الغليان بين طبقات الشعب في مجتمعنا.
د. زينب النجار. أستاذ علم اجتماع سياسي جامعة عين شمس
أصبح فقراء مصر في انتظار لعودة مبادئ ثورة يوليو خاصة بعد فقدان العدالة الاجتماعية بين طبقات الشعب و الاحتقان الإجتماعي الذي ظهر و أحدث فجوة شاسعة للغاية بين طبقات المجتمع
فالعدالة الاجتماعية مفقدة إلي حد كبير في المجتمع الأمر الذي أدي إلي سيادة قيم الإحباط و اليأس و الاحتقان و تفجير الكثير من أشكال الصراع الإجتماعي و بدء تلاشي الطبقة الوسطي مشيراً إلي ان هذه الطبقة تواجه الان أشد أشكال المواجهة و الإضعاف إلا ان تصور تلاشيها و اندثارها يعني بدرجة و بأخرى إضعاف للمجتمعات العربية ذاتها و تخلي شبه كامل عن تخفيف أية مشروعات تنمية شاملة في المجتمع تساعده علي النهوض و يؤكد علي ان للدولة دور
في إضعاف الطبقة الوسطي العربية فان الأمر الذي لا مراء فيه ان الطبقة ذاتها لعبت دور كبير في تردي أوضاعها و تدهور بينتها القيمة فالتطلعات لهائلة لأبناء هذه الطبقة أدت إلي إرتبطاها بالفساد في كافة أرجاء الوطن العربي؛ كما ان محاولات أعضائها الفقيرة و المحدودة الدخل إلي فضاء الطبقات الثرية و الغنية و محاولاتها المتواصلة للنشأة بسلوكيات هذه الطبقة أدي إلي إمكانية قيامها بأي شيء حتى و لو كان متعارضاً مع القيم الأخلاقية المجتمعية المتعارف عليها وأكد ان تلاشي. الطبقة الوسطي في عالمنا العربي مسألة لا يمكن تصور حدوثها لكن ما يمكن تصوره هو عملية افتقارها و تدهور أوضاعها و بدون العودة للقيم الأخلاقية
المرتبطة بهذه الطبقة و علي رأسها الالتزام بالقضايا الوطنية و مناصرة جهاز الدولة حال قيامه بتدعيم هذه القضايا و طرح أطر جديدة للتعبير تراعي كافة الشرائح الاجتماعية الأخرى و علي رأسها الشرائح الفقيرة مع إيمان حقيقي بحقوق الإنسان فانه لا يمكن للطبقة الوسطي العربية ان تسترد مكانتها الضائعة و ان تستفيد من دعم الشرائح الاجتماعية الأخرى لها مثلما كان الحال عليه أثناء مقاومة الاستعمار و الرغبة في التخلص منه
الدكتور حسن أبو زيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان قال ان حال أحزاب السياسية في مصر الان أمر مثير للخجل والحزن في ان واحد فنحن عندما نعلم ان مصر بها 24 حزب سياسي وهناك محاولات لإنشاء أحزاب أخري يجب ان نذهب علي الفور إلي ما الذي فعلته تلك الأحزاب أو ما الذي تفعله في الشارع حتى تتواجد بهذا الكم الهائل ؟ الغريب ان المصريون عندما تسألهم عن أسماء الأحزاب ستجد الغالبية العظمي لا يعرفون أسماء تلك الأحزاب ولو عرفوا فسوف تجدهم يعرفون القليل بما لا يتعدي خمسة أحزاب علي الأكثر ، وهذا دليل واضح علي ان الأحزاب القائمة غير مؤثرة علي رجل الشارع بدليل انه لا يتذكر أسمائها.
ويضيف الدكتور أبو زيد : وإذا عدنا بالذاكرة إلي الوراء لسنوات وتحديداً ما قبل ثورة 23 يوليو 1952 سنجد ان أول حزب سياسي بدأ في مصر في مواجهة الاحتلال الانجليزي كان الحزب الوطني الذي أسسه الشاب المناضل مصطفي كامل سنة 1907 م الذي أصبح فيما بعد زعيماً للمصريين ، وبدأت الحياة السياسية في استقبال العديد من الحركات الوطنية التي تأسست لمقاومة الاحتلال من هنا وهناك ، حيث كانت تولد حركات من رحم الحواري والأزقة الشعبية ، حتى ظهر تنظيم جماعة الإخوان المسلمين علي أيدي الشيخ حسن البنا الذي تم اغتياله سنة 1949 م ، وبالطبع كان للإخوان المسلمين صولات وجولات سياسية علي الساحة وانضم إليها الألوف من الشباب ، وبعد ذلك وبالتحديد في عام 1947 م ظهر حزب شيوعي أسسه عدد من ضباط الجيش الذين شاركوا في ثورة يوليو 1952 وأطلقوا اسم " حدتو " علي ذلك الحزب وكان من بين مؤسسيه أحمد حمروش وخالد محي الدين.
وقال أستاذ العلوم السياسية : الغريب ان هذه الأحزاب وغيرها لم تكن مؤثرة في الحياة السياسية في مصر بالقوة التي يتصورها البعض ، لكن الحزب الذي كان له تأثير قوي والتفت حوله كافة القوي الوطنية هو حزب الوفد الذي أسسه سعد زغلول زعيم الأمة ، حيث انه جاء تلبية لمطالب مختلف السياسيين والمواطنين البسطاء ، وبدأ ظهوره عام 1918 قبل ثورة 19 بعام واحد ، وكان أعضاؤه من المسلمين والأقباط جنباً إلي جنب .. هذا الحزب الليبرالي حمل آمال وأحلام الشعب المصري ليخلصهم من بطش الاحتلال الغاشم ، وقاوم أعضاؤه الاحتلال علي مدار سنوات طويلة بكل ما أوتوا من قوة.
وأضاف الدكتور أبو زيد : وفي سنوات قلائل استطاع حزب الوفد ان يمثل أغلبية ساحقة في الشارع المصري منذ ان تم تأسيسه واستمر في قوته ما يقرب من الثلاثين عاماً حتى قامت ثورة يوليو حيث انه فاز في الانتخابات أكثر من عشر مرات وتمكن من تشكيل الوزارة ما بين أعوام 1926 وحتى قيام الثورة ، والتي أدي قيامها إلي إحداث تغير كامل في الحياة السياسية حيث تمت الإطاحة بجميع الأحزاب القائمة في مصر ، وتم إغلاق صفحة سياسية من أكثر الصفحات الحزبية نجاحاً في دول العالم الثالث.
الثورة والتجربة الحزبية
ومن جانبه قال المحامي عصام شيحة عضو الهيئة العليا بحزب الوفد : ان العالم الثالث مر بثلاث تجارب حزبية في كل من إفريقيا وآسيا ، حيث كانت التجربة الأولي في الهند والتجربة الثانية في مصر والثالثة في نيجيريا .. التجربة النيجيرية قضت عليها الانقلابات العسكرية التي قامت في نيجيريا ، أما التجربة الحزبية المصرية الناشئة فقد عصفت بها ثورة يوليو 1952 ، التي لا يمكن ان ننكر لها أفضالها علي مصر والمصريين ، أما التجربة الهندية فقد استطاعت الصمود حتى يومنا هذا لتصبح أكثر التجارب الحزبية نجاحاً ليس بين دول العالم الثالث وحدهم بل أصبحت التجربة الأكثر نجاحاً في العالم كله.
وأضاف : انه مع بداية حقبة ما بعد الثورة ودعت مصر الحياة الحزبية الواعدة التي كان الجميع يلقي عل عاتقها الكثير من أحلام وطموحات المصريين ، واختفت من علي الوجود الأحزاب السياسية رغم ثقلها وقتذاك " حزب الوفد التاريخي الكبيرة أحزاب الأحرار الدستوريين ومصر الفتاة والهيئة السعدية والأمة والاتحاد والكتلة الوفدية والوطني " ، كل تلك الأحزاب انتهت علاقتها بالحياة السياسية في بداية عهد جديد للمصريين هو عهد الثورة ، وبهذا ورغم مميزات الثورة إلا أنها حرمت المصريين من تجربة حزبية واعدة كان من الممكن ان يكون لها شان عظيم في تاريخ مصر السياسي.
وأشار عضو الهيئة العليا بحزب الوفد إلي ان النظام السياسي الذي تبنته الثورة وقتها لم يكن قادراً علي استيعاب آخرين يشاركونه في حكم البلاد ، أو حتى يعارضونه ان أخطأ ، حيث كانت السلطة وقتها مركزية وصلت أحياناً إلي بطش واستبداد النظام الحاكم ، وبهذا فقد أطاحت الثورة التي استولت علي الحكم دون قطرة دماء واحدة بكل رموز الأحزاب السياسية التي كانت قائمة قبل قيامها ، وألقي أعداد كثيرة من رجال تلك الأحزاب في السجون والمعتقلات بمبدأ ان الإصلاح له ضحاياه ولكل ثورة ضحاياً ، وهنا كان الضحايا هم رموز الأحزاب السياسية الذين لم يجدوا لهم مكاناً شرعياً في ظل حكم مجلس قيادة الثورة ، فعارضوا بدون غطاء شرعي فتم إيداعهم في المعتقلات ، وبإلقائهم في السجون خسرت مصر الكثير من الرجال الذين عملوا لسنوات في الدفاع عن حقوق البسطاء.
وقال شيحة : ان مبادئ الثورة وبيانها الأول تحدثوا عن الديمقراطية بشكل محترم جداً إلا ان هذه الجزئية بقت بعيدة المنال ، خاصة في ظل سياسة بقاء الحزب الأوحد علي مدار أكثر من خمسين سنة ، لذا فمن المستحيل ان يكون لبقية الأحزاب دور مؤثر في الحياة السياسية ، فقد انتقلت مصر من هيئة التحرير إلي الاتحاد القومي ومنه إلي الاتحاد الاشتراكي ، إلي حزب مصر ، إلي المنابر التي وضعها الرئيس الراحل أنور السادات ، إلي الحزب الوطني الديمقراطي الحالي الذي تشبع بكل تراث الماضي علي مدار ما يزيد علي الخمسين عاماً .. مشيراً إلي ان الحزب الوطني يحمل حالياً كل أمراض وعيوب التجارب الحزبية السابقة ، حيث يعيش نظام الحزب الواحد في ظل تعددية حزبية شكلية .
** سيطرة الحزب الأوحد
ومن ناحيته أكد أحمد حسن أمين عام الحزب العربي الناصري وعضو مجلس الشورى بالتعيين ان مصر عاشت فترات مختلفة مع تجارب الحزب الواحد والتعددية الحزبية ، ورغم ذلك فإنها بقيت بعيدة عن الفكر الديمقراطي الحقيقي من حيث الشكل والمضمون ، وربما كان ذلك بسبب ان كل ما جاء من تنظيمات سياسية بعد ثورة يوليو كانت تنظيمات " مفروضة من فوق " فرضتها السلطة المركزية ، ولم تخرج من بين جنبات الشعب المصري ، لذلك لم تحظي بالقبول أو التعاطف من جانب المواطنين ، بما في ذلك الأحزاب التي حملت لافتات المعارضة التي كانت تأتي من خلال اختيارات صريحة للسلطة سواء في رموزها أو برامجها أو الدعم الذي يقدم لها ، فمثلاً عندما نعود تاريخياً إلي بداية تشكيل الأحزاب نجد ان الرئيس الراحل أنور السادات عندما أعلن عن إنشاء أحزاب جديدة اختار فؤاد سراج الدين وإبراهيم شكري ومصطفى كامل مراد ، لكي يكونوا على رأس هذه الأحزاب الجديدة ، لكن بالرغم من ان لكل واحد منهم تاريخه السياسي والوطني المليء بالانجازات ، إلا ان الاختيار في حد ذاته كان اختيار من السلطة وليس من اختيار الشعب.
وقال عضو مجلس الشورى : ان الأحزاب السياسية بقيت في مصر مجرد تجربة لم تكتمل حتى الآن بالرغم من الأعداد الكبيرة التي تمت إضافتها مؤخراً حيث وصلت إلي 24 حزب سياسي هي أحزاب " الوطني الديمقراطي الحاكم ، الوفد ، الأحرار ، التجمع ، الأمة ، مصر العربي ، الخضر ، الاتحاد ، العربي الناصري العدالة ، الشعب ، التكافل ، الوفاق ، مصر 2000 ، الجيل ، الغد ، الدستوري ، شباب مصر ، السلام ، المحافظين ، الجمهوري ، الجبهة الديمقراطية ، بالإضافة إلي حزب العمل الموقوف ، وحزب مصر الفتاة المجمد " وهذا الكم الكبير من الأحزاب لا نراه في كثير من الدول الأوروبية ، إلا انه مجرد عدد متواجد في لافتات أمام المقار وليس له تأثير في الشارع أو دور في الحياة السياسية المصرية.
وقال حسن : ان الحزب الوطني الحاكم هو الذي يمثل أكبر عقبة في طريق الديمقراطية الحقيقية ويقف في وجه قيام حياة حزبية قوية ومؤثرة ، حيث اننا لا نري أية تأثيرات للأحزاب باستثناء عدد من الأحزاب التي تعيش علي ذكريات الماضي مثل الوفد والناصري والتجمع والعمل الموقوف ، ومن هنا لا يمكن قيام تجربة حزبية قادرة علي التأثير في الشارع في ظل سيطرة الحزب الوطني الحاكم علي مقاليد الأمور ، وعدم سماحة لبقية الأحزاب بالانتشار والتوسع في الشارع السياسي.
وأضاف أمين الحزب العربي الناصري : انه من ناحية أخري لا يمكن ان نقصر الحياة السياسية في الأحزاب القائمة فقط ، حيث ان جماعة الإخوان المسلمين كان لها دور مؤثر في الشارع المصري ، ويمكن اعتبار دورها هو الأكثر فاعلية في الحياة السياسية ، سواء قبل قيام الثورة أو بعد قيامها ، والغريب ان الدولة تصر علي ان تجعلها جماعة محظورة من ممارسة العمل السياسي ، والدليل علي انه مؤثرة بشكل أكبر مما هو عليه الأحزاب القائمة انه في انتخابات مجلس الشعب الماضية تمكنت الجماعة من الحصول عي 88 مقعد علي مستوي محافظات الجمهورية المختلفة ، في الوقت الذي لم تحصد فيه الأحزاب عشرة مقاعد بالبرلمان.
لن تنجح .. لهذه الأسباب
الدكتور ياسر الحسيني أستاذ السياسة والاقتصاد بجامعة أسيوط بدأ كلامه بتساؤل مهم .. لماذا لم تنجح التجربة الحزبية في مصر وتكون قادرة علي التأثير في الرأي العام المصري ؟ ويضيف مجاوباً ان هناك ثمة أسباب كثيرة تعيق قيام حياة ديمقراطية سليمة في مصر من بينها وربما يكون أهمها ان معظم الأحزاب القائمة تم إنشاءها من خلال موافقة الحكومة علي إنشاءها ، وبالتالي فهي لا تعكس نبض الشارع كما ان الشارع لا يتجاوب معها لأنه خرجت من رحم الحكومة وحزبها الوطني ، إذن فهي تابعة ولن يكون لها دور ولن يكون لها موقف وكان الأفضل لمنشئيها ان ينضموا إلي الحزب الوطني ، فالحزب الوطني فيه من يعارضون سياسيات الحكومة ، وهناك سبب آخر وهو ان الحزب الوطني هو الذي يختار الأحزاب التي تعارضه ، وذلك من خلال سيطرته علي مجلس الشورى ، وبالتالي لجنة شئون الأحزاب التي تقبل أو ترفض تكوين حزب جديد.
وأضاف الدكتور الحسيني ان من بين الأسباب التي تضعف دور الأحزاب في الشارع السياسي المصري ، هو غياب الحوار بين الأحزاب التي تسمي أنفسها معارضة وبين الحزب الوطني الحاكم وهو بذلك استطاع ان يحاصر تلك الأحزاب ويعزلها في مكان بعيد عن الجماهير ليقتصر دورهم عند مقر للحزب أو عضوية في البرلمان أو جريدة لا تستطيع مجاراة الصحف القومية التي تدافع عن الحزب الوطني لأنها أيضا مملوكة لمجلس الشورى ، ومن هنا لم تنشأ المعارضة الحقيقية ، بالإضافة إلي منع ممارسة العمل السياسي داخل الجامعات والنقابات المهنية والتجمعات العمالية ، مما أضعف دور الأحزاب ومعه نشأ دور كبير للتنظيمات السرية ، وهذا ما استغلته جماعة الإخوان المسلمين لتبني لها قاعدة جماهيرية ضخمة.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلي ان التزاوج الباطل بين المال والسلطة وبين النخبة المثقفة والدولة وبين رجال الأعمال وأصحاب الأموال والإعلام ، خلق علاقة مشبوهة بين الجميع جعلت لغة المصالح تطغي علي لغة المصلحة العامة ومن هنا رأينا ان كل صاحب مصلحة يرتمي في أحضان الحكومة والحزب الوطني ، ومن هنا وفي ظل هذا الواقع غير المبشر من الصعوبة ان لم يكن من المستحيل ان تنجح تجربة الأحزاب السياسية في مصر ، ولا يمكن ان تنشأ معارضة حقيقية .

تضافر القوى الوطنية مع زعيم الثورة

لحظة تفكير فى مستقبل الامة
مواطن بسيط يجالس الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
عبد الناصر واهتمامه بالوحدة الوطنيه
عبد الناصر واهتمام بالفن والفنانين
السادات وزيارته للقدس الشريف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.