رضا محمود تلقيت الرسالة التالية من الباحث الإعلامي د. حسام إلهامي تعليقا علي مقال »هل يفعلها د. مرسي؟« الذي ناقشت فيه حالة البحث العلمي في مصر.. يقول د. حسام: بالإشارة إلي ما تناولتموه بشأن البحث العلمي في مصر وكيفية النهوض به، أرجو أن تسمح لي أن أطرح بعض النقاط المرتبطة بالموضوع.. إننا إذا ما طالعنا خريطة الكيانات المنوط بها إنتاج العلم في مصر فسنجد أن تلك الكيانات تنحصر في الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد العليا ومراكز البحوث، وكل منها مصاب للأسف بداء عضال أخرجه من الخدمة وأقعده عن التعليم والبحث العلمي منذ سنين. فالجامعات الحكومية تعاني من الترهل والوهن نتيجة انتهاج سياسات التوسع الكمي في أعداد الطلاب المقبولين بها سنويا علي حساب الكيف، فوزارة التعليم العالي تقذف لها سنويا بأعداد مهولة من الطلاب تجلس كأسراب الجراد المنتشر أمام أستاذ لا يدري أتعلم أي منهم أم لا. وبصرف النظر عما أدت إليه تلك السياسات من تدهور للتعليم الجامعي فإنها أتت كذلك علي النشاط البحثي لأعضاء هيئة التدريس بتلك الجامعات والذين يجدون أنفسهم غارقين لآذانهم كل عام في كم رهيب من أعمال الامتحانات والكنترولات والتصحيح لآلاف من الأوراق لأشباح من الطلاب لم ير أي منهم قط وجها لوجه، هذا إلي جانب الأعمال الإدارية التي تصر هذه الجامعات علي تكليف الأساتذة بها.. فأي بحث علمي يمكن أن يقدم في إطار هذه الظروف وأي وقت يمكن أن يخصصه هؤلاء للنشاط العلمي ؟! أما إذا ما انتقلنا إلي الجامعات والمعاهد الخاصة فسنجد أن تلك المنظومة قد قامت بالأساس علي فكرة قيام الطالب بتمويل الفرصة التعليمية بما يتيح تعليما راقيا وتوفير فوائض مالية تستخدم في البحث العلمي وفي تطوير تلك المؤسسات، غير أن ما حدث جاء علي خلاف ذلك تماما، إذ ذهبت فوائض أرباح تلك المؤسسات إلي مالكيها الذين ضنوا بها، سواء علي التعليم أو التطوير أو البحث العلمي بالطبع، وذلك تحت سمع وبصر مستشاري وزير التعليم العالي وهيئة ضمان الجودة وربما بمشاركتهم. وهناك خطيئتان كبيرتان تنخران في عظام هذه التجربة وتجعل منها مجرد ماكينات تصوير لطبع الشهادات الدراسية لا أكثر وهما عدم فصل الملكية عن الإدارة كما يحدث في كثير من الدول المتقدمة تعليميا، ووضع الإدارة الأكاديمية علي مستوي العمداء ورؤساء الأقسام في يد أساتذة منتدبين من الجامعات الحكومية لاهم لهم إلا قضاء فترة الإعارة دون مشاكل وبالتالي يدير تلك المنظومة ضيوف لا يخططون لما يجاوز عاما دراسيا واحدا، والأمر لا يقل سوءا في مراكز البحوث التي يكبلها الروتين الحكومي وسوء الإدارة ونقص الإمكانيات مما يحول دون إكتمال الكثير من مشروعاتها البحثية وعدم خروجها للنور وهجرة باحثيها إلي الإعارات في الجامعات العربية والخاصة. أخشي ما أخشاه أن يكون الحديث عن النهوض بالبحث العلمي في مصر أشبه بالحديث عن جودة التعليم التي أنفق فيها مئات الملايين في مشروعات ورقية لا تساوي قيمة ما كتبت به من حبر. الخلاصة التي يمكن أن نخرج بها أن البحث العلمي الجاد والحقيقي غير موجود في ظل هذه الأوضاع والظروف التي تبدو مستعصية علي الحل لدرجة جعلت الدكتور زويل يفكر في إنشاء كيانه البحثي من نقطة الصفر ومن خارج هذه المنظومة. ولكن تبقي المهمة الأكبر أمام المسئولين عن البحث العلمي في مصر هي إعادة تطوير الكيانات القائمة بالفعل وإعادة هيكلتها وتنقية التشريعات الحاكمة لها. الباحث الإعلامي الدكتور حسام إلهامي قضية البحث العلمي قضية خطيرة، وتحتاج لمعالجتها آلاف الأفكار والمقالات.. والمجال مفتوح لكل من عنده القدرة والفكر علي أن يضع لبنة في صرح البحث العلمي.. وأهلا بكل رأي.