تابع العالم باهتمام شديد مباحثات السلام بين فلسطين واسرائيل لأسباب كثيرة أولها لأنها تحققت علي ارض الواقع بعد ان كانت بعيدة المنال وصاحب الإعداد لها الكثير من الشد والجذب وثاني أسباب الاهتمام هو أنها تتم في واشنطن وبدعوة من الرئيس الامريكي اوباما وبحضور الرئيس مبارك والملك عبد الله وأطراف الرباعية الدولية. وثالث هذه الأسباب متابعة الرأي العام العالمي واهتمامه بها انها تتم في ظروف دولية وإقليمية بالغة الصعوبة والدقة. وتأتي كذلك اهمية هذه المحادثات في انها ربما تكون الفرصة الأخيرة لتحقيق سلام دائم وشامل في الشرق الأوسط وتعيش دوله في سلام وتعاون يصب في صالح المجتمع الدولي والمنطقة وذلك لأنه من المسلم به ان القضية الفلسطينية هي المحور الرئيسي للسلام ليس فقط في الشرق الاوسط وانما بالنسبة لأوربا والعالم اجمع. من هنا يتضح ان العالم كله يتابع بكل اهتمام هذه المحادثات التي تعتبر كما عبر الرئيس مبارك بصدق انها ربما تكون آخر فرصة لتحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط بعد صراع دام أكثر من سبعين عاما. لقد عبر الرئيس محمد حسني مبارك بقوة في خطابه التاريخي الذي ألقاه في هذه المناسبة عن آمال الأمة العربية والشعب الفلسطيني. وكذلك أوضح الرئيس مبارك العناصر الأساسية التي علي أساسها يجب تسوية القضية الفلسطينية وتحقيق السلام في الشرق الاوسط في مقاله الذي نشر بجريدة النيويورك تايمز وفي لقائه مع الرئيس اوباما والمسئولين الامريكيين. حدد الرئيس مبارك الأسس التي يجب ان تنطلق منها هذه المفاوضات والمستمدة من الشرعية الدولية وهي حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته علي أرضه وعاصمتها القدس الشريف مستندا الي حدود عام 7691 وان تكون دولة فاعلة وقادرة علي الحياة وفي هذا الصدد طرح الرئيس مبارك فكرة ان تكون القدس عاصمة للدولتين. اكد الرئيس مبارك بكل قوة ان السلام والاستيطان أمران يتعارضان وان الاستيطان لا يمكن ان ينشئ حقوقا او يحقق لاسرائيل سلاما أو أمنا وانه يجب علي إسرائيل وقف الاستيطان في الاراضي الفلسطينية والإفراج عن الأسري الفلسطينيين وإنهاء الحصار الاسرائيلي علي قطاع غزة وإيجاد حل عادل. أكد الرئيس مبارك علي ضرورة احترام الشرعية الدولية وما انتهت اليه الرباعية الدولية في بياناتها المتكررة وبصفة خاصة في بيانها الأخير الذي صدر في 02 أغسطس الماضي. أكد الرئيس مبارك ان مصر مستمرة في دعمها للشعب الفلسطيني الصامد وقضيته العادلة وان مصر ستواصل سعيها في تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية تكريسا للمصلحة الفلسطينية العليا التي يجب ان يحرص عليها الشعب الفلسطيني بكل قواه. وحتي تؤتي هذه المحادثات ثمارها فان هناك استحقاقات أساسية يلزم توافرها حتي تتحقق النتيجة المرجوة منها. وأول هذه الاستحقاقات هو ما يتعلق بالموقف الامريكي إذ يجب الا تكتفي الولاياتالمتحدة بأنها نجحت في جمع الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي حول مائدة المفاوضات، وإنما يلزم ان تتخذ امريكا موقفا واضحا من قضية الاستيطان والقدس واللاجئين الفلسطينيين. يجب علي الولاياتالمتحدة ان تلزم إسرائيل بوقف عمليات الاستيطان في القدسالشرقية والضفة الغربية ووضع الفلسطينيين والعالم كله امام الأمر الواقع. يجب ان يتحمل الرئيس اوباما مسئوليته كاملة وألا ينخدع بالمقولة المزيفة التي ترددها إسرائيل وهي الحفاظ علي امن إسرائيل وهو ما تروجه السياسة الاسرائيلية علي مدار العقود الماضية ويقع المسئولون الامريكيون في شراك هذه السياسة ونراه في بعض التصريحات التي لا تعبر عن الحقائق في الأرض المحتلة. وينسي البعض ان هناك شعبا اغتصبت أرضه وان الحكومة الاسرائيلية وجيش الاحتلال الاسرائيلي يمارسان أبشع الجرائم يوميا ضد الشعب الفلسطيني منتهكين بذلك الشرعية الدولية المتمثلة في قواعد القانون الدولي وقواعد القانون الدولي الانساني. ان ما يحدث علي الأرض الفلسطينية من جرائم يندي لها جبين الانسانية لا يمكن ان يقره قانون او منطق. ويحب علي الولاياتالمتحدة ان تطلب من الحكومة الاسرائيلية الوقف الكامل لعمليات الاستيطان في القدسالشرقية والضفة الغربية ووقف الاستفزازات اليومية التي ترتكبها إسرائيل في الاراضي المحتلة مثل القبض علي أبناء الشعب الفلسطيني وهدم المنازل ومنع الفلسطينيين من التنقل وانهاء ما تمارسه السلطات الإسرائيلية من حصار غير انساني علي غزة وإذلال المواطنين الفلسطينيين بصورة غير إنسانية وإقامة الحواجز بين القري والمناطق الفلسطينية لتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية. علي الحكومة الامريكية ان تتحمل مسئوليتها كراعية للسلام وان تمارس الضغط علي الحكومة الإسرائيلية حتي يتوافر الجو المناسب لنجاح المفاوضات. وعلي الرئيس اوباما الذي نتمني ان ينجح دوره ان يسترجع بعض المواقف التي حاولت فيها أمريكا ان تكون وسيطا نزيها غير منحاز لاسرائيل ومنها موقف الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الأب. وأطالب المنظمات الفلسطينية وبصفة خاصة منظمة حماس ان تعي دروس التاريخ وأن تعلم ان التاريخ لا يرحم. لم يعد هناك مجال للمزايدات والمهاترات وهو انه لا مساومة علي قواعد الشرعية الدولية وستكسب القضية الفلسطينية الرأي العام العالمي. علي الفلسطينيين ان يوحدوا صفوفهم وتقوية الجانب الفلسطيني في المفاوضات بدلا من محاولة إضعافه بالمزايدة عليه. يجب علي الفصائل الفلسطينية ان تحقق المصالحة الوطنية المنشودة والتي يتطلع اليها الشعب الفلسطيني الذي يقاسي الكثير. وعلي الجامعة العربية وجميع الدول العربية وفي مقدمتها مصر ان تتحمل مسئولياتها في وضع خطة عملية عاجلة لحشد الرأي العام العالمي والضغط علي الولاياتالمتحدة وأوروبا الغربية لاتخاذ موقف حاسم في ضوء مبادئ الشرعية الدولية وما أقرته الرباعية الدولية والمبادرة العربية للسلام وهذه كلها تساند حقوق الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ان هناك أساسيات اعترف بها المجتمع الدولي وقرارات صادرة من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لا يمكن التنازل عنها. علينا وعلي الفلسطينيين بصفة خاصة استيعاب دروس الماضي وألا ينزلق البعض منا الي محاولة تمزيق وحدة الصف.. حتي نحقق الأهداف المرجوة والتي التفت حولها قلوب الأمة العربية وعبر عنها بقوة ووضوح الرئيس محمد حسني مبارك. كاتب المقال: زعيم الاغلبية بمجلس الشعب