تشهد العاصمة الفرنسية باريس اليوم القمة الأولى بين الرئيسين حسنى مبارك ونيكولا ساركوزى،خلال زيارة الرئيس مبارك لفرنسا المقررأن تستغرق ثلاثة أيام ،وسوف يتبادل الرئيسان وجهات النظرفى العديد من القضايا الراهنة على الساحة الأفريقية وفى منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلى تدعيم العلاقات الثنائية وآفاقها المستقبلية، كما يبحث الرئيسان عدةموضوعات مهمة على رأسها : الموقف الراهن فى النزاع الإسرائيلى الفلسطينى والأزمة اللبنانية والأوضاع فى العراق ودارفور والملف النووى الإيرانى ومبادرة ساركوزى الخاصة بالمشاركة المتوسطية الأوروبية، كما يشغل الجانب الاقتصادى حيزاً مهماً فى محادثات الزعيمين فى ضوء النمو المطرد للعلاقات الثنائية بعد أن حققت الصادرات المصرية لفرنسا طفرة غير مسبوقة بارتفاعها من 450 مليون يورو عام 2005 إلى 960 مليوناً العام الماضى وسط توقعات بتجاوزها مبلغ المليار يورو هذا العام . ويتضمن الملف الاقتصادى فى مباحثات مبارك وساركوزى فتح آفاق جديدة لتعميق العلاقات الاقتصادية مع الشركات الفرنسية فى مختلف المجالات من خلال زيادة الصادرات المصرية للسوق الفرنسية وجذب مزيد من الاستثمارات الفرنسية إلى مصر فى قطاعات الصناعة والبنية الأساسية والسياحة خاصة أن فرنسا أكبر دولة مصدرة لرأس المال فى أوروبا حيث وصلت استثماراتها فى الخارج إلى نحو 115 مليار دولار، ويرى المراقبون أن هذا التوجه مع فرنسا يأتى فى إطار فتح مجالات جديدة لزيادة التعاون الاقتصادى مع الدول الأوروبية شمال المتوسط مثل إيطاليا وأسبانيا والتى تمثل كتلة سكانية كبيرة تصل إلى 37% من سكان الاتحاد الأوروبى كما تمثل استثماراتها فى الخارج 32% من استثمارات الاتحاد الأوروبى . ومن ناحيته، أوضح المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة أن الحكومة المصرية تستهدف فى المرحلة المقبلة تدعيم علاقاتها الاقتصادية مع دول أوروبا الواقعة شمال البحر المتوسط لاستغلال القرب الجغرافى وسهولة وصول المنتجات المصرية إلى تلك الدول لزيادة الصادرات المصرية، مُشيراً إلى أن مصر تسعى لاستثمار العلاقات السياسية المتميزة مع تلك الدول لبناء علاقات اقتصادية على المستوى نفسه خاصة أن الدول الأوروبية شمال المتوسط تسعى للخروج باستثماراتها الى مناطق الاستقرار السياسى والنمو الاقتصادى فى الدول الواقعة جنوب المتوسط وأهمها مصر. ومن جانبه أكد الرئيس الفرنسى ساركوزى أن زيارة الرئيس مبارك لفرنسا ستكون فرصة لتأكيد تقارب وجهات النظر بين البلدين حول القضايا الكبرى فى المنطقة، مُشيراً إلى الأهمية الكبرى للمباحثات التى سيجريها مع الرئيس مبارك الذى وصفه بأنه يتمتع بالخبرة والحكمة ومعرفة مشكلات المنطقة وبأنه شريك قوى ومهتم ليس فقط بالمسئوليات تجاه مصر بل وتجاه منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والبحرالمتوسط . وشدد ساركوزى على أن المشاركة بين مصر وفرنسا تسهم فى تغليب روح الاعتدال فى الحوار ،مُعرباً عن توقعه بأن تشهد العلاقات المصرية – الفرنسية مزيداً من التطور والازدهار خلال الفترة المقبلة، ومُشيراً أن مشروعه للاتحاد الأوروبى المتوسطى يستهدف كل الدول على شاطئ المتوسط وسيكون لمصر دور حاسم فى هذا الشأن. وأعرب ساركوزى عن أمله فى أن ترتفع العلاقات الاقتصادية لتكون على مستوى العلاقات السياسية التى تربط مصر وفرنسا بشكل وثيق، مُشيراً إلى التبادل التجارى وتزايد إنشاء خطوط مترو الأنفاق وإنشاء الوكالة الفرنسية للتنمية " إيه . إف . دى " فى مصر منذ يناير عام 2007 والمجلس الرئاسى الفرنسى المصرى لرجال الأعمال والذى أنشئ العام الماضى وعقد أول اجتماع موسع فى 9 نوفمبر الماضى بباريس ، وهناك جامعة فرنسية بالقاهرة وتعاون ملموس فى مجال السياحة حيث وصل عدد السائحين الفرنسيين الى نحو 350 الف سائح سنويا بمصر. وأشار المراقبون إلى أن فرنسا تأمل تنشيط التعاون بين ضفتى المتوسط عبر مشروع ساركوزى بإقامة اتحاد متوسطى يضم الدول الأوروبية المتوسطية الثمانى ودول جنوب المتوسط وشرقه وتنتظر عقد قمة للدول الموافقة على إنشاء الاتحاد المتوسطى خلال الرُبع الأول من عام 2008 إذا ما لاقت الفكرة استحساناً وقبولاً من الدول المُطلة على المتوسط . بينما يرى المحللون أن زيارة الرئيس مبارك لفرنسا تكتسب أهمية بالغة فى ضوء التطورات الإقليمية التى تشهدها المنطقة وفى ضوء ترويج فرنسا لمبادرة الرئيس ساركوزى الخاصة بالاتحاد المتوسطى لتكون بديلاً عن مشروع برشلونة المعلن فى عام 1995، ويعتبر لقاء مبارك – ساركوزى هو الثالث بين الرئيسين والأول منذ تولى الرئيس الفرنسى مهام الرئاسة الفرنسية . وقد ألقت وسائل الإعلام الفرنسية الضوء على العلاقات المصرية الفرنسية وجذورها الممتدة تاريخياً والود المتبادل بين الشعبين الفرنسى والمصرى ومدى ارتباط الرؤساء الفرنسيين بمصر مُستعرضة رحلات الرئيس الراحل فرانسوا ميتران المتكررة لمصر وحرصه على قضاء إجازاته سنوياً بالأقصر وأسوان مؤكدة على العلاقة الوثيقة التى ربطت الرئيس مبارك بالرئيس السابق شيراك وعدد الزيارات المتكررة والمتبادلة للرئيسين . 1/8/2007