لم يكن إعدام المقاومين الفلسطينيين الأربعة في بيت لحم في الضفة الغربية مساء الأربعاء الماضي على أيدي وحدات المستعربين في جيش الاحتلال الإسرائيلي العملية الأولى لهذه الوحدات بحق المواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة. واستنادا لتحقيقات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وشهود العيان فإنه مساء الاربعاء الماضي كان المقاومون الأربعة يستقلون سيارة مدنية في شارع جمال عبد الناصر مقابل مبنى شركة الاتصالات الفلسطينية وسط مدينة بيت لحم اعترضت طريقهم مركبة مدنية مجهولة النوع ولكنها تحمل لوحة تسجيل فلسطينية يستقلها أفراد من الوحدات الخاصة الإسرائيلية «المستعربين» مسلحين ببنادق أوتوماتيكية وقفز المستعربون من سيارتهم وعلى الفور فتحوا النار بكثافة شديدة ومن جميع الاتجاهات مباشرة نحو ركاب السيارة الفلسطينية من مسافات تتراوح بين متر واحد وخمسة أمتار. ونتيجة لذلك أصيب جميع ركاب السيارة المستهدفة بعشرات الأعيرة النارية وبعضها من النوع المتفجر في الرأس والصدر واستشهدوا على الفور بنيران هذه الوحدات التي يتشبه أفرادها بالمدنيين الفلسطينيين ويشتهر عنها باقتراف جرائم الإعدام الميداني للمواطنين الفلسطينيين الذين تستهدفهم في عملياتها. وتقول وكالة الانباء الفلسطينية في تقرير لها امس عن فرق الموت الاسرائيلية ان افراد وحدات المستعربين قتلوا عددا كبيرا من المواطنين والقادة في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الخارج في إطار عملهم المتواصل لتصفية القيادات الفلسطينية في الوطن والشتات مستغلين في ذلك معرفتهم الكبيرة بالواقع والعادات والتقاليد العربية عامة والفلسطينية خاصة. وكشفت مصادر أمنية عن أن هؤلاء المستعربين يعيشون في قرية هي نموذج يشبه القرى الفلسطينية شيدها جيش الاحتلال ليتدرب فيها أفراد المستعربين على نمط الحياة الفلسطينية وعادات وتقاليد أهل الضفة والقطاع حتى لا يثيروا الشكوك في شخصياتهم عندما يقومون بأعمال اختطاف واغتيال داخل المجتمع الفلسطيني. وفي قطاع غزة يعاني المواطنون في المنطقة الشرقية المتاخمة للخط الفاصل شرق القطاع من ممارسات هذه الوحدات التي عادة ما تستبق عمليات التوغل لجيش الاحتلال وتقتحم هذه المناطق وتستولي على منازل المواطنين وتخضعهم لعمليات تحقيق وتختطف عددا كبيرا منهم وتنقلهم للتحقيق في أقبية سجون الاحتلال. وحسب موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية فإن «المستعربين» هم وحدات عسكرية سرية كانت تعمل في فلسطين والبلاد العربية المجاورة منذ عام 1942 وكان هدف هذه الوحدات التي كانت آنئذ جزءا من «البالماخ» الحصول على معلومات وأخبار والقيام بعمليات اغتيال للعرب من خلال تسلل أفرادها إلى المدن والقرى العربية متخفين كعرب محليين. وكانت هذه الوحدات تجند في المقام الأول من أجل عملياتها السرية اليهود الذين كانوا في الأصل من البلاد العربية واعترف شيمون سوميخ الذي كان قائدا في «المستعربين» خلال السنوات 1942 1949 بأن الاغتيال كان جزءا من عمل الوحدات السرية المبكرة. وفي عام 1988 بعثت هذه الوحدات لمواجهة الانتفاضة وكانت تنقسم إلى قسمين: «الدفدفان» و «الكرز» وقد أسسها إيهود باراك رئيس حزب العمل رئيس الأركان السابق وزير الجيش الإسرائيلي حاليا والأخرى تعمل في غزة واسمها السري «شمشون» وهدف هذه الوحدات هو التسلل إلى الأوساط الفلسطينية النشطة في الضفة والقطاع والعمل على إبطال نشاطها أو تصفيتها. وعادة ما يستقل أعضاء هذه الفرق سيارات غير عسكرية تحمل اللوحات الخاصة بالضفة والقطاع ويرتدون ملابس مدنية صنعت محليا أو ألبسة عربية تقليدية وقد يرتدي الجنود الشعر الاصطناعي والعكازات المزيفة والثياب الفضفاضة لإخفاء الأسلحة وفق ما جاء في الموسوعة. وعادة ما يجيد أحد أعضاء الوحدة الخاصة اللغة العربية وتقوم بالتنسيق والتخطيط مع وحدات أخرى من الجيش الإسرائيلي ومع جهاز «الشين بيت» الذي يوفر المعلومات والخلفيات في شأن الضحية المقصودة ويتم دعم هذه الوحدة من أعلى درجات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. وفي هذا الإطار قال الدكتور سمير محمود قديح الباحث الفلسطيني في الشؤون الأمنية والاستراتيجية إن «المستعرفيم» كلمة عبرية تعني «المستعربين» وهم مجموعة من القتلة المحترفين المدربين جسديا وسيكولوجيا على القتل دون تردد ومن دون أي التزام بعمل أجهزة الأمن ويستخدم هؤلاء المستعربون في عملياتهم القذرة داخل الأراضي الفلسطينية سيارات عربية يستولون عليها سواء سيارات حكومية أو عمومية أو شاحنات يعترضونها ليقوموا بأعمالهم الدنيئة من اغتيالات واعتقالات وينفذون اغتيالاتهم بمساندة قوات الاحتلال من دوريات أو قوارب أو طيران وكان آخر أعمالهم في بيت لحم مساء الأربعاء الماضي.