تصاعدت حملة الانتقادات على وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي. آي. ايه) بسبب اتلافها تسجيلات فيديو لاستجواب معتقلين متهمين بالإرهاب، حيث ضغط زعماء الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس لمعرفة الضالعين في هذه القضية، ومعرفة ما إذا كان اتلاف التسجيلات يعتبر جريمة تعطيل للعدالة. سياسيون في الحزبين، وكذلك مرشحو الحزبين للرئاسة، طالبوا بفتح تحقيق شامل ومعمق لمعرفة كل ملابسات القضية ومعرفة ما إذا كان أي مسؤول في البيت الأبيض على اطلاع بما كان يجري. وقال المنتقدون ان هذه القضية يمكن ان تسيء إلى صورة الولاياتالمتحدة وتثير الشبهات بشأن ممارسة التعذيب. وندد نواب ديمقراطيون وجمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان بشدة بهذا القرار وطالبوا بتحقيق دقيق في ما يمكن ان يشكل عرقلة لعمل القضاء . جدير بالذكر ان هذا الاقرار يأتى بعد يوم من اعتبار الكونجرس أن جميع السلطات الأمريكية بمن فيها عملاء الاستخبارات يجب أن تخضع للقواعد ذاتها المعتمدة في الجيش والتخلي عن كل أشكال التعذيب . وزارة العدل الأمريكية اعلنت فتح "تحقيق أولي" في قضية قيام الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي. آي. ايه) باتلاف أشرطة فيديو كانت تسجل استجوابات أجرتها الاستخبارات مع عناصر من تنظيم القاعدة. التحقيق الأولي سيجمع الوقائع بطريقة تسمح بتحديد ما إذا كان هناك ما يكفي من عناصر لتبرير اجراء تحقيق كامل. وكان مايكل هايدن مديرالاستخبارات الامريكية ال "سي. آي. ايه" اقر بأن الوكالة اتلفت عام 2005 عدداً من تسجيلات الفيديو لجلسات استجواب حساسة بهدف حماية العناصر التي شاركت فيها من عمليات انتقامية قد تقوم بها القاعدة. مدعيا إفتقارها للقيمة الاستخباراتية.، حيث أنه تم استنفاد كل المعلومات الواردة في جلسات الاستجواب خطيا بشكل مفصل فضلا عن غياب أي سبب قانوني أو داخلي للاحتفاظ بها فإن الأشرطة تمثل خطراً أمنيا كبيرا على حد قوله . عذر مضحك .. السناتور الديموقراطي كارل ليفين علق على ذلك بانه ''عذر مضحك''، موضحا انه ''بهذا المنطق علينا احراق كل ارشيف السي آي ايه الذي يكشف اي عميل''. وفيما لايزال الجدل حول التعذيب جاريا، قال البعض ان هذه التسجيلات كان يمكن ان تؤثر على شرعية وسائل الاستجواب التي تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية وتصدم الرأي العام في الشرق الاوسط. كانت الشرائط قد تم سجيلها عام 2002 في اطار برنامج سري للاحتجاز والاستجواب بدأ بعد اعتقال أبو زبيدة أحد القادة العسكريين لتنظيم القاعدة. وتوقفت التسجيلات في أواخر عام 2002 ودمرت الشرائط في عام 2005. وتصور تلك الشرائط وكلاء وكالة الاستخبارات في عام 2002 وهم يعرضون المشتبه في ارتكابهم أعمالا إرهابية لممارسات استجواب قاسية إلى حد مفرط، الكشف عن إتلاف الشرائط أثار مجددا التساؤلات بشأن ما إذا كانت أساليب الاستجواب التي تستخدمها الاستخبارات الأمريكية ترقى إلى درجة التعذيب. ومن ضمن هذه الأساليب" القاسية" تقييد المشتبه في وضع مؤلم وقدميه إلى اعلى ورشه بمياه قوية في وجهه المغطى بورق شفاف لخلق أحساس لديه بانه يغرق. وهناك ايضا طريقة تدعى "الزنزانة الباردة" وهي وضع السجين عاريا في زنزانة باردة للغاية غمرت أرضيتها بالماء ولكن البرودة لاتصل إلى درجة تجمد المياه. كما تتضمن أساليب الاستجواب الضرب في المعدة بقبضة مفتوحة وهي طريقة تسبب ألما دون ان تؤدي لإصابات. وتؤكد الجماعات الحقوقية أن جميع هذه الأساليب يمكن تسميتها تعذيبا بموجب المعاهدات الدولية التي وقعت عليها الولاياتالمتحدة. وتحولت القضية إلى فضيحة،واعتبر اليمين الأمريكي ان التقرير يشكل نوعاً من الانقلاب على الرئيس جورج بوش، ويشكل أيضاً سياسة مقنعة تديرها الاستخبارات من وراء الستار. جدير بالذكر ان هذه الفضيحة تأتى بالتزامن ً مع تقرير ال"سي. آي. ايه" بشأن البرنامج النووي الإيراني والذي أعلنت فيه ان إيران أوقفت برنامجها العسكري في عام 2003 وهو ما يتناقض مع سياسة بوش الذي ذهب إلى حد التحدث عن "حرب عالمية ثالثة" في حال امتلكت إيران السلاح النووي. وفى اعقاب الفضيحة اصدر البيت الابيض تعليمات بالتزام الصمت حيال إتلاف اشرطة التسجيل التى كانت تشكل دليلا على معلومات جمعت اثناء استجواب ارهابيين محتملين وقد تشير الى وسائل لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) يمكن ان تكون شبيهة بعمليات تعذيب، وذكرت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو ان مكتب المستشار القانوني للرئيس كان اعطى هذه التعليمات قبل وقت طويل منذ ان كانت وزارة العدل والسي آي ايه تحققان حول الظروف التي اتلفت فيها هذه التسجيلات. ويواجه البيت الابيض تساؤلات عما كان يعرفه الرئيس جورج بوش ومساعدوه منذ اندلاع هذه الفضيحة التي تطال وسائل مكافحة الارهاب الاسبوع الماضي. وكان البيت الابيض دائما يرفض كشف الطرق التي تستخدمها سي.اي.ايه لكنه اكد ان الولاياتالمتحدة لا تمارس التعذيب . ويعتبر برلمانيون ان كل عناصر الاجهزة الاميريكية بمن فيها عملاء الاستخبارات يجب ان يخضغوا للقواعد ذاتها مثل العسكريين والتخلي عن كل اشكال التعذيب. وكانت الصيغة النهائية لميزانية الاستخبارات للعام 2008 التي أعدها أعضاء الكونجرس قد نصت على أن قواعد الجيش الأمريكي حول استجواب السجناء يجب أن تنطبق كذلك على الموظفين المدنيين وينبغي أن يقر النص في عمليات تصويت بمجلسي الكونجرس الأمريكي الشيوخ والنواب. واوضح رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الديموقراطي جون روكفلر:" ان اللجنة تناقش هذا الموضوع منذ فترة طويلة وقد اتفقت الغالبية على ضرورة الا يكون لدينا نظامان، واحد لاستجوابات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والاخر للجيش..مضيفا ان عمليات الاستجواب يجب أن تجرى وفق التقنيات المستخدمة بنجاح من قبل العسكريين والشرطة منذ عشرات السنوات ووجود نظام منفصل وسري حتى لو كانت النوايا حسنة، يصب في مصلحة اعدائنا. ويرى المراقبون انه من غير المؤكد أن يدخل هذا الإجراء الذي أشادت به المنظمات المدافعة عن الحريات المدنية، حيز التنفيذ إذ ان الرئيس الأمريكي جورج بوش يمكنه أن يفرض الفيتو الرئاسي عليه . ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، بدأت الولاياتالمتحدة حملة اعتقالات واستجوابات تسمح لاجهزة الاستخبارات باللجوء إلى "تقنيات استجواب معززة" سرية مع المعتقلين الذين يشتبه بصلاتهم بالارهاب، في حين ان التقنيات العسكرية محددة بوضوح. بوش لا يتذكر .. البيت الابيض اعلن ان الرئيس جورج بوش لا يذكر انه تم ابلاغه بوجود او اتلاف اشرطة فيديو لاستجوابات اجرتها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) لارهابيين مفترضين،ولم ينفى بشكل قاطع فى نفس الوقت اي ضلوع للرئاسة الاميركية في هذه القضية التي تعتبر الحلقة الاحدث في مسلسل الجدل الدائر حول وسائل مكافحة الارهاب واللجوء الى طرق استجواب يشبهها البعض بالتعذيب. وهي القضية التي اثارت فضيحة جديدة في الولاياتالمتحدة.