عندما يعطس الاقتصاد الامريكى ، تصاب دول قارة آسيا كلها بالانفلوانزا الاقتصادية. ولكنه عندما يتعافى، فانها تغدو نعمة للمنطقة التى تعتمد على التصدير.. هكذا الامر بالنسبة لاقتصادات اسيا ، او على الأقل كان على مدار العقود الطويلة السالفة ، و لكن الان ..كيف هو الامر ؟!! اليوم تعلب الصين دورا أكبر بكثير في ثروات المصدرين الآسيويين واقتصاداتها، بل وفى أنماط التجارة القائمة ، و وفقا للارقام فان الصادرات إلى الصين من دول مثل كوريا الجنوبية وتايوان وماليزيا وتايلاند واندونيسيا وفيتنام ، حققت نمو كبيرا فى ما بين الأزمة العالمية عام 2007 الى عام 2013، في حين انخفضت نسبة حصه هذه الدول من الصادرات إلى الولاياتالمتحدة خلال الفترة نفسها. ويقول محللون ان هذا قد يشير إلى أن أداء مخيب للآمال وغير منتظم في بعض الأحيان للصادرات في آسيا خاصة مع مظاهر هبوط الاقتصاد الصينى الحالية وضعف الطلب الغربي على الصادرات الاسيوية .. حيث ان تحقيق الانتعاش في الاقتصادات المتقدمة فى العادة يعد بمثابة" الريح الخلفية " التى توجه الصادرات الآسيوية ، و اعادة التوجيه للاعتماد على التصدير الى الصين كوجهه رئيسية ، يفقد الصادرات الاسيوية الزخم و يجعلها تحلق بمحرك واحد فقط . ومنذ الأزمة المالية العالمية، أصبحت الصين ذات أهمية متزايدة كوجهة نهائية للصادرات الآسيوية، بدلا من كونها مجرد "طابق لتجمع" هذه الصادرات ، حيث يتم وضع المنتجات معا وشحنها إلى الولاياتالمتحدة أو أوروبا.. و لكن مع التوقعات الاخيرة بان النمو الاقتصادي فى الصين قد يصل هذا العام إلى أبطأ وتيرة له في 24 عاما ، يصبح هذا الاتجاه الذى خطرا على مسار ربحية الصادرات الاسيوية . و يبدوان بكين التى تعمل الان على تقليص الاستثمار في الطرق والجسور والمطارات ( البنية التحتية عامة ) سعيا إلى إعادة التوازن إلى الاقتصاد لصالح طلب الاقوى على السلع الاستهلاكية ، هذه السياسات اثرت ايضا على الواردات من جيرانها الاسيويين حيث انخفضت الصادرات السنوية الى الصين . و قد انخفضت صادرات كوريا الجنوبية الى الصين بنسبة 9.4٪ في مايو، وهو أكبر انخفاض منذ منتصف عام 2009، فى الوقت الذى ارتفعت فيه الشحنات إلى الولاياتالمتحدة وأوروبا، وعانت صادرات اليابان أول تراجع سنوي لها في 15 شهرا، مع مكاسب ضئيلة فقط من المبيعات إلى الصين كذلك الامر مع الأسواق الغربية. ويقدر صندوق النقد الدولي أن انخفاض نقطة مئوية واحدة في النمو في الصين قد يخفض النمو في الاقتصاد الآسيوي الوسيط بنحو 0.3 نقطة مئوية بعد سنة، أي ضعف الأثر الذي سيترتب على متوسط الاقتصادات غير آسيوية، مما يؤكد تأثير الصين المتزايد على المنطقة. و يعتبر ضعف معدلات الصادرات الصينية عاملا كبيرا و مؤثرا فى الوقت ذاته على ضعف الواردات و الشحنات القادمة ايضا للبلاد من الدول الاسيوية المجاورة لها مثل اليابان أو كوريا الجنوبية، التي تقدم عادة معظم مكونات التكنولوجيا المتقدمة في الصين التى تعمل على تجميع اجهزة مثل الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر أو اقراص التخزين و غيرها . و ليس هناك غير تفسير واحد يمكن أن يكون وراء هذا و هو ارتفاع أسعار العقارات وتكاليف العمالة، جنبا إلى جنب مع اتجاه بكين لتعزيز عملة اليوان، وجعل الصادرات الصينية أقل تنافسية ، مما قاد بعض الشركات المصنعة لإقامة مصانع أقل تكلفة في فيتناموتايلاند وبنجلاديش وإندونيسيا، وليس في الصين. كذلك تواجه الصين أيضا بضعة منافسين لها من القارات الاخرى مثل المكسيك، التي اضعفت البيزو، و تتميز بتدني أجور العمالة ، فضلا عن قربها من سوق الولاياتالمتحدة ، و هى مزايا تصاعدية وقفت فى وجه النمو الصين . وبينما يبدو الطلب المحلي على السلع الاستهلاكية الصينية فى تصاعد كبير، الا ان إنتاج الكثير من تلك السلع يتم انتاجه بالفعل في البلاد من قبل الشركات الأجنبية: والصين اليوم ليست فقط أكبر سوق للسيارات في العالم ولكن أيضا أكبر منتج ، وبعبارة أخرى، سيارات تويوتا أو هيونداي التي تباع في الصين على مجال واسع لا يمكن وضعها فى خانة الصادرات لأنها يتم انتاجها وتجميعها محليا . و يقول زوهونج تشونج Juzhong Zhuang نائب رئيس بنك التنمية الآسيوي ، ان هذا يدل على مدى نجاح الصين و تحركها لاضافة قطاع التصنيع ليصب القيمة فى اقتصادها "نحن الان نرى تحولا هائلا في تركيبة التصنيع، من العمل المكثف ، للتحول نحو المزيد من المعدات المتطورة، ومعدات النقل الميكانيكي والادوات أخرى ". ويقول المحللون ان الدول الآسيوية الناشئة الأخرى ليس لديها خيار الان سوى تصعيد الابتكار و تطوير الانتاج من أجل الحفاظ على مبيعاتهم و صادراتهم إلى الصين، فدولة مثل تايلاند، التى تنتج الكثير من السلع الوسيطة اللازمة للإخراج العالمي، لديها مجال أكبر للنمو ، وماليزيا المجاورة ينطبق الأمر ايضا عليها حيث تنتج على نحو متزايد وتصدر منتجات ذات القيمة العالية المضافة مثل الآلات الدقيقة، و لكن دولة مثل الفلبين يمكن أن تخاطر بفقدان حصتها في السوق مع نمو الشركات الصينية أكثر تطورا. ويرى البعض ان المعادلة الصينية فى طريقها للتغير حيث آخذت البلاد في التحول بعيدا عن الاقتصاد الذي يستهلك الكثير من الموارد ، و التركيز على السلع ذات القيمة المضافة ، و هو امر قد يسبب مشاكل لاقتصادات التصدير بالنسبة للبلدان الآسيوية الأخرى مع اختلاف عملية النمو مع الصين، التي أصبحت بلد صناعي، و اصبح عليهم الان ان يكون لديهم حافة تكنولوجية تسمح لهم بمواكبة التكنولوجيات الصاعدة فى الصين .