قبل الكساد الحالي، تكهن بعض الاقتصاديين بان اقتصاديات آسيا التى اصبحت نشطة وحيوية جدا، والتجارة فيما بينها هامة بشدة، ستتخلص من اعتمادها التقليدي على الولاياتالمتحدة وستستمر فى النمو بغض النظر عما حدث في الاقتصاد العالمى الكبير . ان نظرية " الفصل وفك الارتباط " تهدمت بمجرد وقوع اسوأ انهيار فى وول ستريت تحت وطأة الانفاق الاستهلاكي في الولاياتالمتحدة أواخر عام 2008، مما تسبب فى كساد معظم الاقتصاد في آسيا . و قد تبين لاسيا أن المنطقة لا تزال بعيدة جدا على النجاح في مواجهة اى تباطؤ أمريكي باعتماها أكثر من اللازم على صادراتها من أجهزة الكمبيوتر، وسراويل الجينز الازرق واللعب البلاستيكية الى الولاياتالمتحدة. لذا فان مسالة فك الارتباط مازالت ضربا من الخيال. لكن المتحمسين "لعملية الفصل" قد يكونوا هم من يضحكون فى الاخر . فإنه أصبح واضحا ان آسيا تسير نحو الانتعاش، وهناك وجاهه في نظرية الفصل- من بعض جوانبها - ولكن الأهم من ذلك، أن منطقة آسيا من المرجح جدا أن يتزايد انفصالها اكثرعن الولاياتالمتحدة نتيجة للركود. الأكثر وضوحا وما يشير إلى أن النمو في آسيا، يمكن أن يتحقق من دون الغرب، هو الأداء القوي نسبيا من أكبر الاقتصادات في المنطقة فالصين حققت نموا بلغ 6.1 ٪ في الربع الأول على الرغم من انخفاض الصادرات بنسبة 17 ٪ على الاقل كل شهر هذا العام. و الهند، في الربع المنتهي في مارس، فاقت تقديرات النمو بنسبة 5.8 ٪، وحتى اندونيسيا، والذى يعتبر اقتصادها ليس واحدا من الاقتصادات الاسيوية الأكثر صحة، تمكنت من النمو بنسبة 4.4 ٪. وإن كانت هذه المعدلات أدنى بكثير مما كان لهذه الاقتصادات قبل مرحلة الركود - خاصة الصين - ما زالت هذه البلدان تمثل الاداء الافضل في العالم . ويقود هذا النمو بشكل رئيسى زيادة الطلب من داخل حدودها. .. و يمثل هذا جزء من نظرية الفصل التي ترى ان الآسيويين أصبحوا اغنياء كفاية للحفاظ على مستوى مقبول من النمو حتى لو تدنى معدل صادراتهم للغرب ووصل الى مستوى الغرق، و ذلك عن طريق بيع وشراء البضائع فيما بين بعضهم البعض. وإن كان من قبيل المبالغة - انفاق المستهلكين في المنطقة لا يمكن سد الثغرة التي تركها هبوط الصادرات الى الولاياتالمتحدة – يبدو ان الطلب المحلي هو ما يقيم أود الاقتصادات الآسيوية فى ظل التباطؤ العالمى. على سبيل المثال الصين، في مايو الماضى زاد الانتاج الصناعي بنسبة 8.9 ٪ عن الشهر نفسه قبل عام واحد، رغم أن الصادرات انخفضت بنسبة 26 ٪. والسبب هو أن المصانع الصينية زادت من انتاج السلع للاستهلاك المحلي. .. ومبيعات التجزئة زادت بنسبة 15٪ ايضا فى مايو. السلع الاستهلاكية من جميع الأنواع، فمبيعات سيارات الركوب زادت بنسبة 47 ٪ في مايو عن مثيلتها من العام الماضي، بينما ارتفعت مبيعات الاثاث 33 ٪ والمجوهرات بنسبة 29 ٪. و قد اشارت بحوث المسح الاستهلاكية في الربع الأول إلى أن الإنفاق في المناطق الريفية يتجه إلى الارتفاع. ولاحظ خبراء الاقتصاد في "جولدمان ساكس" انه " من المؤكد أن الاستهلاك أصبح أكثر أهمية كمحرك للنمو." والأهم من ذلك، يتنبأ اصحاب نظرية " الفصل " ان هناك دلائل على أن النمو في الصين هو بداية لحفز الاقتصادات في أنحاء المنطقة، لكن مرة أخرى على الرغم من ثراء الصين، لا يمكنها أن تحل محل الولاياتالمتحدة تماما بوصفها مصدرا للطلب على الاقتصادات الصغيرة في آسيا، لكن يمكن أن توفر للدول اسيوية الاخر ى عملاء جدد لم يكونوا موجودين في الماضي. الاقتصادات الآسيوية الأخرى تهيئ نفسها للاستفادة من هذا السوق الجديد، وربما الكبير جدا، وهو السوق الصينى. فعلى سبيل المثال تايوان.. بعد انهيار الانفاق الاستهلاكي الاميركي – انخفض الناتج المحلي الاجمالي في الربع الاول من العام بنسبة 10.2 ٪ - أصبح من أولويات سياسة الحكومة إيجاد مشترين للسلع التايوانية، فى مايو الماضى خرج الرئيس التايواني "ما يينج جيو Ma Ying-jeou" يقول لمجلة التايم " لقد كنا الاكثر تضررا من انكماش أسواق التصدير في الولاياتالمتحدة وأوروبا". واضاف "تعلمنا درسا واحدا هو أننا ينبغي تنويع أسواق التصدير." ومن الواضح أن الصين كانت فى عقل ما يينج جيو. انه يعمل من اجل عقد اتفاق اقتصادي شامل مع الصين التي من شأنه تخفيض الرسوم الجمركية على صادرات تايوان الى جارتها العملاقة. وكانت الصين مقصدا رئيسيا للمصنيعين التايوان، ولكن إلى حد كبير تلك الصادرات هى مكونات تدخل فى منتجات نهائية يتم جمعها في الصين وشحنها إلى الغرب. وما يعنيه هذا كله هو أن آسيا تبحث لنفسها عن مزيد من النمو في المستقبل. وبعبارة أخرى، فإن المنطقة يزداد فصلاقتصادها عن اقتصاد الولاياتالمتحدةالأمريكية .. و الفصل قد انتقل من فكرة إلى سياسة، وهذا الواقع قد يكون واحدا من أهم ما يترتب على هذا الركود الكبير.