جاءت زيارة المبعوث الجديد للجنة الرباعية الدولية للسلام فى الشرق الأوسط ورئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير هذه الأيام للمنطقة فى إطار الجهود الدولية لإحياء مفاوضات السلام المتوقفة منذ سبعة أعوام، وتعتبر زيارة بلير هى الأولى منذ توليه منصبه الجديد، وقد أجرى مباحثات مهمة مع المسئولين فى الأردن وإسرائيل وفلسطين، وقد اعتبر المراقبون أن المهمة الموكلة إلى بلير كممثل للرباعية الدولية حيوية بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين وللمنطقة ، وعبر وزير الخارجية الأردنى الذى اجتمع مع بلير عن الموقف العربى الهادف إلى تحقيق السلام بناء على استعادة الحقوق الفلسطينية والتوصل إلى السلام الشامل من خلال الانسحاب الكامل من الأراضى العربية والفلسطينية المحتلة، حيث أن الشعب الفلسطينى يعيش ظروف بالغة القسوة ولابد من إجراء تغيير جذرى وتعزيز قدرة الفلسطينيين على بناء مؤسساتهم الوطنية على كل المستويات . وكانت اللجنة الرباعية قد كلفت بلير فى 27 يونيه الماضى بتمثيلها فى إطار المساعى التى تقوم بها هذه اللجنة لحل النزاع العربى – الإسرائيلى وبموجب التفويض الذى مُنح له فى إطار هذه المهمة حسب رأى المحللين لا يحق لبلير التحدث مع حماس التى تسيطر على قطاع غزة منذ 15 يونيو الماضى، وكان بلير قد التقى باللجنة الرباعية الأسبوع الماضى فى لشبونة وأعرب خلال اللقاء عن تفاؤله فى إمكانات التوصل إلى السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكنه لم يشأ أن يعطى آمالاً زائفة موضحاً أن مسعاه الأول سيكون الإصغاء إلى المسئولين والانصراف إلى التفيكر .
وأشار بلير إلى أنه يشعر بأن لديه وعياً بالمسئولية التى وكلت إليه وذلك فى أول زيارة يقوم بها كمبعوث للجنة الوساطة الرباعية للسلام فى الشرق الأوسط ولكنه حذر بأن من السابق لأوانه معرفة ما إذ ا كان ذلك يمكن أن يترجم إلى حقائق ملموسة ، وطلب رباعى الوساطة الذى يضم الولاياتالمتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة من تونى بلير التقدم بخطة مبدئية فى سبتمبر القادم لإقامة مؤسسات حاكمة للدولة الفلسطينية المستقبلية .
ويرى المراقبون أن التفويض المحدود الممنوح لبلير يمكن أن يوسع فى وقت لاحق ليصبح دوراً أكثر إيجابية لإقرار السلام بين أطراف النزاع وقد لمح الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز أن تونى بلير يواجه واحدة من أكثر المهام مسئولية وإلحاحاً فى حياته العملية وأن هناك فرصة حقيقية لنجاحه وقد قام بدوره بمنح تفويض سياسى لبلير البالغ من العمر 54 عاماً والذى يُنسب إليه الفضل فى عملية سلام ناجحة فى أيرلندا الشمالية.
ويواجه تونى بلير عقبات خطيرة على طريق إنجاح مهمته فى الشرق الأوسط، فهدف قيام دولة فلسطينية يبدو الآن أبعد من أى وقت مضى بعد تقسيم الأراضى الفلسطينية بين حماس فى غزة وفتح فى الضفة الغربيةالمحتلة، وقد طالبته حماس بأن يتعامل مع حكومتها وألا يكيل بمكيالين وذلك قبل أن ينهى بلير زيارته لإسرائيل والضفة الغربيةالمحتلة اليوم ويسافر إلى دول الخليج العربية حيث يعتزم العودة إلى المنطقة فى سبتمبر القادم قبل اجتماع لجنة الوساطة الرباعية ومؤتمر السلام فى الشرق الأوسط فى الخريف المقبل .
يتساءل المراقبون .. ما الذى يمكن أن يقدمه تونى بلير للقضية الفلسطينية.. ؟ .. تشير القراءة الموضوعية للأوضاع على الأرض أن بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق والذى ظل يحكمها لمدة عشر سنوات ثم ترك منصبه منذ أسابيع لخليفته جوردن براون سيواجه مصاعب عديدة ولابد أن يتمكن من التغلب عليها كى ينجح، فكثيرمن أوراق اللعبة الفلسطينية الإسرائيلية فى يد الولاياتالمتحدةالأمريكية .. فهل يستطيع بلير بما له من صداقة واسعة مع الرئيس بوش إقناع واشنطن بتقديم بعض مما يستحقه الفلسطينيين على حساب إسرائيل، وفى المقابل هل ستقبل إسرائيل تقديم أى تنازلات من انتهاكات وتوغلات واغتيال الكوادر الفلسطينية فى الأراضى المحتلة .. فماذا سيفعل بلير أمام هذه المشكلات فى الوقت الذى ينقسم فيه الفلسطينيون على أنفسهم وكان عليهم توحيد الصوت الفلسطينى فى صوت واحد بدلاً من صوتين أحدهما من غزة والآخر من رام الله . 25/7/2007