اللهم صلي علي سيدنا محمد طب القلوب ودواؤها وعافية الأبدان وشفاؤها ونور الأبصار وضياؤها وعلي آله وصحبه وسلم. «الحب» كلمة بني عليها القرآن الكريم. فحينما كان يخرج سيدي ثوبان الراعي من دار المصطفي - صلي الله عليه وسلم - كان لا يذهب إلي بيته ولكنه كان يطوف حول بيت المصطفي - صلي الله عليه وسلم - ويقول: متي يا كرام الحي، عيني تراكم وأسمع من تلك الديار نداكم، أمر علي الأبواب من أجل حاجة، لعلي أراكم أو أري من يراكم. وفي يوم رآه المصطفي - صلي الله عليه وسلم - فقال له: ما بك يا ثوبان؟ أمريض أنت؟. حيث إنه كان يبدو متعبا. فقال ثوبان: لا يا رسول الله ولكنني أحبك. فقال له: وما الذي في هذا؟ فقال ثوبان: إنني في هذه الدنيا أراك كل يوم يا رسول الله، أما في الآخرة فلن أراك، ستكون في الدرجة العالية الرفيعة ونحن في الأدني، فلن أراك. وإذا بالأمين جبريل ينزل علي المصطفي - صلي الله عليه وسلم - ويقول له قول الله تعالي «أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من الصديقين والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا». وهنا نظر المصطفي - صلي الله عليه وسلم - إلي ثوبان وقال له: «أبشر يا ثوبان، يحشر المرء مع من أحب». فتكرم الأجساد من أجل محبة المصطفي - صلي الله عليه وسلم - ولا تبلي في القبور. وحينما سئل الإمام الشافعي عن الأجساد التي لا تبلي في القبور قال ثلاثة: الأنبياء والشهداء والصالحون. فسألوه من هم الصالحون؟ فقال: الذين أحبوا المصطفي - صلي الله عليه وسلم -. وأغمض عينيه وقال: «جسد تملك حب أحمد فيه تالله إن الأرض لا تبليه». سألت الشيخ الجليل، عن أقوي مثال ضرب في الحب. فقال انظري إلي الصديق حينما زار المصطفي ووجده مريضا في فراشه، فحزن عليه وعاد إلي داره وتملكه المرض. ومرت أيام وشفي المصطفي - صلي الله عليه وسلم -، فسأل عن الصديق فقالوا له إنه مريض. فذهب المصطفي - صلي الله عليه وسلم - إليه، وحينما دخل عليه وقف الصديق مبتهجا وقال: «مرض الحبيب فعدته، فمرضت من أسفي عليه، شفي الحبيب فزارني، فشفيت من نظري إليه». فهذا هو الصديق إذا سئل عن الدنيا وماذا استفادوا منها سيقول حبب إلي فيها ثلاث، النظر إليه والجلوس بين يديه وإنفاق كل مالي عليه - صلي الله عليه وسلم -. فحينما يقول المصطفي - صلي الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين». ويقول أيضًا: «لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين». ويقول أيضا: «لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من نفسي، وأهلي أحب إليه من أهله، وعترتي أحب إليه من عترته». ويقول أيضا: «ما اختلط حبي بقلب أحد فأحبني إلا حرم الله جسده علي النار». ويقول أيضا: «أدبوا أولادكم علي ثلاث خصال، حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن». فحينما قال سيدنا عمر بن الخطاب: «لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي»، فقال النبي - صلي الله عليه وسلم -: «لا والذي نفسي بيده حتي أكون أحب إليك من نفسك» فقال سيدنا عمر: فإنه الآن والله أحب إلي من نفسي. فقال - صلي الله عليه وسلم -: «الآن يا عمر». وكما ذكر ابن عساكر عن كعب الأحبار، أنه حينما أوحي سيدنا آدم إلي ابنه «شيث» عليهما السلام فقال: «أي بني أنت خليفتي من بعدي، فخذها بعمارة التقوي، والعروة الوثقي، فكلما ذكرت الله فاذكر إلي جانبه اسم محمد، فإني رأيت اسمه مكتوبا علي ساق العرش ثم طفت السماوات فلم أر فيها موضعا إلا واسم محمد مكتوب عليه وإن ربي أراني الجنة فلم أر فيها قصرا ولا غرفة إلا واسم محمد مكتوب عليه». ويقول - صلي الله عليه وسلم -: «إن أولي الناس بي يوم القيامة أكثرهم صلاة علي». ويقول أيضًا: «أكثركم عليّ صلاة أقربكم مني منزلة». تجلي إمام الكائنات بنوره لقلب عبيد لا علي بيت نبي تجلي بما يشفي الصدور كرامة فقلت يسيرا والمعيب يعيبني فيا ليت أرباب الفهوم علي هدي ويا ليت مستمع الحديث يجيبني.