مراسلة القاهرة الإخبارية: ترحيب إسرائيلي مرتقب بتهديدات ترامب ضد حماس    محافظ سوهاج: لايوجد تداعيات لارتفاع منسوب النيل ونأخذ احتياطاتنا    قيادى فى حماس: تسليم الأسرى خلال 72 ساعة أمر غير واقعى خلال الظروف الراهنة    وكيل جهاز المخابرات السابق: المصالحة الفلسطينية لم تعد أولوية في ظل الوضع الحالي    اليونيفيل تدعو جيش الاحتلال الإسرائيلي للتوقف الفوري عن شنّ أيّ هجمات ضدها    وفاة أحد مصابي حادث مصنع المحلة المنهار ليرتفع عدد الضحايا إلى 15 شخصا    المنيا.. النيابة تنتدب الطب الشرعي لكشف ملابسات العثور على جثة شاب داخل مزرعة بسمالوط    رياض الخولي في ندوة تكريمه بمهرجان الإسكندرية: توقعت صعود أحمد غزي ليصبح نجم مصر القادم    تعرف على فعاليات اليوم الثالث من الدورة 8 لمهرجان القاهرة الدولي للمونودراما غدا    أحمد مجاهد ل العاشرة: نراهن على أسماء دولية وعربية ومصرية بمعرض القاهرة للكتاب    القاهرة الإخبارية: ترحيب إسرائيلي مرتقب بتهديدات ترامب ضد حماس    الاتحاد الأوروبي يطلق قواعد موحدة للشركات الناشئة في 2026 لتعزيز النمو    قوات جيش الاحتلال تقتحم بلدات في نابلس وتعتقل شابين فلسطينيين    المصري البورسعيدي يخطف الصدارة مؤقتًا بفوزه على البنك الأهلي    الزمالك يدرس رحيل ثلاثة لاعبين في الشتاء.. عواد والجزيري على قائمة المغادرين    المحاسب الضريبى أشرف عبد الغنى: الإرادة السياسية للرئيس السيسى سر نجاح التيسيرات الضريبية    لمدة 6 ساعات.. قطع المياه عن هذه المناطق بالجيزة خلال ساعات    إرث أكتوبر العظيم    محمد كامل يُعلن أول قراراته: الحشد والتثقيف استعدادًا للإنتخابات    الوثائقية: اللواء عبد المنعم الوكيل نفذ عملية عبور ناجحة واستولى على خط بارليف    وزير الخارجية يثمن مساندة هايتي للدكتور خالد العناني في انتخابات منصب مدير عام اليونسكو    إيقاف عرض عدد من المسلسلات التركية.. والعبقري" من بينها    داء كرون واضطرابات النوم، كيفية التغلب على الأرق المصاحب للمرض    وزير الرياضة يحضر تتويج مونديال اليد.. ويهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم المميز    محمد صلاح يلتقط صورة تذكارية مع الكرة الرسمية لكأس العالم 2026    «طب قصر العيني» تحتفل باستقبال أول دفعة للطلاب بالبرنامج الفرنسي «Kasr Al Ainy French – KAF»    «السكان» تشارك فى الاحتفال بيوم «عيش الكشافة» بمدينة العريش    غلق وتشميع 20 مقهى ومحل ورفع 650 حالة إشغال في الإسكندرية    87 مليون جنيه لمشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة بتلا والشهداء في المنوفية    تعرف علي موعد إضافة المواليد علي بطاقة التموين في المنيا    «لرفع العقوبات».. حاخام يهودي يعلن رغبته في الترشح ل مجلس الشعب السوري    البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس نقابة الصحفيين داخل مقر جريدة الوفد    افتتاح مسجد فانا في مطاي وإقامة 97 مقرأة للجمهور بالمنيا    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة... تعرف عليها    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    «حاجة تليق بالطموحات».. الأهلي يكشف آخر مستجدات المدرب الجديد    القهوة بالحليب.. هل هي خيار صحي لروتينك الصباحي؟ (دراسة توضح)    استشاري مناعة: أجهزة الجيم ملوثة أكثر من الحمامات ب74 مرة (فيديو)    الإسماعيلي يواصل التعثر بهزيمة جديدة أمام سموحة    نتائج الجولة الخامسة من الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يعلن لجنة تحكيم مسابقة "عصام السيد"    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    سنوات مع صلاح منتصر..حكايات ملهمة لتجربة صحفية فريدة    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    الزهايمر.. 5 عادات يومية بسيطة تحمي الدماغ من المرض الخطير    تعرف على آداب وسنن يوم الجمعة    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    البابا تواضروس يلتقي كهنة إيبارشيات أسيوط    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    ضبط 295 قضية مخدرات و75 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    المصري يواجه البنك الأهلي اليوم في الجولة العاشرة من دوري نايل    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكلم الطيب - في رحاب دار الهجرة .. ولماذا دعا الرسول لأهلها؟ رجالاتها ضربوا أروع الأمثلة .. في الإيثار والتضحية
نشر في المساء يوم 10 - 12 - 2010

حين هبطت الطائرة في مطار المدينة المنورة. رأيت الأنوار تتلألأ في سمائها والأفواج من كل البلدان تملأ شوارعها. وعند الخروج من باب المطار استقبلتني مجموعات من أتباع هذه المدينة المباركة ودار حوار بيني وبينهم حول استلام جواز وبعض الاجراءات الإدارية وخلال هذه المجادلات ارتفع صوتي ثائرا ضد هذه الاجراءات التي تحد من حركة الحاج وقلت لهم اذا كان القصد الحصول علي المبلغ الخاص مقابل الخدمات التي تؤدي لضيوف الرحمن فلا حرج في دفعها فور وصول أي ضيف من هؤلاء مع زوجته ثم تسلمه جوازه لكي يستطيع التنقل بلا عوائق ومعه ما يثبت شخصيته لكن أخذ أفراد هذه المجموعة يتعللون ببعض الحجج التي لم أقتنع بها وتعالت الأصوات بصورة اثارت انتباه الآخرين خاصة ان الحوار اجتذبهم.
تدخل في الحوار شاب تبدو عليه ملامح الصلاح والورع وقال بهدوء تذكروا أنكم في رحاب الهجرة وإياكم ورفع الصوت فسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم قد استقر مقامه بها وخفض الصوت أمر واجب امتثالاً وتقديرا لأمر الله عز وجل وليدرك كل منكم ان هذا الأمر واجب سواء كان الرسول حيا أو انتقل للعالم الآخر. وحين انتهي من تلك الكلمات انخفض الصوت فورا ثم أردف هذا الشاب فائلا: تلك اجراءات ادارية ونشاركك الرأي في تعديلها. ونحن مجرد أفراد لتنفيذ تلك الاجراءات.
في التو واللحظة شكرت هذا الشاب وقفزت إلي الذهن آيات سورة الحجرات التي تنهي عن رفع الصوت في حضرة سيد الخلق صلي الله عليه وسلم. وقلت في نفسي طالما نحن في رحاب تلك المدينة المباركة فليكن السلوك الطيب في رحابها. وليكن الحديث بصوت يوميء باحترام تلك الآداب. كما تذكرت أيضا وقائع لرجالات طيبة الطيبة ومواقفهم الرائعة مع سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم حين هاجر اليهم وكيف كانت حفاوتهم بالرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه. ذكريات طيبة وشجاعة وتضحية وإيثار تعجز الكلمات عن وصف تفصيلاتها.
من تلك الذكريات التي سجلتها كتب التاريخ والسيرة وتراجم أهل هذه الديار حين قدم الرسول مهاجرا مع أبي بكر الصديق إلي داخل هذه البيوت التي خرجت قلوب أصحابها قبل ابدانهم ترحب بنبي الله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم البسمة تعلو الوجوه والفرح يملأ الوجدان التهافت والاقبال والتزاحم يكاد سد الطريق أمام راحلة سيدنا محمد- صلي الله عليه وسلم-. الكل يريد ان يحظي بشرف استضافته موكب رائع واخلاص ومحبة وأمنيات بشرف جوار رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فهاهو عتبان بن مالك. وعباس بن عباد بن نقله في رجال من بني سالم بن عوف قد اقبلا علي سيد الخلق قالا: يا رسول الله أقم عندنا في العدد والعدة والمنعة. لكنه بكل مودة قال لهما: خلوا سبيل الناقة التي كان يمتطيها فانها مأمورة فخلوا سبيلها.
انطلقت الناقة حتي اذا وصلت دار بني بياضة تلقاه زيد بن لبيد وضروة بن عمرو في رجال من قبيلتهم وكرروا ما قاله جيرانهم من قبل ومضي الركب والقلوب المؤمنة تحيط به وعند كل حي لأي قبيلة من هذه القبائل كانت الحفاوة- تزداد كرمات وأخذت الراحلة تتحرك ببطء والرسول يشكر مشاعر هؤلاء الذين التفوا من حوله. وعندما وصلت الراحلة إلي بيت أبي أيوب الأنصاري بركت هناك وهنا عرفت تلك القبائل أن الأوامر صدرت بالنزول في منزل أبي أيوب الانصاري.
رجالات المدينة المنورة قدموا كل وسائل الراحة وكرم الضيافة للوافدين إلي ديارهم من المهاجرين من أبناء مكة المكرمة وكتب السيرة تزخر بتلك الأفعال ويكفي ان الله قد أشاد بمواقف المهاجرين والانصار وحيا ايثار أهل هذه المدينة التي ضمت وتضم في ديارها سيدنا محمد- صلي الله عليه وسلم- وحين عرف أبو أيوب أنه قد نال شرف هذه الاستضافة وقف مع أهله يشارك في نقل أمتعة رسول الله -صلي الله عليه وسلم- ويقدم لناقته كل الرعاية. ويضع كل ما يملك أمام سيدنا رسول الله -صلي الله عليه وسلم -وكذلك ترك للرسول حرية الاختيار في ان يقيم بالدور الأرضي أو الثاني.. لكن الرسول -صلي الله عليه وسلم -اختار الدور الأرضي. وعندئذ قال له أبوأيوب: يا نبي الله يأبي أتت وأمي. إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي فاظهر أنت فكن في العلو وننزل نحن فنكون في الأسفل. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم بكل تواضع وتقدير لمشاعر هذا الانصاري: يا أبا أيوب ان أرفق بنا وبمن يغشانا. أن نكون في السفل أي الطابق الأرضي بالبيت.
ومن المفارقات التي يرويها أبو أيوب: أنه في أحد الأيام أنكسر إناء فيه ماء فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا. مالنا لحاف غيرها نمتص بها الماء تخوفا ان يقطر علي رسول الله- صلي الله عليه وسلم -منه شيء فيؤذيه هكذا كانت مشاعر أبو أيوب الانصاري احترام وتقدير لسيد الخلق صلي الله عليه وسلم مما يؤكد ان اختيار سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم قد صادف أهله وتلك من سمات أهل المدينة المنورة عليها وعلي سكانها سيد الخلق أفضل السلام والتحية.
أبو أيوب كان يلتمس رضا الرسول ويحرص بكل شدة علي تلبية مطالبه يقول أبو أيوب: كنا نصنع العشاء للمصطفي صلي الله عليه وسلم فاذا رد علينا فضله كنا نلتمس البركة في موضع يده وفي احدي الليالي بعث أبو أيوب وزوجته عشاء به بصل وثوم فرده صلي الله عليه وسلم ولم أر ليده فيه اثرا ففزع أبو أيوب وتوجه فورا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي. رددت عشاءك ولم أر موضع يدك وكنت اذا رددت علينا تيممت أنا وأم أيوب موضع يدك نبتغ بذلك البركة قال صلي الله عليه وسلم: اني وجدت فيه ريح الشجرة. وأنا رجل أناجي. فأما أنتم فكلوه فأكلناه ولم نضع له تلك الشجرة مرة أخري يقصد البصل والثوم.
مرة أخري يؤكد أبوأيوب انه يستحق شرف استضافة رسول رب العالمين. قلب أبو أيوب ينبض بحب رسول الله صلي الله عليه وسلم. يفزع عندما رد الرسول -صلي الله عليه وسلم- عشاءه. وبات ليلة بلا غطاء بسبب امتصاص مياه تسربت من أناء مكسور وصدق الله العظيم حين وصف رب العالمين أهل المدينة من الانصار حين قال: "والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" 9 الحشر.
أمثال أبو أيوب كثيرون في أهل هذه الديار قلوبهم تقطر محبة وحنانا وتقديرا لرسول الله صلي الله عليه وسلم ويكفيهم شرفا تلك الآية الكريمة التي تشيد بهؤلاء الرجال ولاتزال صفة السماحة والكرم تلازم أهل طيبة الطيبة. وكلما مر ذكري الهجرة النبوية نتذكر بطولات أهل المدينة ومواقفهم مع اخوانهم المهاجرين حيث انصهر الجميع في بوتقة واحدة وانضوي الرجال كلهم تحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله" انها نعمة كبري يمن بها الله علي من يشاء من عباده. ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد ولكل ذلك كان دعاء سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لهذه المدينة المباركة حيث قال: "اللهم حبب الينا المدينة كما حببت الينا مكة أو أشد. وبارك لنا في مدها وصاعها" ويحق للمدينة وأهلها أن تزهو علي كل الدنيا. بذلك الدعاء ومن قبله شهادة الله من فوق سبع سماوات. وسماحة أهل المدينة لا تزال تفيض بالمشاعر حتي هذه الأيام ويؤكد ذلك ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين وعلي الله قصد السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.