وبما أن الثورة أصبحت موضة وكل من له ومالهوش بقي بيعمل ثورة ...ولو ثورة مضادة حتي اهي ثورة وخلاص ..فكر السادة الشحاتين والشحاتات بفتح التاء أو كسر دراعها لتصعب علي خلق الله ..في أفكار جديدة مستلهمين روح التغيير ..فبينما انت راكب الاتوبيس لا بيك ولا عليك عائدا الي منزلك – ان وجد – وبينما تتصبب عرقا وتحاول ان تهوي علي نفسك بالجرنال او بايديك حتي يفك الله كربك وزنقتك في مقعد الاتوبيس الغير مريح بالمرة ..وبينما احدهم يكاد يفعصك او يرتمي في حضنك من الزحام الشديد تجد صوت أجش ظهر مرة واحده في وسط الاتوبيس ..اسمعوني يا اخواني اسمعوني ..ياعم طيب قول واحنا نسمع ولا هنسمع الاول يعني .فينطلق الكروان المبحوح ..انا عمري ما مديت ايدي ..علي اساس اننا عايشين معاك وعارفينك من صغرك ..انا كنت بشتغل وبكسب كويس وبصرف علي بناتي علشان اعلمهم واسترهم – ربنا يوفقك يا حج ..ولو ان تعليمهم مش هيجيبلك شغل ليهم ولا هيضمن تستيرهم ده ..انما جو اون يا كوتش ...وكنت بابيع أنابيب وفي يوم طلعت اودي انبوبه في عمارة وسبتها عليها تلات انابيب ونزلت مالقيتهاش ..تبدأ الموسيقي التصويريه بشويه نهنهات وشويه دمواع خفيفة او احمرار للعين ..وشحتفه انفيه ..ساعدوني استر بناتي ..الانابيب غاليه ومش عارف اجيب غيرهم وربنا شاهد عليا ..انا مش شحات ولا بكدب ...ويبدأ السادة اصحاب القلوب الرهيفة والعقول الحنينة في مد ايديها في جيوبها لتطلع ببعض الجنيهات وتضعها في يد الحج بتاع الانابيب ..بينما اخذت افكر في عدة اسألة اراها منطقية ..ولو من وجهة نظري ..يعني حضرته مش لاقي ولا مصدر دخل يجيب بيه تمن الانبوبة ..ولا كان محوش اي فلوس تجيب تمن انبوبه ..ولا حتي يستلف تمنها ..؟؟ طيب بلاش هوه لازم يتملك الانابيب ..مفيهاش ايجار جديد دي كمان ؟؟؟ ثانيا ..ليه هذا الرجل الصحيح البدن لم يفكر في اي عمل شريف يعتمد عليه ولو لبضعه اسابيع حتي يتمكن من تحويش مبلغ يتصرف به ... لماذا أصبحت هذه المهنة – ان صح التعبير- أسهل ما يمكن ان يقوم به اي شخص يحتاج للمال بلا جهد وبلا تعب ..بينما يقوم هناك اناس لديهم ماء الحياء في وجوههم - يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف - فيمكنك ان تري في نفس الاتوبيس بعد دقاءق معدودة احدهم يحمل بعض الاشياء البسيطة فوق كتفه ويبيعها للركاب بسعر بسيط ويتكسب منها قوت يومه ورزق اولاده ...فرأيت احدهم وقد بترت اصابع يده واصبحت بكف اليد فقط دون أي أصبع ولكنه يحمل كيسا بلاستيكيا ويبيع فيه أستك – استك منه فيه – واخرين يبيعون بنس الشعر والصمغ والمفكات وكل ما يمكن حمله...وهو خير لهم ألف مره من ان يسألون الناس فتعطيهم وتمنعهم ... ناهيك عن طوفان السيدات والفتيات المنتقبات التي تظهر علي شاشة الاتوبيس وتحلف خمسين يمين انها ارمله وبتجري علي عيالها ..مش عارف بتجري ليه ..وتستعطفك بكوكتيل ادعية وتستحلفك بالنبي ..الهي تزور قبر النبي ويوعدك بزيارة الكعبه قادر يا كريم ..الهي ما يرقدلك جتة قادر يا كريم ...الهي ما تشوف وحش ..الهي ما يحوجك لخلقه ..وهلم جرا من الادعية التي تشد يدك شدا الي جيبك لتعطيها اللي فيه النصيب ..اتمني ان يأتي اليوم الذي يصبح هناك شرطة للتسول ..لكن شرطة حقيقية مش زي الداخلية كده تعلقهم من رجليهم في القسم لحد ما يقسموا معاهم فلوسهم ..لا شرطة ذات شق اجتماعي ويتبعها مؤسسات اجتماعية تأهيلية لتقييم هذه الحالات التي تستحق الاعانة والعلاج فعلا ام تستحق العقاب ...لانه ببساطة بانتشار هذه الظاهرة السخيفة سيصبح من السهل علي كل موظف حكومة مرتبه 360 جنيه في الشهر ان يعمل أوفر تايم في الاتوبيسات يشحت فلوس عشان يشتري لبس المدارس وياميش رمضان.