يسير العالم خلف شاب أمريكي في العشرينات يقول عنه أصدقاؤه إنه مشوش ومرتبك نفسيًا ومهووس بملاحقة الفتيات وكان هذا هو السبب الرئيسي وراء اختراع ال facebook وترجمته الحرفية «كتاب الوش». اسمه مارك ذكر برج (وهو «ذكر» بالفعل إذ استطاع أن يحبسنا جميعًا داخل صندوق الفيس بوك) ويحتل حاليًا مكانة متميزة في قائمة أغني 100 شخص في العالم، ضرب ضربته وعثر علي كنز علي بابا بالصدفة بينما يؤسس شبكة للتواصل مع زميلاته في جامعة هارفارد فأصبح العالم كله علي اتصال به من خلال هذه الشبكة. مارك يجني الملايين كل شهر بينما أراقب نفسي والناس لأفهم ما الذي أصابني نتيجة التورط في هذه الشبكة. يوميًا يضيع وقت طويل في اختيار الجملة التي تصلح كستاتيو.. أظل طوال اليوم أتأمل ما يقوله الناس من حولي وأدقق الاستماع إلي كلمات الأغاني وأترقب أي إفيه طائش، بحثًا عن الجملة التي تستحق هذا الشرف. الستاتيو هذا الاختراع العبقري يمنحك القدرة علي الرد علي من يضايقك بالتلقيح، أو لفت نظر من وقعت في غرامه حتي يشعر بك، أو تفريغ شحنة غضب ألمت بك لسبب شخصي أو عام، بل إنك أحيانًا تخاطب الله عبر الستاتيو، تدعو أو تشكو أو تحمد أو تطلب منه الدعم، يصلح أحيانًا كلوحة إعلانات تروج من خلالها لأنشطتك الإبداعية، ويصلح كجدار في حمام عمومي تكتب عليه ما لن تجرؤ علي التصريح به في أي مكان آخر، وهناك من يستعمله كميكروفون يخاطب الناس من خلاله كرجل حكيم يمتلك وجهة نظر - غالبًا مفرطة في السذاجة والركاكة - يصر علي أن تصل إلي الناس، وهناك من يعتقد أن الناس مشغولة بحالته المزاجية فيقدم لهم تقريرًا عنها عبر الستاتيو مع كل تغير فيها، هناك من يستخدمه كمقال نقدي يقدم فيه رأيه الذي لم يطلبه أحد في أي عمل فني جديد، هناك من يستخدمه بحثًا عن الشهرة بكتابة كلام إما صادم أو غامض، هناك من يستخدمه لتنبيه الناس لأنه فقد موبايله ويحتاج إلي أرقامهم من جديد، أو أن ثمة هاكر اخترق حسابه ويطالب الناس بعدم التعامل معه أو الرد علي أي رسائل تصل من حسابه، أو لأنه لديه مشوار في شارع البرقوقي ويسأل الناس كيف يصل إليه (هما قالوا لك فين؟) أو لأنه سيكون موجودًا اليوم في برنامج «بابا جاب موز» علي قناة الأسرة والطفل في الخامسة عصرًا ليحث الناس علي مشاهدته ربما أو ربما يود أن يعرف لو فيه حد عايز حاجة من هناك، هناك الطامة الكبري هؤلاء الذين يحسبون أنهم ساخرون وهم تجار بيض بلدي يقفلون لك يومك بدري بدري بستاتيو من مدرسة الفنان محمد عوض، هناك من يستخدمه كمنصة في فرح بلدي ويصعد لينقط بورقة بخمسين ليشارك في تحية من أجمع الناس علي استحقاقه لها (اشمعني أنا ماانقطش؟)، هناك الطيب الذي يعتقد أن الناس ستنتظر بالفعل آخر ابتكاراته (انتظروا.. كتاب «خدوني معاكوا يا هافجّر نفسي» قريبًا بالمكتبات)، هناك المتواضع الذي يصف نفسه كل يوم بطريقة جديدة (حمادة الجامد: عيبي إني صريح)، وهناك من يكتب الستاتيو من علي شازلونج الطبيب النفسي مفاجئًا الناس باعترافات جريئة كل يوم، هناك من يستخدمها للتهديد (هانفخك)، هناك المتعصبون كرويًا (الزمالك فرحانين بفوز الإسماعيلي.. لولا البياض والصفار ما كان هناك بيض)، وهناك من يستخدمه كصفحة وفيات قد يرثي فيها شخصية عامة أو عائلية أو قد يرثي من خلاله قلبه الذي صدمته حافلة غبية أو قيمًا لم يكن يعرف أنها قد ماتت منذ زمن كالإخلاص والأمانة وكل هذا الندب الذي ستجده بسهولة علي مؤخرة أي ميكروباص (الناس مالهاش أمان). تكتب الستاتيو أحيانًا وليس في بالك الناس.. ثمة شحنة ما تتراكم بداخلك ضاغطة علي أعصابك تنتظر اللحظة التي ستعود فيها إلي البيت لتدخل الفيس بوك وتكتب الستاتيو فتهدأ، وأحيانًا تكتبه لأنك تشعر بوحدة قارسة وتود أن تتواصل مع آخرين فتكتب ما يبدو كلمبة نيون قادرة علي اجتذاب الفراشات لتلهو معها. ولكن هل كل الفراشات تستحق هذا الشرف؟.. نبقي نشوف الموضوع ده بكره إن شاء الله.