«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يفعلون في «الفايس بوك»: كتّاب من مصر وسوريا ولبنان والمهجر يبسطون تجاربهم
نشر في نقطة ضوء يوم 19 - 03 - 2010

لم يفكر تلميذ هارفرد مارك زوكربرغ، الطالب في الجامعة الذائعة الصيت، قبل ستة أعوام، أن يبني ناديه الاجتماعي الافتراضي الفيس بوك «كتاب الوجوه» ليجتاح حياتنا الالكترونية الكومبيوترية، إذ ظن أن الفكرة لن تتجاوز أسوار جامعته المرموقة، لا بل ان حيازة بريد الكتروني موسوم باسم الجامعة المتشاوفة، وضع كشرط نهائي وغير قابل للمساومة لدخول هذا المحفل الالكتروني. سوى أن لكل حدث مهم، قبل وبعد: قبل الكهرباء، قبل الطائرات والهواتف الثابتة والمنقولة والنقالة، قبل جراحات القلب واستنساخ كائنات! لم يفكر تلميذ هارفرد، جامعة النخب الفكرية والمالية الأميركية، أن مشروعه الذي بدا متواضعاً، آيل للتحول إلى ظاهرة عالمية وسلاح تستعمله الأنظمة وأجهزة المخابرات والمعارضون وشركات الإعلان على حد سواء. ما هو الفيس بوك؟ ما هو كتاب الوجوه؟ وكيف تحول بنقرة زر إلى بابل تتداخل فيه اللغات وتتشابك العلاقات حد أن بعض البلاد تحاول منعه ومراقبته؟
يقول مؤرخو الانترنت ان فيس بوك الذي انطلق عام 2004 والذي بات اليوم يضم 300 مليون وجه ووجه والرقم في تزايد كل دقيقة ويزن مادياً 800 مليار دولار أميركي، قد استفاد من تجارب بداياته، وراقب بدقة منافسيه الكثر فمارك زوكربرغ لم يدع الريادة يوماً إذ ان الفكرة موجودة قبل أن يقتحم بيل غيتس بحواسيبه وبرامجه حيواتنا. فلكل جامعة أميركية ناد فعال ونشط لخريجيها، وما الفيس وغيره من السوبر مواقع التفاعلية إلا تتمة معاصرة ومعدلة لهذا النوع من التجمعات. مع نجاح الفيس واستحالته الأول بين منافسيه، غادر مارك زوكربرغ جامعته لتطوير أعماله بتشعباته القانونية والتقنية والمالية، وصار للشاب المتسرب من هارفرد اسم رنان يزن بالمليارات جوار العمالقة الذين فكروا وطوروا غوغل وأبل وميكروسوفت.
الناظرون إلى الفيس بوك بريبة وأسئلة كثيرة وأحكام أحياناً، لا يعرفون ماهية فوائده الجمة وضوابطه التي تزداد تعقيداً يوما بعد يوم. من المحال إقناعهم بخوض التجربة، سوى أن سيرورات الحياة العصرية سوف توصلهم إلى الفيس، تماماً كما وصلوا بعد ريبة وأسئلة وتلكؤ، إلى الهاتف المنقول وإلى البريد الإلكتروني، هذا وقد يصبحون من أشرس المدافعين عن تلك الفكرة الالكترونية التي تُمتّع وتؤنس وتفيد وتُقلق، خاصة أنها تتيح لأي كان الإقامة فيها لممارسة ما يشاء، خصوصاً من يعنيهم الإبداع قراءة وكتابة، فلهم ان يعبروا عن أفكارهم ويصوغونها وللقراء تقييم قوة بناها وأسسها. ثم هل هي ملاذ من يعاني الوحدة، فيدخل مباركاً إلى سطوة حضورها لتنتشر حوله حلقات الأصدقاء. سيادة، شئنا أم أبينا، سواء لناحية نشر النتاجات، إلى حلقات الدردشة والنميمة وتبادل المعارف والأسرار الشخصية، والتعامل الاقتصادي وحتى اقتراض الأموال في لحظة تجل الكتروني نادرة.
يمكننا تحليل هذا النظام من خلال مرتاديه، أو المدمنين عليه، أو حتى زائريه في أوقات متقطعة، علّهم ينقلون لنا خبراتهم، وتجاربهم، وعلاقتهم بالفيس بوك، مع رشا الأمير، ومنذ المصري، وابراهيم فرغلي، وعماد خشان، وسمر يزبك، ومحمد صلاح العزب، ولنا عبد الرحمن، ومحمد خير، كان هذا التحقيق للوقوف على المزيد من المعرفة عن علاقة معاصرينا بهذا الفوروم السجالي العملاق: ما الفيس بوك بالنسبة لك؟ أيفيدك؟ يُمتعك أو يقلقك؟
رشا الأمير: أفراح العالم وأتراحه
الروائية والناشرة رشا الأمير ذات الباع الكومبيوتري المتقّدم تقول في إجابتها:
قبل أربعة أعوام وصلتني بالبريد الالكتروني دعوة من صديقة يستحيل أن أردّ لها طلباً للانضمام إلى عصبتها، قيد التأسيس أيّامها، الكائنة على كتاب الوجوه الذي حظي، ولا يزال، بموجة عارمة من الترويج الإعلامي. عن غير اقتناع راسخ وافقت. ثم تشاغلت إذ بدا لي الفيس، عن جهلي بشعابه، بدعة وموضة ووهماً (بروبغندياً) من أوهام تلك القرية الكونية التي روّج لها توماس فريدمان ملك ملوك المواطَنة الحرّة والعولمة السعيدة!
ذات يوم سجّلت اسمي وتجاهلت الموضوع، بيد أن التكنولوجيا صاحبة الذاكرة اللجوجة ظلّت ساهرة عليّ، وأخذت الدعوات إلى إضافة قريب أو زميل تطلّ عليّ بين الحين والآخر داخل صندوق بريدي. ثمّ، وأنا أقرأ في أحوال بلدين عزيزين هما مصر وإيران، أيقنت أنّ شيئاً ما خطيراً يحدث على هذا الفوروم العملاق، فقررت أن أتنشّط كي لا يفوتني الرّكب. فشمّرت وقرّرت أن أفهم ديناميكيّة وأبجديّة التفاعل على صفحات هذا الوجه الجبّار الحامل هموم وآمال آلاف الوجوه والمفضي لا محالة إلى واقع حلو ومرّ ومؤلم وسعيد، قد لا نتمكّن فيه من اجتراح ما نصبو إليه من معجزات وصداقات، بيد أننا، بالينا أم لم نبال، شركاء فيه.
مع اشتداد سواعدي الفيس بوكيّة، وبعد أن لممت ما تيسّر من أشتات قبائلي وعُصبي بعضها ما زال عاصياً لليوم ولم يقتنع بجدوى هذا اللقاء الساحر والمفيد صرت أطلّ كلّما اتّسع وقتي ومزاجي على ربعي المترامي الذي يبدأ من البيت حيث رفيق دربي وأنجاله، ويصل بي إلى نشاطات متحف إدوارد مونش في أوسلو، مروراً بصفحة رينير ماريّا ريلكه الشاعر وبأخبار كوكبة من الزملاء والأتراب، جلّهم على دروب الكتابة والموسيقى والسينما والقضايا بكلّ صنوفها. يغلط من يظنّ أن الفيس ساحة للتسكّع والدردشة والترويج ليس إلا. إنها كذلك أحياناً: راحة حلقوم من استرقّهم الحاسوب لساعات طويلة، كذلك وأكثر. فمن شاهق هذا المنبر اللاهي المُدني بنقرة زملاء وأحبابا، يخاطب واحدنا، إن شاء، وكيفما شاء، بضجيج أو صمت، بجهر مرضيّ أو تحفّظ، من أجل الترويج أو التجييش لقضيّة أو احتفال، يخاطب عشيره، فرادى أو جماعات، متخيّراً ما يحلو له من مقالات ومواضيع، مكحّلاً أنشطته بصور وأفلام وأغان. بين لهو وجدّ، يتشارك أهل الفيس أفراح العالم وأتراحه. بلى، نتقابس ونتحابّ ونتصادق بعضنا يتشاتم على صفحات وجوهنا؛ وبلا أوهام ورديّة حول مآلات العالم، أتمسّك بلحظتي هذه وبهاتف لذيذ موصول بالشبكة وبكتاب الوجوه الحبيبة تالياً يبهجني وجوده ويطمئنني.
عماد خشان: طابع أنثوي
عماد خشان، كاتب فلسطيني يعيش في نيويورك، وله وجهة نظر معرفية بهذه الوسيلة التكنولوجية، على الرغم من تسجيله حذره منها، ودخوله المحسوب الى رحابها وفضائها:
معرفتي بالفايس بوك قليلة وجديدة ويشوبها الحذر.
الفايس بوك كأداة تواصل او اعادة اتصال هو موقع ممتاز ويستحق لقب موقع «لم شمل» لاني عن طريقه اعدت الاتصال مع زملاء دراسة واصدقاء واساتذة فقدت الاتصال بهم من ربع قرن. واستطعنا ان نعود باتصالاتنا وصداقتنا الى قديم عهدها وخارج نطاق موقع فايس بوك وفي العالم الحقيقي لا الافتراضي. وبذلك فإن هذا الموقع فيه جانب اقرب الى الخيال من حيث اننا كثيرا منا ما كنا نتساءل ان كان من طريقة لاعادة التواصل مع اعزاء فقدنا الاتصال بهم فاذا به قد صار ذلك ممكنا بشرط ان يكون الشخص المطلوب من اعضاء الفايس بوك ايضا. فايس بوك والانترنت لا يحدهما الزمان ولا المكان. ليس لدي معلومات دقيقة عن مدى تأثر عدد الحضور بالاعلان على فايس بوك الا اني اعرف ان الاعلان على فايس بوك ساعد بالوصول الى عدد اكبر من الافراد وساهم في لفت نظرهم الى تلك القضية. وكما هو معلوم فإن الرئيس الاميركي الحالي باراك اوباما استعمل التكنولوجيا الحديثة بما فيها فايس بوك بشكل ممتاز واستطاع ان يصل الى عدد اكبر من الناخبين خاصة من الشباب وذلك بكلفة اقل بكثير من الوسائل التقليدية مثل الاعلانات التلفزيونية والاذاعية. وقد ادرك منافسو اوباما من الحزبين ذلك بعد خسارتهم وسيكون لوسائل الاتصالات هذه دور اساسي في الحملات المستقبلية من حيث الوصول الى شريحة اوسع من الناس بشكل اسرع وكلفة اقل. ولموقع فايس بوك طابع انثوي من حيث انه يبني مجتمعات شبيهة بالمجتمعات البشرية الحقيقية، ولهذا لاحظت انه من بين الكثير من تطبيقات الانترنت فان الفايس بوك هو الاكثر شعبية عند الفتيات والنساء من حيث انه يبقيهن على تواصل دائم مع الاهل والاصدقاء او انه يعطي الشعور بذلك التواصل والتلاقي حتى وان لم يكن في كل ساعات النهار على الانترنت وبذلك هو اقرب الى التفكير العملي للسيدات والسلوك الاجتماعي اي غير الانطوائي. وبذلك فان فايس بوك هو مجتمع افتراضي مواز للمجتمع الانساني وقد ينوب احيانا عنه في حال تعذر التواصل البشري المباشر كما في حال المغتربين او كما حصل اثناء الاضطرابات التي جرت في ايران حين منعت الحكومة هناك الصحافيين من التغطية. هي ثورة التكنولوجيا تساهم في الحراك الاجتماعي وفي الصراعات السياسية سواء كانت عن طريق الانتخابات او الاشتباكات. ولعل مقدار نجاح كل اختراع جديد هو بمقدار مساهمته في تسهيل الحياة اليومية للبشر بكل اشكالها. ومنذ ظهوره حتى الآن فان فايس بوك يبدو عاملا فعالا في كل نواحي الحياة بغض النظر عن بعض مساوئه ان كان من ناحية الادمان او ناحية فقدان الخصوصية او استجلاب نظر من ليس مأنوسا. وقديما قيل «خير الامور الوسط» وهو قول ما زال سليما وسيبقى مهما تغيرت التكنولوجيا واشكال الحياة لان الثابت الوحيد الذي لا يتغير في كل المعادلات هو الانسان.
سمر يزبك: عالم متلصص ومخيف
سمر يزبك، الروائية السورية والناشطة في حقوق الإنسان، تعتبر أن تسمية «افتراضي» الذي أطلقناه على الفايس بوك هي تسمية مغلوطة، والأحرى البحث عن تسمية أكثر دقّة، من كون هذه الظاهرة غدت أكثر من واقعية:
لا يمكن الحديث عن الفايس بوك بوصفه ظاهرة حداثية بالمعنى الحقيقي، فالعالم الافتراضي نابع من نفس المنطقة التي كانت موجودة في داخل النفس البشري، او بالأحرى وجوده قائم عليها، في ان الانسان كائن تواصلي بطبعه واجتماعي يميل للعيش ضمن تجمعات، فكيف اذا كانت هذه التجمعات الافتراضية تتيح له فرصة للتعبير اوسع بكثير مما تتيحه التجمعات الواقعية، وكلمة افتراضية اعتقد أنها غير دقيقة ويجب استبدالها بكلمة اكثر دقة. الفايس بوك لم يعدى افتراضيا وشبكة العلاقات القائمة عبره هي تأسيس لظاهرة اكثر واقعية مما قد نتخيل. دخلت الفايس بوك قريبا، وهو لم يشكل لي غواية بالمعنى الحقيقي سوى من جانب واحد قائم على الاكتشاف والبحث، وربما سرعة وسهولة تواصل الآخرين معي. اجده في احيان ممتعاً ومسلياً وفي احيان اخرى يكرس ثقافة اقل عمقا مما يجب، في دخول الى المجموعات التي تتحدث مثلا عن كتاب ومبدعين اجدها بالكاد تلامس حقيقتهم. أو الحوارات التي اتابعها بين الأصدقاء وفي الوقت نفسه لا يمكن القول ان الفايس بوك نفسه لا يشبه الحياة، فهناك مجموعات مختلفة تتحاور وتنشأ من حواراتها سجالات عميقة. انه عالم متلصص ومخيف، لكنه شهي وجذاب ومهم. علاقتي بالفايس بوك تشبه علاقتي بالحياة. تفرضها مزاجيتي انا. قد ادخل الفايس بوك في اليوم الواحد مرات ومرات، وقد امتنع عنه اياما. لكن لذته تكمن في اللعب مع الأصدقاء والبعيدين واستحضارهم في حالة الغياب. يغريني فيه أيضا اني استطعت التواصل مع كتاب وكاتبات شباب، كان من الصعب التواصل معهم، ولعل الأهم اكتشاف العديد من المواهب والطاقات الابداعية في سوريا. بالنسبة لي يشكل هذا هماً كبيرا لا غنى لي عنه. لكن الغواية الكبرى التي يشكلها هذا العالم التواصلي هي عدم اللمس. اعطاء فرصة للفرد في تحويل علاقته بالحياة الى جزء من الخيال، فالتواصل البعيد يتيح المجال، على عكس ما يقال، في اذكاء الخيال والتصورات واللعب على ما يمكن ان يكون، فالآخر دائما في حكم التصور وصورته قائمة على التخييل حتى لو كان صديقا في أرض الواقع، لذة التواصل عبر الفضاء تجعله أشهى.
محمد خير: صداقة بلا خسارة
محمد خير، الشاعر المصري الشاب يرى في الفايس بوك كما لو انه منقذ جاء ليحل أبرز إشكالية في العصر الحديث، كما أن العلاقات الافتراضية التي تنشأ من خلاله، خالية من حسابت الربح والخسارة:
كنا نظن أن الانترنت يضيّع الوقت حتى ظهر الفايس بوك فاكتشفنا أن الماضي كان مزحة، إذ لا مقارنة بين الوقت الذي كان يضيع في فحص الإيميل أو الإبحار عبر غوغل، وبين الساعات اللانهائية التي يمكن إنفاقها في تلبية إشعارات الفايس بوك عن نشاطات الأصدقاء، إضافة الصور والتعليقات والجدل والشات... إلخ. يقول مختصو التسويق إن لكل شخص دائرة من 200 شخص يمكنه التأثير فيهم، يمكن ضرب هذا الرقم في عدد أنواع النشاطات التي يمكن أن يمارسها كل شخص على الفايس بوك ويتابعها الآخرون، لنكتشف أنه يمكن لتصفح الفايس بوك أن يستمر للأبد، لكن ذلك هو بالطبع مجرد وجه من وجوه «كتاب الوجوه»، فبما أنه لا شيء يحدث بالصدفة، فإن نجاح الفايس بوك وشعبيته الهائلة يكمنان في أنه جاء ليحل أبرز إشكالية يعانيها الانسان الحديث، ألا وهي تشتته بين غريزته الاجتماعية من جهة، وحماية عزلته الخاصة من ناحية أخرى، الفايس بوك عالج ذلك بتكريس التلصص، فيمكن الشخص أن يطلع على صور الآخرين، كتاباتهم، خواطرهم، معلوماتهم وأحلامهم، بدون أن يهدر كبرياءه بالتواصل المباشر مع كل أولئك، ليس غريبا إذاً أن غالبية المستخدمين يضيفون إلى قوائمهم أصدقاء أكثر بكثير من أصدقائهم في الحياة، إذ ان الصداقة الافتراضية أقل تكلفة بكثير في الكسب وفي الخسارة.
لنا عبد الرحمن: «ضياع الوقت»
لنا عبد الرحمن، روائية لبنانية تعيش في مصر، وعلى الرغم من كونها عضوا في نادي الفايس، ما زالت تتوّجس منه، وتميل الى الاعتقاد أنه مضيعة للوقت، الأمر الذي يجعل زياراتها له نادرة، كما تعجب من أمر المدمنين عليه:
دائما ما أتساءل إذا كان الفايس بوك فعلا يحقق تواصلا معرفيا أو اجتماعيا بالنسبة للكاتب! لقد ساعدني على التواصل مع كثير من الأصدقاء، وساهم في إعادة التواصل مع أصدقاء قدامى من أيام الدراسة، لكني ما زلت أرى أن علاقتي مع الفايس بوك مضطربة قليلا، ليس بسبب ضيق الوقت فقط، بل لإحساسي بأن الفايس بوك يسبب ضياعا للوقت، ومع أني أتواجد فيه، أحس نحوه بنوع من التوجس بسبب كثرة التفاصيل المكشوفة التي تسبب التشتت وتقودك من صفحة إلى أخرى فتنقضي ساعات قد لا تخرج منها بفائدة تُذكر سوى قراءة تعليق من هنا، أو أن تساهم في التعليق هناك. لذا أحيانا تمر أيام وربما أسابيع أنسى فيها الدخول إلى الفايس بوك، وأنسى تجديد صفحتي، في المقابل لا يمكنني إلا أن أتفقد بريدي الالكتروني مرة أو مرتين يوميا، أما الفايس بوك فأدخله تبعاً للوقت والظروف التي تسمح لي بتتبع أخبار الأصدقاء الذين أهتم بهم، وفي بعض الأحيان لتتبع خبر أو نص أرسله لي أحد لأقرأه، لكني ما زلت أندهش حين يقول لي بعض الأصدقاء ان الفايس بوك صار جزءا لا ينفصل عن حياتهم اليومية، ويحسون بافتقاد شيء ما حين يكونون بعيدين عنه. لم تنتبني حمى الفايس بوك إلى هذا الحد، وما زلت أحس بالارتباك أ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.