كثير من المسلسلات ينتظرها المشاهد بكثير من التوقعات والفضول هذا العام، فالوليمة الرمضانية حافلة، لكن تبقي أعمال قليلة ذات جاذبية خاصة، إما ثقة في اختيارات صناعها، أو دهشة من الاختيار نفسه، فالمسلسلات مثلها مثل السينما تنتقي موضوعاتها حسب الموضة السائدة، فبعد انتشار موضة العشوائيات في السينما اتجهت الدراما إلي نفس العالم سواء من زوايا حكايات تجار المخدرات الذين يعيشون في هذه المناطق البعيدة نسبياً عن نفوذ رجال القانون، أو من خلال أعمال اجتماعية تتعرض لمآسي سكان العشوائيات، أما المسلسلات التاريخية التي تتناول سيرة حياة شخصية ما فيبدو أنها تغرد خارج السرب، وهناك كثير من الرهانات تنتظر مسلسل (كليوباترا) وتجعله من أكثر المسلسلات التي تستحق المشاهدة بفضول وترقب، وأول هذه الرهانات هي شخصية كليوباترا وسيرتها نفسها، فقصة الملكة المصرية القديمة من أكثر القصص التي استهلكتها الدراما في العالم كله، وأصبحت حكايتها وقصة حبها الشهيرة من المحفوظات، بحيث لا ينتظر المرء جديدا فيها علي الشاشة خاصة مع مسلسل تليفزيوني طويل. ومازالت كليوباترا التي قدمتها النجمة الجميلة «إليزابيث تايلور» هي الأشهر والأكثر جاذبية وتأثيراً بالرغم من كثير من المغالطات التاريخية التي قدمتها هوليوود في الفيلم الشهير «كليوباترا» Cleopatra في عام 1963، وهناك أيضا مسلسل آخر قدم عام 1999 لم يختلف كثيراً عن الصورة الهوليوودية التي تعاملت مع كليوباترا علي أنها داهية تستخدم أنوثتها وجمالها في تحقيق مصالحها السياسية، الفرق الجوهري أن المسلسل الأخير قدم كليوباترا سمراء افريقية من خلال الممثلة «ليونير فاريلا» التي تعود أصولها إلي شيلي. إذا ماذا ستقدم «سلاف فواخرجي» أكثر مما قدمته «إليزابيث تايلور»؟ وماذا سيقدم المسلسل نفسه من جديد علي مستوي الحكي الدرامي، خاصة أن المؤرخين أنفسهم مختلفون حول سيرة حياة الملكة المصرية؟ هل سيركز المسلسل فقط علي ذلك الجانب الرومانسي المتعلق بقصة حب كليوباترا ومارك أنطونيو؟ الرهان في هذا المسلسل هو علي قدرة الكاتب «قمر الزمان علوش» علي تقديم رؤية وزاوية مختلفة تبتعد عن الروايات النمطية وتبحث في تفاصيل غير مطروقة تفسر وتبرز الملامح الأقرب للحقيقة حول الملكة المصرية، وفي قدرته أيضاً علي الإمساك برؤية درامية مختلفة لسيرة كليوباترا الشخصية الفريدة، خاصة فيما يتعلق بمشاعرها الخاصة وتفاصيل حياتها الخاصة بعيداً عن ذلك الشكل التاريخي الجاف لأحداث وتاريخ وعلاقة مصر وروما في ذلك العهد القديم. من الرهانات الأخري التي أنتظر مشاهدتها في المسلسل رؤية نتيجة ذلك التعاون السوري المصري في عمل درامي، المسلسل موضوعه يتعلق بالتاريخ المصري، وينفذه ويقوده مخرج سوري وبطلة سورية، بالإضافة إلي أنه يوجد عدد كبير من الممثلين المصريين علي رأسهم «فتحي عبد الوهاب»، وهذا النموذج من التعاون يصنع معادلة جديدة في الدراما تؤسس لنوع هجين من الدراما يمزج بين الخبرات والمواهب السورية والمصرية. ربما يكون أداء سلاف فواخرجي المتميز في مسلسل (أسمهان) وتقديمها لشخصيتها بكثير من التفاني والبعد عن التنميط والتقديس المبالغ فيه عاملا يجعلني في انتظار مشاهدة كليوباترا، إلا إذا قرر صناع العمل غير ذلك.