هوجة من الأعمال الدرامية التي تتناول الكثير من مشاهد القتل والعنف والدم في رمضان هذا العام، مما فتح الباب أمام اتهامات نقل هذه العدوي إلي الدراما التليفزيونية .. الاتهامات طالت العديد من المؤلفين والمنتجين الذين سألناهم عن تفسيرهم لهذا الأمر وما مدي تعمدهم في تقديم هذه النوعية من الأعمال في هذا التوقيت وهل المسألة مجرد صدفة أم ماذا؟! وهل انتقال العنف والقتل بشكل مكثف إلي التليفزيون هو نقلة نوعية لتغيير شكل الدراما والخروج من نطاق الموضوعات الاجتماعية وغيرها من الاتهامات التي نجيب عنها من خلال هذا التحقيق. في البداية قال أحمد عبدالفتاح مؤلف مسلسل "حدف بحر": أعتقد أن ظهور مشاهد القتل والعنف في أكثر من مسلسل درامي في رمضان هذا العام جاء بسبب العدوي من السينما التي انتشرت فيها هذه النوعية من المشاهد خاصة في الفترة الأخيرة، مما دفع بعض المؤلفين إلي التقليد والاستنساخ من السينما بدعوي اللعب في المضمون بعد نجاح بعض الأعمال السينمائية التي تعتمد علي هذه التيمة الفنية، لكن للأسف الشديد هذه النمطية جعلت السينما المصرية تتعرض للهبوط لفترات طويلة وأخشي أن يتعرض التليفزيون لنفس الأزمة في حال استمرارها في نفس الاتجاه مع العلم بأن الدراما لا تعتمد علي الموضة أو الهوجة التي تحدث في السينما. وأضاف: زيادة نسبة القتل والعنف في المجتمع المصري مثلما تطالعنا يوميا صفحات الحوادث في الفترة الأخيرة ربما يكون سببا رئيسيا ودافعا آخر وراء تأثر بعض المؤلفين بها وسعيهم لتقديم مشاهد القتل والعنف والدم في أعمالهم الفنية باعتبار أن الدراما جزء لا ينفصل عن الواقع، لكن تعمد تقديمها بصورة زائدة علي الحد ربما يكون فكرة غير صائبة لأنها بعيدة عن جمهور التليفزيون الذي يجب التعامل بشكل مختلف عند تقديم هذه المشاهد في أعمال فنية تعرض علي شاشته مثلها مثل مشاهد الحب التي يختلف تقديمها في السينما عنها في التليفزيون. ويستكمل: المعروف أنك لا تستطيع أن تكتب لافتة "للكبار فقط" علي الأعمال التي تعتمد علي جرعة زائدة من العنف غير المبرر وغير المنطقي مثلما يتم في بعض الأفلام السينمائية، وبالتالي إذا آثر رب الأسرة منع أسرته خاصة الأطفال من مشاهدة هذه الأعمال فالمؤكد أن هذه الأعمال ستفقد بريقها وجمهورها وتتعرض للفشل. وأشار عبدالفتاح إلي أن القتل والعنف والدم أدوات من حق المؤلف استخدامها طالما لها مدلول درامي، لكن لا يشترط استخدامها طوال الثلاثين حلقة، كما أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال نقل الحوادث التي نطالعها في الصحف اليومية إلي الدراما بشكل حرفي لأنها قراءة للواقع وليست انعكاساً له. - وعن بعض مشاهد القتل والعنف الموجودة في مسلسله قال: إن المسلسل لا يحتوي علي الكثير من هذه المشاهد فيما عدا مشهد رئيسي ل "خناقة" تعتبر الحدث الرئيسي لفهم حكاية المسلسل بأكملها، كما أنني لست قلقا من مسألة عرضها لأن تنفيذها تم بطريقة غير مستفزة لمشاعر المشاهدين مثلما حدث مع مسلسلي "قلب ميت" الذي احتوي علي الكثير من مشاهد العنف، لكنه لم يكن عنفاً دموياً بالطريقة التي تجعلك تنفر من هذه المشاهد. حلقة جهنمية وفي المقابل رفض محمد الغيطي مؤلف مسلسل "أدهم الشرقاوي" ما يقال عن انتقال عدوي العنف والقتل من السينما إلي الدراما الرمضانية هذا العام مبررا موقفه بقوله: تقديم بعض مشاهد القتل والعنف ليس جديدا علي الدراما التليفزيونية، فقد شهدت السنوات الماضية أعمالا كثيرة تناولت في كثير من مشاهدها القتل والعنف بشكل أكبر مما نشاهده في رمضان الحالي، وبالتالي المسألة ليست ظاهرة جديدة، لكن المؤكد أن ما نقرأه علي صفحات الحوادث من جرائم قتل وعنف وبلطجة وغيرها انعكس بقوة علي الدراما هذا العام. وأضاف: صحيح أنه من حق كل مبدع اختيار القالب الدرامي الأكثر تشويقا لعمله الفني، لكن الأهم في هذا الأمر هو طريقة المعالجة الدرامية، أي عند تقديم مشهد اغتصاب أو إدمان علي سبيل المثال تكون حرفية المؤلف والمخرج هي المقياس في تقديم أي من المشهدين بطريقة مستفزة ومنفرة للمشاهد أو العكس، وبالتالي لا ضرر في تقديم هذه النوعية من المشاهد مادامت موظفة في السياق الدرامي للعمل الفني دون إقحام لغرض بعينه. ويستكمل: عندما قدمت مسلسل "سلمي يا سلامة" عام9991 قام المخرج أحمد النحاس في البداية بتصوير مشهد قتل بطل العمل الفنان أحمد خليل بطريقة منفرة أثناء التصوير، مما اضطرني إلي طلب تعديل المشهد وتصويره مرة أخري بطريقة لا تثير مشاعر المشاهدين ضد العمل الفني، وأعتقد أن عدم نفور المشاهد من بعض مشاهد العنف التي قام بها البلطجي "كونة" أو الفنان باسم السمرة في مسلسلي "بنت من الزمن ده" العام الماضي أبرز دليل علي ذلك. السوق عاوز كده من جانبه كشف أمير شوقي منتج مسلسل "ليالي" عن سبب اعتماده علي مشاهد القتل والعنف في عمله الفني بقوله: المعروف أن مسلسل "ليالي" من نوعية المسلسلات التي تعتمد علي التشويق والأكشن، لذلك كانت هناك ضرورة درامية لتقديم هذه المشاهد لكن دون إقحام أو تعمد مقصود إضافة إلي أن الوقت قد حان لتغيير جلد الدراما المصرية من خلال تقديم أعمال مختلفة في طبيعة موضوعاتها وأماكن تصويرها عن الأعمال الدرامية الاجتماعية التقليدية. وأضاف: لم أتعمد تقديم أي مشاهد عنف أو دم في مسلسل "ليالي" لأن طبيعة المسلسل فرضت ذلك، كما أن الأكشن غير مقحم في دراما العمل علي عكس مسلسلات أخري تجد أن بعض المخرجين يتعمدون فيها إقحام مشاهد القتل والعنف بمنطق أن السوق عاوز كده أو لاستعراض العضلات. وعن بعض مشاهد القتل والعنف الموجودة في مسلسله "ليالي" أوضح شوقي: لا يوجد الكثير من مشاهد الأكشن بالمسلسل مثلما يظن البعض، لكن هناك بعض المشاهد الرئيسية التي يقوم عليها البناء الدرامي للعمل ولا يمكن الاستغناء عنها. وأضاف: مشاهد الأكشن الموجودة في مسلسل "ليالي" غير منفرة بالطبع مثلما يظن البعض، لكنها كانت منفرة بطريقة زائدة علي الحد في فيلم "إبراهيم الأبيض"، مما جعل الفيلم يتعرض للفشل مما يجعلني أخشي حدوث نفس الأمر مع بعض المسلسلات الرمضانية هذا العام التي تعمد مخرجوها تقديم بعض مشاهد الأكشن فيها رغم أنها لا تستوعب ذلك أو أضافوا هذه المشاهد لعمل توليفة جذابة للمشاهد. وحول علاقة مسلسل "ليالي" بقصة رجل الأعمال طلعت مصطفي نفي شوقي ذلك مؤكدا: هذا الأمر غير صحيح بالمرة لأن قصة المسلسل مختلفة. ضرورة درامية أما صفوت غطاس منتج مسلسل "البوابة الثانية" فقال: من السذاجة أن يسعي المؤلفون إلي نقل العنف الموجود في الشارع المصري إلي الدراما التليفزيونية، أما بالنسبة لمسلسل "البوابة الثانية" فلا يحتوي علي مشاهد عنف كثيرة، لكن هناك محاولتي اغتيال إضافة إلي بعض العنف في السجون الإسرائيلية، وبالتالي تناول هذه النوعية من المشاهد هو ضرورة درامية بحتة، كما أن التنوع في الأعمال الدرامية ما بين الاجتماعي والصعيدي، وغيره من الأعمال مطلوب وسط هذا الكم من الأعمال الفنية في رمضان هذا العام. وأضاف: طبيعة الموضوع الذي يناقشه مسلسل "البوابة الثانية" فرضت ذلك مثله مثل مسلسل "حرب الجواسيس" الذي يتناول أحد ملفات المخابرات المصرية من خلال شخصية "سامية فهمي" التي ترفض محاولات الموساد الإسرائيلي لاستقطابها للعمل معهم فيتم تجنيدها لصالح مصر لتضليل العدو ونفس الحال ينطبق علي مسلسل "هدوء نسبي" الذي يتناول معاناة الإعلاميين المشاركين في تغطية الحرب الأمريكية علي العراق وتعرضهم للموت في كل لحظة، وأعتقد أن هذه الأفكار جديدة أضيفت للدراما المصرية للخروج من نطاق الموضوعات المكررة. واختتم الناقد الفني مصطفي درويش بنفيه مسألة انتقال العنف بدعوي أنه أكثر جاذبية للمشاهدين مفسرا بقوله: العنف ليس طبيعة غالبة علي المجتمع المصري مثل المجتمع الأمريكي، وإذا كان هذا الأمر صحيحا فكان من الأولي أن ينجح فيلم "إبراهيم الأبيض" لأحمد السقا في موسم الصيف السينمائي الماضي، لذلك أري أن تعمد تقديم مشاهد القتل والعنف في الدراما المصرية هو نوع من التقليد الأعمي لأسوأ الأعمال الأجنبية، كما أنه وليد العجز عن التعبير الصحيح عن مشاكل المجتمع المصري من جانب بعض مؤلفي الدراما التليفزيونية في رمضان هذا العام. وأكد درويش: مشاهد العنف التي ليس لها ضرورة درامية أو غير موظفة توظيفاً سليماً في العمل الفني مثلما نشاهد في العديد من الأعمال الرمضانية الحالية تعكس مدي ضعف المعالجة الدرامية، لذلك يلجأ مؤلفو هذه الأعمال إلي محاولة تقويتها بمشاهد عنف لضمان جذب المشاهدين لأعمالهم .