رصد التقرير السنوي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان استمرار تجريد المواطنين في العالم العربي من الضمانات التي تكفلها الدساتير الوطنية، والضمانات النابعة من التزاماتها القانونية الدولية، وذلك من خلال قوانين الطوارئ وقوانين مكافحة الإرهاب وما يماثلها. وقال التقرير إن الحكومة المصرية علي سبيل المثال تقاعست عن تعهدها بإنهاء حالة الطوارئ، في حين احتفظت ستة بلدان عربية بقوانين مماثلة، وشددت ستة بلدان أخري قوانينها لمكافحة الإرهاب، وظل أكثر من 250 مليون شخص في العالم العربي يعيشون ظروفاً استثنائية تقوض ضمانات حقوقهم في الحرية والأمان الشخصي، والسلامة البدنية، والخصوصية، والمحاكمة العادلة. وتابع التقرير أن أنماط جسيمة من الانتهاكات قد استشرت واستبدلت الأحكام القضائية بقرارات إدارية، تكرس نظامًا قضائيًا استثنائيًا موازيًا يقوض أهم ضمانات المحاكمة العادلة، وأصبحت إجراءات مكافحة الإرهاب تكافئ في انتهاكها لحقوق الإنسان، عدوان الإرهاب ذاته علي الحق في الحياة والأمان الشخصي، كما استمرت ظاهرات الاعتداء علي الحق في السلامة البدنية، وإفلات الجناة من العقوبات. وكشف التقرير السنوي للمنظمة حول أوضاع حقوق الإنسان في الوطن العربي لعام 2009 - 2010، عن تراجع فادح في مسار الإصلاح السياسي، لم يتوقف عند تجميد البرامج المحدودة التي أطلقتها الحكومات العربية تحت الضغوط الدولية، بل امتد إلي تصفية آثارها وفق تشريعات وإجراءات تحت شعارات الإصلاح. كما رصد التقرير معاناة أكثر من مائة مليون مواطن في مناطق تراكم الأزمات في العالم العربي جراء الاحتلال الأجنبي في فلسطين والعراق والجولان وفي مناطق النزاعات المسلحة في السودان واليمن والصومال، فضلاً عن ملايين المهاجرين والمشردين جراء الاحتلال والنزاعات المسلحة، وجميعهم مجردون من أي حماية جدية لحقوقهم سواء بمعايير القانون الدولي لحقوق الإنسان أو بمعايير القانون الدولي الإنساني، في حين تتنازل البلدان العربية بسخاء عن مساءلة منتهكي حقوقهم أو حتي إدانتهم، بل يشارك بعضها في انتهاك هذه الحقوق. وتابع التقرير: «بينما تنبهت الدول الرأسمالية العتيدة للآثار السلبية للعولمة في ضوء الأزمات المالية وشرعت في مراجعة سياساتها المالية والاقتصادية، واصلت البلدان العربية تعزيز السياسات الاقتصادية التي تكرس سلبيات العولمة، وتحرم قطاعات واسعة من المجتمع من ثمار النمو الاقتصادي والتنمية». كما أكد التقرير أن الحكومات العربية لم تتخذ إجراءات جدية لمكافحة الفساد الذي أصبح ظاهرة حادة في معظم البلدان العربية، بل استأثرت بثلاثة مواقع بين البلدان الخمسة الأكثر فساداً في العالم. وقد ترك ذلك تأثيراً فادحاً في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.