حصلت «المصرى اليوم» على نسخة من التقرير الذى تقدم به المجلس القومى لحقوق الإنسان أمس الأول، إلى المجلس الدولى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدةبجنيف، حول «المراجعة الدورية الشاملة لحماية حقوق الإنسان» فى مصر. ودعا المجلس فى تقريره إلى العودة لتطبيق الانتخابات بالقائمة النسبية، وإعادة النظر فى الإشراف الانتخابى، وتنقية جداول الناخبين وتحديثها قبل انتخابات 2010. ورصد التقرير زيادة معدلات الفقر، والفقر المدقع، وارتفاع معدلات البطالة ومعاناة المصريين فى الحصول على حقوقهم، داعيا إلى تفعيل إجراءات الشفافية ومكافحة الفساد. وطالب المجلس الحكومة بتعديل التشريعات الوطنية للحد من عقوبة الإعدام، وتعزيز جهود مناهضة التعذيب، وكذلك تعزيز الحق فى الحرية والأمان الشخصى من خلال أحكام القضاء بالبراءة وتسوية أوضاع «المحتجزين الإداريين». وفى مجال استقلال القضاء جدد المجلس دعوته إلى مزيد من الضمانات التى تكفل القضاء على مظاهر تدخل السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية. ورصد تقرير المجلس تعزيز الدولة لنظام القضاء العسكرى بإضافة حق الاستئناف، كما رصد تحسين أحوال السجناء وغيرهم من المحتجزين، وطالب فى هذا الصدد بتعديل قانون السجون ولائحته. وعلى مستوى حرية الرأى والتعبير دعا المجلس إلى إلغاء العقوبات السالبة للحرية فى مجال النشر، وتعديل قانون المرافعات والإجراءات الجنائية، كما دعا إلى احترام حرية التعبير للمدونين وإصدار قانون يضمن حرية تداول المعلومات. وذكر التقرير فيما يتعلق بإنشاء أحزاب سياسية وجمعيات أهلية، رفض لجنة شؤون الأحزاب لأكثر من 75 طلبا لتأسيس أحزاب خلال العقود الثلاثة الماضية، وتطبيق قانون الجمعيات رقم 82 لسنة 2002 على تكوين الجمعيات ينص على عقوبات سالبة للحرية لمخالفى أحكامه. وانتقد التقرير قانون النقابات المهنية رقم 100 لسنة 1963، وتأخر تطبيق الحكومة لنظام اللامركزية فى شؤون إدارة البلاد، مؤكدا أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية التى جرت خلال السنوات الأخيرة شابها «مثالب جوهرية» أثرت على الإقبال الشعبى والمشاركة فيها ونزاهتها. يذكر أن المجلس التابع للأمم المتحدة سيعقد جلسة خاصة لمناقشة تقرير المجلس القومى المصرى، إضافة إلى تقريرين آخرين من الحكومة والمنظمات غير الحكومية فى شهر فبراير المقبل، بشأن أوضاع حقوق الإنسان فى مصر. وفيما يلى أجزاء من التقرير: - أنشأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة آلية جديدة لمراجعة وتقييم حالة وسياسات جميع دول العالم فى مجلس حقوق الإنسان هى آلية المراجعة العالمية الشاملة، وقد تحددت جلسة مخصصة لفحص وتقييم حالة حقوق الإنسان فى مصر وسياساتها فى فبراير 2010، مما يتطلب إعداد وتقديم ثلاثة تقارير قبل نهاية نوفمبر 2009، الأول تقرير حكومي يتم بالتشاور مع مؤسسات المجتمع المدنى والمجلس القومى لحقوق الإنسان والاتحادات والنقابات، والتقرير الثانى يعده مكتب المفوض السامى لحقوق الإنسان فى جنيف ويتضمن تجميعاً لكل ملاحظات اللجان التعاهدية التى تشرف على تطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان التى صدقت عليها مصر، بالإضافة لملاحظات المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة مثل المقرر الخاص بالحق فى الغذاء أو مكافحة التعذيب أو الإرهاب أو العنف ضد المرأة.. ويعد التقرير الثالث مكتب المفوض السامى لحقوق الإنسان ويتضمن ملحقاً لتقارير يقدمها بشكل مستقل المجلس القومى لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية المصرية. ونوجز فيما يلى اقتراحات الإصلاح التى سبق تقديمها من المجلس القومى لحقوق الإنسان والمقترح الأخذ بأكبر عدد ممكن منها خلال 2009. أولاً إنهاء حالة الطوارئ والإجراءات المتعلقة بها: - يظل هدف المجلس إنهاء حالة الطوارئ، وأن تراعى أى إجراءات قد تتخذها الحكومة فى سياق إنهاء حالة الطوارئ الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والحريات العامة، والتشاور مع المجلس القومى لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى. - تسوية أوضاع السجناء وغيرهم من المحتجزين طبقاً لقانون الطوارئ واضعين فى الاعتبار أن هناك جهوداً فى وزارة الداخلية لمعالجة أوضاع هؤلاء المحتجزين، ولكن مازال هناك حالات مطلوباً تسويتها. ثانياً مواجهة قضية التعذيب والعمل على القضاء على هذه الظاهرة: - متابعة مشروع القانون الذى سبق للمجلس إعداده لتعديل قانون العقوبات ليتسق مع الاتفاقية الدولية لمكافحة التعذيب، وعلى وجه الخصوص العمل على استصدار قانون بتعديل المادة «126» من قانون العقوبات فى شأن تعريف جريمة التعذيب. - تكثيف زيارات النيابة العامة للسجون المختلفة وأماكن الاحتجاز، بما فى ذلك أقسام الشرطة، وقد استجاب السيد المستشار النائب العام لطلب المجلس فى هذا الشأن وقامت النيابة العامة بتكثيف التفتيش على السجون خلال 2007 و2008. - النظر فى إعداد مشروع قانون بشأن قاضى الإشراف على تنفيذ العقوبات وفقاً لمقترحات المجلس، أو قاضى الرعاية على نهج نموذج القانون الإيطالى، وهو لا يتعارض مع دور النيابة العامة فى التفتيش على السجون وأماكن الاحتجاز. ثالثاً مواصلة الجهود لتعزيز حقوق المواطنة: - العمل على إصدار القانون الموحد لبناء وترميم دور العبادة لأهمية دوره فى تصفية الاحتقان الطائفى. - الدعوة لإتاحة الأوراق الثبوتية أى المثبتة للشخصية لجميع المواطنين بغض النظر عن عقيدتهم الدينية.. وقد صدر أخيراً قرار وزير الداخلية رقم 520 لسنة 2009 يسمح بإثبات علامة «-» قرين خانة الديانة للمواطنين المصريين الذين سبق قيدهم أو حصولهم أو أبائهم على وثائق ثبوتية مدرج بها غير الديانات السماوية الثلاث، أو إنفاذاً لأحكام قضائية واجبة النفاذ. رابعاً حرية الرأى والتعبير: - تعديل قانون المرافعات وقانون الإجراءات الجنائية لوقف الدعاوى الجديدة التى تستخدم ضد المفكرين والكتاب والصحفيين والأدباء كأداة جديدة للإرهاب الفكرى ووقف عرض الأفلام أو إلغاء تراخيص الصحف والمجالات. - وضع سياسة عامة للتعامل مع المدونين على نحو يشجع الشباب على المشاركة فى الحياة السياسية والثقافية ويتيح التعبير عن الرأى والرأى الآخر. - إصدار قانون حرية تداول المعلومات. خامساً إصلاح النظام الانتخابى: - إعادة النظر فى القوانين المنظمة لانتخابات المجالس النيابية والمحلية لتطبيق نظام الانتخابات بالقوائم النسبية السابق تطبيقه بنجاح فى انتخابات 1984 و1987، خاصة أن المادة «62» من الدستور سمحت بتحديد أى نسبة لتمثيل المستقلين بموجب القانون، وهو ما يسمح بوضع حد أقصى لتمثيلهم دون أن يكون ذلك مخالفاً للدستور، ويتيح هذا النظام إفراز أفضل العناصر ويشجع الأحزاب السياسية والمرأة والشباب والأقباط على خوض التجربة فى مناخ موات. - إعادة النظر فى نظام الإشراف على الانتخابات لضمان نزاهتها ومصداقيتها، كما يحتاج الأمر إلى النظر فى: أ تكثيف عملية تنقية وتحديث جداول الناخبين. ب تفعيل إجراءات ضمان نزاهة الانتخابات. ج اتخاذ الإجراءات اللازمة لإجراء الانتخابات بالرقم القومى. د ممارسة المصريين فى الخارج لحقهم فى الانتخابات. سادسا تعزيز حقوق المرأة: - رفع التحفظ عن المادة «2» من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. - الإسراع بإصدار تعديل قانون العقوبات المتعلق بالعنف ضد المرأة، بما فى ذلك التحرش الجنسى وجرائم الشرف، وقد أعدت اللجنة التشريعية بالمجلس القومى للمرأة تعديلاً أرسل لوزارة العدل فى هذا الشأن. سابعاً الحق فى التنظيم والتجمع السلمى: - تعديل القانون المنظم للجمعيات والمؤسسات الأهلية بما يرفع تدخل الدولة فى الحل الإدارى، وهو ما يخالف الدستور ويحرر الجمعيات من العقبات والتدخلات الإدارية ويوسع من المساحة الديمقراطية. ثامناً الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: لايزال المواطنون يواجهون صعوبات جمة فى إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حيث تتسع مساحة الفقر والفقر المدقع، كما ترتفع معدلات البطالة، ورغم النجاح النسبى للحكومة فى زيادة نسبة النمو الاقتصادى فى السنوات الأخيرة، وتوسيعها نطاق التضامن الاجتماعى ونطاق المستفيدين من التأمين الصحى، وتوسيع فرص العمل، وطرح سياسات مبتكرة للتغلب على أزمة الإسكان للشرائح الضعيفة، والتوجه الإيجابى نحو مكافحة الفقر بشكل جغرافى محدد بألف قرية، إلا أن المجلس يرصد معاناة المواطنين فى الحصول على حقوقهم فى التعليم عالى الجودة، والمؤهل لمواجهة التنافس المحلى والعالمى والمنمى للقوة البشرية، وفى رعاية صحية تتسم بالجودة بغض النظر عن إمكانات المواطن المادية، وفى المواصلات العامة الآمنة والتى تحترم حقوق الإنسان، وكذلك فى ضمان كفاية الدخل العام للمواطن لمتطلبات حياة كريمة، ويرصد المجلس حالة المواطنين القاطنين فى العشوائيات السكنية التى انتشرت فى المجتمع والتى ينتهك وجودها حقوق المواطنين. ومن ناحية أخرى، مازال القصور فى نشر ثقافة حقوق الإنسان هو التحدى الأكبر أمام المجتمع المصرى لتفعيل الالتزام بالاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التى انضمت إليها مصر. ومع تقدير مبدأى مراعاة «الإمكانيات» و«التدرج» اللذين يعترف بهما العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والثقافية يطالب المجلس بما يلى: إصدار قانون للمساواة وتكافؤ الفرص الذى دعا إليه المجلس، وتأسيس مكتب مفوض عام لتطبيقه. - تعزيز إجراءات الشفافية ومكافحة الفساد والاحتكارات وإجراءات المحاسبة وإعادة الهيبة والاحترام لحصانة المال العام. - إنشاء شبكة ضمان اجتماعى تكفل التأمين ضد البطالة والمرض والشيخوخة، وتراعى عدالة توزيع الموارد والأعباء وحماية الشرائح الضعيفة فى المجتمع. ويطالب المجلس الحكومة بالآتى: فى سبيل حماية الحق فى الحياة لابد من تعديل التشريعات الوطنية للحد من عقوبة الإعدام وقصرها على أشد الجرائم خطورة وغلظة اتساقاً مع التزاماتها القانونية النابعة من انضمامها للعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، حيث يزيد عدد الجرائم المعاقب عليها فى القانونين العقابية بالإعدام على 70 جريمة. - وفى سبيل تعزيز الحق فى الحرية والأمان الشخصى، يتعين على الحكومة احترام أحكام القضاء بالبراءة، وتسوية أوضاع المحتجزين الإداريين ممن أمضوا فترة العقوبة، أو أعيد اعتقالهم إدارياً بعد استنفاد فترات الحجز القصوى طبقاً لقانون الطوارئ، ويطالب المجلس بالإسراع بتعديل قانون العقوبات لتوفير المزيد من الحماية للمرأة فى مواجهة العنف، وإصدار القانون الموحد لتجريم الاتجار فى الأفراد. - وفى مجال استقلال القضاء فإن المجلس مازال يدعو إلى مزيد من الضمانات التى تكفل القضاء على كل مظاهر تدخل السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية. - وبينما عزز تعديل القضاء العسكرى الحق فى المحاكمة العادلة للعسكريين والمخاطبين بأحكامه بإضافة حق الاستئناف، بقيت محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، ومحاكم أمن الدولة طوارئ بدرجاتها المختلفة تمثلان ثغرة كبيرة فى ضمانات المحاكمة العادلة، ويطالب المجلس بحظر كل أشكال المحاكمات ذات الطابع الاستثنائى. - وعلى مستوى الحق فى إنشاء الأحزاب السياسية، يضيق قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته، وآليته «لجنة الأحزاب» حرية تأسيس الأحزاب، وقد رفضت اللجنة فى العقود الثلاثة منذ تأسيسها أكثر من 75 طلباً لتأسيس أحزاب. وتأسست معظم الأحزاب القائمة عبر الوسائل القضائية، ويؤكد المجلس ضرورة مراجعة القوانين المنظمة للأحزاب لتقنين التعديلات الدستورية، وتأكيد حرية تأسيس الأحزاب وحقها فى الدعوة لسياساتها وبرامجها. - تفاعلت الحكومة بشكل إيجابى تجاه عدد من أشكال التجمع السلمى من اجتماعات ومسيرات واعتصامات خلال السنوات الأخيرة التى يغطيها التقرير، ولكن لايزال القانون يضع سلطة تقديرية كبيرة فى يد الأجهزة الأمنية على نحو يعطل أعمال هذا الحق فى كثير من المناسبات ويفضى أحياناً إلى تحول مسيرات سلمية إلى أعمال شغب تستخدم خلالها القوة المفرطة، ويطالب المجلس بمراجعة القوانين المنظمة للتظاهر السلمى وفى مقدمتها القانون رقم 10 لسنة 1914 الذى تتناقض بعض مواده مع أحكام الدستور المصرى وقانون الاجتماعات والمظاهرات رقم 12 لسنة 1923. - تأخرت الحكومة فى تطبيق اللامركزية فى إدارة شؤون البلاد إعمالاً لنص الدستور فى المادة 161، ويطالب المجلس بتعديل قانون الإدارة المحلية ليتلاءم مع مبادئ اللامركزية. - تجرى الحكومة الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية بشكل دورى منتظم فى معظم الأحيان، ورغم تعديل القوانين الانتخابية عدة مرات خلال السنوات الأخيرة شملت النظام الانتخابى والإشراف والرقابة فقد شابتها عدة مثالب جوهرية أثرت على الإقبال الشعبى والمشاركة فيها، ونزاهتها، وتعبيرها عن القوى السياسية والاجتماعية فى المجتمع. - تفعيل إجراءات الشفافية ومكافحة الفساد والاحتكارات وإجراءات المحاسبة وإعادة الهيبة والاحترام لحصانة المال العام عبر الإجراءات التشريعية والإدارية اللا زمة إعمالاً لأحكام اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التى صادقت عليها مصر وتم نشرها بالجريدة الرسمية. - إعطاء اهتمام خاص لجهود رعاية المواطنين المصريين المهاجرين والعاملين بالخارج، والذين تقدرهم الدوائر الرسمية بنحو ثمانية ملايين مواطن، وخاصة مساعدتهم على الاندماج فى مجتمعات بلدان المهجر، وحفز استمرار روابطهم مع بلدهم من خلال الحماية القانونية، وتسهيل سبل تواصلهم مع بلدهم، وتشجيعهم على استثمار مدخراتهم فى بلدهم، ودعم الأوضاع المؤسسية لرعايتهم فى وزارتى الخارجية والقوى العمالة. - مطالبة الحكومة بإصدار تشريع جديد يضمن احترام حق المواطن فى الرعاية الصحية، وألا يتأثر تلبية هذا الحق بإمكانات الأفراد المادية، وأن يتاح الوصول إلى هذه الخدمة بعدالة، وبجودة متكافئة فى جميع المناطق الجغرافية، ولكل أفراد المجتمع. - تعزيز جهود الدولة فى منع التسرب من التعليم، وإلزامها بالقضاء على الأمية بحلول عام 2015، تحقيقاً للأهداف التنموية للألفية. - وفى سياق تعزيز جهود التنمية، يجدد المجلس مطالبة الحكومة بوضع خطة شاملة فى إطار زمنى لا يتجاوز خمس سنوات لتطهير منطقة الساحل الشمالى الغربى من الألغام فى إطار تعاون دولى تسهم فيه الدول المسؤولة التى كانت أطرافاً فى الحرب العالمية الثانية، والمنظمات الدولية العاملة فى هذا المجال. - مطالبة الحكومة أن تضمن كل خططها الحفاظ على البيئة وحقوق الأجيال القادمة فى الموارد الطبيعية وحمايتها من التلوث بجميع أنواعه، والذى بات من أخطر التهديدات للحق فى الصحة والحق فى التنمية فى مصر.