تحتل مصر المرتبة الرابعة على مستوى العالم من حيث حوادث الطرق وعدد الضحايا والمصابين، وباتت مصر من بين أكثر بلاد الدنيا خطورة من حيث القيادة على الطرق. وقد تزايد عدد الحوادث مؤخرا بحيث لا يمر يوم دون أن نسمع عن حادثة طريق ضخمة يروح ضحيتها عشرات القتلى والمصابين. وعند النظر إلى أطراف قضية حوادث الطرق سوف نجدها تتمثل فى ثلاثة أطراف هى: الطريق والمركبة والسائق، ورغم وجود قوانين ولوائح صارمة فى مصر فإن الإهمال والتراخى ضرب الجميع على النحو الذى جعل من القوانين واللوائح مجرد حبر على ورق يعلم الجميع أنها لا تطبَّق بشكل عام وأن الفساد والمحسوبية والرشوة قد أبطلت مفعول القوانين واللوائح. إذا أخذنا العامل الأول فى هذه المنظومة وهو الطرق فسوف نكتشف أن غالبية الطرق السريعة متهالكة وتنقصها شبكة الإضاءة وعلامات الطرق، هناك طرق سريعة تكاد الإضاءة تختفى منها وتوجد على بعضها علامات استرشادية خادعة وخاطئة بحيث إنها تأخذ انتباه وتركيز سائق المركبة إذا أراد فهمها وفك لوغاريتماتها، كما أن غياب الإضاءة وكثرة الطرق الفرعية التى تخرج منها مركبات فى طريقها إلى الطريق السريع عادة ما يتسببان فى حوادث كثيرة. وتعد شبكة الطرق عصب النقل البرى ومن ثم لا بد أن تحظى برعاية مكثفة من قبل إدارة المرور والشرطة على النحو الذى يضمن سلامة الطرق. فى نفس الوقت فإن تجربة بوابات المرور التى تحصّل رسوم مرور السيارات، وهى ظاهرة منتشرة عالميا، المفترض أنها توفر حصيلة ضخمة ينبغى استخدامها فى تحسين حالة الطرق فى البلاد بعد أن تعرضت للإهمال التام على مدار العقود الماضية، فلا أحد يعرف وجهة الأموال المحصَّلة من رسوم المرور على الطرق السريعة، وما نعرفه أن هذه الأموال يُفترض أن توجَّه لتحسين حالة الطرق وصيانتها وشبكة الإضاءة وإقامة الكبارى على هذه الطرق. نعم هناك جهود فى الفترة الأخيرة لتطوير الطرق السريعة وصيانتها وإعادة رصف بعضها وإنارته، فهناك الطريق الذى أنشأه الجيش إلى مدينة العين السخنة وهو طريق ممتاز، وهناك جهود تبذَل لتطوير طريق «القاهرة- الإسماعيلية- بورسعيد» وهو طريق فى غاية الأهيمة لأنه سوف يخدم محور قناة السويس الجديدة، وهناك جهود جارية لتحسين وتطوير الطريق الدائرى والأوتوستراد، وهى جهود ضخمة، وسوف تنقل شبكة الطرق فى مصر نقلة نوعية، لكن غاية ما نود تأكيده هنا هو أن حالة الطرق فى مصر اليوم، التى تعد أحد أضلاع مثلث النقل البرى، بجانب المركبة والسائق، تلعب دورا كبيرا فى وقوع حوادث الطرق، ومن ثم فإن مسؤولية الدولة تتمثل فى وضع رؤية متكاملة لصيانة الطرق وتحسين حالتها، وإقامة شبكة إنارة كاملة وتجهيز الطرق السريعة بخدمات متكاملة، فلا يُعقل أن توجد طرق بطول أكثر من مئة كيلومتر دون مراكز إسعاف مجهَّزة ومتطورة، ولا توجد مستشفيات صغيرة على الطرق يمكنها أن تتدخل وتجهّز المصاب للانتقال إلى مستشفيات متخصصة، فكثير من ضحايا الأسفلت فى مصر قضوا بسبب التأخر فى نقلهم إلى المستشفيات ثم تركهم ينزفون لساعات طويلة على الطرق، ناهيك بعدم وجود خدمات طبية على الطرق السريعة التى بمقدورها أن تقوم بعمليات إسعاف أولية للمصابين. نعم الطرق ليست السبب الوحيد للحوادث، لكنها سبب من أسباب تلك الحوادث ولا بد أن تقوم الدولة بدورها فى إصلاح وتجهيز وتطوير وصيانة الطرق من خلال الرسوم التى تحصّلها بوابات المرور على الطرق السريعة والتى يمكن زيادتها على النحو الذى يوفر التمويل اللازم للإصلاح والصيانة.