** حين تشعر بخطرٍ.. أو ترى بوضوح.. خطراً يحاصر وطنك من داخله ومن الجهات الأربع خارجه.. ويرتجف قلبك خوفاً على هذا الوطن.. لأنك حتماً ستفقد توازنك وتشعر بالضياع إذا مادت أرضه تحت قدميك - لا قدر الله – وحين ترى ذلك الخطر يدنو أكثر وأكثر.. فأنت إذن في حاجةٍ إلى إعادة النظر في أولوياتك الوطنية والفكرية والثقافية وحتى الذاتية.. ** لن أتحدث عن موقفي في عهد مبارك فمن يريد أن يتحقق منه فليبحث والإنترنت خير معين، أما ورغم أنني كنت من (المفوضين) للسيسي لتخليصنا من عصابة اختطفت مصر.. إلا أنني كذلك تمنيت ألا يترشح للرئاسة.. وشرحت في مقالٍ بعنوان (مصر الحائرة بين السيسي وحمدين) أسباب رفضي لترشحه مباشرة قبيل أن يعلن عزمه التقدم لانتخابات الرئاسة.. وذلك أيضاً ثابت لمن يريد أن يتوثق.. فالإنترنت لا يجامل أحداً ولا يستر عيباً! ** الآن أصبح السيسي رئيساً شرعياً منتخباً.. ونحن جميعاً - أحببناه أو كرهناه - نعرف ثقل العبء الرهيب الذي عليه أن يحمله.. ونعرف جيدا أن الرجل قد يحتاج حزمة من العصى السحرية ليصنع بها معجزات تحتاجها مصر لتنهض من تلك العثرة الرهيبة.. وأمام ذلك ليسمح لي قارئي بوقفة قد يراها مختلفة ممن كانت كتاباتها دائما تطلب التمرد والثورة... ** واجه الشعب المصري عبر آلاف السنين أخطاراً عديدة من فيضان النيل إلى جفافه ومن احتلال إلى احتلال إلى احتلال.. أما عن مواجهته المستمرة التي لم تنقطع لفساد حكامه ونخبه ونهب خيراته فحدث ولا حرج.. قالها المتنبي في بيت خالد: (نامت نواطير مصر عن ثعالبها.. فقد بشمن وما تفنى العناقيدُ)!.. لكنه ذلك الشعب كان دائما يواجه وهو راسخ على أرضٍ صلبة.. في ظني هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها المصريون خطراً (وجودياً) يهدد ليس فقط رزقهم أو حياتهم كما اعتادوا تاريخياً إنما يهدد وجودهم ذاته.. سواء وجود المياه أو وجود الأرض ذاتها! يمكن لقارئي الغاضب الذي يتهمني (بتغيير مواقفي) أن يعود لمقالي (اختاروا: سيناء أو النهر).. مصر الثابتة في ذلك الموقع على الخريطة منذ آلاف السنين تواجه الآن ابتزازاً يهدد (بقاءها على الخريطة)!.. هذا شيء في الحقيقة موجع يقبض قلبي! ** أمام أخطار من نوع تهديد البقاء فإن المسؤولية الوطنية تحتم علينا حقاً أن نرتب مواقفنا السياسية والوطنية بمنطق (فقه الأولويات)! الأولوية أساساً للبقاء! فلنبقى هنا أولاً وتبقى لنا أرضنا.. أرضنا المهددة بالاختطاف لتوزيعها غنائم على قطاع الطرق.. بعضهم قطاع طرق من أقاصي العالم وطامعين في المزيد.. وبعضهم قطاع طرق استولوا على أرض الجيران ويسيل لعابهم على أرضنا الآن.. وبعضهم سُلبت أرضهم وأجهدهم التجوال بلا أرض فحلموا بالاستقرار وبناء دولة في أرضنا بعد أن يأسوا من استرجاع أرضهم.. تشجعهم ثقتهم أن تآمر العالم على مصر يأتي لصالح حلمهم الآثم.. العالم بالطبع لا يتآمر لأجلهم إنما لأجل تخفيف عبء وجودهم عن كاهل مغتصب أرضهم الأصلية، لنضمن أولاً بقاء الوطن في أيدينا حتى نتمكن من الحديث عن (طريقة لترتيبه من الداخل).. أما لماذا هذا (الخوف على الوطن) الآن؟ حسنا.. تعالوا نلقي بنظرة على العراق المكلوم وليبيا الممزقة الغارقة في الفوضى والدماء ووجع القلب الأكبر الذي يسمى سوريا.. سوريا الضحوكة الجميلة التي انشقت أرضها فجأة ليخرج منها وحش يصطاد.. نعم.. يصطاد.. حرفياً.. جنود الجيش السوري ويذبحهم ويسلق رؤوسهم في (حلل) ويصورها ويضع الصور على اليوتيوب! ** تدهش حقاً حين تقرأ التاريخ! ما من خطرٍ على مصر إلا ويبدأ هناك في العراقوسوريا.. ويأخذك التاريخ إلى محراب التأمل حين تراه يروي لك أن (عسكر مصر) في كل حقبة تاريخية هم من كانوا يتصدون لأخطار الشرق! من أحمس إلى قطز إلى ناصر إلى اليوم ومن بينهم وقبلهم وبعدهم.. رغم ما يرويه التاريخ كذلك ضمن ما يرويه عن وجود صراعات بينهم وبعض فساد قليل أو كثير يلوث صفحاتهم في لحظة المواجهة.. لا يوجد شيء خير كله أو شرير كله على كل حال.. إنما كانوا هم دائما لواء المواجهة ضد هذا الشر الشرقي الذي لا يتوقف منذ فجر التاريخ.. ** حين حلت مصيبة التتار على العراق وصلت الأنباء عن وحشيتهم ودمويتهم إلى مصر.. ما نشاهده الآن على اليوتيوب كان يوازيه وقتها وصف الواصلين من هناك والناجين الفارين! وكذلك رسل التتار المرسلين عمداً لوصف دمويتهم! تماماً كما تتعمد داعش الآن نشر صور رجالها وهي تأكل أكباد وقلوب جنود الجيش السوري! كان سيف الدين قطز حاكماً جديداً لمصر وقتها، وتقول كتب التاريخ إن الوضع الداخلي في مصر وقتها كان صعباً للغاية! (هل يبدو ذلك مألوفاً لك؟!)، كانت هناك بحسب تعبير كتب التاريخ: (أزمة اقتصادية طاحنة)! اعتقد أن عبارة (أزمة اقتصادية طاحنة) هي تاريخياً جزءٌ من اسم مصر! وكان هناك صراع على السلطة بين المماليك البحرية والمماليك المعزية (نسبة إلى السلطان المعز.. شيء يشبه تقريبا من نسمهم الآن أبناء مبارك أو: الفلول!) حقاً مدهش هو التاريخ! الفلول قصة مصرية قديمة! ** أراد قطز تقوية الوضع الاقتصادي المأزوم داخل مصر، ومواجهة خطر التتار الذي يقترب رويداً رويداً من الشرق، وفي ذات الوقت كان يواجه صراع المماليك الآخرين معه لاقتناص حكم مصر، كان الرجل يحتاج عصا أو عصي سحرية ليحل تلك المعضلة المصرية المستديمة! جمع المماليك المتناحرين لأجل السلطة وقال لهم: "إني ما قصدت (من الحكم) إلا أن نجتمع على قتال التتار، ولا يتأتى ذلك بغير ملك، فإذا خرجنا وكسرنا هذا العدو، فالأمر لكم، أقيموا في السلطة من شئتم".، ثم تطلع إلى المصريين (طالبا التفويض! يّ والله التفويض!) لدعم الجيش في التجهيز لقتال همج التتار.. فاستشار الشيخ (العز بن عبد السلام) وكان قاضياً مرموقاً في مصر في ذلك الزمان، فقال الشيخ العز بن عبد السلام قولاً هو بحق قولٌ تاريخي، (من المدهش حقاً أن يخالجك شعورٌ بأن مشورة العز بن عبد السلام مازالت تسري حية في مجرى التاريخ لتصل الآن إلى من يريد أن يكون قطز اليوم أو يريده القدر على رأس جيش يواجه تتار اليوم)، إذ قال العز بن عبد السلام لقطز: "إذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كلهم قتالهم، بشرط أن تبيعوا مالكم من الممتلكات والآلات، وتتساووا في ذلك أنتم والعامة، وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا "، قبل قطز وبدأ بنفسه، فباع كل ما يملك، وأمر الوزراء والأمراء أن يفعلوا ذلك، فانصاع الجميع! قلت لكم إن التاريخ مدهش! لا يصح أن نفوّت اليوم موقف السيسي من تنازله عن نصف راتبه دون أن نتوقف برهة.. نعم كنتُ معارضة لنظام مبارك الفاسد وظللت أحلم بالثورة عليه، عاماً وراء عام حتى مرت سنون الشباب كلها حلماً بالثورة! ثم وحين اندلعت الثورة في وطني كنت اقترب من الخمسين ورحت أرقب في خشوع المشهد المصري الجليل يوم 28يناير، هذا يوم لا ينسى ياوطن! لكن المعارضة (مش مزاج ومش كيف)! اليوم لا أشكر السيسي على موقفه فهو واجبه ولا شكر مطلقاً على واجب، إنما يجب أن نقر له حسن استجابته لمشورة (العز بن عبد السلام): " وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا"، شكراً ياشيخ عز! ** وصلت رسل التتار، وكان في رسالتهم المطولة جزءٌ يدهشك حقاً وأنت تحسب كم من القرون مرت بين همج التتار وهمج داعش وهمجية من يدعمها اليوم، هذا جزء من رسالتهم: " بسم إله السماء الواجب حقه، الذي ملكنا أرضه، وسلّطنا على خلقه..الذي يعلم به صاحب مصر وسائر أمرائها وجندها وكتابها وعمالها، وباديها وحاضرها، وأكابرها وأصاغرها..أنّا جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلّطنا على من حل به غيظه..فلكم بجميع الأمصار معتبر، فاتعظوا بغيركم، وسلّموا إلينا أمركم.. فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرق لمن اشتكى..فتحنا البلاد، فعليكم بالهرب، فما لكم من سيوفنا خلاص، فأبشروا بالمذلة والهوان وقد سلطنا عليكم من بيده الأمور المدبرة، والأحكام المقدرة"، يبدو أن داعش ليست مجرد جماعة إرهابية تريق الدماء الآن في أرض النهرين وبلاد الشام.. بل هي (حالة تاريخية)! ** حتى لا نغرق في التاريخ – وإن كان محبباً لي حقاً ما أضع يدي عليه فيه من كنوز – فإن قطز واجه التتار وانتصر وكانت تسانده جبهة داخلية استوعبت بشكلٍ مذهل (فقه الأولويات)! حين نحت المنافسة على الحكم جانباً (وإن مؤقتاً) وساندت جيش مصر.. وبانتهاء الحرب نفذت مصر بجلدها وشعبها وأرضها من مستنقع الشر التتاري.. فعاودت المماليك التناحرعلى السلطة.. وكان أن دفع قطز حياته ثمناً للتناحر على حكم مصر بين (الفلول)!.. أمراء المماليك.. قتلوه! ** رغم تشابه تتار عصر قطز وتتار عصر السيسي من حيث الهمجية والاتجار بالدين وجهة الاستعداد للوثوب على مصر.. ومن حيث حتمية مواجهة جيش مصر لهم لوقف زحفهم نحو أرضها وشعبها وأخضرها ويابسها.. ومن حيث ضرورة (إعادة ترتيب الأولويات) في الجبهة الداخلية.. فإن الاختلافات كثيرة بين اللحظتين التاريخيتين.. ماذا لو كان العز بن عبد السلام هنا اليوم.. أتصوره وإن كان نصح قطز نصيحة واحدة فسوف ينصح السيسي عديداً منها.. ** من (العز بن عبد السلام) إلى (عبد الفتاح بن السيسي) في آخر الزمان: اسمعني يابني وقم بوزن ما أقول تنجو بنفسك وشعبك وبلادك من الهلاك: لديك خمسة أذرع سأسمها لك كما تسمونها في عصركم.. إن لم تهتم بما تطوله تلك الأذرع.. فاعلم أنها لامحال خانقتك: # الإعلام لديك يابني فرقٌ ضالة من الصحفيين والمذيعين والمذيعات حتى في نفاقهم هم لك أذىً مبين! يقطرون على الناس جهلاً وانحطاطاً وردحاً وصراخاً سيجعل من كل كلمة مديح يوجهونها لك ضربة معولٍ في مشروعك وأركان حكمك! إن طلبت نصيحتي ياولدي فإليك بها: تخلص منهم! ليس بسجنهم طبعاً أو قتلهم، ليس إلى هذه الدرجة! فقط استغن عن خدماتهم وأطلب التغيير الشامل للإعلام من الشباب الصغار الذين تقوم فرق الرداحين تلك بتشويههم ليل نهار، أطلق سراح هؤلاء الشباب الصغار من السجون التي تلتهم زهرة شبابهم ظلماً وتحرم مصر من إبداعهم قهراً.. أطلق سراحهم واشرح لهم حقيقة الخطر المحدق بمصر مستنداً إلى معلومات تقنعهم وليست ترهبهم.. ماذا بك ياولدي؟! أنت كنت مدير مخابرات حربية وتعرف قيمة المعلومات! استعن بالشباب وغيّر العتبة، هؤلاء الإعلاميون الرداحون هم مقتلك فتفادى السقوط على أيديهم.. الإعلام يابني إن استمر رداحاً جاهلاً بهذا الشكل فحكمك في خطر.. تخلص منهم! # الداخلية لا يريحني ياولدي ما أراه من جند الشرطة بعد أن تعافوا من درس يناير، لن أقول لك ما تعلمه من حيث كنت مدير مخابرات تعلم كل شيء!.. لكنك لابد تعلم أن شعباً بملايينه خرج ذات يوم إلى الشارع غاضباً ناقماً على عنجهية وظلم واستبداد جند الشرطة.. حتى أن من فرط غضب الناس تصدوا بصدور عارية لرصاص هؤلاء الجند الذين راحوا يقتلون الناس ويصفون عيونهم بالرصاص، لا أظنك نسيت.. وإلا إن كنت نسيت فارجع إذن إلى تقاريرك التي كتبتها بنفسك لرؤساءك في العهد السابق.. أنت كتبتها بنفسك.. كتبت أن الشعب غاضب وسوف يثور! صحيح شعبك طيب ويبدو أنه نسى ويظهر استعداداً للصفح إذا بدر من الشرطة بادرة فهم للدرس.. لكن لا شرطتك تبدو فهمت الدرس يابني ولا شعبك سينسى ويصفح إن رأى ثانية ما رآه قبل يناير، أنا أعلم أنك ذكي بما يكفي أن تفهم أن: الشعب الذي تحكمه الآن ليس كمثل الشعب الذي كان صباح يوم 25يناير! أنت ذكي أعلم ذلك! فالتفت ياولدي إلى الشرطة.. هي بحق تستحق منك ثورة خاصة لإصلاحها، ومن يقاوم الإصلاح من قادتها ورجالها تخلص منه! لا اقصد أن تقتله، ليس إلى هذه الدرجة! فقط استعن بشباب الضباط غير الملوثين بثقافة العهد البائد (إن اعتبرناه أبيد حقاً! البعض يابني يشك!) استعن بهم لإعادة رسم وهيكلة إدارة وثقافة هذا الجهاز، فإن لم تثر أنت لإصلاحها ستثور الناس عليك وعليها مجدداً! قادة الشرطة الذين يقاومون الإصلاح هم عدو لمشروع حكمك، انتبه، تخلص منهم! # الحكومة نعم استطعت أن تجبر الوزراء على الاستيقاظ مبكراً! وتسعى بحزم لوضع حدٍ أقصى لرواتبهم، هذا جيدٌ! لكنه ليس كافياً، مشكلة وزراء الحكومة المصرية تاريخياً ليست (متى يصلون إلى مكاتبهم؟) إنما هي (ماذا يفعلون في مكاتبهم؟)! شعبك سيصبر سنيناً وليس شهوراً.. فقط في حالة واحدة: أن يرى من الحكومة خطة معلنة واضحة مقنعة ممكنة لتقليل معاناته، الصبر آلة زمنية اخترعها المصريون! سيصبرون.. لكن فقط قل لهم ماذا تنوي أن تفعل.. لتفكك شبكة بؤس نسجها حولهم فاسدون ملكوا مصر قبلك، لا أرى يابني من حكومتك بوادر خطة تعمل على تنفيذها.. الجعجعة بلا طحين لن تطرب المصريين الجدد! مصريو ما بعد يناير! نصيحة مخلصة ياولدي: لا تركن كثيراً إلى أحاديث (الحب والأحضان ونور العيون)! ولا يجب أن يأخذك بعيداً الإعجاب بأسلوب العندليب المحبب للنساء! ستتحول مع التكرار إلى معين نكات! احذر من الدخول في نفق نكات المصريين! ليس مطمئناً ياولدي وليس لصالحك استئساد وزرائك على الباعة الجائلين وسائقي الميكروباص والتاكسي، هؤلاء بالذات هم قاعدة عريضة لذلك الشعب.. (شعب التفويض)! وسيتحولون إذا غضبوا إلى رمال متحركة تبتلع حكمك وحكومتك! انتبه.. هذه الحكومة حتى وإن كانت نشيطة وتصحو قبل شروق الشمس فإنها واسفاه ياولدي.. ضيقة الأفق.. قديمة الخيال خاوية الوفاض من أي حلول ينتظرها بتربص شعب التفويض، يابني.. وزراء هذه الحكومة لن يثبتوا أركان حكمك بضعفهم وعجزهم.. تخلص منهم! لا تتسرع وتقتلهم! فقط استبدلهم بشباب واسع الخيال أفكاره مبهرة.. هؤلاء الشباب كُثر فمصر ولادة يابني وقد ولدت منهم الكثير، ولصالحك الاستعانة بهم.. أما هؤلاء العواجيز عديمو الخيال.. فيابني.. تخلص منهم! #الجيش أعلم أنك تنصت لما أقول.. أنا العز بن عبد السلام الشيخ العجوز.. الزاحف إليك من قديم القرون لأنصحك حباً وأملاً فيك..فاسمع مني، جيشك لحمه وعظمه من هذا الشعب وأبنائه، وماله وسلاحه من قوت هذا الشعب ورزقه، سمعتك ذات يومٍ قبيل فوزك بحكم المحروسة ترد بغضبٍ على من تجرأ وسألك عن ميزانية الجيش.. كان ردك يابني يوحي بأن الجيش فوق الشعب وأن الجيش لا يسئل عما يفعل، انتبه يابني.. منذ قرون وقرون وأنا أرى أمماً كانت تحكمها جيوش، ما من أمة منها إلا ونجحت في إزاحة العسكر عن الحكم ولو كانوا أبطالاً.. أتعرف لماذا؟ لأن الحاكم حين ينسى أن جيشه بعتاده وسلاحه هو من قلب وكبد هذا الشعب ويطمع أن يعلو جيشه فوق شعبه يخسر لامحال، نصيحة يابني.. في السياسة لا تضع جنرالا ولا فريقا ولا لواءاً! لاحظت أن المحافظين ومعظم الوزراء في الحكومة المدنية وأصحاب المناصب الهامة والنافذة في البلاد والمتحكمة في رقاب العباد معظمهم إن لم يكن كلهم يحملون رتبة (لواء سابق بالجيش)! انتبه يابني، تخلص منهم! بالطبع لا أنصح بقتلهم! لا اقصد هذا! استعن بخبرات أهل المحروسة من أساتذة الجامعات والباحثين والمتخصصين والعلماء الحقيقيين أهل العلم الحقيقي.. هؤلاء ياولدي سيرفعون شأنك حين يرفعون بلدك وأنت على رأسها حاكماً! لواء الجيش السابق لن يكون في عالم الخدمة المدنية إلا فقير الخيال أو معدومه! تخلص منهم! # الشعب شوف يابني! إذا أردت خلاصة النصح من شيخك العجوز العز بن عبد السلام فها هي: لا تطمئن كثيراً لشعبٍ أهلك ثلاث ملوكٍ في عامين! ضمنهم اثنان كانا أيضا قادة في الجيش الذي يحبه المصريون حباً جماً! وثالثهم كان شيطاناً أهطل تدعمه شياطين العالم! خرج هذا الشعب ذات يوم فأسقطهم ثم عاد إلى البيت يشاهد مسلسلات رمضان! لا تطمئن لهكذا شعب! حتى لو خرج عن بكرة أبيه يمنحك تفويضاً! شعب التفويض هذا فرح بك وأحبك ووثق في نزاهتك وسلمك رغم أنف شياطين العالم مقاليد حكم المحروسة، وهو الآن سعيد بك وراضٍ عنك ومستعدٌ لدعمك في حربك على الإرهاب.. وفي حربٍ أخرى على الفقر ضروس.. إن أعلنتها.. ويجب أن تعلنها فوراً، هو فقط وفي صمت يراقبك من خلف ستار دون أن تدري! ولتنجو من الهلاك يجب أن تدري! فإن شعر منك بالتخلي عنه وتركه وحيداً في مصيدة الفقر التي نصبها له من كانوا قبلك على عرش مصر.. فاعلم أنه.. ببساطة.. سيتخلص منك! لن يقتلك لم أقل هذا! إنما بطريقة ما سيتخلص منك قبل بدء موعد المسلسل ليعود مسرعا لمشاهدته! لن تفيد كل أجهزتك ومخابراتك وجيشك وعتادك! ولن يفيد كثيراً تكرار إلقاء الأعلام من الطائرات على الغاضبين أو رسم القلوب بسلاح الليزر من القوات المسلحة على جدران مجمع التحرير! سيقول لك وقتها أصغر طفل حافٍ: إلعب غيرها! هذا الشعب لن يمكنك التخلص منه! بل هو من سيتخلص منك إن تخليت عنه! فإن أردت نصحي فاكسب رضا هذا الشعب بإعلان الحرب، ليس فقط الحرب على الإرهاب بل الحرب على الفقر، هذا شعب عجوز يابني والشعوب العجوزة لحمها مسموم.. إن ساندت شعبك ساندك وإن أخلصت له أخلص لك وعادى كل من يريد التخلص منك! سانده يابني! ** مدهش العز بن عبد السلام! كيف عرف بحكاية القلوب المرسومة بالليزر على جدران مجمع التحرير؟! التاريخ مدهش فعلا.. شكراً ياشيخ عز ياابن المحروسة!.. أصيل والله! نعم عزيزي القارئ.. المعارضة (مش مزاج ومش كيف)! الآن لا أعارض السيسي، كيف أعارضه بتلك السرعة وقد نزلت ركضاً إلى الشارع قبل بضع أشهر كي أفوضه؟! ** عزيزي السيد الرئيس: لقد فوضتك واطمئنك أن تفويضي لك مازال سارياً! ومع باقي ملايين الشعب أنا الآن مختبئة خلف ستار أراقبك.. أمامك الكثير من المهام الصعبة فليعينك الله.. بكل قوتنا سنساندك لتواجه التتار والجماعة الإرهابية المتخلفة.. الطامعة هي ومن يمولها في بلادنا.. لكن أيضاً نريد أن نساندك لمواجهة الغول.. غول الفقر الشرس.. فماذا أنت بفاعل؟ المهلة ليست مفتوحة بلا نهاية.. انسى حدوتة الثلاثين سنة! كان ذلك مع المصريين القدماء! المصريون الجدد الآن، مصريو ما بعد يناير، يمنحون في العادة عاماً واحداً!.. وغالبا يبدأون ارتداء ملابس الخروج للشارع قبل الموعد المحدد ببضع أشهر! يُروى أن المصريين أعدوا وثيقة أسموها (تمرد) لما كانت السنة الثالثة عشرة بعد الألفين! صحيح أن مخابراتك غضت الطرف عنها وشجعتها.. (ونحن أيضا.. الشعب.. غضضنا الطرف عن تشجيعها! ونحن أيضاً تظاهرنا بأننا لا نعرف، كانت ملحمة تاريخية والله! كلٌ قام بدوره التاريخي لإنقاذ بلدنا من العصابة الإرهابية.. دفناها سوا!).. لكن المصريين غالباً سيبدأون في غضون أسابيع أو أشهر في صك اسم الوثيقة الجديدة، إذا استمرت تلك الحكومة بضيق أفقها وانعدام خيالها وفقر إبداعها! استفد من بركات الشيخ عز ونصائحه.. قال لك: تخلص منهم، تخلص منهم ذلك أفضل! بركاتك ياشيخ عز!