وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة بمسجد "التعمير" في قرية الخربة ببئر العبد في شمال سيناء (صور)    الإدارية العليا: إستقبلنا 10 طعون على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ    الجمعه 15 أغسطس 2025.. الذهب يتراجع 15 جنيها وعيار 21 يسجل 4565 جنيها    تقرير: انخفاض الصادرات الأوكرانية بنسبة 4.2% في النصف الأول من عام 2025    محافظ أسيوط: إزالة 31 حالة تعد على أراضي الدولة ضمن المرحلة الأولى من الموجة 27    «الزراعة» تطلق حملة لتحصين الماشية ضد «العترة سات 1»    بالأرقام.. «المركزي للإحصاء» يكشف أسباب انخفاض معدل البطالة    أمين حزب الله: لن نسلم سلاحنا وسنخوض معركة كربلائية إذا لزم الأمر    مفوضة الاتحاد الأوروبى للمتوسط تعرب لوزير الخارجية تطلع الاتحاد للعمل مع مصر في إعادة إعمار غزة    بسبب تداعيات الأمطار الموسمية| تحطم مروحية إنقاذ ومصرع جميع أفرادها في باكستان    يديعوت أحرونوت: الجيش الإسرائيلي يستعد لمناورة جديدة في غزة الشهر المقبل    فيبا بعد تأهل منتخب مصر: يمتلكون كل المقومات في بطولة الأفروباسكت    الكوكي: طوينا صفحة الطلائع.. ونحذر من الاسترخاء بعد الانتصارات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد فاركو    العريان: نسير بخطوات ثابتة نحو قمة العالم استعدادًا لأولمبياد 2028    ذروة المصيف بالإسكندرية.. 3 شواطئ تصل إشغال 100% وتحذيرات من التكدس    ضبط 15 متهما باستغلال الأطفال في التسول بشوارع القاهرة    غدا.. انكسار الموجة على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 36 درجة    إصابة 5 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق مصر - الفيوم الصحراوي    «سلامة قلبك».. نانسي عجرم تساند أنغام في أزمتها الصحية    21 أغسطس.. تامر عاشور يحيي حفله الأول في ليبيا ضمن مهرجان صيف بنغازي    حوار| محمد نور: لا مانع من تجربة المهرجانات.. وهذا سبب انفصال نادر حمدي عن "واما"    متحف الإسماعيلية يحتفي بوفاء النيل بعرض تمثال حابي إله الخير والخصوبة    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 47 مليونا خدمة طبية مجانية خلال 30 يوما    نجاح جراحة دقيقة لطفلة تعاني من العظام الزجاجية وكسر بالفخذ بسوهاج    ضبط مسؤول مخزن مستلزمات طبية دون ترخيص في القاهرة    فابريزيو رومانو: مانشستر يونايتد يمنح الضوء الأخضر لروما للتعاقد مع سانشو    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    تفاصيل أولى جلسات الحوار المجتمعي حول قانون التعاونيات الزراعية الجديد    ماريسكا: جاهزون للموسم الجديد.. وتشيلسي أقوى من العام الماضى    ألمانيا تدعو إسرائيل إلى وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية    أقوى رسائل السيسي عن آخر تطورات أزمة سد النهضة وحرب غزة    أمين عمر حكما لمواجهة كينيا وجامبيا في تصفيات كأس العالم    فوائد البصل، يحارب العدوى والسرطان والفيروسات والشيخوخة    جميلة عوض تعوض غيابها عن السينما ب4 أفلام دفعة واحدة    «الصبر والمثابرة».. مفتاح تحقيق الأحلام وتجاوز العقبات    أسعار البيض اليوم الجمعة 15 أغسطس    سلطة المانجو والأفوكادو بصوص الليمون.. مزيج صيفي منعش وصحي    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    الداخلية تضبط عصابة تستغل أطفالاً في التسول وبيع السلع بالقاهرة    رئيس "التخطيط القومي" يستقبل مدير المبادرة الدولية لتقييم الأثر    الأنبا إيلاريون يشارك في احتفالات نهضة العذراء بوادي النطرون    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    حزب الله: قرار نزع سلاح المقاومة يجرد لبنان من السلاح الدفاعى    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    مفتي الجمهورية يستنكر التصريحات المتهورة حول أكذوبة «إسرائيل الكبرى»    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ممدوح الشيخ يكتب: هجوم على بوفيه مفتوح
نشر في الدستور الأصلي يوم 14 - 06 - 2010

كان مؤتمراً كبيرا ًنظمته جهة حقوقية، وفي فترة الراحة بين الجلسات تم فتح البوفيه المفتوح فهجم حضور المؤتمر هجوما وحشيا وجميعهم من النخبة والمثقفين، تراجعت خطوة للخلف لأقف بجوار المسئول عن الجهة المنظمة وانفتح حوار بدأ ساخرا وانتهي جديا عن سلوك المصريين في البوفيهات المفتوحة ودلالاته.
ويتكرر هذا السلوك في الأفراح بشكل أوضح والتهافت في هذه الحالات لا يكاد يستثني أحدا غنيا كان أو فقيرا. وللسبب نفسه فإن الناس تبالغ في كمية الطعام التي تأخذها لا تعبيرا عن جوع مبالغ فيه بل عن خوف مرضي. وفي الفنادق لا يختلف الأمر بل يكون أكثر إثارة للانتباه بمقارنة سلوكنا بسلوك غيرنا من الجنسيات الذين يتصرف معظمهم بشكل مختلف تماما.
والظاهرة تكشف عن شيء أصبح يطبع الشخصية المصرية بغض النظر عن مستوي التعليم ودرجة الثقافة والوضع الاقتصادي، وهذا الشيء اسمه «ثقافة الندرة»، فنحن جميعا - تقريبا - في أعماقنا إحساس بالندرة وبأن المطلوب أقل بكثير من المعروض ولذا يجب علينا الهرولة حتي يكون لنا نصيب فيما هو متاح وبالتالي لا مانع من شيء من العنف الحقيقي أو الرمزي حتي لا نخرج من المولد «بلا حمص»!
وشيوع ثقافة الندرة في المجتمع المصري يحتاج إلي تفسير لأننا لسنا بلدا صحراويا يعيش أهله علي تتبع موارد محدودة من الماء والعشب ولم تشهد بلادنا مجاعات متكررة شأن كثير من البلاد الأفريقية، ولذا فإن شيوع ثقافة الندرة وترسخها علي هذا النحو لا يمكن أن يأتي عرضا. وبالطبع لا يعني هذا أن القناعة بفكرة الندرة هي قناعة واعية يستطيع أي شخص أن يشرحها أو يدافع عنها، بل هي نتاج عملية تربوية تتم بوسائل غير منظورة، لكنها تبلغ من القوة حداً أن أحدا لا يستطيع الإفلات منها إلا من رحم ربي.
والأنظمة الشمولية كنظام مبارك تعتبر أن من أوجب واجباتها القيام بدور تربوي تعيد فيه هندسة شخصية المحكومين بشكل منظم وواعٍ، لتأكيد صفات ومحو أخري. ولتربية المواطنين علي ثقافة الندرة تستخدم وسائل عديدة تبدأ من ألعاب الطفولة وأوثقها صلة بثقافة الندرة لعبة تسمي «الكراسي الموسيقية». وانتهاء بأزمات الاحتياجات الأساسية للمواطنين هدفها الأول والأخير تعزيز فكرة الندرة، فهذه الأزمات تمتد قائمتها لتشمل: الخبز، أنابيب البوتاجاز، السجائر، البنزين...... وفي حالات كثيرة يكون واضحا تمام الوضوح أن التفسيرات المعلنة غير كافية لتفسير ما يحدث.
وفي رواندا قبل الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1994 وقتل فيها ما يقرب من مليون من المدنيين كان الإعلام العنصري شيع حالة من الخوف من «ندرة الموارد» التي تعانيها البلاد وتؤكد لأقلية الهوتو أن الحل الوحيد للحصول علي ما يكفي من الموارد هو إبادة التوتسي!
ومن جرائم القتل بسبب الخلاف علي مبالغ مالية تافهة إلي الصراع علي موارد الرزق «وأشهرها القتل بسبب أولوية التحميل بين سائقي الميكروباص» تطل ثقافة الندرة برأسها من قمة المجتمع وقاعدته، صحيح أن تأثيرها بين الفقراء أوضح وأخطر، لكن المرض واحد.
وثقافة الندرة هي الأب الشرعي لثقافة «الكراكيب» والاحتفاظ بكل شيء مهما كان تافها تطبيقا لأمثلة من نوع: «يا مستكتر الزمن أكتر» و«من شال شيء قال له الزمن هاته».
وأخطر ما في شيوع ثقافة الندرة أنها تعزز قلة الثقة برب العزة سبحانه وتعالي وتشعر من يترعرعون في ظلها أن عليهم التسلح بأكبر قدر ممكن من العنف والطمع والنهم والأثرة والأنانية.....إلي آخر الصفات التي تحول العالم إلي غابة بكل معني الكلمة.
إن ما يحدث في البوفيهات المفتوحة مجرد نموذج لعمليات مسخ مخططة سلفا تعرض لها المصريون لسنوات، حتي تكاد الشخصية المصرية تتحول إلي مسخ، والحجم الهائل للتأثيرات السلبية للدور التربوي للدولة يستوجب فتح نقاش جاد حوله.
وبالتالي الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها:
فما المشروعية الدستورية والقانونية للدور التربوي للدولة؟ وما حدود هذا الدور؟ وما محتواه؟ وما وسائل تنفيذه؟ ومن القائم علي تنفيذه؟ وبأي سلطات؟ وما الذي استباحه النظام السياسي من محرمات ليعيد «خلق» الشخصية المصرية وفقا لمعاييره؟ وما حكم الشرع في هذا الدور؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.