هذا هو عنوان المؤتمر القومي الرابع للشباب، الذي عقده المجلس القومي للشباب بمدينة الأقصر في المدة من 10 - 16 فبراير ( الشهري الحالي)، وهو المؤتمر الذي لم ينل بعد الاهتمام الكافي من الإعلام. اللهم إلا خبراً هنا وهناك وفي أسطر قليلة في الصحف القومية، وربما جاء نشر هذا الخبر أو ذاك مرتبطاً بحضور بعض الوزراء والمسئولين لبعض جلساته، بدليل أن الخبر الذي ينشر لا يشير من قريب أو بعيد لاسهامات العديد من المثقفين والمفكرين في هذا المؤتمر، بل ولا إلي هؤلاء الشباب من طلاب الجامعات، ومن الباحثين والمعيدين والمدرسين المساعدين الذين يحضرون هذا المؤتمر، والذين كشفت مناقشاتهم وحواراتهم مع المسئولين والوزراء، والمفكرين والمثقفين، خلال جلسات المؤتمر عن ذلك الوعي الشبابي منقطع النظر، ومدي عمق الولاء والانتماء لمصر، وبالدرجة التي تدفع للتساؤل حول وضع جامعاتنا وفيها مثل هذه النوعية من الشباب الذين يجب علينا أن نفاخر بهم، ونباهي: ولاء وانتماء وعياً وتفتحاً وللحق نقول:إن هذا الوعي والتفتح، الولاء والانتماء، وجد تفاعلاً كبيراً من كبار المتحدثين من الوزراء والمسئولين، المفكرين والمثقفين، ولقد ساعد علي هذا التنظيم المثالي للمؤتمر، والجهد الذي يبذله هؤلاء المنظمون من العاملين في المجلس القومي للشباب، وعلي رأسهم دمث الخلق، واسع الأفق، والمسئول الأول عن شباب مصر الأستاذ الدكتور صفي الدين خربوش، رئيس المجلس القومي للشباب حيث حرصوا جميعاً أن تعطي الأولوية لأسئلة الشباب، ومقترحاتهم ورؤاهم حول موضوعات المؤتمر، ليس هذا فقط، بل وتجميع هذه التساؤلات، الرؤي والأفكار، لتعميق المناقشة حولها في ورش عمل، وتجميع ما يتم مناقشته، وما يتم طرحه في توصيات يتم رفعها للمجلس القومي للشباب، لتشكل هذه التوصيات، مع تلك التي يتم طرحها في الجلسات الرئيسية المادة الخام لوضع السياسات والاستراتيجيات حول دور الشباب في تحقيق المشروع القومي لمصر. هذه كلمة حق لابد من الإشارة إليها والإشادة بالقائمين علي أمر تنظيم المؤتمر. وبعدها نعود لعنوانه، ومحاوره وما تم طرحه، حتي الآن، حيث إن المؤتمر اختتم بحوار مفتوح مع د. أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء، ونعود للمؤتمر وأهم محاوره، ودلالاته، ويتلخص ما نود طرحه هنا في الآتي: - 1- عنوان المؤتمر "الشباب والمشروع القومي" فهذا العنوان يحمل دلالة بالغة الأهمية، فهو يتضمن "المشروع القومي" الذي يعد حلماً طال انتظاره، حيث إن "قومية المشاريع" باتت تغيب في ظل هيمنة المشاريع الفردية، تحت مظلة الخصوصية، مع أن مفهوم المشروع القومي" ودلالاته يعيد للأذهان تلك المشاريع القومية الكبري والتي تفعل فعل السحر في تجميع مختلف القوي والقدرات لتحقيقها. فكل تجارب الأمم والشعوب تؤكد التفاف كل أبناء الشعب حول كل ما هو "قومي" بل وضمان نجاح أي مشروع يقصف بهذه الصفة القومية. وتزداد الدلالة عمقاً عندما يرتبط هذا المشروع بالشباب فهم سواعد الأمة التي بهم تنطلق نحو النهضة والتقدم، لما يتميزون به من القدرة علي العطاء، والحماس، والطاقة المتجددة، المتجهة دوماً إلي التجديد والابتكار، واثبات الذات، والرغبة الصادقة في العمل، وتحمل المشاق من أجل إنجاز الأعمال، والتحدي مهما كانت العقبات والمعوقات، خاصة في تلك الأعمال التي تتصف بالقومية. من هنا تأتي أهمية هذا المؤتمر حول المشروع القومي، وربط هذا المشروع بالشباب. 2-ونصل إلي محاور المؤتمر، والتي هي في الحقيقة والواقع تكشف عن أن المطروح، هو مشاريع قومية، يأتي في مقدمتها: مشروع ممر التعمير والتنمية، والذي سبق أن طرحه عالمنا الفذ فاروق الباز، ولقد كشف المتحدثون عن هذه المشاريع عن العديد من القضايا، والآمال العريضة التي تؤكد أننا نمتلك كنوزاً مدفونة، وثروات هائلة، وأنه بالإمكان تحويل 94٪ من مساحة مصر، والتي تغطيها الصحراء الغربية والشرقية، إلي معمور جديد يضاف إلي المعمور الذي يسكنه المصريون ولا يتجاوز 6٪ من المساحة الكلية لمصر. المشروع القومي لتنمية سيناء، والذي كشف طرحه عن أهمية ذلك الكنز المكنون، وهي وليس غيرها سيناء، وكيف يمكن تحويل هذا الجزء الغالي من الوطن إلي إضافة حقيقية في العمليات التنموية، كما كشفت المناقشات عما يهدد سيناء وتلك المشاريع التآمرية من قبل صهاينة، والتي يمكن بل بالتأكيد أن يهدد أمننا القومي، بل السيادة القومية، ويمكن أن يمتد الخطر إلي الممر الملاحي الدولي قناة السويس. مما يفرض أن تحتل تنمية سيناء أولوية العمل الوطني. - مشروع الشباب ومكافحة الأمية، والذي تناوله بالتحليل والتفصيل نخبة من المتهمين بهذه القضية. وكان لكاتب هذه السطور شرف المشاركة بورقة عمل حول هذا المشروع، وعلي وجه الإجمال كشفت المناقشات والحوارات عن خطورة الأمية، والأسباب الكامنة وراءها، ومعوقات الحد منها وضرورة أن تحتل هذه القضية أجندة العمل الوطني، باعتبارها تشكل وصمة حضارية علي وجه مصر التاريخ والحضارة، وتعوق القدرة علي التعامل مع معطيات العصر وإنجازاته، كما كشفت هذه الحوارات والمناقشات وجود فجوة بين الكثير من العناصر والهيئات والمؤسسات من أجل القضاء علي هذا الوضع الكارثي للأمية. غير أن الذي يبعث الأمل ذلك الحماس الطاغي من الشباب الذي كان متواجداً، بطرحهم للعديد من المبادرات والجهود التي يقومون بها، والنجاحات التي حققوها بالرغم من عشرات المعوقات والبيروقراطية الطاغية علي المحليات في معظم المحافظات . - إلي جانب مشاريع الشباب والتوعية الصحية، وتنمية الوادي الجديد والشباب وتطوير القرية المصرية، والتي حظيت جميعها بالمناقشات والحوارات، الرؤي والتصورات العميقة. إلي جانب تلك الأمسية الثقافية الرائعة التي كان ضيفها الأديب الكبير صعيدي المولد قاهري النشأة والتكوين وهو وليس غيره أديبنا جمال الغيطاني، الذي استطاع ببساطته وتواضعه وصدق كلماته أن يشد الحضور جميعاً، خاصة الشباب، في حديثه عن الحارة المصرية، وعوامل تكوينه، ولقائه وهو صغير بالأديب العالمي نجيب محفوظ، عشرات المواقف التي طرحها لتشكل في النهاية النموذج والقدوة للشباب في التغلب علي عوامل الفقر والقهر، واثبات الذات. باختصار: جلسات وندوات وحوارات ومناقشات وورش عمل وأمسيات ثقافية غطت هذا المؤتمر القومي المهم ويبقي أن تتحول توصياته إلي سياسات واستراتيجيات، ومن قبل ومن بعد تجد طريقها إلي التنفيذ لأنها من أجل مصر ومستقبل مصر، وكفي هذا مبرراً. وفي الختام تحية تقدير واكبار والتهنئة الصادقة لمنظمي هذا المؤتمر وعلي رأسهم دكتور صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومي للشباب.