الزميل والصديق مجدي أحمد حسين علي وشك أن يتم هذه الأيام ثلاثة أرباع مدة السجن عامين بتهمة «دخول مصر» والتضامن مع أهلنا المحاصرين في غزة (!!) وينتظر أهل مجدي وزملاؤه وأحباؤه جميعًا أن تُطبق عليه القاعدة نفسها التي يتمتع بها القتلة واللصوص ، أي الإفراج عنه بعدما أمضي في ظلام الزنازين نحو 21 شهرًا، أظنها تكفي لكي يرتوي النظام ويشبع من العار والانتقام معًا.. لكني من باب الاحتياط أعيد نشر ما كتبته في هذا المكان قبل ثلاثة أشهر، علي أساس أن التكرار يفيد الشطار دائمًا وقد يفيد الحمار أحيانا .. فإلي السطور المعادة: * * * هذه السطور تلكأت وتأخرت عن كتابتها عمدًا أيام أسبوع كامل، كان يداعبني فيها أمل كاذب ألا أضطر لها أصلاً، فمنذ سمعت خبر قيام الحكومة بالإفراج عن الصحفي الإسرائيلي «يوتام فيلدمان» بعد ستة أيام فقط من توقيفه واعتقاله متلبسًا بخرق واقتحام الحدود المصرية، وعقلي وقلبي لا يريدان تصديق أن تلك الهدية المجانية الجديدة للعدو، وهذه الليونة والمرونة والأريحية التي عومل بها فيلدمان، فضلاً عن ذلك التسامح الملائكي في حق الست «سيادة مصر»، كل هذا لن يحرك بقايا ضمير أو يهيج حسًا واهنًا وضعيفًا بالخجل، قد يكون قابعًا منسيًا في ركن قصي من نفوس هؤلاء الذين يحمكوننا بالعافية، فيتذكرون أن هناك صحفيًا مصريًا مرموقًا هو الزميل مجدي أحمد حسين، يكابد ظلام السجن من نحو عام ونصف العام بعد أن نُصبت له علي عجل محكمة عسكرية أدانته فورًا بتهمة ثلاثية الأبعاد، البعد الأول أنه مواطن مصري، والثاني أن الزميل بينما هو كذلك حاول، بل دخل مصر فعلاً مخترقًا حدود حضرتها، أما البعد الثالث للجريمة التي انسكع بسببها مجدي حسين حكمًا بالسجن عامين، فهو ثبوت ارتكابه فعل التضامن مع أهلنا المحاصرين في قطاع غزة!! لكنني أكتب الآن وقد تبدد أملي وخاب ظني ورهاني علي وجود ضمير أو أي أثر للقدرة علي الشعور بالعار كان يفترض أن يدفع من بيدهم الأمر إلي إصدار قرار بالإفراج عن مجدي أحمد حسين (وربما أيضًا المبدع الوطني البارز مسعد أبو فجر) ولو للتشويش والتعمية واستيعاب الآثار الصادمة والمخجلة الناجمة عن محاباة وتدليع الصحفي الصهيوني والاستجابة الفورية لتدخلات (حتي لا نقول مطالب وضغوطًا) إيلي يشاي وزير الداخلية في حكومة العدو ومسئولين صهاينة كبار آخرين هبوا جميعا من أول لحظة ولم يضيعوا وقتًا وتحركوا واتصلوا بمسئولينا لضمان عدم محاكمة هذا الصحفي وإطلاق سراحه بسرعة وتسليمه معززًا مكرمًا ودون مقابل، وهو ما تم فعلاً رغم وجود مواطنين مصريين أسري حتي الساعة في السجون الإسرائيلية!! إذن.. لا مفر من أن أصارح نفسي وأصارحكم أيها القراء الأعزاء بالحقائق الآتية التي تجعل الطمع في معاملة مجدي حسين بشيء قليل وتافه من الرقة التي تمتع بها يوتام فيلدمان أمرًا يماثل تمامًا عشم الأستاذ إبليس في جنة الملاك رضوان: أولاً: أسرة الزميل مجدي حسين لا تتكلم العبرية الفصحي ولا تملك سجونًا تحتجز فيها مواطنين مصريين. ثانيًا: إيلي يشاي ليس هو وزير داخلية مصر، ولهذا لم يتدخل الرجل لدي المسئولين المصريين للإفراج عن المواطن المصري مجدي أحمد حسين. ثالثًا: مجدي حسين صحفي فعلاً ويشارك «يوتام» الصهيوني في المهنة عينها، لكنه للأسف لا يعمل في قناة التليفزيون الإسرائيلي العاشرة. رابعًا: مجدي أحمد حسين تسلل للأراضي المصرية وهو مصري، بينما يوتام فيلدمان تسلل واقتحم الحدود المصرية وهو إسرائيلي صهيوني بامتياز. خامسًا: وباختصار.. مصرية «مجدي» هي جريمته، وإسرائيلية «يوتام» هي ميزته وحصنه المنيع!! ولا حول ولا قوة إلا بالله.