أن تتسامح الدولة مع أبنائها الذين أخطأوا فى حقها بمناسبة الأعياد وعلى اعتبار أنها الأم الرءوم للجميع فهذا رائع وجميل وبادرة محترمة فى مناسبة كهذه. لكن أن تتسامح الدولة على سطر وتترك سطرا، فهذا هو الغريب والجدير بالتوقف عنده والتساؤل. ومع تقديرنا لخطوة الدولة بالإفراج عن الإخوة الأقباط المتهمين فى أحداث كنيسة العمرانية، ومع خالص التهانى للمفرج عنهم والذين سعوا فى الإفراج عنهم وغضبوا واعتكفوا ويصلون الآن من أجل الإفراج عن المجموعة القليلة الباقية كى يلحقوا بالأعياد.. مع كل ذلك نذكر بأن هناك مواطنا وكاتبا مصريا محترما اسمه الأستاذ مجدى أحمد حسين لا يزال قابعا فى غياهب السجن منذ شهور طويلة بتهمة التعاطف مع ضحايا عملية الرصاص المصبوب فى غزة فى ديسمبر من العام الماضى. لم يعتد مجدى حسين على الدولة ومرافقها ولم يلق حجرا فى رأسها، ولم يخرج إلى الشارع مسلحا ليقطع الطريق.. كل ما فعله أنه حاول الوصول إلى غزة المحاصرة لإيصال مساعدات وإبلاغ الشعب الفلسطينى المعذب بالاحتلال أن هناك مصريين معه، يتألمون ويريدون أن يفعلوا شيئا. ومنذ ذلك الوقت والدعوات والنداءات توجه إلى السيد رئيس الجمهورية لكى تشمله قرارات العفو والإفراج فى الأعياد، والتى يتمتع بها ويستفيد منها قتلة ولصوص أحيانا فيودعون السجن بعد انقضاء نصف مدة العقوبة أو ثلاثة أرباعها. وقد كتبت فى أغسطس الماضى الآتى: «فى الثانى من أغسطس المقبل، يكون الزميل الأستاذ مجدى أحمد حسين قد أمضى 18 شهرا، هى ثلاثة أرباع عقوبة الحبس جراء محاولته التضامن مع غزة أثناء العدوان الإسرائيلى البربرى عليها فى ديسمبر 2008» وأكرر لسنا هنا بصدد التعليق على حكم القضاء، أو الاعتراض عليه، فقط كل ما نرجوه أن ينظر من بيدهم الأمر فى أمر مجدى حسين، بعين العفو، خاصة أن الرجل الذى لم يبق له فى مدة العقوبة سوى أشهر قلائل، وهو مرة أخرى لم يكن تاجر مخدرات ولا قاتلا محترفا أو قاطع طريق، هو مجرد كاتب وصحفى ومعارض سياسى محترم، فمن باب أولى، فى ظل هذه الموجة من التسامح، أن ينظر فى إطلاق سراح مجدى حسين لكى تثبت الدولة أنها تتعامل مع الجميع بعقل واحد وتزن الأمور بميزان واحد. فإذا قررت أن تكون متسامحة فلتتسامح مع الجميع وإن داهمتها مشاعر الأمومة الرحيمة فجأة فليكن الجميع مشمولين بها.. فلتفرجوا عن مجدى حسين ومعتقلى ما قبل الانتخابات لتثبتوا أن التسامح مع الجميع.. والحرية أيضا للجميع.