وفد قطري يتوجه إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات بشأن اتفاق هدنة في غزة    شبورة مائية وأمطار خفيفة.. الأرصاد تكشف أبرز الظواهر الجوية لحالة الطقس اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024    ياسمين عبد العزيز تكشف عن سبب طلاقها من أحمد العوضي    3 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا لعائلة "الدربي" غرب مدينة رفح    ضابط شرطة.. ياسمين عبد العزيز تكشف حلم طفولتها وعلاقته بفيلم «أبو شنب»    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    ميلكا لوبيسكا دا سيلفا: بعد خسارة الدوري والكأس أصبح لدينا حماس أكبر للتتويج ببطولة إفريقيا    خبير لوائح: أخشي أن يكون لدى محامي فيتوريا أوراق رسمية بعدم أحقيته في الشرط الجزائي    شبانة ينتقد اتحاد الكرة بسبب استمرار الأزمات    سعر الحديد والأسمنت اليوم في مصر الثلاثاء 7-5-2024 بعد الانخفاض الأخير    مصر تستعد لتجميع سيارات هيونداي النترا AD الأسبوع المقبل    وصول بعض المصابين لمستشفى الكويت جراء استهداف الاحتلال حي التنور شرق رفح    وسائل إعلام أمريكية: القبض على جندي أمريكي في روسيا بتهمة السرقة    رامي صبري يحيي واحدة من أقوى حفلاته في العبور بمناسبة شم النسيم (صور)    كاسونجو يتقدم بشكوى ضد الزمالك.. ما حقيقة الأمر؟    العاهل الأردني: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بالتسبب في مجزرة جديدة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    وكيل صحة قنا يجري جولة موسعة للتأكد من توافر الدم وأمصال التسمم    لا تصالح.. أسرة ضحية عصام صاصا: «عاوزين حقنا بالقانون» (فيديو)    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء 7 مايو بالصاغة    مصرع سائق «تروسكيل» في تصادم مع «تريلا» ب الصف    صندوق إعانات الطوارئ للعمال تعلن أهم ملفاتها في «الجمهورية الجديدة»    عملت عملية عشان أخلف من العوضي| ياسمين عبد العزيز تفجر مفاجأة.. شاهد    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    التصالح في البناء.. اليوم بدء استلام أوراق المواطنين    النيابة تصرح بدفن 3 جثامين طلاب توفوا غرقا في ترعة بالغربية    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثين منفصلين بإدفو شمال أسوان    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    وفد قطري يتوجه للقاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس اليوم    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    مصر للطيران تعلن تخفيض 50% على تذاكر الرحلات الدولية (تفاصيل)    برلماني يطالب بإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    عاجل - تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل قرب بوابة معبر رفح    القومية للأنفاق تبرز رحلة بالقطار الكهربائي إلى محطة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية (فيديو)    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    العمل العربيَّة: ملتزمون بحق العامل في بيئة عمل آمنة وصحية كحق من حقوق الإنسان    سؤالًا برلمانيًا بشأن عدم إنشاء فرع للنيابة الإدارية بمركز دار السلام    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    عملية جراحية في الوجه ل أسامة جلال    فيديوهات متركبة.. ياسمين عبد العزيز تكشف: مشوفتش العوضي في سحور وارحمونا.. فيديو    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    استبعادات بالجملة وحكم اللقاء.. كل ما تريد معرفته عن مباراة الأهلي والاتحاد السكندري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل كل قضاء قضيته لنا خيرًا    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجائى عطية يكتب بعد الانتخابات الساخنة لنقابة المحامين: بين المحاجاة بالدين واللعب بالسياسة

تختلف الدعوات، ويجب أن تختلف، عن اللعب بالسياسة والحزبية.. فالدعوات تخاطب الناس وتحاجيها بأنها تنطلق من مبادئ وقيم، وبأن هذه المبادئ مستمدة من الدين، ولها من ثم قداسة واحترام الدين، وهذه المحاجاة هى سبب ضيق ورفض السياسيين إدخال الدين فى السياسة، لأن الدين خالد مقدس مصدره إلهى وقواعده شرعية لا يملك الساسة مقارعتها بمنطق وحجة أو مآرب وأغراض السياسة وألاعيب الحزبية. لذلك فلا يجوز للدعوات التى تستمد قاعدتها ومنهاجها من الدين أن تلعب سياسة بألاعيب يأباها الدين ويلفظها الشرع!
اختيارات الدعوات يجب أن تتسق مع مبادئها، فهى لا تقدم، ولا ينبغى أن تقدم إلاّ ما يعبر عن مجمل عقائدها ومبادئها، فلا يليق بها مثلا أن تصدر راقصة للقيام بوظيفة الثقافة، أو تساند محتالاً لأمانة المال، أو توظف ماجنًا لتولى التربية والتعليم، أو متلافاً لإدارة المرافق العامة، وهذه الشروط وإن كانت لازمة فى اختيارات أى حركة سياسية أو حزبية، إلاّ أنها أوجب وألزم للدعوات، لا يمكن أن يجرى الترخص فيها ناهيك بالمخالفة الصارخة.
فى قضية نقابة المحامين، واحتياجها الضرورى لبرنامج إصلاحى يقوم على كفاءات تحتاز مواصفات الصلاحية والقدرة على الاضطلاع بهذه المهمة الجليلة، تمارس بعض الأحزاب رغبتها فى اختيار من يمثلونها فى مجلس النقابة، تصيب حينا، وتخطئ حينا، وهى فى جميع الأحوال تتعرض للانتقاد السالب والموجب بلا أى حساسيات، لأنها لا تدعى لنفسها قداسة، ولا تحاجى الآخرين بالدين وأحكام الدين.
وقد مارست جماعة الإخوان المسلمين اختياراتها للترشيح لعضوية مجالس نقابة المحامين، سواء للنقابة العامة أو الفرعيات، فالتزمت فى اختياراتها للعضوية بأعضائها المنضوين فيها، وهذا يوفر حدًا أدنى من شروط التوافق أو الصلاحية طبقا لمعاييرها المعلنة - باعتبار أن عضو الجماعة معبر عنها ملتزم بمبادئها الدعوية، أما ترشيحاتها لموقع النقيب فلم تلتزم أبدا بعضوية المرشح للجماعة، مما أثار ويثير البحث فى مدى اتساق اختياراتها لهذا الموقع مع مبادئها الدعوية بحيث لا يشكل الترشيح خروجًا - فى شخص أو صفات المرشح - عن مجمل عقيدتها ومبادئها الدعوية التى تعلن تمسكها بها!
ولقد ظل البعض حريصًا على ترويج أننى رجل الإخوان المسلمين، وأننى كنت مرشحهم فى انتخابات نقابة المحامين 2001، 2005، وسأكون مرشحهم فى انتخابات 2009!!،
ولأنى لم أكن أعرف نوايا الإخوان الحالية ولا أملك إحصاءً لما فعله الإخوان المسلمون فى الانتخابات السابقة وهل أعطونى أصواتهم فعلاً أم حجبوها، أو أعطوا جزءًا وحجبوا جزءًا، سيما والواضح الآن أنهم كان لهم ما أرادوا حين أعطوا أصواتهم حقيقة وفعلا لمن اختاروه فى الانتخابات الأخيرة. أقول إنه إذ لم أكن أملك إحصاءً ولا دليلا أستطلع به موقف الإخوان المسلمين الحقيقى منى،
لذلك فقد اكتفيت على مدار طول الأسئلة بل والاتهامات الملحة، بجواب افتراضى لا يسلم بواقع لا يعرفه، ولكنه يؤكد أنه لاغرابة فيه إن حدث، فالإخوان - يسمون أنفسهم بالمسلمين، ويشكلون جماعة إسلامية دعوية وإن لم تلتزم بالدعوة، ودخلت معترك الحياة العامة، ومن ثم فلا غرابة فى تأييدهم لى - إن فعلوا! -
ليس فقط لتاريخى ورصيدى فى المحاماة الذى لاينكره جاحد، ولا لأننى كاتب ناهزت مؤلفاته (40) كتاباً، وإنما لأننى معدود من المفكرين الإسلاميين، وزادت مؤلفاتى الإسلامية على عشرين كتابا فى السيرة النبوية ومناسبات التنزيل وفى شتى المجالات الدينية والمقارنة بين الأديان، وفاز كتابى «عالمية الإسلام» بجائزة المعرض الدولى للكتاب 2004،
وأكتب منذ الستينيات فى مجلة منبر الإسلام، وفى شتى البرامج الدينية على مدار السنين الطوال للإذاعة المصرية، وأكتب مقالاً أسبوعيًا من نحو عشر سنوات لجريدة صوت الأزهر،
ومنحت من سنين عضوية المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وانتخبت من ست سنوات عضوًا فى مجمع البحوث الإسلامية الذى يزدان برئاسة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وعضوية صفوة علماء الإسلام. فما الغريب إذن إذا أيّد الإخوان المسلمون - إن أيدوا افتراضًا!! - ترشيحى!
ومع هذا الادعاء أو الاعتقاد بتأييد الإخوان، ظل البعض حريصًا على بث وترويج أننى رجل الحكومة والحزب الوطنى، وظل يرددها كأنها تهمة، ولم يكن ذلك صحيحًا،
لا لأن الحزب الوطنى «معرة» أتبرأ منها، وإنما لأن الحقيقة أننى لم أدخل طوال حياتى أى حزب من الأحزاب، لا الحزب الوطنى ولا سواه، وتوكيلى للدفاع عن بعض رموزه أو رموز ووزراء الحكومة أو نجلى السيد رئيس الجمهورية، لم يكن اختيارًا حزبيًا، فالحزب الوطنى ملىء بالمحامين ومنهم كبار لا يشق لهم غبار،
وإنما كان اختيارًا مهنيًا يقوم على معايير مهنية ارتآها هذا أو ذاك ممن اختاروا توكيلى، أصابوا فى اختيارهم أم أخطأوا، ولسوف أعود لهذه المسألة وما كشفته الأحداث الأخيرة، فى مقال لاحق، لأن موضوعى الآن هو «مخاطر المحاجاة بالدين، واللعب بالسياسة»!!!
أثار هذه القضية الاختيار والدعم الأخير لجماعة الإخوان المسلمين لشخص من دفعوا به إلى موقع نقيب المحامين، وغلبوا الحزب الحاكم على تدبيره وأمره، وهذا يكفى للتدليل على أن أحداً من الفريقين لم يردنى قط نقيبًا للمحامين، لا الإخوان أرادونى نقيبًا، ولا الحكومة وحزبها الحاكم أرادونى نقيبًا، فذنبى غير المغفور لهؤلاء وأولاء أننى محام ولائى للمحاماة وأننى صاحب رأى لا أصلح ولا أقبل أن أكون «مطية» لهذا أو لذاك لتنفيذ أجندته فى نقابة المحامين!
أعود إلى الإخوان وما اختاروه أخيرًا، فوقعوا فى اختيارهم فى خطأ تاريخى عصف بكل مصداقيتهم عصفًا، لأن اختيارهم تجاوز معايير كثيرة لا أحب تفصيل الحديث فيها، فلست ممن يتعمدون التجريح أو إيذاء المشاعر،
ولكن لموقع نقيب المحامين مقومات علمية ومهنية وشخصية وقدراتية يتعين توافرها لمن يشغل هذا الموقع الجليل الذى شغلته هامات مثل الهلباوى وعبد العزيز فهمى ومرقس حنا وعبدالخالق ثروت ومكرم عبيد والغرابلى وكامل صدقى ومحمد على علوبة وعمر عمر وصبرى أبو علم والرافعى وعبد الحميد عبد الحق والشلقانى والبرادعى وغيرهم من العظماء الذين ازدان بقاماتهم العالية موقع نقيب المحامين، فترى ماذا كانت مسوغات الإخوان المسلمين فى اختيار من دفعوا به دفعاً إلى موقع النقيب.. ما هى المكانة العلمية والمهنية والأدبية والشخصية؟!..
فليس يليق أن يدفع إلى هذا المقام الجليل من يخلو من النجابة والمكانة والتاريخ والقامة، ولا يليق فى هذا الاختيار أن يتجاهل اعتبارات لا يجوز تجاوزها أو القفز فوقها، وما أومئ إليه معروف للجميع دون أن أضطر فى بيانه لاستخدام مبضع الجراح، فليس هذا مرادى ولا هو من خلقى،
ولكن ولائى للمحاماة وقيمتها وكرامتها أغلى وأعز من أن أغضى عما تغاضى عنه الإخوان المسلمون فيمن دفعوا به بغير حق إلى موقع النقيب، والغريب أن يصرح مسؤول الملف بالإخوان بأنه لو كان الأمر بيده لدعم فلانًا لتاريخه وشخصيته القوية، وكأنه يريدنا أن نصدق أنه- وهو الآمر- مغلوب على أمره لا رأى له ولا خيار، أو أن الديمقراطية هى السائدة فى الجماعة التى استساغت أن تأتى إلى موقع نقيب المحامين بمن لا لياقة له بهذا الموقع الجليل، وفى سابقة غير مسبوقة فى تاريخ النقابة!!
لا لأن المختار كان أمين سر وكاتب جلسة بالنيابة والمحاكم، ولا لما كان يصاحب ذلك من أعمال فى خدمة رؤسائه القضاة ووكلاء النيابة أو التعامل مع الجمهور مما لا يليق معه أن يبوأ موقع نقيب المحامين،..
لابد إذن أن يكون ضالعًا فى الشرع والدين، ولكن بحث الباحثون فلم يجدوا أنه خط سطرًا واحداً أو كتب كلمة واحدة فى الإسلام أو الفكر أو القانون، وإنما وجدوا أن كل ما خطه وأصدره أقرب إلى الكتابة الصفراء، والإيحاءات الجنسية التى تشف عنها عناوين إصداراته الثلاثة فى مكتبة مدبولى المورية باتجاه لا يتفق مع المبادئ الدعوية للإخوان المسلمين: كتاب «نادى المتمردات»!
وعلى الكتاب صورة خليعة لامرأة تكشف عن ساقها إلى أعلى الفخذ، و كتاب «حافة الهاوية» وعلى غلافه صورة خليعة أخرى لفتاة ترفع ذيل فستانها لتضع يدها على لباس مؤخرتها الداخلى الأسود، و كتاب «سفاح ليلة الزفاف» وعلى الغلاف صورة ثالثة أكثر خلاعة لسيدة تنام على ظهرها وتفتح ساقيها ولا تغطى إلاّ الأفخاذ،
وعلى كل الكتب اسم وصورة الكاتب المختار لموقع النقيب، ومذكور أمامه مرة أنه وكيل نقابة المحامين بالجيزة، ومرة أنه نقيب المحامين بالجيزة، ثم إضافة إلى صفاته أن سيادته:
«عضو اتحاد المحامين العرب»، مع أن عضوية هذا الاتحاد هى للنقابات ولا يجوز انتحال عضويته للأفراد!
لم أعرف بأمر «مسوغات» هذا الاختيار، إلا يوم الانتخابات من منشور وزعه معسكر أحد المتنافسين مهديًا إياه للإخوان المسلمين، وفى الصورة شهادة رفع اسم المذكور من سجلات الكتبة الإداريين بالنيابة العامة، بعد أن ظل كاتبًا إداريًا فيها من عام 1971 حتى عام 1977،
ولم أصدق ما قرأته فى المنشور، فأرسلت أستوثق من وجود الكتب المشار إليها غير مصدق أن تكون قد صدرت عنه أو تجاوزها الإخوان المسلمون فى دفعهم به إلى موقع نقيب المحامين، ولكنى فوجئت وقد أتتنى الكتب بأن ما قيل بالمنشور صحيح، وأن هذه الكتب الصفراء «مزدانة» كلها بصورة من دفع به الإخوان دفعًا إلى موقع نقيب المحامين!!
لست أريد أن أتحدث عن الأوهام التى بيعت لشباب المحامين عن الالتزام بتسليم كل محام شقة تسليم مفتاح وهو ما لا تستطيعه الدولة نفسها بكل إمكانياتها، وبرغم أنه لم يجر تسليم شقة واحدة بمشروع الجيزة الذى انتقل من أرض إلى أرض ولا يعرف أحد الآن ماذا سوف يكون مصيره، ودفعت أثمان وحداته من المحامين، ودرت فوائد بالبنوك، ومع ذلك لم تسلم شقة واحدة رغم طول السنين، ولم يرد لمن أراد استرداد ما دفعه إلاّ أصل الثمن دون الفوائد التى درها..
هذا وغيره تناولته مطبوعة لأحد المرشحين، ودارت بشأنه بلاغات وتحقيقات ومواجهات بالفضائيات.. غير مطبوعات نقابة الجيزة التى استغلت فى حملة إعلامية شخصية وضع على بعضها ختم إهداء من المختار من الإخوان لموقع النقيب، وعلى البعض الآخر ختم إهداء من لجنة الشريعة الإسلامية!!
ظنى بل يقينى أن هذه التصرفات لن تمضى بغير حساب، وسوف يأتى يوم الحساب مهما طال الأمد، ولن يفلح الوجود فى النقابة فى تغطية ما كان منها. ويقينى أن شباب المحامين الذين غرر بهم عن تسلم شقق لكل منهم تسليم مفتاح، سوف يعرفون قريبا أنهم يمسكون الهواء بأيديهم، وأنهم ابتاعوا الوهم الذى بيع لهم دون أن يهتز لأحد جفن!!
أعود إلى الإخوان المسلمين، لأقول لهم وللدنيا، أنه ما عاد لهم بعد هذا الموقف الأخير أن يتشحوا بوشاح الإسلام، وأن يحاجوا الناس بأنهم حملة دعوته، أو يقارعوهم به..
الإسلام رباط فى الله وولاء لله عز وجل، وليس رباط عنق يربطه المرء متى شاء ويفكه حين يشاء، والإسلام ليس انتماء إلى حزب تنضوى فيه اليوم لتخلعه عنك غداً، أو نادٍ تنضم إليه لتتركه إلى غيره، وليس برنامجاً سياسيا أو اجتماعيا يلغيه الإنسان أو يرفضه متى أراد بلا معقبات.. فإمكان الإلغاء والرفض والخلع والانسلاخ والانضواء والترك مفروض أو مفترض أو متصور فى الإنتماء إلى الأحزاب أو الأندية أو البرامج، ولكن الإسلام أخوة فى الله أبدية، ونوع وولاء لله، وبيعة له سبحانه وتعالى.. بيعة أبدية فى الدنيا والآخرة..
الإسلام نوع حياة لها وجهها الفردى والعائلى والجماعى.. الاستمرار فيها عنصر أساسى.. فحرية البقاء فى الإسلام أو تركه كأنه فندق أو خان تدخله متى شئت وتخرج منه حينما تشاء لتعود كيف تشاء.. هذه الحرية فى الدخول والخروج، والمناورة والمداورة، سخافة لا توجد إلاّ إذا كف المسلم وتوقف عن اتخاذ الإسلام دينا ملزما لأهله، لذلك فإن الارتداد عنه إذا وقع - والعياذ بالله - ليس ممارسة لحرية، وإنما سقوط وخيانة!
الإسلام لا يحترم الرعونة ولا الحماقة ولا المداورة ولا المخادعة، ولا يتصور أن يكون المسلم إلاّ عاقلا.. فلا يتصور حرية الطيش والهوى والخداع.. ونحن نخلط أحيانا بين الحرية والحماقة فى مباذلنا وملاهينا.. وأحيانا فى مآربنا وأغراضنا.. ونتصور - واهمين! - أن الحرية لباس يمكن أن يحتضن مخالفة الدين ويحمى نزعات ونزوات وأهواء المآرب والمصالح!
هذه النزعات أو المآرب أو الأغراض أو الحماقات أو الأهواء يخدمها التهور لا العقل والدين، وصاحب النزعات يقدم على ما يريد، عالمًا أنها مخالفة للعقل والدين. السبب فى إقدامه على المداورة والخداع أنه يظن واهما أنه حر فى التزام الدين واستعمال العقل أوعدم استعماله، ويتذرع لنفسه بأن هناك مواقف لا تصلح فيها الحكمة ولا تنفع فيها المبادئ، وأنه يباح لذلك أن يواجهها بخلع المبادئ ليعود إليها من بعد أو لا يعود!
والناس حين تخلع المبادئ أو ترفع الأغراض وتولى هذا أو ذاك مكانة لا يستحقها، تغير الأسماء المألوفة لهذه النزعات وتضفى عليها أسماء أخرى مضللة! ذات بريق مداراة لسوئها!..
ويساعدهم ذلك الخداع للنفس أو للغير على الاستمرار فى تلك المداورة التىاعتنقوها، وعلى نسيان كيف دخلوها، وربما شعروا بالزهو والذكاء والحيلة لوجودهم فيها.. وربما اجتذب ذلك إليهم غيرهم الذين يسعون أصلاً وراء فرص للتعبير عن آفاتهم وهم آمنون من الخوف والعار!
والذين يختارون المآرب والأغراض لا يعلمون إلى أين يؤديان بهم ولا أين يقفان.. فليس للمآرب والأغراض «حساب» يمكن معرفته مقدما أو ضبطه، ومتى سيطرا فلن يتخليا عن السيطرة تلقائيا عندما تدعو المصلحة.. ثم إن الناس تعتاد الحمق بالممارسة، ويتعذر عليهم أن يقلعوا عنه رغم فداحة ما يصيبهم من جرائه!!
على الإخوان - إذا أرادوا التصميم على ممارسة السياسة بألاعيبها التى لا يقرها الدين، أن يدعوا الإسلام على حاله الذى عرفناه ونؤمن وندين به ونبجله ونوقره ونلتزم بأحكامه وروحه.
أما ما فعله الإخوان فى نقابة المحامين بمن دفعوا به إلى موقع النقيب وساهم فيه الحزب الحاكم بخطأ اختياره وسوء سياسته (ولهذا حديث آخر) فلن يغفره التاريخ، ولن ينساه لهم المحامون، وإنّ غداً لناظره قريب! أما كيف تمكن الإخوان من تحقيق مرادهم، فهذا موضوع المقال القادم إن شاء الله.
Email:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.