افتتاح مسجدين بمركزي مغاغة وأبوقرقاص في المنيا    انطلاق قافلة دعوية كبرى للواعظات بأوقاف الفيوم.. صور    سعر الخضروات اليوم الجمعة 22-8-2025 فى الإسكندرية    «التخطيط» تصدر تقريرًا بمناسبة مرور 70 عامًا على العلاقات المشتركة مع «جايكا»    محافظ الإسماعيلية يستجيب لبائعة خبز أثناء افتتاح سوق اليوم الواحد بأبو صوير    دون سابق إنذار.. بند مهم في قانون الإيجار القديم 2025 يُنهي عقدك ويُخسرك منزلك فجأة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المغربى سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين    الأمم المتحدة: إنهاء المجاعة سباق مع الزمن ويجب وقفها بأى ثمن    ضمن تحقيق "أمن قومى".. "FBI" يداهم منزل جون بولتون مستشار ترامب السابق    الحكومة الألمانية: من غير المرجح الاعتراف بالدولة الفلسطينية حاليا    لافروف: بوتين مستعد للقاء زيلينسكي بهذا الشرط    ألفينا ومصطفى شلبي يدعمان "تشكيل الجولة" بالدوري المصري في غياب الأهلي    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام لايبزج في افتتاح الدوري الألماني.. والقنوات المجانية الناقلة    محافظة الدقهلية تحرير 13 مخالفة فى حملة على المخابز بالمنصورة وشربين    ارتفاع درجات الحرارة ونسب الرطوبة بكفر الشيخ اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أول رد رسمى من محافظة الجيزة بشأن "الثقب الأسود" فى الهرم    ضبط 400 قضية مخدرات وتنفيذ 83 ألف حكم قضائي خلال يوم    7 ملايين جنيه حصيلة قضايا الاتجار غير المشروع في العملات    وزير الثقافة يشهد عروض قطاعات الوزارة ضمن فعاليات «ليالينا في العلمين»    علاء زينهم: لسنا أسيادًا على أحد..والفنان مهمته إسعاد جمهوره    بعد 25 عامًا من الصمت.. رحلة استعادة الكنوز الأثرية من أعماق البحر    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية تحصل على الاعتماد المؤسسي من المجلس العربي    تسجيل مركز قصر العيني للأبحاث السريرية KCCR بالمجلس الأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الطبية الإكلينيكية    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    زيادة طفيفة لمؤشر البورصة هذا الأسبوع    عائلات المحتجزين: ندعو لوقفة احتجاجية قبالة مقر نتنياهو    زلزال بقوة 7.5 درجة يضرب ممر دريك بين أمريكا الجنوبية والقارة القطبية    انقلاب سيارة ربع نقل على طريق أسيوط الصحراوي يصيب 6 أشخاص بالفيوم    القبض على عاطل يدير ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء    تحليل: إيران وقوى أوروبية تناقش المحادثات النووية والعقوبات    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    أميرة أديب تنضم إلى وارنر ميوزيك وتقدم أغنيتها الجديدة "تصبيرة"    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    «التسامح والرضا».. وصفة للسعادة تدوم مدى الحياة    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    وكيل صحة القليوبية يتابع مع مديري المستشفيات توافر الأدوية    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    نيوكاسل يطارد المهاجم النرويجي ستراند لارسن.. وولفرهامبتون في معركة للحفاظ على نجم الهجوم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    النصر يستعيد نجمه قبل نهائي السوبر    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    لاعب الأهلي الأسبق: ديانج لا غنى عنه.. وبن رمضان الصفقة الأفضل    جولة مفاجئة لوكيل مستشفى الفيوم العام لضمان جودة الخدمات الطبية.. صور    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاخبار تواصل نشر رؤي المفكرين والمثقفين حول المستقبل وكيف تصبح مصر دولة مدنية حديثة؟
المفكر والسياسي الدكتور علي الدين هلال في حديث شامل حول الدولة المدنية الحديثة ومستقبل مصر 1 الدولة المدنية الحديثة تقوم علي المواطنة والمساواة بين الجميع
نشر في الأخبار يوم 25 - 04 - 2010

د. على الدين هلال اثناء الحوار مع محررة الاخبار »لم يكن الحوار مع المفكر الكبير والسياسي المحنك الأستاذ الدكتور علي الدين هلال تقليديا بكل المقاييس.. بل كان إبحارا واسعا في السياسة بشكل عام والعلاقة بين الدين والدولة والسياسة بشكل خاص.. ولأنه أحد القيادات الرئيسية بحزب الأغلبية وأحد المساهمين في الأجندة السياسية للفكر الجديد.. ثم كعضو حالي لهيئة مكتب أمانة الحزب الوطني الديمقراطي وأمين الإعلام .. وهو صاحب تاريخ حافل بالعمل السياسي إستمده من دراسته للعلوم السياسية بكلية السياسة والإقتصاد بجامعة القاهرة إلي أن أصبح أستاذا بها علي مدي أكثر من ثلاثين عاما.. كل ذلك أضفي مزيجا فريدا وثريا لخبراته.. ووهجا خاصا لآرائه العميقة التي لم تخل من الجرأة .. بل والسباحة ضد التيار.. وفي حواره مع »الأخبار« لم ينكر الدكتور علي الدين هلال مسئولية الدولة عن نمو الروح الطائفية في مصر وأنها لم تحدث في يوم وليلة وأن بعض المسئولين إرتعشت أياديهم في لحظة الحسم.. وقال أن هناك قوي في الداخل والخارج تسعي لتغيير أساس الشرعية ومبدأ المواطنة الذي أقيمت عليه الدولة المصرية.. وأوضح أن عدم المساواة بين الناس في تطبيق القانون وراء الإنحراف والخلل في المجتمع ويخطئ من يتصور أنها مجرد موجة وتنتهي.. وأكد أن إحترامنا لدور الدين يجعلنا أكثر حرصا علي النأي به عن التناحرات السياسية .. وشدد علي أن الدولة المصرية الحديثة ولدت مدنية وأقيمت علي قاعدة المساواة بين كل المصريين .. وقال أنه لا يوجد عنصرين للأمة وإنما هو عنصر واحد من المسلمين والأقباط لهذا الشعب التاريخي.." وفيما يلي نص الحوار الذي نسوقه دون مقاطعتة.. اللهم إلا في القليل جدا .
في بداية الحديث قدم الدكتور علي الدين هلال شرحا لمعني ومفهوم شكل الدولة قائلا : ما هو شكل الدولة او ما هي طبيعتها.. هو موضوع يبدو ثقافيا او اكاديميا ولكن له انعكاسات في حياة الناس.. ليس كما نقول دولة دينية او دولة مدنية.. فنحن نتحدث عن الاساس الذي تقوم عليه الدولة نتحدث عن مصدر الشرعية.. شرعية الدولة وشرعية الحكام الموجودين في هذه الدولة.. ولكن قبل الدخول في ذلك نريد ان نقول اولا ماهي الدولة المدنية ؟ فان مفهوم الدولة هو مفهوم حديث بالمعني العلمي.. للأسف في الكتابات المختلفة نقول مثلا الدولة الفرعونية والرومانية فهذه جميعا استخدامات مجازية لمعني الدولة.. لأن كلمة الدولة الوطنية الحديثة أو ال Modern Nation State هو تطور حديث جاء في اعقاب معاهدة ويستيفاليا الشهيرة عام 1846 .. حيث ظهر كيان سياسي له مواصفات نسميها الدولة.. ولكن هذه المواصفات لم تكن موجودة من قبل ..
أركان الدولة
وتساءل الدكتور علي الدين هلال وماهو اذن معني الدولة ؟.. في كتب مبادئ العلم السياسي ومبادئ القانون الدستوري تعرف الدولة بأنها ترتكز علي عدة أركان.. أولا الشعب.. أي المواطنون الذين يتمتعون بجنسية هذه الدولة وبمقتضاها لهم حقوق وعليهم واجبات.. وهذا المعني لم يكن موجودا في العصور الوسطي .. لم تكن هناك فكرة المواطن ولكن كان هناك رعية اساسها الإنتماء الديني.. ولكن الشعب في اي مكان في العالم - الا بعض الاستثناءات القليلة - لا يتكون من ابناء ديانة واحدة .. والركن الثاني للدولة هو فكرة وجود اقليم له حدود واضحة.. هي مجال تنفيذ سلطان الدولة.. ثالثا فكرة السيادة .. فالدولة تمارس السيادة علي مواطنيها وعلي اقليمها.. اما في العصور الوسطي والقديمة فكان المبدأ ان الانسان يحاكم بقانون القبيلة التي ينتمي اليها بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة او مايسمي مبدأ شخصية القانون .. اما الآن في مصر وفي العالم كله فهناك مبدأ اقليمية القانون .. ففكرة الدولة اتت بمفاهيم ومكونات جديدة لم يكن لها سابق ممارسة في التاريخ الانساني من قبل.. مثل مفهوم المواطنة والجنسية ومع ظهور الدولة بمفهومها الحديث ظهر مفهوم النظام السياسي الحديث وهو ايضا له اركان اولها الدستور وخضوع الدولة للقانون وخضوع مؤسسات الدولة للدستور .. ففي مصر يستمد كل الناس بما فيهم رئيس الدولة سلطته من الدستور.. وجزء من الدولة الديمقراطية الحديثة هو الرقابة علي دستورية القوانين.. فمثلا يصدر قانون ويصدق عليه رئيس الجمهورية والبرلمان يشرعه ثم تأتي المحكمة الدستورية تقول ان هذا القانون فيه شبهة عدم دستورية بمعني انه يخالف احد المبادئ المستقرة في الدستور فلا يملك احد في الدولة المدنية الحديثة الاعتراض وهو ما حدث عشرات المرات اشهرها في برلمان 1985 فهذا البرلمان انتخب وفقا لقانون صدر عن مجلس الشعب وصدق عليه رئيس الجمهورية وتم تنفيذه وبالرغم من ذلك عندما رفع احد الاشخاص قضية.. المحكمة حكمت بعدم دستوريته.. وايضا في قانون انتخابات رئيس الجمهورية الذي نص علي ان يعرض علي المحكمة الدستورية قبل التصديق عليه وبعد مناقشته وقتل بحثا جاءت المحكمة الدستورية لتقول ان هناك مادتين تتضمنان شبهة عدم الدستورية وعلي الفور تم الغاؤهما.. إذن معني رقابة القضاء الاداري علي سلوك الدولة ورقابة القضاء الدستوري علي مدي اتفاق او مخالفة ما يصدر من تشريعات او قرارات دستورية مع الدستور ..
جوهر الدولة المدنية
ويستطرد الدكتور علي الدين هلال : الدولة المدنية جوهرها ومصدر شرعيتها هو ارادة المواطنين.. فشرعية الرئيس الامريكي او الرئيس المصري تستمد من انتخابه انتخابا حرا نزيها في انتخابات دورية.. ولا وجود لمصدر آخر للشرعية، والبرلمان هو اعلي مؤسسة تشريعية تؤدي دورها في اطار الدستور والقانون .. فالدولة المدنية جوهرها هو ارادة الشعب.. ارادة المواطنين.. الأمة هي السيد.. الشعب هو صاحب الإرادة العليا ..
الأخبار : وما هو إذن جوهر الدولة الدينية في رأيكم ؟
قال الدكتور علي الدين هلال : إن الدولة الدينية معناها ان ارادة الشعب تصبح خاضعة لموافقة مجموعة من الناس تزعم انها تحتكر تفسير كلمة الله.. مثل إيران.. والغريب ان هذه الفكرة ظهرت عندنا في البرنامج الذي طرحه الإخوان المسلمون وأنشأوا فيه هيئة عليا للعلماء لكي تراقب ما يصدر عن البرلمان او عن الوزراء والتأكد من انها مطابقة للشريعة .. وفي واقع الامر انهم انشأوا لجنة تكون واصية علي إرادة الشعب بإسم الله !! وهذا الموضوع له جذور وليس جديدا.. ويعود الي عهد الرئيس جمال عبدالناصر عندما بدأ الصدام بين الإخوان والرئيس عبد الناصر .. وقد طرح الرئيس عبد الناصر عليهم حقيبتين وزاريتين .. فقالوا له نحن لسنا طلاب سلطة ولسنا طلاب مناصب .. وانما طالبوا بتشكيل لجنة تضم كبار العلماء تعرض عليها كافة القرارات وتدرسها لتري مدي مطابقتها للشريعة.. اذن فكرة الهيئة من العلماء التي تعطي نفسها حق مصادرة الآراء النابعة عن ممثلي الشعب ..
الخلاف بين الدولتين
ويوضح الدكتور علي الدين هلال الخلاف بين جوهر الدولتين المدنية والدينية قائلا : إن الخلاف بين مفهوم الدولة المدنية والدولة الدينية اولا.. هو مصدر الشرعية .. ففي الدولة المدنية مصدر الشرعية هو الشعب وفي الدولة الدينية مصدر الشرعية هي اصباغ الصفة الدينية التي تأتي من مجموعة من الأشخاص علي القرارات . . ويتساءل هنا سائل وما الذي يضير في ذلك فهل نحن ضد الدين ؟ فالدستور المصري يقول ان مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ولكن الخوف هو انه لايوجد في اي موضوع غير الحدود تفسيرا واحدا متفق عليه .. فلنتأمل مثلا الدول التي في متن دساتيرها تقول انها دولة مرتبطة بالدين فهي السعودية وايران والمغرب .. وباكستان.. نجد اختلافا واضحا في النظم السياسية بها والممارسات والعادات السياسية .. واذا ما عدنا للتاريخ فسنجد انه في ظل تاريخ المسلمين اشكال مختلفة للنظم السياسية بعضها عادل وبعضها الآخر ظالم.. وبعضها اتبع مبادئ الاسلام والبعض الآخر لم يتبع .. ولكن كل ذلك كان تحت لافتة كبيرة هي الخلافة الاموية او العباسية او العثمانية وغيرها .. لأنه منذ ان انقطع الوحي نحن نتعامل مع اجتهادات بشرية ولا احد يستطيع ان يزعم في الاسلام انه له قداسة دينية ,, لا فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف ولا فضيلة المفتي ولا أحد .. وما دام هو اجتهاد بشري فمن الوارد ان تختلف الآراء.. مثلا ما هو حكم الفائدة التي تعطيها البنوك ؟ وهل هذه الفائدة تدخل في باب الربا الذي حرمه الإسلام ؟ أم هي شئ آخر ؟ هل هذه الممارسة المستحدثة تدخل في باب الحرام ام لا ؟ وهناك العشرات من الأمثلة مثل جراحات التجميل والتأمين علي الحياة وغيرها .. إذن إزاء الإجتهاد البشري نحن لسنا أمام تفسيرات دينية وانما هي تفسيرات بشرية يسقطونها علي النص.. لذلك عندما ننظر في تطور الديمقراطية سنجد ان النظام السياسي الديمقراطي قام علي اساس الفصل بين النشاط السياسي والدعوة والمؤسسات الدينية.. وعدم الزج بالحجج الدينية في الخلافات الحزبية والسياسية .. في اي دولة من الدول الصناعية المتقدمة او اي دولة في العالم المتقدم وحتي لو كانت ماليزيا مثلا الدولة الاسلامية التي حققت نهضتها فنجدها جميعا تفصل بين النشاط السياسي والخلاف السياسي والتناحرات الحزبية والسياسية والآراء الدينية .. ولكن لماذا ؟ اولا اننا لانريد ان نستخدم الدين في مواقف انشقاق تؤدي الي خلاف وانقسام.. لو تصورنا ان حزبا يقول انه كلمة الله وهذا كلام ربنا وآخر يقول نفس الكلام وينتهي الأمر بالتوظيف الخاطئ والمشوه للدين في هذه الأمور.. فهنا نحن نخرج الدين عن وظيفته الاساسية من اصلاح للكون واصلاح الشخصية الانسانية ليصبح سلاحا او اداة في الانشقاقات والخلافات الحزبية..
ففي السياسة ( والكلام لا يزال علي لسان الدكتور علي الدين هلال) نتناقش في موضوعات مدنية في الإقتصاد في الاجتماع في السياسة في حق المرأة وهذه الموضوعات بحكم التعريف متغيرة ومتطورة وقانون التأمين الصحي مثلا الذي تجري دراسته الآن بعد عقد او عقدين مثلا لن يكون ملائما ويحتاج الي تعديل مرة اخري ,, اما اذا قلنا ان هذا هو القانون الاسلامي فهنا اذن يكون هناك ترخص لاستخدام الدين في القانون الاسلامي لتبرير افكار معينة .. وعندما اكد الدستور المصري في المادة الخامسة علي عدم قيام الاحزاب علي اساس ديني او علي مرجعية دينية كان في ذلك متفقا مع التوجهات الديمقراطية في العالم كله..
الدين والمجتمع
الأخبار : ولكن ما هي رؤيتكم للعلاقة بين الدين والمجتمع ؟
قال الدكتور علي الدين هلال : نريد هنا التمييز بين شيئين اثنين : المسافة بين العمل السياسي والدين.. والعلاقة بين الدين والمجتمع.. فأنا أؤمن ان اقحام الدين في القضايا السياسية امر مخرب للدين والدنيا، اما العلاقة بين الدين والمجتمع فهي قضية أخري وطبعا ان الدين جزء من حياة المجتمع .. فكل منا عندما نتحدث خمس او ست كلمات فنجد بها مفردات مثل بإذن الله ,, وان شاء الله وهي جزء من قاموس الحياة اليومية للبشر ولا يمكن عزل الدين عن العلاقات الإجتماعية.. ولكل منا قيم ومبادئ دينية في عقولنا تحدد سلوكنا المسموح به في علاقاتنا الاجتماعية مثل عمل الخير وعمل التقوي.. واريد هنا ان اقول ان ابعاد الدين عن النشاط السياسي إنما هو لحماية الدين ولكي يقوم الدين بدوره الاصلاحي في حياة الناس.. وفي تنظيم القيم العامة للمجتمع .. وفي مصر من اكثر شعوب العالم تدينا او ادراكا انها متدينة.. وهناك بحث بعنوان بحث القيم العالمية وقد اجري علي عينة عشوائية في مصر ونفذه مركز المعلومات ودعم القرار بمجلس الوزراء.. وكان السؤال الي اي مدي تعتقد ان الدين محركا لك في سلوكك وحياتك اليومية فحصلت العينة المصرية علي مائة في المائة بينما في السعودية وباكستان مثلا أقل مننا.. وعندما نعود للتراث الفرعوني نجد التدين موجود وان الحاكم هو الإله وعندما نقرأ كلمات المستشرقين الذين جاءوا الي مصر نجد ان هناك فصلا في مؤلفاتهم حول تدين المصريين.. اذن الدين في مصر جزء من الهواء ومن المناخ العام الذي نتنفسه.. وفي ادارة شئون الدولة والمجتمع نري كيف أن الدين كقوة اجتماعية كثقافة في المجتمع كأداة تنظم العلاقات الإجتماعية بين الناس هو اولا ولكن عندما تأتي لمجال السياسة لا . لماذا ؟ لأن الدين يقوم علي الطاعة فالمسلم يذهب الي الشيخ او المسيحي يذهب الي القسيس ليعرف منه راي الدين في موضوع ما .. وكل منهما لا يجادل الشيخ ولا القسيس في حين ان السياسة تقوم علي الإختلاف.. اذن بينما الدين يقوم علي الطاعة والإنضباط فإن السياسة تقوم علي التنوع والإختلاف .. ومن ثم عندما تسعي بعض الحركات السياسية مثل الإخوان المسلمين ان تجمع بين صفتي العمل الدعوي والحض علي الفضيلة وكذا وكذا والذي هو امر ديني يؤسس علي الطاعة ثم تريد في نفس الوقت ان تلعب دورا سياسيا هو بالضرورة يقوم علي الاختلاف. فينتهي الامر عادة الي غلبة الطاعة علي الاختلاف ويكون ذلك هو المدخل.. وفي مذكرات الدكتور عبدالعزيز كامل وزير الأوقاف الأسبق وكان من شباب الاخوان وقد روي ان احد الشباب قد قام بإغتيال القاضي أحمد الخازندار وسأل الشيخ حسن البنا عمن أعطي هذا الأمر.. فقال السند انه رأي في عيني الشيخ البنا عدم الرضا عن الخازندار مما اعتبره توجيها بالإغتيال !! »ويتعجب الدكتور علي الدين هلال قائلا:« الي هذه الدرجة الطاعة !! .. »ويضيف ضاربا مثالا آخر:« عندما تم القبض علي الشاب الذي حاول اغتيال الأديب الكبير نجيب محفوظ اتضح انه لم يقرأ له كلمة ولا يعرفه ولكنه سمع الشيخ في خطبة الجمعة ينتقد كتاباته ويتهمه بالإلحاد.. فكان ذلك مدعاة لقتله !!.. اذن لابد ان نتحرز في التعرف علي قوة العاطفة الدينية عند المصريين .. واحترامنا لدور الدين يجعلنا أكثر حرصا علي النأي به عن الخلافات السياسية والتناحرات السياسية .. وعندما نتحدث عن اليمقراطية فهي تقوم علي التعددية الحزبية وكل المواطنين ممثلين في هذه الأحزاب .. مسلمين ومسيحيين.. رجال ونساء من الصعيد ووجه بحري وهذا هو الوضع الطبيعي في كل الأحزاب .. ويصبح العمل السياسي علي أساس البرامج السياسية.. واذا اقحمت الدين فسيتجمع ابناء دين واحد في حزب من الأحزاب وتصبح هذه هي روشتة الإنقسام الديني والطائفي ..
الإنقسام الديني والطائفي
ويواصل الدكتور علي الدين هلال حديثه : والإنقسام الديني والطائفي هو الثغرة التي حاول المستعمرون إستخدامها دائما لضرب الشعب المصري.. فطبيعة الشعب المصري أنه ليست به إنقسامات أو ولاءات إقليمية فليس لدينا مثلا أكراد أو بربر.. إنما التنوع الموجود لدينا هو التنوع ما بين مواطنين مصريين مسلمين ومواطنين مصريين أقباط وقد حاول اللورد البريطاني كرومر التشجيع علي انشاء حزب مسيحي .. وقد حاول أحد الأشخاص انشاء حزب قبطي بالفعل فانصرف عنه الاقباط انفسهم.. ونجد مثلا ثورة 19 التي تعتبر نموذجا للحمة الوطنية بين المسلمين والاقباط.. وانا اقول ان الثغرة التي سعي اعداء الشعب المصري الي تكريسها وتوظيفها واستغلالها هي العلاقة بين المسلمين والمسيحيين.. وانا أتحدث معك الان لم استخدم تعبير وحدة عنصري الأمة .. لأنه لايوجد عنصران للأمة المصرية وانما هو عنصر واحد.. لهذا الشعب التاريخي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.