بعد تدشينه رسميًا.. نقابة الفلاحين تعلن دعمها ل اتحاد القبائل العربية    عاجل: أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن اليوم الخميس 2 مايو 2024    تقرير: سلسلة تعقيدات في طريق صفقة تبادل الأسرى ومواقف متصلبة لنتنياهو والسنوار    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    استشهاد رئيس قسم العظام ب«مجمع الشفاء» جراء التعذيب في سجون الاحتلال    زيزو يقود هجوم الزمالك أمام البنك الأهلي في الدوري    زيزو يقود تشكيل الزمالك لمواجهة البنك الأهلي في الدوري    سميرة سعيد تطرح أغنيتها "كداب"..فيديو    افتتاح تمثالي الشيخ رفاعة الطهطاوي والشيخ محمد عياد الطهطاوي بكلية الألسن في الأقصر    قرارات نهائية بشأن امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 قبل انطلاقها بأيام    وزير الأوقاف يهنئ البابا تواضروس وجميع الكنائس والطوائف المسيحية بعيد القيامة    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    انتصارات فلسطين وهزائم إسرائيل    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    وزيرة التضامن تستعرض نتائج تحليل مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان 2024    بسبب كاب.. مقتل شاب على يد جزار ونجله في السلام    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    خبر عاجل بشأن العمال ومفاجأة بشأن أسعار الذهب والدولار وحالة الطقس اليوم.. أخبار التوك شو    تونس .. بيان مهم من البنك المركزي    حكم الاحتفال بشم النسيم وهل احتفل به الصحابة؟ دار الإفتاء تحسم الجدل    الضبيب: مؤتمر مجمع اللغة العربية عرسًا لغويًا فريدًا    أدباء ومختصون أكاديميون يدعون لتحويل شعر الأطفال إلى هدف تربوي في مهرجان الشارقة القرائي للطفل    "سور الأزبكية" في معرض أبوظبي الدولي للكتاب    صحة الدقهلية تنتهي من تدريب الإدارات على ميكنة المواليد والوفيات    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء: الخميس 25 يوليو انطلاق المرحلة الثانية لمسابقة النوابغ الدولية للقرآن    لا تهاون مع المخالفين.. تنفيذ 12 قرار إزالة في كفر الشيخ| صور    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    مصر تستضيف بوركينا فاسو 7 يونيو وتواجه غينيا 10 يونيو بتصفيات كأس العالم    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    تفاصيل منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 للطلاب في جامعة أسيوط    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. على الدين هلال فى ندوة روزاليوسف: شرعية رئيس مصر القادم لن تكون البطولة العسكرية

د. على الدين هلال فى ندوة روزاليوسف: شرعية رئيس مصر القادم لن تكون البطولة العسكرية

أشرف على الندوة : عبد الله كمال
أدار الحوار : محمد هانى
أجرى الحوار : عصام عبد العزيز - أسامة سلامة - مرفت فهمى - د. فاطمة سيد أحمد - وائل لطفى - إسلام كمال - أحمد باشا - رجب المرشدى
سكرتارية الندوة : طارق مصطفى - نعمات مجدى - شوقى عصام - محمد مشعال
تصوير : مايسة عزت
مثيرا جدلا أيديولوجيا قديما جديدا، أكد د. علي الدين هلال عضو هيئة المكتب وأمين الإعلام بالحزب الوطني أن المؤتمر السنوي السادس يشدد عمليا علي أن الدولة لم ولن تنسحب كما يتصور البعض، بل دورها مستمر وبقوة في مجالات عديدة، والقطاع الخاص له حدود حفاظا علي الأمن القومي والاجتماعي، وفي سياق حوارنا الساخن معه خلال ندوة مطولة مع أسرة روزاليوسف قال إن الحديث الحالي عن تغييرات في قيادات الحزب الوطني جزء من مكائد ومناورات سياسية مفهومة، ولا حاجة لأي تغيير الآن. لكنه اعترف بأن هناك أمثلة عديدة قريبة وبعيدة عنا تفيد أن الأغلبية أمر ليس دائما، إلا أنه رفض فرض الوصاية علي الناس للحديث باسمها، قائلا إن حديث النخبة والمثقفين في ناحية والشارع في ناحية تهتم بالقضايا الحياتية اليومية أكثر من أي شيء آخر، وقال إن حزب الأغلبية يضطر لاتخاذ قرارات غير شعبية أحيانا.
وإلي تفاصيل ندوتنا مع أمين الإعلام الوطني:
روزا: بخلاف الموضوعات المدرجة علي أجندة مؤتمر الحزب.. نبدأ بسؤال يتم طرحه من وقت لآخر، حيث ينتظر الناس تغييرا في قيادة الحزب مع انعقاد المؤتمر سواء كان سنويا أو عاما، ولا يحدث هذا التغيير باستثناء ما جري في .2002 هل لديك تفسير لماذا يطالب الناس بتغيير قيادة الحزب من وقت لآخر أو لماذا ينتظرون هذا التغيير؟
د. علي الدين هلال: أولا: الأمانة العامة للحزب تغيرت بشكل قوي جدا في عام 2006 وبالتالي فإن الأمانة التي تخدم اليوم عمرها 3 سنوات فقط وتحديدا منذ يناير 2006، حيث تغير وقتها حوالي 15 عضوا بالأمانة العامة، فأغلبية أعضاء الأمانة الحاليين مضي عليهم 3 سنوات ونصف السنة، وليس كلهم يمكن أن نطلق عليهم قدامي المحاربين، أما بالنسبة لموضوع الدعوة للتغيير فأعتقد أنه لابد من النظر لطبيعة السياسة في مصر لأن الرأي العام يتصور أحيانا أن تغيير الأشخاص سوف يؤدي لتغيير السياسات، وهذا ليس من الضروري.
أحيانا الناس تكون مولعة بالتغيير، وبعض من هذه الدعاوي جزء من مكائد الحياة السياسية، بمعني أن أشخاصا متطلعة تعمل علي ذلك عن طريق استخدام صحفيين ينشرون أخبارا عن تغيير في هذا المكان أو ذاك.
وأنا شعوري أن الأمناء الجدد الموجودين حاليا غالبيتهم يؤدون عملهم بشكل مرضٍ، ذلك لا ينفي أن هناك تغييرا داخليا في الحزب، فعلي سبيل المثال أمانة المجالس المحلية تقريبا تغير ثلثا أعضاء الأمانة المركزية فيها، وأمانة المرأة نجد الأمينة عائشة عبدالهادي طلبت تغيير عدد غير قليل من أعضاء الأمانة، ووافقنا لها في هيئة المكتب.
روزا: تقصد أنه لا حاجة للتغيير؟
د. علي الدين هلال: من رؤيتي للحياة السياسية لا أجد داعيا لهذا التغيير.. ماذا تريد أن تغير؟
تغيير شخصيات معينة في الحزب يعطي مؤشراً كبيراً، أنت هنا لا تغير وزيرا، هل يوجد في الأفق ما يشير إلي تغير في توجهات الحزب السياسية يستدعي معه تغيير هذه القيادة أو تلك؟
أنا لا أري هذا، ومن ثم لا أعتقد أن هناك ظروفاً تبرر التغيير في القيادات العليا للحزب التي يعطي تغييرها رسائل سياسية!
روزا: لماذا ينتظر الناس في مصر من وقت لآخر مثل هذا الحديث وهو التغيير، ليس في الحزب فقط، ولكن أيضا في الحكومة أو غيرها أو أن يكون الحل الأمثل هو تغيير مجموعة من الأشخاص؟
د. علي الدين هلال: هذا الموضوع أفضل شخص يتحدث فيه هو الرئيس مبارك شخصيا.. ففي دولة مثل الأردن ومع اختلاف الظروف والأحوال رئيس الوزراء يتغير في أقل من سنة، ويتغير الوزراء بسرعة كبيرة جدا، الشعب هناك تعود علي ذلك، لأنه أصبح جزءا من الحياة السياسية، نفس الشيء في عهد الرئيس جمال عبدالناصر الذي كان فيه متوسط عمر الوزارة 15 شهرا، نفس الأمر في عهد الرئيس أنور السادات، ولكن زادت الفترة قليلا، أما في عهد الرئيس مبارك فهو صاحب أسلوب سياسي يميل للاستقرار وإعطاء الفرصة للناس للعمل، وبالتالي عندما تحدث تغييرا لا يكون تغيير أشخاص، بل إعطاء مؤشر سياسي.
روزا: ألسنا بصدد هذه الظروف السياسية.. نحن بصدد سنة كبيسة أو سنة صعبة كما تسمونها؟
د. علي الدين هلال: أنا ضد استخدام تعبير سنة صعبة، رغم أنه استخدم من جانب قيادات بالحزب، أقول سنة مهمة أو سنة تتطلب منا مزيدا من الاهتمام، الأمر يتعلق بنوع الشحنة العاطفية التي تريد إعطاءها للناس، مثلا لا أحب كلمة معركة انتخابية، هنا مش صح وغلط، هذا جزء من الفكر السياسي لأن المعركة تنتهي بهزيمة أو مصرع أحد الطرفين، أنا مش داخل في خناقة، نحن ندخل في منافسة، أنا ممكن أفوز فيها وغيري ممكن يفوز فيها، أتحلي بالتواضع عند النصر وقبول الهزيمة في بعض الأماكن!
روزا: أي هزيمة تقصد قبولها؟
د. علي الدين هلال: أقصد في دائرة من الدوائر، لأنه لا يوجد قبول للهزيمة علي مستوي أكبر، ولا يوجد حزب في الدنيا يجب أن يتصور أنه سيحتفظ بالأغلبية إلي النهاية، لم ولن يحدث في التاريخ!
روزا: لكن هناك مزاجا يتعامل مع الحزب الوطني أو يروج ضده علي أن النخبة الحاكمة هي نخبة طاغية أو طغمة حاكمة؟
د. علي الدين هلال: أنا أميز بوضوح جدا بين تشكيل النخبة السياسية وتفكير الإخوة المثقفين ورؤاهم وأولوياتهم - كلها أولويات مشروعة - وبين ما يحدث في الشارع.. الشارع سكة أخري.. ممكن يكون بعض ما تقوله النخبة موجودا في الشارع، وممكن أشياء كثيرة تقولها النخبة غير موجودة في الشارع أو أضعف الإيمان ليست موجودة بنفس الدرجة والحدة والشدة التي تعتقدها النخبة!
روزا: إذن ماذا يري الشارع من وجهة نظرك؟
د. علي الدين هلال: بالطبع الشارع فيه إلحاح للقضايا الاقتصادية والحياتية، الشارع مهموم بالمشاكل اليومية للإنسان، بعد ذلك نجد بعض الأفراد يربطون بين هذه المشاكل وأوضاع سياسية معينة أو وجود حزب معين أو تداخل سياسي معين.. لكنني أقول في النهاية مادمت اخترت المنهج الديمقراطي فعليك أن تتعامل وتقبل كل الآراء!
روزا: فيما يخص الهم الاقتصادي اليومي كيف يتعامل الحزب الوطني مع الشارع في هذا الأمر؟
د. علي الدين هلال: استطلاعات الرأي التي أجراها الحزب والهيئات المختلفة تري أمورا كثيرة، مثلا إذا أخذت قضية المرأة فالرأي العام أكثر محافظة من موقف الحزب الوطني، هل تقول لي أن معرفتي بهذا الأمر تجعلني أغير رأيي وسياساتي.. المفروض أن هناك دورا تحديثيا، الأحزاب والقيادات السياسية يمكن أن تأخذ قرارات غير شعبية أو قرارات أنت تعلم أنها علي غير هوي الشعب، وتعلم أنه في الأجل القصير أغلب الناس لن ترتاح.
في المجال السياسي وقت الغزو الأمريكي للعراق كانت هناك مطالبة شعبية لرئيس الدولة بإغلاق قناة السويس، والرئيس كان يعلم أنه إذا اتخذ هذا القرار سيهتف 100 ألف مواطن باسمه وأنا سمعته بنفسي بيقول: أنا عارف لو عملت كده فيه 100 ألف واحد هيهتف باسمي، لكن بعد شهر عندما يرون النتائج الاقتصادية علي هذا القرار سيخرج مليون واحد هينتقدوني ويقولوا كذا وكذا.. أحيانا كثيرة تأخذ قرارات غير شعبية، مثلا أنت تعمل سياسة الخصخصة وأنت تعلم أنها سياسة غير شعبية، لكن عندك مصانع تخسر.
استطلاعات الرأي في القضايا الاقتصادية تكون أكبر خدعة.. إنها تقول أن الشعب بيقول كذا وكذا.. الشعب قوي مختلفة.. عمال وفلاحين ومليونيرات تسافر بطائرات خاصة وناس معدمة.. قد تندهش أحياناً أن أكثر الأفراد نقداً وأعلاهم هم أكثر الناس استفادة وقدرة علي تحسين أوضاعهم.
أنا ساكن في شقة كويسة لكن تطلعاتي أكثر مما أريده.. كل ما تتسع فجوة التطلعات يزداد الشعور بالسخط.
هذا العام مثلاً من أكثر الفئات المتضررة وبحق هم الفلاحون نتيجة الوضع الذي حدث بشأن أسعار المحاصيل الزراعية بينما زادت أسعار مدخلات الإنتاج، ووصلت للسعر العالمي وتدني سعر المحصول، فالفلاح في كثير من المحاصيل إما أن يغطي تكاليفه بالكاد، أو خسران، أو لا يجد أحدا يشتري منه المحصول، هنا إحدي القضايا المطروحة علي المجتمع والتي وصلنا فيها لحلول معينة تتعلق بالحل.
طبعاً هناك شكوي عامة أو شعور عام بشأن البطالة، وأنا أعتبرها أس الفساد في نفس الوقت تجد أرقاما من واقع التأمينات الاجتماعية أن في آخر 4 سنوات وفرت 5,3 مليون فرصة عمل.. عندما يوفر اقتصاد كل عام 750 ألف فرصة عمل يعتبر إنجازا ليس بقليل خاصة عندما تقارنه باقتصاد دول أكبر منك.
الإشكالية في مصر أن حجم الطلب علي سوق العمل كبير.. بالأمس قابلنا الرئيس لمدة 3 ساعات، وكانت أول قضية تكلم فيها ما طلبه منا أن نقول للناس أن موضوع السكان إذا لم نصل فيه لحل ظروفنا ستكون أصعب مما نتصور، في السابق كنا نقول أن الزيادة 6,1 مليون نسمة الآن 9,1 مليون كل سنة، وإجمالي الوفيات من كل الأعمار 400 ألف، إذن زيادة صافية 5,1 مليون، عندما يقول حاتم الجبلي أريد أن أعمل تطعيما ستجد 20 مليونا أي أكثر من شعوب دول الخليج كلها.
وفي النهاية ليس من حقك الحديث باسم الشارع، ولا من حقي أن أتحدث باسم الشارع.. الشارع يعبر عن رأيه في صندوق الانتخابات، السياسة يوم الانتخابات، الشعب ينتخب من أو يختار من؟
روزا: في الخمس سنوات الأخيرة هناك أقاويل أن الناس ليست معكم، وأغلبية المعارضة تدعي أن الشارع معهم وأن الشعب ينتفض؟
د. علي الدين هلال: ليس من حق أحد التحدث باسم الشعب إذا لم يكن الشعب تحدث عن هذا.. غير مقبول أن كل واحد قاعد في بيته يقول أن الشعب يري ويتفق.. هذا فرض للوصاية.. بعض منظمات حقوق الإنسان أصدرت بيانات عن تزوير الانتخابات الساعة 10 صباحاً.. أي قبل أن تبدأ الانتخابات.. هذه مناورات سياسية نفهمها ونقدرها ونضعها في حجمها.. أريد توضيح بعض الدلالات التي يجب أن نتحدث عنها فيما يخص مؤتمر الحزب الحالي.. من أهم الدلالات الجزء المتعلق بدور الدولة في الاقتصاد ودور الدولة في المجتمع.. أعتقد أن المؤتمر يؤكد هذه الرسالة بالدور المستمر للدولة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك هو المحور الأول في مؤتمر الحزب.. التنمية الاجتماعية ومكافحة الفقر، حين نتحدث عن برنامج الألف قرية.. نتحدث عن دور الدولة في البنية الأساسية بلغ 9 مليارات جنيه للصرف الصحي.. دور الدولة في المرافق العامة من حيث المياه والكهرباء وبناء المدارس وبناء الوحدات الصحية.. دور الدولة في الخدمات تعليم.. صحة.. دور الدولة في تحقيق الحد الأدني من الدخل للمعدمين.. تبدأ العمل في توسيع مظلة الضمان الاجتماعي.
من خمس سنوات كان العدد 700 ألف اليوم أكثر من مليون، وخلال عامين سيزيد علي ذلك، زيادة عدد المستفيدين أشار إليها الرئيس بزيادة حجم هذا المعاش بنسبة 25٪.
كذلك قانون التأمين الصحي الشامل لأول مرة يكون كل مواطن ومواطنة مشمولا بالتأمين الصحي بغض النظر عن قدرته المالية، والذي لن يكلفه أكثر من 10 إلي 12 جنيها شهرياً حسب بعض المؤشرات، ومع ذلك لن تجد كل الناس علي مقدرة لدفع هذا المبلغ.. بالنسبة لهؤلاء الناس ستدعمهم الحكومة بالموازنة العامة.. وإن كانت هناك مشكلة تنفيذية بكيفية تحديد المستحقين، ولكن التوجه السياسي أن الدولة مسئولة عن الرعاية الصحية والاجتماعية.
في نفس هذا الإطار اقترح الحزب العام الماضي، ونفذ إنشاء صندوق لمكافحة العشوائيات حتي لا تكون هوجة مستقلة في داخل وزارة التنمية المحلية للعشوائيات، خصص له فوق المليار جنيه، سيقال في هذا المؤتمر تفاصيل أكثر عن هذا الموضوع.
في المجال الاقتصادي.. غير صحيح أن الدولة أو هيئات الدولة توقفت عن الاستثمار، ومن يحلل قروض البنوك سيجد في بعض السنوات أغلبية القروض لهيئات بالدولة تقوم بالاستثمار.. إذن التصور الأيدلوجي أن الدولة نفضت يدها من الاقتصاد وتركت القطاع الخاص حرا طليقا غير صحيح.. عمرنا ما اتخذنا هذا القرار.. أنت لديك قطاع ضخم جداً اسمه الإنتاج الحربي لكن نصفه أو جزءا كبيرا منه مدني، عندك جهاز الخدمة الوطنية عنده مصانع ضخمة.. أريد أن أقول إذن أن الاقتصاد ليس سداح مداح كما يتصور الناس، وفي بعض الصناعات الاستراتيجية الدولة هي الموجودة.
روزا: يعني الدولة لن تستقيل؟
د. علي الدين هلال: أنا رأيي كده واللي يعرف مصر كويس يعرف أن ذلك لم يحدث.
روزا: كنتم تقولون كلاماً عن التحول الاقتصادي وقضية السوق، وأن ذلك هو الحل ولا يوجد غيره واستقطبتم رجال الأعمال.. الآن تقولون إن دور الدولة قائم وتؤكدون علي الدور الاجتماعي.. أنتم تحدثون تحولات فكرية في فاصل زمني ضيق لا يزيد علي 5 سنوات؟
د. علي الدين هلال: هذا استفزاز لن أستجيب له، أريد أن أقول أنه لا تغيير للفكر.. من يقرأ المبادئ الأساسية للحزب يجد فيها أن القطاع الخاص هو أفضل آلية لتقسيم الموارد.. وفيها أيضاً آلية مسئولية الدولة عن أمور أخري.
روزا: السؤال بشكل آخر.. إذا كان الحزب مظلة واسعة من أقصي اليمين لأول اليسار.. هل ما يحدث الآن يمثل استعادة القوي المؤيدة لدور الدولة لمكانتها في مساعدة الدولة؟
د. علي الدين هلال: إذا نظرت إلي مؤتمرات الحزب 2002 و2003 و2004 لن تجد تعريف العدل الاجتماعي.. في 2005 و2006 تجد العقد الاجتماعي.. مع نضجك الفكري واستيعابك لمتغيرات جديدة ورؤيتك للأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. يمكن أن تعيد ترتيب أوراقك وأولوياتك.. هذا يدل علي حيوية الحزب واستيعابه لتغيير الظروف.. الفكرة الأخري التي من الممكن أن نراها هي تكامل السياسات.. لا توجد أي سياسة تنجح لوحدها.. اعمل أحسن مدرسة وأفضل مدرسين ستجد بين أبنائنا من عنده أنيميا وستتوقف قدرته علي الفهم.. تطوير التعليم من غير تطوير الصحة لن يجدي شيئا. أريد أن أكمل نضج الحزب والحكومة في التعامل مع قضية التغيير لتصبح لديك فكرة تكامل السياسات.. ورقة الصحة تشير للتعليم وورقة التعليم تشير للبطالة.. هذه تسمي منظومة السياسات أو حزمة السياسات، وهي تشير إلي أن سياسة لوحدها لا قيمة لها، ولن تجدي ثمارها.
ومع حزمة السياسات تظهر فكرة الاستهداف.
روزا : بمعني؟
د. علي الدين هلال: مثلاً كيف أضمن وصول السلع الغذائية لمحدودي الدخل.. ففي أول الزمالك مجمع استهلاكي علي ناصية شارع المعهد السويسري.. أحد أساتذة الاجتماع أعد دراسة لمواقع المجمعات الاستهلاكية كشفت أن عددا ليس بقليل منها في أماكن غير مستهدفة، والاستهداف يعني أن أتأكد من أن الخدمة التي أقدمها أو المال العام الذي أنفقه يكون في المكان أو لخدمة الأشخاص الذين يستحقون.. وبالتالي ظهر مفهوم الاستهداف البشري، والاستهداف الجغرافي، وبالتالي بدأ مشروع برنامج الألف قرية بعد عمل استطلاع ومسوح لكي نصل إلي الأماكن والفئات الأكثر احتياجاً.
النقطة الثالثة بعد تكامل السياسات والاستهداف هي كيفية تقييم السياسات؛ فنحن في برنامج الألف قرية كمبدأ عام نطرح تقديم الخدمة، وفي نفس الوقت نقيمها؛ مثلاً كيف تقوم وزارة التربية والتعليم بخدمة التعليم وفي آخر العام تصدر تقريراً تقيم فيه نظافة المدارس وتطويرها، أو كيف تقوم وزارة الصحة بإنشاء إدارة المستشفيات وتمويلها وفي نهاية العام نقيمها، لذلك ذكرنا كمبدأ عام الفصل بين مقدم أو منفذ السياسة وبين من يقيمها.
فتقييم الخدمة لابد أن تقوم به هيئة محايدة لذلك فكرنا في مجال التعليم أن ننشئ هيئة لضمان جودته، وفي الصحة فعلنا نفس الشيء، أما في برنامج الألف قرية فالاتجاه - وإن لم يتم تشريعه بعد - هو إشراك المجتمع المدني في تقييم الأداء الحكومي.
النقطة الرابعة: جديدة في فكرنا وهي التدرج في التنفيذ.. مثلاً عندما أقول أنني أنفذ سياسة ما، ولكن لن نستعملها قبل 2014، ولن نرد علي الذي يقول أننا لم نطور نظام الثانوية العامة الجديد رغم استمرارنا في الحديث عن هذا الموضوع قبل سنتين لأن هذا لم يقرأ توقيت تطوير هذه المنظومة التي سوف تبدأ عام 2010 - 2011.
نفس الموضوع حدث في اللامركزية، وفي كل سنة يسألوننا: أين القانون، والأرجح أننا لن نقدم قانونا في هذه الدورة لأن الدنيا لو هتتغير بقانون فنشكر ربنا ونصدر القانون من بكره، لكننا نعلم أننا نعيش في غابة للقوانين، كما أن إصدار القانون ليس ضماناً لتنفيذه ما لم تتوفر المتطلبات القانونية والإدارية والمالية والبشرية للتنفيذ، وبدون هذه المتطلبات إذا أصدرت القانون فلن ينفذه أحد ليس عناداً أو تسلطا ولكن لأن البيئة المحبذة للتنفيذ غير قائمة.
روزا: ما الذي سوف يستفيده المواطن البسيط من المركزية أو اللامركزية؟!
د. علي الدين هلال: نهدف من إجراء هذه الدراسات الوصول إلي نتيجة مفادها أن مستوي المركز والقسم هو الأساس.. فالعام الماضي كانت ميزانيتها ملياراً أما العام القادم فسيتم تخفيضها إلي 800 مليون جنيه لترميم المدارس وصيانة شبكات الصرف الصحي والمياه دون العودة إلي المستوي المركزي، وهذا يجعلها صاحبة موازنة مستقلة تؤهلها لأن تصبح سلطة قادرة علي اتخاذ القرار دون العودة لمستوي المحافظة.
روزا: ماذا عن الأسماء التي تطرح مؤخراً في بعض وسائل الإعلام كمرشحين لرئاسة الجمهورية؟
د. علي الدين هلال: أي حديث عن اسم كمرشح لرئاسة الجمهورية الآن يفتقر إلي الأدب واللياقة.. أنا أعتبره نوعاً من التنطع السياسي.
فبأي حق يرشح شخص فلانا أو علانا، ففي الديمقراطية من يريد أن يتولي منصباً عليه أن يعلن عن رغبته، أما فكرة التوقع السياسي فهدفها الدعاية.
وهنا أتساءل: هل النظام السياسي في المستقبل سوف يتغير؟
الأرجح نعم، فقد كان لدينا ثلاثة رؤساء من المؤسسة العسكرية، فأنت داخل علي مرحلة قضية مصدر الشرعية، فهؤلاء الرؤساء الذين حكمونا كانوا أبطالاً خاضوا معارك حربية وهذا أعطاهم شرعية.. الرئيس القادم لن يكون كذلك.. هذه الأسئلة وارد أن يتم طرحها ومنها علي سبيل المثال: هل هناك أحزاب سياسية قادرة علي أن تحل محل الحزب الوطني؟! وجهة نظري اليوم لا، تسألني: هل هذه إجابة دائمة؟ بالتأكيد لا، فهناك تجارب في التاريخ لأحزاب حكمت فترات طويلة ثم خرجت، السؤال المحوري هنا: في إطار ديمقراطي إلي أي مدي يستطيع الحزب أن يجدد دماءه وقياداته ويقترب أكثر من الناس، وإلي أي مدي يستطيع الحزب الكبير أن يحافظ علي وحدته ويحول دون وجود انشقاقات داخله، وإلي أي مدي تستطيع الأحزاب الأخري احتواء انشقاقاتها الداخلية، فالسياسة ليست بها حتميات، والناس تحكم عليك بأدائك، ورغم حديثنا عن سياسات الأحزاب وبرامجها إلا أنه في اعتقادي أن العوامل الحاسمة في الانتخابات المصرية غير سياسية، فالمواطن يبحث عن الشخص الذي يستطيع أن يخدمه بشكل أكثر، فهذا الكلام ليس ذما أو نقدا بالعكس، فالسياسة هي حل مشاكل الناس، ومن ثم يسعي المواطن إلي البحث عن الشخص الذي يستطيع مساعدته.
روزا: كيف تري العلاقة بين الدولة والأحزاب والمثقفين؟
د. علي الدين هلال: الدولة والنظام ليسا شيئاً واحداً، فالنظم متغيرة والدولة مستمرة، فمعارضة أو تأييد نظام سياسي معين واردة، وداخل النظام علينا أن نميز بين النظام والحكومة، النظام هو القواعد الدستورية الأساسية لشكل الحكم.. والحكومة متغيرة، فيمكن أن أنتقد سياسات بعض الوزراء، لكن هذا ليست له علاقة بالنظام، وإنما يمكن القول أن هذه الحكومة تسيء للنظام.
والمثقفون ليسوا كتلة واحدة فكل تيار سياسي لديه المثقفون الذين ينتمون إليه، كالحزب الناصري، وكذلك أحزاب التجمع والوفد والوطني، فهل هناك مثقف مستقل عن التيارات السياسية؟.. الأصل أن يكون المثقف مؤيدا لأحد التيارات السياسية، وليس شرطا أن يكون عضوا في حزب، الشيء نفسه بالنسبة للشعب، فالشعب ليس كتلة صماء، وإنما فيه أغنياء وفقراء، ريف وحضر، وبه عمال وفلاحون، فالشعب لديه مصالح اقتصادية مختلفة.
جوهر السياسة أن تبحث عن الحد المعقول من التوافق بين المصالح، إنما لا تحقق لكل الفئات مصالحها بأكملها، نحاول أن نبحث بين الأحزاب المختلفة الناصري والوفد والتجمع عن دائرة تتعلق باستقلال مصر وأخري تتعلق بالأمن القومي لمصر، فهناك دائرة لابد أن يتفق عليها المصريون مهما كان اختلاف آرائهم، وهناك دائرة أخري قد نختلف عليها، هل نعطي كوتة للمرأة أم لا.. إلخ.
روزا: والإخوان؟
د. علي الدين هلال: في كل مجتمع هناك مبادئ الوفاق العام، وهي التي يعبر عنها تيار رئيسي في المجتمع، لكن عندما تأتي وتقول إننا نريد إحياء نظام الخلافة فهذا ليس خلافا في الرأي، وإنما خلاف في المبدأ الدستوري لنظام الدولة.
روزا: سيقولون لك نغير الدستور؟
د. علي الدين هلال: هذه قضية ثانية، فإذا أردت أن تغيره بالطريقة الشرعية، فأهلا وسهلا، أما عندما تطرح أفكارا من نوعية أنه ليس من حق المرأة أن ترشح لمنصب رئيس الجمهورية، أو ليس من حق القبطي أن يترشح لمنصب رئيس الجمهورية، فإنك في هذه الحالة خرجت عن الإطار العام، لأن الدستور يقر أنه من حقك الترشيح إذا كان أبوك وأمك مصريين، فلا يتحدث الدستور عن النوع أو الدين.. وبالنسبة للإخوان القضية هي القانون والدستور فلن أدخل في جدل حول سلامة الرأي أو عدم سلامته، لكن السؤال الذي يجب طرحه: هل وجود هذه الجماعة يتفق مع الدستور والقانون أم لا؟!
روزا: هل كتلة الإخوان المسلمين في المجتمع تعبر عن قوي اجتماعية.. بل دعنا نقول أنهم وصلوا إلي داخل بعض تيارات الحزب الوطني.. ونسأل: هل سيكون هناك حزب للإخوان؟
د. علي الدين هلال: المحك بينك وبين أي فريق سياسي هل يتفق مع الدستور أم لا، فإذا اتفق مع الدستور فأنا من أنصار التعددية السياسية لأنها الأساس.
وهنا يجب أن نتوقف أمام حقيقة مهمة وهي أنه في الفترة من 1931 وحتي 1952 ورغم أن الجماعة كانت تعمل بالسياسة إلا أنها لم تتقدم بطلب من أجل التحول إلي حزب سياسي.. حقيقة أخري مهمة وهي أنه منذ 1977 وحتي قبل التعديلات الدستورية في 2005 لم تتقدم الجماعة بطلب من أجل أن تصبح حزباً سياسياً.. وحتي عندما بدأ الحديث عن إمكانية التحول إلي حزب ارتبط به كلام غريب عن أن شرعية الجماعة مستمدة من الشارع وليس من أي نظام، ومجرد قولك أن شرعيتك مستمدة من الشارع.. إذن أنت تعلن رفضك للشرعية القانونية الموجودة، والإنسان حيث وضع نفسه؛ إما أن تضع نفسك في داخل الشرعية أو خارج الشرعية.
روزا: سؤال آخر مهم.. ماذا تمثل الجماعة اجتماعياً وسياسياً؟
د. علي الدين هلال: دعونا نسأل أنفسنا في البداية بضعة أسئلة.. هل نعتبر كل امرأة تسير في الشارع مرتدية الحجاب عضوا منظما في جماعة سياسية؟ هل نعتبر كل إنسان متدين أو حريص علي القيام بواجباته الدينية عضوا منظما في جماعة سياسية؟ أتصور أن الإجابة هي لا. إذن أنا أريد أن أميز بين الجماعة وبين موجة التدين الموجودة ليست فقط في مصر، بل أيضاً في بلادنا العربية، وفي كل مكان يوجد به مسلمون خاصة أنه قد حدث نوع من الميل إلي التدين في أعقاب .1967
روزا: هل تعتبرها صحوة؟
د. علي الدين هلال: هي اهتمام ووعي ديني.. أبسط مثال علي ذلك أن أكبر نسبة كتب يتم بيعها هي الكتب الدينية.
المهم أنه بعد هزيمة 67 أصاب الناس في مصر شعور نفسي بأن التيار القومي ممثلاً في عبدالناصر والبعث قد انهزم وجاء ذلك متواكباً مع ارتفاع ثروة وصوت دول الخليج، وما تعبر عنه من تيارات فكرية معينة.. أضف إلي ذلك أن العرب والمسلمين أصبح لديهم شعور بالإهانة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية علي وجه التحديد بل وبازدواجية معاييرها في التعامل مع الدول العربية وقضاياها، الأمر الذي أوجد المناخ الموضوعي.
ودعنا نعترف بأن الحكم في مصر في السبعينيات قد ساهم بشكل أو آخر في دعم، وتمويل، وتمكين هذه الجماعات خاصة بعدما تعامل مع الشيوعيين والناصريين في ذلك الوقت علي أنهم الخصم خاصة في أعوام .75-74-73
روزا: هل استغل الإخوان هذا المأزق الاجتماعي؟
د. علي الدين هلال: تيار الإخوان أو غيره استفادوا من هذا المد العاطفي والديني الآن، خاصة في ظل غياب هدف أو حلم عام، وبدأوا رحلة الوصول إلي الناس من خلال إقامة مستوصفات ملحقة بالجوامع، ومن خلال بيوت للأموال والصدقات بالقري وبالمدن.. بل ومن خلال تقديم خدمات معينة.. الأمر الذي خلق ما هو أشبه بحالة ولاء اجتماعي من قبل الناس البسيطة تجاه ممثلي الجماعة.. أي أن المسألة لا علاقة لها بأي أفكار أو أيديولوجيات سياسية.
فهم يحاولون أن يظهروا للناس في شكل ناس ظرفاء يمدونهم بالأدوية والعلاج بأسعار رمزية وفي الأعياد يوزعون عليهم لحوما ومع بداية العام المدرسي يرسلون لهم حقائب مدرسية وملابس.. وهكذا بمرور الوقت قاموا بتحويل هذا الولاء الاجتماعي إلي ولاء سياسي يشمل التصويت لصالحهم في الانتخابات.
روزا: هل يعاني الحزب الوطني من أزمة في تسويق نفسه إعلامياً أو فشل في نقل المعلومات للناس؟
د. علي الدين هلال: دعني أعطي مثالاً بسيطاً أوضح به وجهة نظري وهو أننا عندما نجري انتخابات داخلية للحزب مثلاً نعلن عنها في التليفزيون والجرائد ولا ندخر جهداً في القيام بهذا، وأتصور أن هذا نوع من الشجاعة في مواجهة الذات، بالرغم من أني أقوم بإبلاغ جميع مكاتب الحزب بالمراكز والمحافظات حتي يقوموا بالإعلان عن الانتخابات، إلا أنني لا أستطيع الاعتماد علي هذا بشكل كلي.
لذا فالحزب الوطني يستخدم وسوف يستخدم جميع السبل لمخاطبة أعضائه.. لا يجوز أن تضع فكرة الإصلاح والديموقراطية تحت رحمة أمين وحدة حزبية مثلاً.. نحن نحاول عمل جميع الإصلاحات التنظيمية لضمان وصول المعلومة إلي الناس بشكل صحيح.. الحزب يريد أن يتأكد من قدرته علي مخاطبة جميع أعضائه وإبلاغهم بجميع المعلومات المطلوبة وتشجيعهم من أجل ترشيح أنفسهم.
روزا: أجندة الحزب هذا العام قائمة علي السياسة الداخلية للدولة.. مع أنه كان مفترضا إعلان ما تم بخصوص السياسة الخارجية؟
د. علي الدين هلال: فيما يتعلق بالسياسة الخارجية هناك ورقة عنها.. ستتناول أموراً عديدة مثل عرض بعض التوجهات التي لها علاقة بأحداث جرت خلال العام.. ولكن التركيز سيكون علي ما يعنيه مفهوم دبلوماسية التنمية لأن السياسة الخارجية عمل يتم في الخارج لصالح أهداف التنمية في الداخل.
أيضاً ستتناول دور مصر والرئيس مبارك خاصة في السنة الأخيرة عندما حضر مجموعة الثمانية الكبار في روما وتحدث باسم الدول النامية، ودور مصر في اتخاذ القرار الاقتصادي العالمي خاصة بعد اختيار د. يوسف بطرس غالي في صندوق النقد الدولي.
روزا: كوتة المرأة لم تلق قبولاً في الشارع.. الموضوع له علاقة بتراجع دور المرأة وارتداء النقاب ودور الحزب هو الاهتمام بالمرأة.. فما الذي فعله حتي يقنع أعضاء مجلسي الشعب والشوري بدورها في المجتمع؟
د. علي الدين هلال: كوتة المرأة.. بغض النظر عن مدي صحة أو عدم صحة ما أقوله، ولكني أتصور أن فكرة تطبيق الكوتة علي مستوي النقابات أو الهيئات أو مجالس الإدارات غير مطروحة، لأنه في تلك الحالة قد يتحول بالفعل إلي شكل من أشكال التمييز.
أما فيما يتعلق بالكوتة في البرلمان فهذا أمر آخر، لأن هناك اتفاقية دولية لمكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتشجع الدول علي ما يسمي بالتمييز الإيجابي لصالح المرأة، وتشترط أن يكون مؤقتاً، وفي حالتنا اخترنا أن يكون لمدة 10 سنوات.
لكن في الوقت ذاته يجب التأكيد علي توسيع دائرة مشاركة المرأة في جميع المجالات لأنه هدف في حد ذاته يؤكد عليه الحزب وحكومته.
مثلاً في 2009 لأول مرة المرأة تتولي منصب نائب رئيس جامعة القاهرة، وفي نفس العام رئيس جامعة الإسكندرية.. في 2008 كان خطوة القاضيات التي حطمت تابوها بدأ في 1951 عندما رفعت الشابة عائشة راتب قضية لأنهم استبعدوها من مجلس الدولة لأنها امرأة، وظلت المرأة تناضل من أجل هذا الحق منذ 1951 حتي 2008 عندما أنصفها قرار سيادي وحزبي وسياسي.. سياسة الحزب تري توسيع الدائرة للمرأة كممارسات سياسية داخل الحزب نفسه حتي في الانتخابات الداخلية للحزب عام 2006 خصصنا مقعدا واحدا للمرأة عن كل وحدة حزبية.. وهذا العام قررنا تخصيص مقعدين للمرأة ومقعدين للشباب، وعندما نأخذ في الاعتبار أن عدد الوحدات الحزبية 6662 يصبح عدد النساء في المجلس 14 ألفا، وكذلك عدد الشباب، وهي حقيقة نحاول التأكيد عليها.
روزا: هل هناك ضغط علي الشعب بشحنات عاطفية بدلاً من مساعدته وتطوير مهاراته حتي يقدم رأيه ورؤيته في الحكومة؟
د. علي الدين هلال: دعنا نعترف بأن الحزب الوطني مع الشعب دائماً.. نحن نتبني مطالب الشعب، نقف مع الشعب.. ونتخذ الموقع الذي يتخذه الشعب.
مثال: عندما أعلن الصيادلة إضرابهم أيدت أمانة المهنيين بالحزب هذا الإضراب.. كما أن قياداتنا الحزبية والنقابية مع العمال في جميع مطالبهم المشروعة، ولكننا ضد محاولة تسييس هذه المطالب وضد استخدام المطالب العمالية المشروعة.. وخلال السنة الماضية هناك عشرات المطالب العمالية التي استجابت لها وزارة القوي العاملة وحكومة الحزب الوطني.
مثال آخر إضرابات موظفي الدولة سواء في الضرائب أو غيرها من الجهات ورغم مخالفتها للقوانين إلا أن الحزب لم يتخذ موقفاً ضد هذه الإضرابات مادامت سلمية.
حقيقة أخري نريد الإشارة إليها وهي أن الحزب الوطني دائماً آماله أكبر من الحكومة، لأن الشعب نفسه طموحاته أكبر من الحكومة.. الحكومة مسئولة عن موارد معينة.
عند مناقشة مجلس الوزراء يقول هذه هي الميزانية، ولكي أعطي الزراعة لابد أن أقطع من ميزانية التعليم، وأذهب إلي البرلمان لطلب ذلك.. في نهاية الأمر الكيكة محدودة، وهذا ما نشره أستاذ عبدالله كمال في جريدة روزاليوسف عندما قال المغربي موضوع وعدنا فأوفينا، وعندما قال جمال مبارك المفاوضات عنيفة.. نقول مثلا أريد ذلك لكي أرفع سعر توريد الأرز، وإن كان السعر 100 أو 200 أو 300 مليون أقدر أوفرها، أو تأتي بموارد جديدة من خلال الضرائب.
في كثير من الأمور وجهة نظر الحزب المتبنية لمطالب الناس تختلف مع وزير المالية، لأنه ليس لديه موارد ويقول: أعطني موارد وأنا تحت أمرك، هناك وجهة نظر للحزب، ووجهة نظر لوزير المالية، وهو عضو هيئة مكتب أمانة السياسات، مطالب الحزب مشروعة لخدمة الناس وأيضا وجهة نظرالوزير سليمة، فهو يقول ماذا سنفعل في عجز الموازنة؟!.
روزا: كيف يتم تحديد الأولويات إذا كانت الموارد محدودة، فمثلا هناك 10 مليارات للصرف الصحي والمياه لماذا لا نأخذ منها مليارين للتعليم.. ما أولويات الحزب؟
د. علي الدين هلال: في موازنة 2010/2009 تقلصت موازنة الصرف الصحي.. وجاءتنا تقارير من وحدات حزبية عن توقف مشاريع الصرف الصحي في أعداد كبيرة من القري، وهذه التقارير جاءت من كل المحافظات، وعندما سألنا جاءت الإجابة أن موازنة الصرف الصحي تقلصت هذا العام، إذن الأولوية لاستكمال المشاريع التي بدأت من قبل.
الأمر الثاني: هو ارتباط المشروع بالأولوية مثل صحة المواطنين مثلا شرب مياه نظيفة أو إنشاء مدرسة.. الاختيار بين أمرين أحلاهما مر، وهو قرار صعب، وعلي سبيل المثال منذ 3 سنوات كان هناك ما يسمي بمظاهرات جراكن المياه، ماذا حدث خلال سنتين أو سنتين ونصف السنة؟ تم ضخ أموال هائلة وأنشئ ما يقرب من 30 محطة مياه، والرئيس مبارك افتتحها أكثر من مرة، ومن الناحية العملية انتهت هذه المشكلة، وهذا إنجاز لأنه تم في هذه الفترة إذا ما قورن ببناء وزارة الخارجية الذي استغرق 25 عاما.
منذ سنتين أيضا كانت هناك مشكلة رغيف الخبز.. كيف تعاملت الدولة معها وكيف تعامل الحزب؟ الآن بدأ يظهر في المحافظات توصيل الخبز إلي المنازل، وهو مشروع الفصل بين الإنتاج والتوزيع، وهي تجربة كبيرة، حيث وفرت فرص عمل أيضا، والآن هناك شكاوي عن جودة الرغيف وهي شكاوي مشروعة، لكن مشكلة عدم وجوده قد انتهت، وعندما نقول أنه حتي نهاية السنة الماضية كانت نسبة البطالة في مصر تقل كنتيجة للاستثمارات التي تخلق فرص عمل وتقلل البطالة الجديدة وتسحب من رصيد البطالة المتراكم، لكن هذا العام لم يحدث ذلك نتيجة نقص الاستثمار فتقلصت فرص العمل.
روزا: يثار الحديث حاليا عن وجود فراغ سياسي، يتبعه ترشيح أسماء لمنصب الرئاسة وطرح رؤي لتغيير الدستور خشية فوضي محتملة؟
د. علي الدين هلال: من حق الناس أن يكون لها رؤي مختلفة في التقييم، وعلميا لو وجد الفراغ السياسي لابد أن تظهر قوة تملأ هذا الفراغ أيا ما كانت حتي لو كانت البلطجة، فلا يوجد في الفيزياء أو الكيمياء أن الفراغ يظل فراغا إلي ما لا نهاية، فمثلا عندما كان هناك فراغ في الخدمات الصحية ظهرت المستوصفات، وكان يسمي قطاعا طبيا بديلا أو موازيا، وعندما تعجز الدولة عن نظام التأمينات الاجتماعية تظهر صناديق الصدقات في المساجد والكنائس.. ووفق هذا لايمكن أن نقول أنه يوجد الآن فراغ سياسي.
روزا: لماذا تم إهمال فكرة الإصلاح الاجتماعي والثقافي في أوراق الحزب؟
د. علي الدين هلال: منذ سنتين الحزب أخرج ورقة باسم الرؤية الاستراتيجية لسياسات الحزب.. كم شخصا قرأ هذه الورقة وهل تعاملت الأحزاب الأخري معها؟.. بالطبع لا.. ومع التقدم الاقتصادي لابد أن نتحدث عن الثقافة ومشروع الآمال وإحياء الوطنية المصرية وإعلاء قيم العمل والتسامح وهذا يثير قضية الإصلاح الثقافي، ولو عدنا إلي أول ورقة في حقوق المواطنة والديمقراطية وكانت في المؤتمر السنوي الثاني 2004 نجد إصلاحا سياسيا- اقتصاديا- اجتماعيا وثقافيا وتحته فقرة تأكيد قيم الاستنارة واحترام الرأي الآخر والتعددية لكن حدث انشغال اقتصادي.
الأمر الثاني: في الثقافة أنها تطرح آثارها بعد مدة طويلة، أي تعمل دون أن تجد نتيجة لعملك إلا بعد 7 و10 سنوات.. وعندما اخترت موضوعا للحديث العام الماضي اخترت الإصلاح الثقافي، وأيضاً عندما عدت إلي الكتابة في الأهرام كتبت عن الإصلاح الثقافي، ولأول مرة نجد ورقة هذا العام باسم التنمية الثقافية وتم اختيار 3 مجالات: 1- صناعة النشر والكتاب 2- السينما 3- حفظ وثائق الدولة والمجتمع.
بالنسبة للكتاب: نتحدث عن خفض المدخلات بمعني كيف نتعامل مع المستورد ونشجع الصناعة من خلال تشريعات مختلفة وتسويق الكتاب داخل وخارج مصر وتشجيع الترجمة وتطوير الكتاب الإلكتروني وكيف نحمي حقوق تأليف المؤلف المصري في الخارج.
مجال السينما: السينما والكتاب في علم السياسة يسمي القوة الناعمة للدولة، فأمريكا قوتها اللغة الإنجليزية اللغة الأولي في العالم و80٪ من محتوي الإنترنت ملكهم و20 أو 30٪ من محتوي تليفزيونات العالم مسلسلات أمريكية.. مصر قوتها في المنطقة العربية اللغة وصناعة الكتاب والسينما التي نتحدث فيها عن التوسع في دور عرض جديدة وكيفية تطوير أسواق خارجية.
روزا: ما الخطوط الرئيسية لتوجه الحزب وحركته وقت الأزمات؟
د. علي الدين هلال: الحزب ليس بديلا للحكومة.. الحزب جمعية مدنية ليست لديه سلطات ولا موارد، سلطاته سياسية وليست قانونية، ولا يستطيع أحد من الحزب إعطاء أمر لوزير، لكن يمكن الاقتراح عليه لأنه هو المسئول دستوريا أمام البرلمان.
روزا: لكن الحزب نزل إلي الشارع في حادث الدويقة، وكان لابد أن ينزل في حادث العياط، كيف تعتبر أن الحزب ليس بديلا للحكومة؟
د. علي الدين هلال: هذا هو المبدأ الصحيح.. الحزب ليست له سلطات تنفيذية.. فمثلا الاتحاد الاشتراكي كانت له سلطة في نظام الحزب الواحد، لكن مع تعدد الأحزاب ليس للحزب الوطني سلطة، لكن بما أنه الحزب الكبير يجوز للهيئة البرلمانية محاسبة أي وزير كما حدث في لجنة النقل.. فقيادات الحزب الوطني مثل د.زكريا عزمي وآخرين قدموا انتقادات سياسية وقانونية، لكن لا أملك عمل شيء في هذا، يمكن في حالة ما أن تنظر أمانة من أمانات الحزب لإيجاد حل معين، حتي السيد صفوت الشريف قال في حديث له: مثلا في فصل الصيف يقوم 50 شابا بتنظيف الشوارع وهم من شباب الحزب الوطني، وهذا عمل جيد، لكنه ليس مستديما، فعملية التنظيف استمرت لفترة معينة، لكن الحل الصحيح في وجود سلة للقمامة، المبدأ أن أي شيء يقوم به الحزب من إنارة للشوارع أو تنظيفها وغيرها ليس بديلا للمسئولية القانونية لسلطات الدولة والهيئات المنوط بها ذلك، وأذكر جيدا أثناء أزمة أنفلونزا الطيور وفي اجتماع مع د. حاتم الجبلي وزير الصحة طلب أن نساعده في تنظيم الطوابير، وقال: أنتم تملكون وحدات حزبية في كل قرية ودوركم كشعبيين تنظيم الطوابير، وهي أدوار يقوم بها الحزب تكون أكثر قبولا من الموظف، وهناك أدوار يقوم بها الحزب في الأزمات، لكنها لا تحل محل الحكومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.