رئيس الوزراء يُهنئ شيخ الأزهر بعيد الأضحى المبارك    رئيس جامعة المنيا يتفقد لجان امتحانات كلية الهندسة    تباين أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات الأربعاء 12 يونيو 2024    رئيس البحوث الزراعية يستقبل سفيرة رومانيا بالقاهرة    أمين الفتوى بدار الإفتاء يكشف معايير اختيار الشركات بمؤشر الشريعة الإسلامية للبورصة    المجتمعات العمرانية تتابع سير العمل بمشروعات مدينة العبور الجديدة    تعرف على التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    وزير الإسكان يشرح لنائب رئيس جمهورية غينيا جهود إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة    بري: السماء لم تعد لإسرائيل وحدها    بعد رد حماس على مقترح الهدنة.. تفاصيل مشروع بايدن لوقف إطلاق النار بغزة    امتحانات الثانوية العامة 2024.. هدوء بمحيط لجان امتحان الاقتصاد والإحصاء بأسيوط    الآليات الإسرائيلية تتوغل داخل حي الزيتون بمدينة غزة    وزير الدفاع الألماني يعتزم إعادة نظام تسجيل المؤهلين للخدمة العسكرية    كيف ستغير نتائج انتخابات الاتحاد الأوروبي الملامح السياسية للقارة العجوز؟    منتخب السويس يلتقي الحدود وسبورتنج يواجه الترسانة بالدورة المؤهلة للممتاز    رونالدو: أحلم بالفوز باليورو.. والموهبة وحدها لا تكفي    تريزيجيه: مشاركتنا السابقة في كأس العالم لم تكن على قدر طموحنا    طلاب الثانوية العامة بكفر الشيخ يؤدون امتحان الاقتصاد والإحصاء    "الأرصاد" تكشف عن موعد الموجة الحارة الجديدة التي تضرب البلاد    بعد قليل.. أولى جلسات محاكمة «سفاح التجمع» بتهمة قتل 3 سيدات    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    إصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة أعلى الطريق بالعياط    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    السكك الحديدية: تعديلات جديدة على القطارات الإضافية خلال عيد الأضحى    كريم قاسم يشارك في العرض الخاص لفيلم "ولاد رزق 3 - القاضية" | صور    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسى بعيد الأضحى المبارك    دار الإفتاء: يجوز للحاج التوجه إلى عرفات فى الثامن من ذى الحجة يوم التروية    وزير الصحة يستقبل نظيره الغيني لبحث سبل التعاون المشترك    «السبكي»: بروتوكول تعاون لتطوير المعامل الطبية وتنمية قدرات العاملين    التزم بهذه النصائح قبل الذهاب إلى المصيف مع أطفالك    سر في طعامك يحميك من الإصابة بالأنيميا.. بضع قطرات منه تعزز مناعتك    بالتزامن مع ترقب الإعلان عن التشكيل الوزاري.. ماذا يريد "النواب" من الحكومة الجديدة وأهم المطالب؟    موعد مباراة سبورتنج والترسانة في دورة الترقي للممتاز والقنوات الناقلة    عاجل - "واشنطن بوست" تفتح النار على إسرائيل بشأن حماية المدنيين في حربها على غزة    أفضل الأدعية والأعمال المستحبة في يوم عرفة    الجمعة.. قافلة دعوية كبرى في مساجد الحسنة بشمال سيناء    لجان الدقي تستقبل طلاب الثانوية العامة باليوم الثاني لأداء امتحاني الاقتصاد والإحصاء    مفاجأة أسعار الحديد والأسمنت اليوم 12 يونيو.. عز يقفز مجددًا    أفلام عيد الأضحى تنطلق الليلة في دور العرض (تفاصيل كاملة)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: موقف السيسي التاريخي من العدوان على غزة أفشل مخطط التهجير    اتحاد الكرة يحسم مشاركة محمد صلاح في أولمبياد باريس 2024    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    «الزمالك بيبص ورا».. تعليق ناري من حازم إمام على أزمة لقب نادي القرن    رئيس الأساقفة جاستين بادي نشكر مصر بلد الحضارة والتاريخ على استضافتها    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    عصام عبد الفتاح يحسم موقفه من رئاسة لجنة الحكام    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    رئيس جامعة الأقصر يشارك لجنة اختيار القيادات الجامعية ب«جنوب الوادي»    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    يوسف الحسيني: القاهرة تبذل جهودا متواصلة لوقف العدوان على غزة    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاخبار تواصل نشر رؤي المفكرين والمثقفين حول المستقبل وكيف تصبح مصر دولة مدنية حديثة
المفكر والسياسي الدكتور علي الدين هلال في حديث شامل حول الدولة المدنية الحديثة 2
نشر في الأخبار يوم 27 - 04 - 2010


لا أولوية لأحد علي آخر إلا بالجدارة
لابد من احترام الدستور والقانون.. وتوقيع العقاب بكل حزم علي كل من يخرج علي القانون
سياسات ثورة يوليو ركزت علي العدالة الاجتماعية.. ولم يكن هناك فرق بين محمد وجرجس
تستكمل »الأخبار« اليوم حوارها الشامل مع المفكر والسياسي الدكتور علي الدين هلال عن الدولة المدنية الحديثة ومستقبل مصر. يتناول د. هلال في هذه الحلقة كيف تعيش مصر من نسيج واجد متجانس مسلمين ومسيحيين دون تفرقه، واستعرض التحولات التي شهدتها مصر في تاريخها الحديث. لم ينكر الدكتور علي الدين هلال مسئولية الدولة عن نمو الروح الطائفية في مصر وأنها لم تحدث في يوم وليلة وأن بعض المسئولين إرتعشت أيديهم في لحظة الحسم.. وقال إن هناك قوي في الداخل والخارج تسعي لتغيير أساس الشرعية ومبدأ المواطنة الذي أقيمت عليه الدولة المصرية.. وأوضح أن عدم المساواة بين الناس في تطبيق القانون وراء الإنحراف والخلل في المجتمع ويخطئ من يتصور أنها مجرد موجة وتنتهي.. وأكد أن احترامنا لدور الدين يجعلنا أكثر حرصا علي النأي به عن التناحرات السياسية .. وشدد علي أن الدولة المصرية الحديثة ولدت مدنية وأقيمت علي قاعدة المساواة بين كل المصريين .. وقال إنه لا يوجد عنصران للأمة وإنما هو عنصر واحد من المسلمين والأقباط لهذا الشعب التاريخي.." وفيما يلي نص الحوار الذي نسوقه دون مقاطعته.. اللهم إلا في القليل جدا .
الأخبار : لماذا تتصاعد من وقت لآخر نغمة المسلم والمسيحي؟
قال الدكتور علي الدين هلال : أولا ما اريد التأكيد عليه هو ان الدولة المصرية الحديثة ولدت دولة مدنية .. وتأريخها مرتبط بمحمد علي باشا مؤسس الدولة المصرية الحديثة الذي حكم مصر منذ عام 1805 وحتي عام 1848.. ونحن لدينا اول وثيقة مهمة وهي وثيقة برنامج الحزب الوطني الاهلي الاول وهو حزب عرابي .. والمؤرخ " بلانط " كتب نص هذا البرنامج متضمنا ان مصر بلد يضم المسلمين والمسيحيين واليهود وعثمانيين واوزباكستانيين وغيرهم.. وهي مجتمع تعددي يرجع ذلك لعهد الدولة العثمانية.. وعندما نقرأ مثلا أسماء البعثات التي ارسلها محمد علي الي الخارج نجد فيها مصريين بغض النظر عن الديانة .. ثم في ثورة 19 نجد ان قياداتها هي قيادات مصرية وطنية ..
وعندما نري تاريخ الانتخابات النيابية من 1923 وحتي 1952 فقد كانت انتخابات مدنية يصوت فيها المصريين وفقا للبرنامج السياسي وليس للهوية الدينية ..
وفي فترة التنظيم السياسي الواحد عام 1953 وحتي 1975 اصبحنا كلنا في اتحاد قومي ولم يكن هناك تميز في ذلك الوقت.. ولكن بصفة عامة فقد حرص نظام ثورة يوليو علي وجود تمثيل للمصريين ولم تكن سياسات ثورة يوليو لها طابع طائفي بأي شكل من الأشكال لان الأولوية للعدالة الإجتماعية والثورة ولم تكن هناك فكرة مواطن ومواطن آخر ولا فرق بين محمد وبطرس وعلي وجرجس في عملية التأميم ..
التحول في مصر
ويستطرد الدكتور علي الدين هلال كاشفا اسباب التحول في تاريخ مصر الحديث قائلا: وفي رأيي أن التحول الكبير قد حدث في عهد الرئيس السادات .. بعد انتصارات حرب 73 وبداية الانفتاح الاقتصادي والتيسيرات علي الفئات الاكثر اقتدارا.. وفي هذا الوقت كانت المعارضة الرئيسية من قوي اليسار وكانت الإتحادات الطلابية في مجملها تسيطر عليها اتجاهات يسارية شيوعية ناصرية.. والرئيس السادات وبمعونة عدد من المقربين منه وصل الي استنتاج ان يعيد التوازن الي الحياة السياسية المصرية بالإفراج عن الإخوان المسلمين من السجن ويمول ويدعم ويسلح هذه الجماعات لكي تضرب هذه الإتجاهات.. وهذا الكلام موثق ولعل آخر كتاب يذكر ذلك هي مذكرات الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح الذي يذكر فيه انه عندما كان طالبا في كلية الطب رئيس الجامعة قال له مستنكرا خروج مظاهرة شيوعية في الجامعة .. وفي الحوار بين الرئيس السادات والشيخ عمر التلمساني والذي كان يذكر فيه مساندته للجماعات الاسلامية.. فهذا هو الامر المؤكد انه كان هناك تجهيز وتمويل وتوجيهات لأجهزة الدولة بعدم التعرض لهم.. وهنا بدأ إحياء هذه التفريعات جميعا - كل الجماعات التي ترفع شعار الدين - .. وحتي يكون التحليل موضوعيا .. فأول مظاهرة دينية إسلامية ظهرت في عام 1969 في الجامعة في عهد الرئيس عبد الناصر عندما ظهرت الشعارات التي تقول لقد هزمنا في نكسة 67 لأننا نسينا الله .. !! وأستعضنا عنه بأفكار العدالة الإجتماعية والإشتراكية وغيرها وأنها أبعدتنا عن الله .. والرئيس السادات تصور ان إطلاق هذه القوة ستظل دائما أداة طيعة ولكن هناك قولا مأثورا - فقد انقلب السحر علي الساحر - .. وعندما تمكنت هذه القوة انقلبت عليه .. شخصيا وقد ترافق مع ذلك الصعود التاريخي للثروة النفطية الخليجية والتي دخل منها جزء في مصر وربط ذلك مئات الآلاف من المصريين الذين خرجوا للعمل في الخليج وقد ذهبوا بفكر وعادوا بفكر آخر وبثياب اخري وبشكل آخر .. ثم عودة عدد من كبار رجال الأعمال المصريين ممن خرجوا من مصر في منتصف الخمسينيات وهم شباب واكتسبوا جنسيات اخري وثروات وعادوا بها الي مصر .. هذه التحولات لم تحدث بين يوم و ليلة وانما تدريجيا مثل عملية التخمر والنمو الطبيعي وجزء منها يكون مستترا.. ثم يظهر دفعة واحدة.. مثل تحول شكل الزي النسائي في مصر علي مدي عشرين عاما.. ومنها البدء في المحاضرات الجامعية الفصل بين الفتيات والشباب والتشدد في ممارسات الحياة اليومية .. وغيرها .. والتحول هنا من خلال آلاف الناس في العلاقات الإجتماعية.. ولابد من القول ان أجهزة الدولة مسئولة عن هذا التحول .. اما انها لم تدرك ما يحدث في المجتمع .. او ربما لم تعتبر ذلك تهديدا لأمن الدولة.. ولابد ان نضيف الي مجمل الظروف الداخلية والاقليمية ايضا البعد الدولي لأننا لسنا منفصلين عن العالم.. لان ما يسمي بالصحوة الإسلامية لايقتصر علي مصر وانما في كل مكان به مسلمين.. مثل الأقلية التركية المسلمة في ألمانيا وفرنسا وانجلترا والسويد وغيرها.. وهنا لا بد أن ندخل عنصر القلق بين المسلمين .. وجوهره ان العالم ليس عادلا مع قضايا المسلمين وازدواجية المعايير.. اذن هناك اسباب داخلية وهي الأساس انك مستعد للتغيير وأسباب اقليمية بما تشمله من مفاهيم للإسلام ليست مصرية تدخل مصر ثم شعور بعدم العدالة تستثمره هذه القوي .. وبدأت هناك حلقات متتالية من التطرف والتطرف المقابل وهكذا
ماذا حدث في مصر ؟
ويصف الدكتور علي الدين هلال بنظرته الثاقبة ما حدث في مصر علي مدي العقود الثلاثة الماضية قائلا: ان ماحدث في مصر هو تغير في المزاج العام ونمو للروح الدينية والطائفية واذا كان هناك نمو للوعي الديني الإسلامي فمن الطبيعي ان يكون هناك نمو للوعي الديني المسيحي مثل نظرية الاواني المستطرقة كل فعل له رد فعل ضد الإتجاه ولكن له نفس القوة والشدة وكذا وكذا.. وكما هناك افكار غريبة تظهر في بعض الاصوات الاسلامية مثل لا تصادق مسيحي ولا تهنئ مسيحي في عيده .. فهناك افكار غريبة تظهر في بعض الاصوات المسيحية مثل الإستعمار الاسلامي لمصر وان مصر دولة قبطية وان اللغة العربية هي لغة دخيلة .. ثم الأحداث المؤسفة مثل الإعتداء علي كنيسة واشخاص وقتل الصائغ القبطي وغيرها فهناك نمو لروح طائفية لم يحدث في يوم وليلة وانما عبر ثلاثين عاما فإن أجهزة الدولة وبعض المسئولين إرتعشت أيديهم في لحظة الحسم .. اذن التحول في المجتمع عكس الدولة المدنية .. وصياغة المشكلة هي ان نقول ان الدولة المصرية الحديثة ولدت دولة مدنية واقيمت علي قاعدة المساواة بين كل المصريين وجاءت ثورة 19 لتؤكد علي مفهوم المواطنة المصرية .. ولكن الذي حدث هو انحراف .
مبدأ المواطنة
فهناك قوي في الداخل والخارج تريد ان تعيد صياغة مفهوم الدولة المصرية لمصلحة الدولة الدينية وتريد تغيير اساس الشرعية في المجتمع وتريد تغييرالمبدأ الذي اقيمت عليه الدولة المصرية وهو مبدأ المواطنة .. اذن اذا كانت هناك معركة في مصر فهي بين المؤيدين للدستور المصري ولتاريخ الدولة المصرية و لمفهوم المواطنة التي تقوم علي المساواة بين كل المواطنين وتكافؤ الفرص بينهم في الحقوق والواجبات بغض النظر عن النوع او الدين او العرق او اللون وبين آخرين لديهم ايدولوجيات يدعون انها اسلامية تريد ان تغير هذا المبدأ .. وقد ظهر ذلك جليا في برنامج الإخوان المسلمين الذي تضمن عدم احقية المرأة في الترشح لإنتخابات رئاسة الجمهورية وكذلك القبطي وعندما وجدوا رد فعل واسعا حتي في فروع الإخوان في الدول العربية قالوا سنغير ذلك ثم تركوا الموضوع مفتوحا..
قيم الدولة المدنية
الأخبار : ولكن ماهي قيم الدولة المدنية الحديثة في رأيكم ؟
قال الدكتور علي الدين هلال : أن الدولة المدنية الحديثة تقوم علي قيم المواطنة بمعني المساواة في الحقوق والواجبات بين كل المصريين.. وكل من يحمل جواز السفر المصري اي كانت ديانته له حقوق وواجبات متساوية.. كلنا نجند في الجيش وكلنا عندما يحدث ارتفاع للأسعار نتأثر به .. كلنا نخضع لمعيشة مشتركة.. من ينعم او يكتوي هم المصريون جميعا .. إذن كلمة الدولة المدنية اوالدولة الوطنية الحديثة تقوم علي المواطنة والمادة أربعين من الدستور.. ولا أولوية لأحد علي آخر إلا بالجدارة ونتمايز فيما بيننا بالتفوق.. وهو كلام من نافلة القول وليس بحاجة للتشنج حتي يتضح انه اساس نهضة الأمم.. لأن الأمم لا تنهض علي الظلم او التمييز بين الناس او عدم المساواة..
مقاومة الإنحراف
الأخبار : إذن كيف يمكننا مقاومة محاولات الإنحراف لطبيعة الدولة المصرية ؟
قال الدكتور علي الدين هلال : اتصور ان هناك ثلاثة مجالات اساسية الأول تشريعي وقانوني .. تقنين المساواة بين الناس .. والمجال الثاني - وهو الأهم -هو التطبيق والممارسة فالعبرة ليست بوجود القانون وانما بممارسته وتطبيقه في العلاقات اليومية بين الناس واشعر انه علي هذا المستوي يحدث الخلل .. وهنا المشاعر الطائفية العدائية تظهر .. وقد تابعت ما اثير حول اضافة الديانة الي الرقم القومي .. (وتساءل مستنكرا) وما هي اهمية اضافة هذه الخانة في البطاقة الشخصية !! .. فلا نستطيع اعطاء احد حقا او حرمانه من حق علي اساس ديني اوطائفي .. ولكن ظني ان هذا هو ما يحدث بالفعل في بعض الحالات وبعض المجالات وهو السبب في الذي يؤدي الي العديد من مظاهر القلق الطائفي وحتي في امور لا علاقة لها بالدين .. اما المجال الثالث فيرتبط بالقيادات الإدارية التنفيذية في الدولة التي يقع علي عاتقها مسؤلية كبيرة والمطلوب فقط ان يحصل كل انسان علي حقه بعيدا عن الأيدولوجيات والفلسفة .. وهناك مجال آخر هام وهو ضبط العلاقات في الممارسة .. من غير المعقول ان نناقش في عام 2010 مثلا موضوع مثل بناء او ترميم دورة مياه في دار عبادة !! مجرد مناقشة مثل هذا الموضوع معناه ان هناك شئ غلط في العلاقة بشكل عام ولا ألقي اللوم علي طرف او آخر وانما مجرد ان هذه مشكلة فهذا في حد ذاته يحتاج الي وقفة هامة والتعامل مع هذا الأمر تعامل جاد دون ان نختزل الأمر في موضوع دور عبادة ..
ناقوس الخطر
ويضيف الدكتور علي الدين هلال : في الممارسة العملية فإن اخطر شئ حدث في مصر ويصبح كارثة اذا استمر هو الإنفصال المجتمعي بين المسلمين والمسيحيين .. ولنتأمل ماذا حدث في فيلم سينمائي مثل حسن ومرقص.. فإن المصريين جميعا بكوا وصفقوا أثناء مشاهدة الفيلم .. اذن في الممارسة دور الدولة هو الاندماج الوطني .. وخلق مساحات للمعيشة المشتركة .. فلا نريد ان تكون هناك مجموعات بالكامل مسلمة او مسيحية .. ولكن محمد وحسن وعلي وجرجس .. وخلق مجالات ومساحات للأنشطة المشتركة .. المواطنة والشعور بها ليست فقط افكار وانما ممارسة.. وايضا ثقافة التعايش وليس نشر ثقافة التعصب .. او الإقصاء وانما التسامح والإندماج والقبول بالآخر .. من خلال وزارة التربية والتعليم والمناهج المدرسية .. فهناك ما يقرب من 17 مليون تلميذ وما يقرب من مليوني طالب جامعي وهؤلاء هم بناة المستقبل.. ولابد أن يتم ذلك بصورة غير مباشرة بعيدا عن النصح المباشر .. وبعد التعليم يأتي الإعلام .. وأقصد تحديدا الإعلام المرئي أو التلفزيون .. فمثلا عند عودة رجل الأعمال رامي لكح الي مصر بعد تسوية ديونه .. المذيع الهمام سأله من بين الأسئلة.. هو إنت مسلم ولا مسيحي !؟ شئ غريب جدا !! فإن تجربتي الشخصية أثبتت ان الكلام المباشر له رد فعل عكسي.. اذن فإن زكاء ارسال رسائل اعلامية .. ولأن هذه قضية مستقبل فلا اعتقد ان الدولة بمفردها تستطيع ان تتصدي لها لأننا نتحدث عن سلوك الناس في الشارع وقساوسة في الكنائس ومشايخ يعتلون المنابر.. وايضا الأحزاب السياسية والي اي مدي هذا المفهوم جزء من تحركها السياسي وهنا الجزء الغريب ان بعض الاحزاب لأنها لا تحب الحزب الوطني مستعدة ان تعقد صفقات مع قوي لا تؤمن بالدولة المدنية ولا تؤمن بالمواطنة الكاملة... وهذا موضوع يعلو الخدمات الحزبية ولا يجب ان يكون محلا لإنتهازية سياسية ولا محلا لمكاسب تكتيكية بأي شكل من الأشكال..
أمن مصر
الأخبار : وكيف يمكن حماية أمن مصر ؟
قال الدكتور علي الدين هلال : أن كل هذه الموضوعات تتصل بأمن مصر وتتعلق بالتماسك والتكامل الإجتماعي في بلدنا انه جهد وطني مشترك .. بطبيعة الحال فإن الحكومة عليها دور أساسي من خلال التشريع وضبط ومعاقبة الذين يخرجون علي القانون ولا ينبغي ان ترتعش ايدينا قط وانه لابد ان نحترم الدستور والقانون ومن يخرج علي القانون أيا كان لابد ان يعاقب وفقا للقانون .. وكل الأحزاب السياسية بما فيها الحزب الوطني لا بد ان يكون لها دور ايضا والمجتمع المدني الذي يعد أحد القوي الرئيسية من اجل بناء مجتمع به مشاركة اكثر وعدالة اكثر.. وايضا اجهزة الدولة ممثلة في المجلس القومي للشباب ووزارة الثقافة وقصور الثقافة ومراكز النيل للإعلام .. والموضوع في رأيي أخطر من ان نتعامل معه بشكل بيروقراطي او سطحي.. فهو حصاد 35 عاما من الإنحراف مازال ينموا و مازال هناك من يروج له.. ومن ينفخ فيه.. وان تصور انه سيزوي من نفسه هو تصور غير صحيح او انها موجة وتنتهي غير صحيح ايضا .. ولكن لابد من العمل في مجال الفكر الديني المستنير والمتسامح وابراز الوجه الصحيح للأديان السماوية.. فأنا لا اعرف دينا سماويا يدعو للتعصب ولا لإزدراء الآخرين .. ولكني اعرف متعصبين ينتمون الي احد الأديان يدعون لهذا ولكن الدين براء منهم .. ونحن بحاجة علي الأقل الي عقد من الزمان بشرط ان يكون هناك عمل متكامل وتتكامل فيه الأدوات المختلفة.. التشريعية والإدارية والثقافية والإعلامية والفكرية.. والمستفيد من هذا هو مستقبل مصر .. لأن مصر المفككة والمضطربة إجتماعيا ومتوجسة من بعضها البعض هي مصر لا مستقبل لها.. وكل ما نتحدث عنه من أرقام لنمو اقتصادي وعدد المشروعات القومية.. كل ذلك عبارات تعد قصورا في الهواء.. لان الأساس في اي مجتمع هم البشر واللحمة الإجتماعية التي تجمع بينهم .. ويكفي ان نقرأ كتابات عبد الله النديم او الشيخ الإمام محمد عبده ويؤسفني انني وانا اتطلع الي المستقبل اننا نريد ان نحمي تراث مصر العظيم من التسامح والأخوة والعروة الوثقي بين ابناء الوطن الواحد..
مشروع قومي
الأخبار : هل ترون ان المصريين بحاجة لمشروع قومي كبير تلتف حوله رموز الدولة ؟
انا شعوري انه لفترة طويلة اهتم المسؤلون الحكوميون بالأرقام ,, أقمنا 25 مستشفي و300 مدرسة وغيرها.. وجوهر الظاهرة هو ان السياسة اكبر من مجرد الأرقام انت لابد وان تستخدم الأرقام في العمل السياسي ولكن التوقف عند الأرقام يتضمن عدم فهم للسياسة فهي في نهاية الأمر فيها طموح ثقافي وبها خيال سياسي ,, السياسة تحتاج الي افكار ملهمة في التعامل مع الافراد والشعوب وتحتاج الي اطلاق قدرات الناس وان تتحدث لغة يفهمها الناس ويتجاوبون معها ويتفاعلون معها.. وليس بالأرقام فقط تكسب التأييد السياسي.. احيانا تسود علينا النظرة التكنوقراطية ورأيي ان سيادة النظرة التكنوقراطية في العمل السياسي خطر.. والسياسة فيها عاطفة واطلاق قدرات وحماس وهذا هو ما يجعل الناس يشاركون ويؤيدون سياسيا ,, وتحرص علي استمرار السياسات التي تعبر عنها..
وبنظرة تأمل عميقة أضاف الدكتور علي الدين هلال : انا كمصري وكشخص وكمواطن اعتقد ان ما نشاهده الآن من سنوات مرت ثلاثين أو أربعين عاما من عمر مصر هي غمضة عين.. هي تبدو مؤلمة وقاسية لأننا عاصرناها او عاصرنا جزءا منها وتبدو ايضا سنوات عجاف طويلة.. ولكنها في عمر التاريخ لن تكون اكثر من ثلاثة عقود مرت في لمح البصر.. ثم عادت مصر لتواصل سيرتها المصرية التي تعبر عن روحها وروح شعبها وهي روح الوحدة والتضامن وتتأكد سمة الدولة المصرية الحديثة كما ولدت ويتم هزيمة كل محاولة للإنحراف بالهوية السياسية بمصر او بأساس الشرعية السياسية في مصر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.