فى الأسبوع الماضى كتبت مقالى بعنوان «ارحلوا.. ولا نأسف عليكم».. تناولت فيه ما يحدث فى الجامعات المصرية من مهازل مزرية، يندى لها الجبين خجلًا وحسرةً، ووجهت نقدًا لا أسميه قاسيًّا، لأنه فى موضعه للسادة: جابر نصار وحسام عيسى وحازم الببلاوى رئيس الحكومة «الدكر»! وكان من المفترض أن تأخذهم النخّوة والغيرة على هذا الوطن الذى يباع فى أسواق الخيانة والتآمر الخسيس بأدوات ووسائل عفنة، كان أخسّها وأعفنها ما يحدث الآن فى جامعات مصر على أيدى من يفترض أنهم طلبة علم من أبناء هذا البلد، الذى حرص على تعليمهم مجانًا، وإيوائهم مجانًا فى المدن الجامعية التي تتحملها الدولة، فيحرقونها ويتبجّحون فى تدميرها على مرأى ومسمع من الشعب المحسور، الذى ينكسر حزنًا وإحباطًا يومًا بعد يوم، ويتابع بتأفف وغثيان حالة الارتعاش والخوف والليونة والميوعة واللزاجة وتصلب الشرايين التى أصابت وتمكّنت وتملّكت من حكامه وأولى أمره المشوّه التعس. هؤلاء لا يقرؤون ما نكتب، وإن قرؤوا يصدّرون لنا الطرشة، والعمياء، والكسيحة.. فلا يحركون ساكنًا، ولا تهتز حميتهم ليقوموا بدورهم الحازم المفقود! وإن خرجوا علينا يخرجون بسفاهات الكلام، فهذا يحدثنا عن الحرم الجامعى الذى يعزّ عليه كأبويه، ويتناسى أن الحرم والحرمة والتحريم قد شبعوا انتهاكًا تحت أقدام هؤلاء الصيّع المأجورين. أو يخرج آخر علينا ليحدثنا عن نعومة التعامل المخنث مع جحافل العنف والتدمير، مشيدا متغزّلًا فى سياسة البال الطويل لا مؤاخذة! أو يخرج ثالثهم وكبيرهم رافضًا وضع وتصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية! فهو بسلامته لم يرَ إرهابًا منهم، ولم يعلم بما يحدث فى سيناء، ولم يصل إلى مسامعه حوادث الغدر التى أسالت وتسيل كل يوم دماء شهدائنا من خيرة شباب مصر الأنقياء، سواء من الشرطة أو من جنودنا بالقوات المسلحة، أو من أفراد هذا الشعب من المواطنين العاديين كسائق التاكسى الذى ذبح أخيرًا وليس آخر بشوارع المنصورة وفى وضح النهار.
هل أنتم متآمرون يا سادة؟! هل أنتم مغرضون بضعفكم وسلبيتكم؟! أم هل أنتم متفرجون من فوق مقاعدكم التى اعتليتموها لحماية الثورة التعسة برجالها غير الثوريين! هل جئتم لخدمة مصالحنا وأماننا وأمننا الذى يركله الإخوان وداعموهم وممولوهم فى ملعب مصر المهان؟! أم جئتم لتثيروا لعاب كل من تسوّل له نفسه تدمير مصر؟! فمتى تجودون علينا بحسمكم وشجاعتكم وغيرتكم على الوطن؟ متى تتخلّون عن نظرياتكم الرخّوة البلهاء فى إدارة شؤون الوطن فى أخطر منعطف تمر به مصر؟! متى تكتشفون فى أنفسكم أنك دون المستوى المطلوب والمنشود لإدارة بلد فى حجم مصر بثقلها وتاريخها العريض؟!
لقد أصبحنا بكم على المشاع فى البلطجة والتحدى السافر للقانون، بشكل غير مسبوق فى تاريخنا، ولا فى أى بلد عربى مما كانت مصر تمثل له الريادة والقدوة وقت أن كان يحكمنا رجال يعرفون قدر مصر، ويعرفون دورهم التاريخى فى حكمها وإدارتها، فحتى الفتيات المخذيات الملمثات المدججات بالتبجّح والكراهية والبلطجة أصبحن يرعبونكم، وأصبحن حرائر على أيديكم، ترتجفون منهن، يعتدن على أساتذتهن بالمهانة والضرب والسباب، فى سفالة غير عفيفة، نضحت بما غرسه فيهن نهجًا وأسلوبًا تربية الإخوان، الذين لا يعرفون عفةً ولا شرفًا ولا فضيلةً يصونون بها بناتهم ونساءهم، حتى من منطلق إضفاء صبغة الأخلاق التى كانت من المفترض أن تلائم دعواهم ومسماهم بالإخوان المسلمين.
نهاية القول وفصل الختام.. إما أن ترحلوا يا سادة، عاجزين مفضوحين بقصور أدائكم المترهل، وتتركوا شؤون البلاد والعباد لمن يعرف قدر مصر ومكانتها وعزّتها فى نفوس أبنائها المخلصين.. أو أن تنتفضوا لشرفنا المنتهك أمام أعيننا، وتقلعوا عن تناول منشطات التراخى التى أودت بكم وبنا إلى غياهب اليأس.