رغم حقيقة أن الوقاية دائماً خير من العلاج، فإن رقة قلب نواب الحكومة الهاربين من البراري ومن تحت الكباري إلي المجلس الموقر هي سر اكتفائهم بالتحريض العلني علي قتل المواطنين بالرصاص في الشوارع، فقط إذا حاولوا التجمع أو التظاهر السلمي طلباً للحرية والعدالة، وقد بدا إفراط هؤلاء «النوائب» في الكرم واضحاً عندما امتنعوا عن تقديم اقتراح بقانون يسمح بإبادة المصريين وقتلهم «قتلاً احتياطياً» وهم مازالوا في بيوتهم وقبل أن يتحركوا أو يفكروا في الخروج إلي الشارع أصلا. أما الأستاذ رجب هلال حميدة، فلأن هذا هو اسمه ولسيادته منه نصيب لا شك، فهو استغل مناسبة مهرجان التحريض الوطني الديمقراطي علي ضرب المواطنين بالرصاص الحي وأهدانا مفاجأة سعيدة، إذ نفي عن نفسه بقوة وحسم تهمة «معارضة» الحكومة التي لم يتهمه بها أحد منذ اكتحلت عيوننا بطلعته البهية علي حياتنا السياسية بالليل والدنيا ضلمة، ما جعل هذه «الحياة» ترتعب وترقع بالصوت الحياني صارخة : الحقيني ياماما...!! والحال أن الأستاذ رجب هلال حميدة لم يقصر في إثبات أنه كذلك فعلاً، وأنه جدير حقا ب«النيابة» عن الحكومة وتمثيل حضرتها في معارك «التمثيل بالشعب» والانتقام من أهله واستئصال شأفته حماية للوطن كما قال «من متظاهرين غالبيتهم ممولون ويتلقون الدعم من الخارج (..) ولا يركعون ركعة واحدة لله»، مضيفا أنه يعيب علي أجهزة الأمن ووزارة الداخلية أنها «لا تُعمل القانون ولا تستخدم الرصاص »، وتساءل مستنكرا: «هل نريد أن نحرق وطناً كاملاً ولا نريد أن يسقط عشرات مقابل حماية الوطن»؟!! وتلاحظ حضرتك من هذه المقتطفات التي نقلتها الصحف عن مساهمة الأستاذ رجب هلال حميدة القيمة في مهرجان التحريض علي قتل المواطنين المصريين الذين يتجرأون علي التظاهر ضد حكومة سيادته بينما هو حي يرزق تحت قبة المجلس الموقر، أن الرجل كان شديد الإخلاص لكونه رجب هلال حميدة بدون أدني شك، آية ذلك مثلا أن معالي النائب أبدي نفورا واضحا من «التمويل الخارجي» للمتظاهرين وتركنا نفهم أنه يفضل «التمويل الداخلي» باعتباره مُجرباً وآمناً ويمنح المتظاهر «المأجور داخلياً» فرصة الترقي السريع والحصول علي أجره فورا قبل أن يجف عرقه وبعد أن يُبح صوته من الهتاف للبوليس والمباحث. ولابد أيضاً أنك لاحظت أن الشيخ رجب هلال حميدة لم ينس أنه كذلك، أي شيخ ورجب وهلال وحميدة معاً، ولهذا دمغ جنابه أغلبية المتظاهرين المعارضين للحكومة بأنهم «لايركعون ركعة واحدة»، ومن ثم أفتي فضيلته بقتلهم بالرصاص في الشوارع حتي يصبحوا مثالاً وعبرة لمن لا يركعون لحكومته ولا يسجدون لغير الله من ثقل الأوزار!! وبعد.. هناك خطأ شائع ينسب للأستاذ سيد جارنا أنه هو من صك القول المأثور : «ليس عيبا أن تبدأ مسيرتك السياسية من سبوبة لبيع ساندوتشات الكبدة وإنما العيب أن تطعم الناس كبدة مضروبة ومعفنة»، لكن الحقائق التاريخية الثابتة تقطع بأن مبدع هذه العبارة حكيم وفيلسوف قديم يدعي «عبده كلاوي» يقال إنه عاش في دولة «ميكرونيزيا» التي لم يعد أحد في الدنيا يعرف أو يسمع باسمها منذ أن مات «كلاوي» إلا عندما تصوت في الأممالمتحدة مع أمريكا لصالح إسرائيل !!