رفعت السلطات السودانية حالة الاستنفار الأمني تأهباً للانتخابات المزمع اجراؤها من الحادي عشر وحتي الثالث عشر من الشهر الجاري حيث نشرت حكومة الخرطوم عدد كبير من رجال الأمن في مختلف أرجاء العاصمة لاحتواء أي توتر قد يحدث أثناء أو عقب الانتخابات، وتنتشر بشكل كبير صور وملصقات مرشح المؤتمر الوطني للرئاسة عمر البشير وكأنه المرشح الوحيد من بين اثنتي عشر مرشحا حيث لا توجد سوي بعض الملصقات الممزقة والتالفة لمرشح الحركة الشعبية المنسحب ياسر عرمان ، ورغم إعلان أحزاب المعارضة السودانية لمقاطعة الانتخابات بعد أن رفضت حكومة الخرطوم مطالبها بالتأجيل الأمر الذي دعمته الولاياتالمتحدةالأمريكية إلا أن مصادر حكومية سودانية أكدت للدستور عزمها اقامة الانتخابات في الموعد المقرر ، وتسود الساحة السياسية حالة من الاحباط خاصة بعد انسحاب ياسر عرمان مرشح الحركة الشعبية للرئاسة تحت شعار الامل والتغيير، وهناك تسريبات ان انسحاب عرمان جاء نتيجة صفقة بين شريكي حكم في السودان مقابل مقاعد إضافية في الحكومة المنتخبة القادمة برئاسة البشير بالإضافة لتسهيل اجراءات الاستفتاء. وهو الأمر الذي نفاه يين ماثيو الناطق الرسمي للحركة حيث قال في تصريحات خاصة للدستور أن انسحاب عرمان لا علاقة له بالمؤتمر الوطني علي الإطلاق مشيرا إلي ان هناك أسباب عديدة تؤكد عدم نزاهتها بالإضافة إلي توتر الأوضاع الأمنية في دارفوروأضاف ماثيو أن الأجواء غير مهيئة لاجراء انتخابات إلا أن الحركة لم تقاطعها كليا. وخرجت أمس الأحد جماهير الحركة الشعبية لتحرير السودان في مسيرة سلمية احتجاجا علي سحب عرمان من الرئاسة فيما يدرس قطاع الشمال في الحركة مقاطعة الانتخابات كليا حيث اعتبرت قرار سحب عرمان تهميشا لدور قطاع الشمال نتيجة علو الأصوات الانفصالية داخل الحركة. وحول تطور مواقف أحزاب المعارضة السودانية تراجع الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة محمد عثمان الميرغني عن سحب مرشحه للرئاسة حاتم السرر معلنا مشاركته مرة أخري في الانتخابات علي كافة المستويات، ورهن الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي مشاركته في الانتخابات بشروط أهمها الاعترف بان الانتخابات في دارفور منقوصة وضرورة ازالة كافة اللافتات والملصقات التكفيرية للأحزاب المعارضة من الطرقات كما أعطي الأمة المفوضية مهلة حتي الثلاثاء القادم يعلن بعدها المشاركة او المقاطعة ، فيما قررت بقية أحزاب المعارضة مقاطعة الانتخابات عدا حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه د حسن الترابي الحليف السابق للبشير حيث ثبت علي موقفه بالمشاركة منذ البداية. ورأي كمال عمر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي أن التباين في مواقف أحزاب المعارضة حول الانتخابات يعود لتقديرات تنظيمية لكل حزب منها الظاهر ومنها الباطن وأضاف في تصريحات خاصة للدستور أن انسحاب الحركة من الرئاسة تمهيدا لسعيها للعمل علي انفصال الجنوب. وفي إطار القلق المصري علي الأوضاع المتأرجحة سياسيا في الخرطوم ارسلت السلطات المصرية أمس الأول وفد رئاسي رفيع المستوي برئاسة اللواء حاتم باشات مسئول الملف السوداني لدي السلطات المصرية وقالت مصادر للدستور أن زيارة الوفد المصري بغرض حث القيادات السياسية السودانية لاتخاذ موقف ايجابي في العملية الانتخابية خاصة وأن السودان يمر بأوقات حرجة قد تؤول فيها الاوضاع لانفصال جنوب السودان في استفتاء حق تقرير مصير جنوب السودان في 2011 ، وكشفت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها أن الوفد المصري التقي أمس الأحد بنائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه وعدد من المسئولين الحكوميين بالإضافة إلي محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض والصادق المهدي رئيس حزب الامة القومي بهدف اقناعهم بالتنازل لصالح البشير الأمر الذي يحفظ استقرار السودان بحسب المصادر علما بأن الوفد سيغادر الخرطوم يوم الأربعاء القادم.