عادل نبهان النجار كانت قضية المياه ولا تزال الهاجس الأكبر لدى المصريين سواء قبل الثورة أو بعدها، ونظرا للصراع المتداول حول تلك القضية، وانطلاقا من إحساسنا بضرورة التوعية بهذه القضية، كان لزاما علينا أن نعرض القضية من اتجاهات مختلفة، وهنا سأعرض اتجاها واحدا فقط، وهو المنظور القانوني، ثم سيُتبع لاحقا بباقي الجوانب:
اعتدادا بأن إثيوبيا هي صاحبة النصيب الأكبر من النسبة القادمة إلينا من المياه، ونظرا لتواتر وتوتر العلاقات بينها وبين مصر على فترات مختلفة سنعرض لرؤية كل من مصر وإثيوبيا للصراع من الوجهة القانونية، ونظرا للأوضاع المختلفة هنا وهناك نجد أن الموقفين المتنازعين حول مصادر المياه وحصص التقاسم فيما بينهما ووجود عامل الندرة النسبية -وهو عامل له الكثير من التفسيرات- للمياه في كل منهما، كل ذلك جعل لكل منهما موقفه الصارم والذي يتسبب أحيانا في الصراع، وأحيانا كثيرة يكون مدعاة للتعاون والتنسيق، وإن كان السبب الرئيسي في ذلك هو عدم توافر اتفاقية قانونية شاملة لتنظيم استغلال وتقاسم مياه النهر.
وبالنظر إلى الاتفاقيات الحاكمة الموجودة نجد أن هناك العديد من الاتفاقيات التي تم توقيعها في عهود الاستعمار، مثل بروتوكول روما 1891 بين بريطانيا وإيطاليا، واتفاقية أديس أبابا 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا، ومعاهدة لندن بين بريطانيا وبلجيكا في 1906، أيضا اتفاقية 1929 بين مصر وبريطانيا، اتفاقية 1932 بين مصر وبريطانيا، اتفاقية 1959 بين مصر والسودان. هذا بالإضافة إلى الاتفاقية الإطارية لاستخدام المجاري المائية في الأغراض غير الملاحية والذي أقرّته الأممالمتحدة في عام 1997، وبالتالي فكل تلك الاتفاقيات والقوانين أثارت الجدل حولها نظرا لطبيعة المنطقة، في ضوء الاستعمار والحاجة المائية والنظم السياسية المختلفة الموجودة في دول المنطقة، كما أن ذلك الصراع ارتبط بوجود قوى خارجية تعمل على إثارته من أجل مصالحها المختلفة في المنطقة، مثل إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية وسوف نتعرض لهذا لاحقا :
ولكن ما يهمنا هنا اتفاقية 1929 واتفاقية 1959 باعتبارهما محل الجدل بين مصر وإثيوبيا، بالإضافة إلى قانون الأنهار الجديد 1997، وسوف نتعرض لها باختصار :
- اتفاقية 1929 بين مصر وبريطانيا نيابة عن السودان : في عام 1925 قامت لجنة المياه بعرض توصيات حول الوضع المائي والتقديرات المحتملة من خلال تقديرات عام 1920 ونتيجة هذه التوصيات تم توقيع هذه الاتفاقية، وكانت في 7 مايو 1929 بين الحكومة البريطانية نيابة عن السودان -الذي كانت تحتله آنذاك– والحكومة المصرية، وتكمن أهمية هذه الاتفاقية أنها تحتوي في البند الثاني منها على أنه ليس من الأحقية إنشاء أي أعمال أو قياسات على النيل أو أحد فروعه أو على البحيرات التي ينحدر منها، وبالتالي فذلك يوقع على السودان أو على الدول الواقعة تحت السيطرة البريطانية، ومنها السودان بالتأكيد، حيث إنه من الممكن أن يقوم بأعمال من شأنها أن تؤثر على كمية المياه الواردة إلى مصر أو تعديل هذا التوقيت أو تلويث المياه القادمة، ولكن هذه الاتفاقية لم تكن ملزمة لإثيوبيا ولكنها ذات قوة إلزامية على الدول الأخرى الواقعة تحت السيطرة البريطانية في ذلك الوقت، ولكن بعد الاستقلال أعلنت كل هذه الدول بما فيها السودان عدم الاعتراف بهذه الاتفاقية، ووفقا لهذه الاتفاقية كان السودان يحصل على 4 ملايين متر مكعب في السنة، بينما مصر تحصل على 48 مليون متر مكعب سنويا، وكان ذلك الاتفاق قد حدد لمصر والسودان "الحقوق المكتسبة لكل منهما".
- اتفاقية 1959 بين مصر والسودان : بعد أن تبرّأ السودان من الاتفاقية السابقة وذلك بعد استقلاله، كان لزاما على مصر أن تتفاوض مجددا وعلى أسس جديدة مع السودان الشقيق، وذلك في ظل مشروع عبد الناصر ببناء السد العالي، وقد وافقت السودان على قيام مصر ببنائه في نهاية المفاوضات والتي وصلت في النهاية في يوم 8 نوفمبر 1959، ووقّع رئيس الوفدين المصري والسوداني على المعاهدة وتمثلت أهم نقاط هذه الاتفاقية في: تقسيم المياه بواقع 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان، وتضمن أيضا موافقة السودان على قيام مصر ببناء السد العالي في أسوان في مقابل أن تتعهد مصر بتمويل إعادة توطين النوبيين السودانيين التي كان لا بد من إجرائها، وموافقة مصر على إقامة سدين سودانيين في الروصيرص على النيل الأزرق وفي خشم القربة على نهر عطبرة، وخص في تلك الاتفاقية لمشروع تحسين مجرى النيل الأعلى عن طريق قناة جونجلي، ولكن هذا المشروع لم ينجح نظرا لضرب مواقع العمل فيه أثناء الحرب الحدودية بين السودان وإثيوبيا في الجنوب، وتعتبر هذه الاتفاقية أيضا محل رفض من دول المنبع وخصوصا إثيوبيا.
- قانون الأنهار الجديد 1997 الذي أقرته الأممالمتحدة: يعتبر نهر النيل النهر الإفريقي الذي لا تنظم عملية استغلال مياهه اتفاقية جماعية عامة، ونجد أن اتفاقية استخدام المجاري المائية في الأغراض غير الملاحية، والتي أقرتها الأممالمتحدة في مايو 1997 والتي عرفت "بقانون الأنهار الجديد" قد تم إقرارها، في الوقت الذي تتزايد فيه المطالبات المائية من جميع دول المنبع، وذلك لأسباب تتعلق بالتنمية الزراعية والطاقة الكهرومائية، وفي هذا الإطار تمثل المبادئ الواردة في القانون الجديد المرجعية الأساسية في ميدان القواعد المنظمة للعلاقات المائية بين الدول المشاطئة للنهر، كما أن الاتفاقية تشمل مبادئ الانتفاع الأمثل والمستدام والعدل والإنصاف وعدم الإضرار بالغير، ومن جانب آخر تشمل الاتفاقية قواعد وأساليب التفاوض حول موضوعات المياه، وتفرز مبادئ التحكيم والتقاضي أمام محكمة العدل الدولية، وقد أتاحت الاتفاقية لكل الدول والمنظمات الإقليمية للتكامل الاقتصادي التوقيع والمصادقة عليها، مع الالتزام بالشروط التي حددتها وقد تباينت آراء ومواقف الدول المطلّة لحوض النيل بشأن هذة الاتفاقية، مما يعكس عدم وجود الوعي الكامل والتنسيق البيني فيما يخص الرؤية الشاملة للمصالح المائية لتلك الدول بأسرها، على الرغم من وجود مبادرة حوض النيل، وفي ذلك يمكننا أن نلاحظ الرؤية المصرية والإثيوبية :
1. الرؤية المصرية : يعتبر النيل بالنسبة إلىمصر هو شريان الحياة وهو أصل وجودها وقامت على ضفافه الحضارات المختلفة، وبالتالي فهي تسعى بشتى الطرق والوسائل إلى الحفاظ على مياهه وتأمين وصولها من منابعها حتى المصب عندها، فدون ذلك المجرى لن يكون هناك حياة على أرض مصر، وقد اتسمت رؤيتها على مر العصور ومدركاتها بمدى أهمية النيل وضرورة الحفاظ على منابعه باعتبارها أمنا قوميا بالنسبة إليها، وقد اتضح ذلك من خلال رؤيتها للصراع في النيل لأنها أكثر الدول تأثرا بالتوتر الذي يحدث بين دول الحوض لاعتمادها الأساسي على مياه النيل، ولذلك فقد اتجهت إلى اتباع سياسة التنسيق مع الدول الأخرى منذ بداية الثمانينيات، خصوصا بعد فترة الخلاف الشديد بينها وبين إثيوبيا عقب التهديد الذي أطلقه الرئيس الراحل أنور السادات بشن حرب على إثيوبيا، في حالة قيامها بأعمال من شأنها تقليل المياه أو التأثير على حصة مصر من مياه النيل. وقد وضع هذا التنسيق من خلال المشروعات المشتركة بينها وبين باقي الدول، ويمكن ملاحظة الرؤية المصرية من خلال موقفها من الاتفاقيات السابقة، وذلك من خلال ما استندت إليه من مبادئ القانون الدولي وغيرها، مما يؤكد صحة روايتها وحقوقها في مياه النيل، وهي :
مبدأ التوارث الدولي للمعاهدات: أكدت اتفاقية فيينا لخلافة الدول في المعاهدات والتي تم إقرارها في 23 أغسطس 1978، على مبدأ التوارث الدولي للمعاهدات، وقد اتضح ذلك بداية من الموافقة على مبدأ توارث وقدسية الحدود وهو ما انتهت إليه الدول الإفريقية بشكل خاص في اجتماعات منظمة الوحدة الإفريقية سابقا –الاتحاد الإفريقي حاليا– وذلك يشمل تأكيد شرعية اتفاقيات مياه النيل السابقة، والتي تدّعي دول المنبع بطلانها وتصرّ على تغييرها، وذلك حيث تؤكد مصر التزام دول الحوض بالاتفاقيات المبرمة ريثما يتم التوصل لاتفاقية جديدة، وبالتالي فلا يستطيع أي طرف أن يتحلل من الاتفاقيات المسبقة. وهو ما أكدته مصر حول موقفها من اتفاقية الأنهار الجديدة، وذلك بقولها أنه "لا يمكن لمثل هذه الاتفاقية الجديدة أن تؤدي بأى حال من الأحوال إلى التأثير على الاتفاقيات الدولية الثنائية أو المتعددة الأطراف المتعلقة بأنهار أخرى، وهو ما اتضح جليّا من خلال موقف مصر من التحفّظ على تلك الاتفاقية عند التوقيع عليها، ومع ذلك وردت بعض المواد التي تؤكد حقوق مصر وتعتبر ذات فائدة لها، مثل تبادل المعلومات بين الدول في حوض النيل وتستثني من ذلك أي معلومات تجد الدولة بأنها تضر أمنها القومي.
مبدأ الانتفاع المنصف والعادل للمجاري المائية: حيث تدعو مصر إلى إعمال هذا المبدأ عند النظر في مسألة توزيع الأنصبة المائية في حوض نهر النيل، حيث يتعيّن حصول كل دولة على نصيب عادل ومنصف عند تقاسم مياه النهر، وقد تعرضت المادة الخامسة من قواعد هلسنكي للقانون الدولي لعام 1966 لتحديد ما يعرف بمبدأ الاقتسام العادل والمنصف، حيث تضمنت أحد عشر مؤشرا إرشاديا في هذا المجال، وقد أكدت اتفاقية الأممالمتحدة 1997 على ذلك، وأخذت في الاعتبار عوامل الجغرافيا والمناخ، والحاجات الاقتصادية والاجتماعية والوزن النسبي للسكان الذين يعتمدون على النهر، وهو ما يعد في صالح مصر.
مبدأ الحقوق التاريخية المكتسبة: ويقوم هذا المبدأ على فكرة مؤداها ضرورة احترام الكيفية التي جرى العمل بها في اقتسام واستخدام مياه النهر الدولي فيما بين الدول المشاركة في مجراه، بشرط أن يكون هذا الاقتسام والاستخدام قد جرى تطبيقه لفترة تاريخية طويلة، إلى الحد الذي تصبح معه حصة المياه التي تستخدمها الدولة واقعا متواترا لفترة طويلة دون اعتراض دول النهر، وبحيث تصبح هذه الحصة ذات أهمية حيوية ومفيدة في حياة الدولة المستفيدة، وبناء على ذلك تؤكد مصر عدم المساس بحقوقها التاريخية والمكتسبة في مياه النيل، وهو ما يعد أيضا أحد وجهات النظر المصرية للصراع حول المياه في حوض النيل.
شرط الإخطار المسبق عن التدابير المزمع عقدها في أي دولة: يعتبر هذا الشرط أحد العوائق الرئيسية في المفاوضات المستمرة بين دول حوض النيل، خصوصا المفاوضات الأخيرة التي صدر عنها اتفاق عنتيبي من جانب دول المنبع وحدها، وبالتالي فرؤية مصر بشأن الإخطار المسبق تتحدد في أنه يمثل التزاما لدول المنبع لأن دول المصب في حالة القيام بأي مشاريع لن تؤثر على دول المنبع، في حين يحق لدول المصب أن تقلق من مشروعات وأعمال في دول المنبع من شأنها التأثير على حصة مصر من المياه، وذلك باعتبار أن النيل ليس مجرى لدولة بذاتها وإنما هو مجرى مشترك بين دول الحوض جميعا، وهو ما أكدته اتفاقية الأممالمتحدة للمجاري المائية 1997.
2. الرؤية الإثيوبية: تعتبر إثيوبيا إحدى دول المنبع الأساسية بل وأهمها على الإطلاق، فبأمطارها الغزيرة فهي تمد النيل بنحو 72 مليار متر مكعب، أي نسبة 86% من إيراد النيل من المياه –مقدرا عند أسوان- إلا أنها تستخدم من مياهه في الري نحو 600 مليون متر مكعب، ووفقا لتقديرات البنك الدولي تستخدم إثيوبيا نحو 2.2 مليار متر مكعب من موارد المياه المتجددة بها سنويا وذلك بنسبة 2% من إجمالي مواردها المائية، ورغم وفرة الأمطار بها فإن نوبات الجفاف المتلاحقة التي داهمتها وما تبعها من مجاعات بالإضافة إلى الزيادة السكانية السريعة، جعل إثيوبيا تبحث إقامة مشروعات للري تواجه به حاجة سكانها من الغذاء، مما جعلها تطالب بإعادة النظر في النيل واستخدامات مياهه، وتعتبر هذه المطالب بأنها ليست حديثة وإنما هي قديمة ومستترة، ويرجع الاعتقاد بأن الحبشة (إثيوبيا) قادرة على تحويل مياه النيل عن مصر منذ عصر أباطرتها القدماء وزاد هذا الاعتقاد في العصور الوسطى، واستمر ذلك كمؤثر على العلاقات بين البلدين حتى الآن، نظرا لما تتسم به مواقف إثيوبيا الدائمة من الريبة والشك تجاه مصر، وهو ما يجعلها تستخدم قضية المياه في أحيان كثيرة كورقة ضغط على مصر، أما عن الرؤية الإثيوبية: يعتبر موقف إثيوبيا الحالي هو تحولا جوهريا في السياسة الإثيوبية منذ بداية التسعينيات، وذلك في عودتها إلى مبدأ "المورد الطبيعي المشترك"، حيث قرر ميليس زيناوي -رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل- بأن حكومته هي أول حكومة إثيوبية تعترف بأن مياه النيل ليست ممتلكات خاصة بإثيوبيا، وكذلك هي ليست مصرية سودانية لأنها ثروة مشتركة لدول منطقة حوض النيل، وأن إثيوبيا ترى ضرورة التعامل مع حوض النيل كمنطقة واحدة وثروة طبيعية واحدة، وهو ما اتضح أيضا من تصريح مندوب إثيوبيا في مؤتمرات النيل 2002 في القاهرة في عام 1999، حينما تحدث أن إثيوبيا رغم أنها تسهم بالنصيب الأوفر من مياه النيل فهي تعتقد أن النيل ليس ملكا لدولة أو دولتين، ولكنه ملكا لكل الدول التي في حوضه.
تتمسك إثيوبيا بالتطبيق التبادلي لشرط الإخطار المسبق، بمعنى أنها ترفض التزامها بشرط الإخطار المسبق دون التزام دولتي المصب بهذا الشرط، حيث تنادي إثيوبيا بأن يكون الالتزام بهذا الشرط مطبّقا على تنفيذ المشروعات المائية القطرية، على المستوى الثنائي التبادلي بين المنبع والمصب، إذا لم يحدث ذلك فهي غير ملتزمة بهذا الشرط، وهو ما حدا بها برفض المشروعات المصرية المائية، مثل مشروع توشكي وترعة السلام، وذلك لرؤيتها أن ذلك يجعل مصر تحصل على نسبة مياه أكبر من حصتها.
تؤكد إثيوبيا احتفاظها بحقها في استعمال موارد مياه النيل لصالح شعبها، بغض النظر عن حرية استعمال الدول المستفيدة الأخرى من المياه أو سعيها وراءها، وهو ما اتضح من خلال التصريحات الرسمية الإثيوبية المختلفة، بالإضافة إلى المذكرات الرسمية التي تم توزيعها على جميع البعثات الدبلوماسية في القاهرة، وهو ما حدا بها إلى اتباع العديد من السياسات التي تؤجج الصراع، مثل طلب دراسات حول استصلاح الأراضي المختلفة بالإضافة إلى إنشاء سدود على مجرى النهر من خلال المساعدات الأمريكية والإسرائيلية، وكان آخر تلك السدود هو سد تانابليز والذي موّلته إيطاليا وافتتح في 2010.
احتجت إثيوبيا على اتفاقية 1959 ورفضت تماما الاعتراف بشرعية اتفاقية 1929، باعتبار أنها تم توقيعها تحت الحكم الاستعماري، وأن هذا لا يلزمها كدولة مستقلّة في الوقت الحالي، ومن ثم تطالب بإعادة النظر فيها مرة أخرى، ونجدها تطالب مصر بالتوقيع على اتفاق عنتيبي الأخير والذي يرفض الاعتراف بالحقوق التاريخية لمصر، كما أنها رفضت اتفاقية 1959 بدافع أن القانون الدولي لا يقبل مقولة الحقوق المكتسبة أو الثابتة لدولة ما في نهر دولي، وأن الحكومة الإثيوبية أوضحت في مناسبات عديدة أنها تعتزم استخدام حصتها المشروعة من مياه النيل ودعت مصر إلى التفاوض بشأن ذلك، كما أنها ترى أن تلك الاتفاقية تم توقيعها بين دولتين من أصل عشرة، هما دول الحوض بكامله، وبالتالي لا يجوز الاعتراف بها.
جاء موقف إثيوبيا بالامتناع عن التصويت على اتفاقية الأنهار الجديدة 1997، نتيجة لأنها ترى أن الاتفاقية لا تحقق التوازن بين دول المصب ودول المنبع، وأن الجزء الثالث من الاتفاقية والخاص بالإجراءات المزمع اتخاذها يضع أعباء ثقيلة على الدولة التي تنوي القيام بمشروعات على مياهها، كما أشار إلى أن نص المادة الثالثة كان يجب أن ينص على التزام الدول بتعديل الاتفاقيات القائمة للتوافق مع الاتفاقية الإطارية، وأعلنت تحفّظها الشديد على المادة السابعة الخاصة بالالتزام بعدم الضرر الجوهري.
ترى إثيوبيا أن تقاسم المياه يجب أن يستند إلى معيارين، هما: مساحة التصريف في كل دولة من دول الحوض، ومساهمة كل دولة في الإيراد المائي للنهر، وهو ما يدفع بأنها سوف تنال القسط الأكبر من المياه، نظرا لإسهامها بنحو 86% من مياه النهر.
إذن بالنظر إلى ما سبق نجد أن القانون الدولي في صالح الجانب المصري، ومن هنا يكون موقف مصر قانونيا قويا في التفاوض، ولكن القانون وحده لا يكفي إذا ما كانت باقي الجوانب ضعيفة، لذا فالاهتمام بالجانب السياسي والاقتصادي والثقافي هو بداية الطريق لحل الأزمة ولا يسعنا المجال هنا للحديث عنها، ولكن نتمنى أن تكون هناك رؤية واضحة وشاملة من القيادة السياسية لحل تلك الأزمة.